بلدية بنهار ولاية الجلفة

الصحة تحتضر، الشباب ينتظر والبلدية تبرر النقائص

الصحة تحتضر، الشباب ينتظر والبلدية تبرر النقائص
  • القراءات: 2206
روبورتاج: رشيد كعبوب روبورتاج: رشيد كعبوب

رغم ما تزخر به بلدية بنهار الواقعة شمال ولاية الجلفة من أراض خصبة ومياه جوفية لا تنضب، إلا أن ذلك لم يتجل في حركتها التنموية، ولم تستقطب اهتمام السلطات المحلية والمركزية بالشكل الذي كان يتمناه مواطنو هذه المنطقة السهبية بامتياز، وفي مقدمتها توفير المرافق والخدمات الضرورية كالصحة، الشغل والسكن الريفي، وهي النقاط التي ركز عليها أهل هذه البلدة المضيافة التي زارتها "المساء"، ووقفت على عدة نقائص أثرت على إطار السكان المعيشي.

بنهار مدينة هادئة منبسطة الأراضي، تنتشر بجنابتها قطعان الماشية ومزارع الخضروات ومحاضن تربية الدواجن وإنتاج البيض، وهي تترجم اهتمام العديد من المستثمرين للعمل بها، وقد ذكر لنا بعض من وجدناهم في مقر البلدية أن المنطقة واعدة، ولو يدرك المستثمرون الجزائريون وحتى الأجانب، قيمة هذه المنطقة وما تحويه من إمكانيات طبيعية مناسبة للإنتاج الفلاحي والحيواني وغيرها، لهبّوا إليها في أقرب وقت، ومنها مثلا المياه الجوفية التي يعد حجم احتياطها الثاني في العالم بعد إيران - يقول أحد المستثمرين في إنتاج الدواجن- وأن المنطقة تتوفر على كل ظروف العمل والاستثمار، فهي قريبة إلى الطريق الوطني رقم واحد، وتوجد بها مختلف الضروريات كالمياه والكهرباء واليد العاملة، وتقع بمنطقة إستراتيجية تتوسط البلاد، تمكّن المستثمرين من تحويل المنتوجات إلى كل المناطق بسهولة، نظرا لقرب محاور الطرق في الاتجاهات الأربعة.

وفي هذا الصدد، حدثنا المستثمرون المحليون الذين التقيناهم بمقر البلدية من أجل طرح بعض الانشغالات، أن بنهار اليوم صارت تصدر مختلف المنتجات الفلاحية والحيوانية إلى كل أنحاء الوطن، وأن هناك باعة جملة متعاقدون مع المنتجين لتوزيع منتوجهم من اللحوم البيضاء والبيض والخضر، ودعا أحدهم المستثمرين المحليين إلى حجز مكانهم في هذه المنطقة المضيافة والمعطاءة، كون الربح فيها مضمون.

الشباب .. بعضهم يشتكي البطالة وآخرون يفرضون شروطهم

العديد من الشبان الذين وجدناهم بمدينة بنهار يجمعون على أن فرص العمل غير متاحة، وأن البلدية لم تقم بواجبها نحوهم، ولم تفكر في وضعية العشرات من أبنائها الذين لا يجدون إلا الشوارع والمقاهي ملجأ لهم، وأن "محلات الرئيس" التي أنفقت عليها الدولة الملايير ذهبت في مهب الريح، ووزعت على غير أهلها، وهي اليوم في وضعية لا تحسد عليها، مثلما وقفنا عليه، حيث أغلق "المستفيدون منها" أبوابها، وطلقوا النشاط وتركوها لأيدي التخريب وجعلها مرتعا لممارسة الممنوعات وقضاء الحاجيات البيولوجية، ويتعلق الأمر بحصة 223 محلا، منها 6 محلات تقع على حافة الطريق الرئيسي الذي يقطع المدينة وهي مستغلة، لكن 17 محلا الأخرى توجد في حالة كارثية، منها كشك في قلب المدينة تم إنجازه بنمط معماري جيد، لكن لم تبق منه إلا الجدران، في انتظار اقتلاع السقف، و16 محلات على مرمى حجر من مقر البلدية.

من جهته، أوضح لنا السيد مدقدم الجابري نائب رئيس البلدية المكلف بالعمران، أن البلدية استفادت من 160 محلا موزعة على ثلاثة مراكز هي وسيسيرة، ذراع السواري وبنهار مركز، معترفا بوضعيتها التي لا تبعث على الارتياح، كما أن البلدية راسلت مصالح الولاية من أجل تسوية وضعيتها ومنحها لمن يستغلها، وفق القرار الأخير الذي اتخذته السلطات المركزية، مفيدا بشأن الشبان البطالين أن البلدية لا توفر مناصب شغل كافية، ومنحصرة في أعوان الحراسة والنظافة والسائقين، وأن المناصب المتوفرة يمكن أن نجدها في ورشات البناء التي تشتكي فعلا من نقص اليد العاملة.

غياب التأطير يرهن الصحة العمومية

تعد الخدمات الصحية من أهم انشغالات السكان، حيث لا تزال الموجودة منها دون المستوى المطلوب، والدليل على ذلك أن القاعة متعددة الخدمات لا ينطبق اسمها على ما تقدمه فعلا، حيث أنها تضم طبيبا عاما يأتي يوميا من بلدية عين وسارة، وممرضين اثنين يعملان بالتناوب، في غياب سيارة إسعاف، وقابلة وغيرها، وبخصوص هذه الوضعية، أكد النائب مدقدم الجابري أن مصالح البلدية تعتزم شراء سيارة إسعاف، وتنتظر رد مديرية الصحة ومصالح الولاية لتجهيز القاعة متعددة الخدمات، ودعمها بالسلك الطبي وشبه الطبي، منها طب النساء، جراحة الأسنان، قابلة، وضمان المناوبة الليلية التي تعد بالنسبة للسكان أكثر من ضرورية، لاسيما أن بنهار منطقة شبه صحراوية تكثر بها حالات اللسع العقربي التي تتطلب نقل المصابين إلى البلديات المجاورة، مثل عين وسارة والبيرين مقر الدائرة.

92 بالمائة من السكان يتمركزون في الريف والدعم غير كاف

سكان بنهار الذين يتمركز أغلبهم في الأرياف بنسبة 92 بالمائة، يعيشون على نشاطاتهم الفلاحية والرعوية، لكن ما لم يفهموه هو غياب إستراتيجية صحيحة تحدد احتياجات المنطقة من نمط السكن الملائم، وهو مساعدات البناء الريفي، وقد تساءل سكان المنطقة حول هذه الاستراتيجية وكأن الدولة تشجع على النزوح الريفي  بطريقة تكاد تكون مباشرة، مستدلين على ذلك بأن الدعم الأولى المقدر بـ60 حصة تم توزيعها، إضافة إلى 40 أخرى يجري توزيعها لا تفي بالغرض المطلوب، باعتبار الطلبات تفوق 3 آلاف ملف ينتظر أصحابها المساعدة.