في وقت اكتسحت المعاملات العالم الافتراضي
"السوق التراثية" ببومرداس.. فضاء يجمع الصانع بالزبون

- 496

تجري بالمحطة البرية سابقا في بلدية بومرداس، فعاليات "السوق التراثية" في طبعتها الثانية، من تنظيم مديرية الثقافة والفنون، في سياق إحياء شهر التراث. تعرف السوق مشاركة واسعة لحرفيين يعرضون تحفا مختلفة، اتفقوا على القول بأن كل تظاهرة مماثلة عبارة عن ترويج وتسويق للحرفي ولصناعته التقليدية على السواء، وإلتقاء مباشر ما بين الصانع والزبون في عصر يتسم بالارتباط المفرط بالعالم الافتراضي.
يتجدد الموعد هذه المرة مع "السوق التراثية"، التي تنظمها مديرية الثقافة والفنون لولاية بومرداس، لتكون مناسبة متجددة للحرفيين الساعين لتسويق ما جادت به أناملهم من صنعة تقليدية، تختلف باختلاف ميول كل حرفي، حيث تراوحت المعروضات ما بين اللباس التلقدي والحلي التقليدية، وكذا الفخار والسلالة التقليدية، إلى المفارش وحتى الأكسسوارات والحلويات. ولئن اختلفت أراء العارضين حول الصواب في اختيار المكان من عدمه، فإن الجميع اتفق على أن المعارض المنظمة بين الفينة والأخرى، تبقى من أهم الوسائل التسويقية للحرفيين، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يفتقرون لورشات قارة أو محلات لعرض منتوجاتهم، بالتالي تسويقها.
المشاركة.. نجاح بحد ذاته
في هذا الصدد، اعتبرت نجوى بن مزيان مشاركة من بلدية بودواو، بأن هذه السوق فتحت أمامها بابا انتظرته منذ مدة طويلة، معتبرة مشاركتها بالإيجابية على كل الأصعدة، حتى وان لم تتمكن من تسويق قطعة واحدة. وقال إن المشاركة في السوق التراثية كانت بمثابة حلم لها، مشيرة إلى أنها تمكنت من المشاركة هذه المرة، بفضل التسهيلات التي لقيتها من طرف الجهة المنظمة، التي فتحت لها باب الانضمام لعائلة الحرفيين المشاركين ضمن هذه الفعالية.
وتطمح نجوى التي تشارك بعرض أكسسوارات نسائية بعدة أنواع، إلى أن تكون من بين المشاركين في معرض صيف 2025 بواجهة البحر لمدينة بومرداس، فالمعارض بالنسبة لها، من بين أهم الفعاليات لتسويق المنتوج. مؤكدة أن أهم عامل في المعارض هو تبني سياسة ترويجية للأسعار، بهدف تسويق أكبر، وهو ما فعلته حقا من خلال تخفيض في أسعار القطع ما بين 30 و40 ٪، ليس لجلب الزبونات فقط، وإنما كذلك لربح ثقتهن، بالتالي جعلهن من الوفيات لمعروضاتها.
وبالمثل، يعرض الشاب عبد الرؤوف ملابس تقليدية من صنع والدته الحرفية، حيث يعتبر أن اختيار المكان موفق إلى حد ما، على اعتباره ملتقى ما بين عدة جهات، ما يجعل الأمر للوصول إليه سهلا. وقال الشاب إنه يشارك لثالث مرة في سوق مماثلة، ما يسمح له بالتواصل مع زبائن جدد.
وأوضح أنه يتعامل في المعارض بسياسة ترويجية، من خلال تخفيض الأسعار إلى قرابة 30٪، حتى يتمكن من صرف بضاعته وكسب زبائن جدد. وذكر المتحدث، في هذا الصدد، أنه مع كل قطعة يبيعها يقدم بطاقته الخاصة التي تحمل رقم هاتفه، وهو ما يسمح له بتوسيع نطاق التسويق، من خلال خدمة التوصيل مستقبلا، فكل مترددة على خيمة العرض، هي بمثابة زبونة، وإن لم يكن ذلك في حينه، ففي المستقبل القريب من خلال الاتصال سواء عبر الهاتف أو عبر موقع التواصل، أي عن طريق الأنترنت. ويضيف محدث "المساء"، بأن البيع عبر الأنترنت بالنسبة له، هو مستقبل التسويق، لاسيما بالنسبة للحرفي ممن يطمح لتوسيع دائرة زبائنه، ويلفت إلى كون هذا الأمر يمثل بالنسبة له حاليا فقط نسبة 15٪ من مجمل المبيعات، ولئن كان يعتبر النسبة ضئيلة، لكنها بداية موفقة بالنسبة له.
من جهته، يعتبر الشاب عبد الرزاق، المشارك بالسوق التراثية، من خلال عرض أكسسوارات البنات، أن كل معرض أينما كان مكانه، هو مهم بالنسبة للحرفيين،حيث يعتبر هذه التظاهرات بمثابة التعريف المتجدد به وبحضوره. هو كذلك يعتبر كل معرض يشارك فيه عبارة عن مناسبة لتوزيع بطاقات معايدة، مما يسمح له بتوسيع دائرة زبائنه.
الشاب أكد أن المشاركة بحد ذاتها نجاح له، لأنه تمكن من إيجاد موطأ قدم له ما بين كل الحرفيين المشاركين في تظاهرات مماثلة. هو أيضا يعتبر أمر تبني أسعار ترقوية مهم جدا في مثل هذه المعارض وبالسوق التراثية بالذات، كونها تتناسب مع شعيرة عيد الأضحى المبارك، الذي بات وشيكا، بالتالي السماح للأسر باقتناء مستلزاماتها وحاجياتها بأريحية.
عين على "السوق تراثية" وأخرى على معرض الصيف
في نفس السوق، التقت "المساء" بالحرفية في السلالة التقليدية "بهية"، التي بالرغم من أنها انتقدت سعر كراء الخيمة الواحدة بحوالي 50 ألف دينار المبالغ فيه، على حد تعبيرها، إلا أنها تقول في المقابل، بأن كل معرض يقام بالمدينة هو فرصة لتسويق المنتوج، عليها اغتنامها. تعرض الحرفية العديد من القطع التي صنعتها بنفسها، لاسيما القفة التقليدية التي تلقى رواجا عليها، خلال الصيف بفضل التعيدلات الكثيرة التي طرأت عليها، لتتماشى مع روح العصر. تقول محدثتنا بأنها تتحين فرص إقامة المعارض للالتقاء بزبائنها، كونها تفتقر لمحل قار لعرض صنعة يديها.
هي تنتظر أن يتم منحها دكانا بدار الصناعة التقليدية لمدينة بومرداس، ليكون بمثابة مكان قار للترويج والتسويق.. وإلى ذلك الحين، فإنها كبقية حرفيي الولاية تنتظر معرض الواجهة البحرية، خلال الصيف، الذي يعتبر من بين أهم المعارض المنتظرة على الإطلاق، كونه يستقبل زوارا من كل ربوع الوطن، إضافة إلى أجانب ومغتربين مما يسمح بتصريف بضاعة وتحقيق ربح مادي، يسمح للحرفي بربط دورة الإنتاج والتسويق.
وبنفس نظرة التفاؤل، اعتبر الحرفي في الفخار التقليدي حميد ماخوخ، بأن مشاركته ضمن معارض الصناعة التقليدية بمدينة بومرداس أصبحت من البديهيات، حيث يتحين كل فرصة مماثلة ليكون من بين المشاركين الأوائل. ويعد العم حميد من بين أقدم الحرفيين وأوفاهم لكل التظاهرات المماثلة، اعتبر المكان المخصص لاحتضان هذه السوق هذه المرة موفقا إلى حد ما، كونه فضاء كان سابقا عبارة عن محطة حافلات النقل العمومي بوادي طاطاريق، مما يج نقطة التقاء بين عدة اتجاهات، بالتالي يجعل الولوج إليه سهلا.
الحرفي قال إنه ينتظر أكبر حدث بالنسبة للحرفيين، وهو معرض الواجهة البحرية، لذلك فإنه يعتبر كل المعارض الأخرى بمثابة جس نبض بالنسبة إليه، بمعنى أن كل مشاركة على مدار السنة، عبارة عن تسويق لحرفته وجلب مزيد من الزبائن الجدد، تبعا لكل مكان يشارك فيه، بينما معرض الواجهة البحرية هو السوق الحقيقية التي تجعله على استعداد دائم لتجديد مخزونه من القطع الفخارية، وكذا الألبسة التقليدية.
المعارض بديل للأسواق الأسبوعية
بعض المواطنين ممن تحدثوا إلى "المساء"، بذات السوق، اعتبروا إقامة معارض للحرف التقليدية بمثابة بديل ظرفي يجلب النظر، في ظل غياب سوق أسبوعية بمدينة بومرداس، رغم كونها عاصمة الولاية، حيث أنه ألغي السوق الأسبوعي منذ سنوات، دون أن يتم تحويله إلى مكان آخر بإقليم البلدية، يذكر مواطن تردد يومها على السوق التراثية، قائلا بأن كل وعود السلطات المحلية في إيجاد مكان آخر لإقامة سوق أسبوعي "كانت كاذبة"، ويضظر إلى قصد سوق تيجلابين أو الثنية أو بودواو للتبضع، وبالمثل تقول مواطنة أخرى، كانت بصدد شراء "جبب تقليدية"، إنها تضطر إلى قصد سوق الهضبة ببلدية بودواو لشراء بعض المستلزمات، بسبب غياب سوق بمدينة بومرداس، تقول إن السوق الأسبوعية التي كانت من قبل كل يومي اثنين وخميس، كانت وجهة أولى بالنسبة لها لشراء مستلزماتها، وهو ما لم يعد ممكنا بعد إلغاء ذات السوق، بينما تقول مواطنة أخرى إنها تتردد على كل معرض يقام هنا وهناك، كلما سمحت لها الفرصة، كونها مغتبرة تعيش في الضفة الأخرى للمتوسط، فإنها تعتبر المعارض فرصة للوقوف على جديد الصناعة التقليدية، وشراء بعض القطع كهدايا عند عودتها.