رغم أن التكنولوجيا أسهمت في تطوير فن صناعة الأختام

الخوف من التزوير قلّص عدد الممارسين للمهنة

الخوف من التزوير قلّص عدد الممارسين للمهنة
  • القراءات: 1558
 رشيدة بلال رشيدة بلال

يخطئ من يعتقد أن صناعة الأختام كحرفة قديمة تسير اليوم في طريق الاندثار على غرار عدد من الحرف التي همشتها التكنولوجيا الحديثة، بل على العكس من ذلك، فقد تبين لـ«المساء" من خلال الجولة التي قادتها إلى بعض المحلات الخاصة بصناعة الأختام أن التكنولوجيا الحديثة أسهمت بشكل كبير في تطوير فن صناعة الأختام، وأكثر من هذا أكد صناع الأختام من الذين تحدثنا إليهم «أن هذه الحرفة في الجزائر لا تزال بحاجة إلى التطوير، و رغم قدمها فإنها تعتبر حديثة بالمقارنة مع الدول الغربية".

ومن جملة التطورات التي عرفتها حرفة صناعة الأختام ـ حسب محمد الذي امتهن هذه الصنعة منذ سنوات التسعينات ـ فقد انتقلت من الصناعة اليدوية المعقدة والمرهقة إلى الصناعة الآلية البسيطة والسريعة بمعنى ـ يشرح ـ "أنه بعدما كانت تتطلب صناعة ختم واحد المرور عبر الكثير من المراحل بدا بتحضير القالب المصنوع من البلاط ومن ثمة نقش البيانات الخاصة بصاحب الختم ليجري في آخر المطاف إلحاق البيانات على لوج مطاطي بعد تحضيرها على الخشب وانتظار جفافه ليكون جاهزا للاستعمال، هذه العملية التي قد تتطلب أكثر من شهر لتحضير بضع الخواتم فقط، اليوم يضيف "يتم وباستخدام التكنولوجيا الحديثة نقل البيانات الخاصة بصاحب الختم ومن ثم يجري نسخها على قطعة مطاطية بالاعتماد على أليزر خاصة حيث تتطلب العملية بضع ثواني ليكون الختم جاهزا، مشيرا إلى "أن التكنولوجيا الحديثة قلّصت من عدد العاملين في هذا المجال فبعدما كان يجتمع ما يزيد عن خمسة أشخاص لتحضير ختم واحد  اليوم يكفي إسناد المهمة لشخص واحد لإعداد أكثر من ختم واحد.

وحول ما إذا تسببت التكنولوجيا الحديثة في تهميش الخواتم المصنوعة من الخشب على اعتبار أنها تعد من أقدم النماذج بعد أختام الشمع، أكد الصانع محمد أن نوعية الختم تخضع لرغبة واختيار الزبون، وفي الحقيقة الأمر مرتبط  بالثمن فعادة ما يطلبون الخواتم الخشبية لأن سعرها منخفض حيث لا تتجاوز قيمة الختم الواحد 600 دج، أما الأختام المعدة في شكلها المطور والتي لا تحتاج إلى لواحق مثل لوحة الحبر، فيصل ثمنها إلى 1200دج  ويعلق "وفيما يخص النوعية أو الجودة، فلا فرق بحكم أنهما أصبحا يصنعان بنفس الطريقة الحديثة أي بالاعتماد على الآلة".

توسع النشاط التجاري أنعش صناعة الأختام

من جهته، أكد لنا إدير، صانع أختام بمحل عبد الكريم عبد الحميد  بالعاصمة أنه لا مجال مطلقا للحديث عن اندثار صنعة مثل صناعة الأختام خاصة بعد أن عرفت هذه الأخيرة الكثير من التطورات بفعل التكنولوجيا الحديثة التي جعلت مهمة صنع ختم من أسهل الأمور  وأبسطها، وهو الأمر الذي يتماشى والتوسع الكبير الذي عرفه النشاط التجاري اليوم، إذ أصبحت التجارة ومختلف المعاملات الاقتصادية من الأمور التي يميل الناس إلى ممارستها ولأنها تتطلب تحضير وثائق تحتاج إلى أختام، أصبح الطلب علينا كبيرا وفي المقابل ـ يضيف ـ "جعل من امتهان هذه الصنعة أمرا صعبا بسبب التزوير الذي أضحى يطال هذه المهنة والذي قادنا كصناع إلى أروقة المحاكم بتهمة تقليد أختام مزورة نتيجة ضياعها أوسرقتها.

تزوير الأختام قلّل من عدد الصناع

وحول الصعوبات التي يتكبدها الصانع الراغب في ممارسة مهنة  صناعة الأختام، جاء على لسان الصانع إدير "أن الأمر لم يعد كما كان عليه في الماضي، حيث كانت الأختام تحضر من طرف حرفيين بالمنازل وكان يكفي لمزاولة النشاط أن يكون الصانع حائزا على بطاقة الحرفي، ولكن اليوم يتطلب الأمر "لمن يرغب في ممارسة هذا النشاط أن يكون مختصا في الانفوغرافيا وحاصل على شهادات في الإعلام الآلي ومتحكم في التكنولوجيا لأن هذه المهنة بعد سنوات التسعينات أصبحت أكثر تنظيما وتخضع للرقابة من الجهات الوصية التي تباشر بين الفينة والأخرى حملات تفتيش ومداهمة على محلاتنا دون أن ننسى ضرورة أن يحوز صاحب المحل على اعتماد ليتسنى له مباشرة النشاط.. كل هذه الإجراءات قلصت من عدد الوافدين على هذه المهنة ولعل هذا ما يفسر وجود ستة ممتهنين لصناعة الخواتم ببلدية الجزائر الوسطى وهو يعلق "عدد قليل بالنظر إلى حجم الممارسات الإدراية والتجارية والاقتصادية التي تتطلب أن تكون كل الوثائق مختومة.

.... وأغلب الممارسين للمهنة توبعوا بقضايا تزوير

يروي لنا عبد المجيد صانع الأختام  والأوسمة منذ سنة 2002 المشاكل الناجمة عن ممارسة هذه المهنة القديمة الحديثة حيث قال

 "حقيقة، بقدر ما أصبح يسيرا صنع ختم بالاعتماد طبعا على  أشعة الليزر التي جعلت الزبون ينتظر بضع لحظات فقط ليحصل على ختمه، غير أنها من ناحية أخرى جعلتنا كصناع معرضين  لنكون محل متابعات قضائية بقدر عدد الأختام التي نصنعها ويشرح "حقيقية التكنولوجيا كان لها الفضل في تطوير مهنة صناعة الأختام وعصرنتها ولكنها من جهة أخرى فتحت الباب واسعا للمجرمين لتقليد الأختام وعند وقوع مثل هذه الجرائم يكون الصانع المتهم الأول بدليل أن أغلب الصناع كانوا محل متابعات قضائية من أجل هذا يضيف "ولتأمين أنفسنا، نطلب من الزبون الراغب في صناعة ختم أن يزودنا بملف شامل وكامل عنه لنحمي أنفسنا وإن شككنا في أمر ما نرفض صنع الختم، مشيرا إلى أن بعض الصناع تنبهوا إلى وضع بعض العلامات الخاصة على أختامهم ليتمكنوا من تمييز أختامهم عن غيرها وكل ذلك يدخل في إطار تعزيز الحماية الشخصية خاصة وأن بعض الصناع توبعوا قضائيا ومنهم من دخل  السجن بسبب تقليد أختامهم، من أجل هذا أستطيع أن أجزم أن هذه المهنة بقدر ما هي سهلة  فإنها صعبة ومخيفة لأن صاحبها قد يجد نفسه متهما بجريمة لم يرتكبها.