المدرسة التحضيرية لدراسات مهندس

الخرّيجون «عملة نادرة» تتهافت عليها المدارس العسكرية

الخرّيجون «عملة نادرة» تتهافت عليها المدارس العسكرية
  • القراءات: 2224
روبورتاج: رشيد كعبوب روبورتاج: رشيد كعبوب

استطاعت المدرسة الوطنية التحضيرية لدراسات مهندس بالرويبة «باجي مختار»، أن تصنع اسما لامعا ومكانة مرموقة وسط مؤسسات التكوين العسكرية، بل خطفت الأضواء، وصارت موردا عذبا كثير الزحام، يقصده حاملو البكالوريا كل سنة، للاستفادة من جودة التعليم وحسن التدريب والانضباط، يكفي هذا المرفق الواعد أنه خرّج آلاف الإطارات من المهندسين في شتى الاختصاصات، وكانوا الذراع التقني والاستراتيجي في مختلف الوحدات والإدارات العسكرية، وباتت هذه المدرسة مَحجّا لعدة وفود عسكرية ودبلوماسية أجنبية، وهو ما جعل قيادة الجيش الوطني الشعبي تحيط هذا المرفق بعناية فائقة، لأنه مصنع لجيل «النخبة» الذي تعوّل عليه الأمة، ويعد حَجر الزاوية في تجسيد احترافية الجيش.

كلما زرت المدرسة الوطنية التحضيرية لدراسات مهندس بالرويبة، رفقة الزملاء الإعلاميين، أشعر كأنني أزورها لأول مرة، لأنها كل سنة تضفي لمسة جديدة، سواء في ميدان التكوين ومردودية النتائج الإيجابية، أو ما يخص حصد المزيد من الألقاب الثقافية والرياضية، والتفوق على منافسي كبريات المدارس والمؤسسات العسكرية الأخرى. وتظهر عناية القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي بهذا الصرح النموذجي من خلال التحسينات اللوجستيكية وتوسيع البنى التحتية الضرورية، لتوفير الجو الملائم للطالب وتمكينه من التحصيل الجيد للعلوم، والإبداع في شتي المجالات الرياضية والثقافية.

العنصر النسوي ارتفع إلى 17%

خلال الزيارة التي نظمتها إدارة المدرسة للصحافيين الأسبوع الماضي، لوحظ من خلال تصريحات المسؤولين أن النخبة المتخرجة نهاية كل سنة دراسية، صارت «عملة نادرة» تتهافت عليها أهم المدارس العسكرية، وفي هذا السياق، ذكر مدير المدرسة التحضيرية، العميد محمد سعال، أن نخبة الإطارات الخرّيجة التي كانت قبل سنوات توجه نحو المدرسة العسكرية متعددة التقنيات ببرج البحري فقط، أضحت تتقاسمهم عدة مدارس أخرى، منها المدرسة العليا للدفاع الجوي عن الإقليم، والمدرسة العليا للبحرية، و العديد من المدارس الأخرى تلح على الاستفادة من هذه الكفاءات التي تعلمت على يد أحسن الأساتذة الجامعيين والإطارات ذوي الخبرة العالية في الميادين العلمية، فالمدرسة التحضيرية التي لا تتعدى طاقة استيعابها 400 طالب بداية كل دفعة، لا يصمد منهم في العام الثالث من المسار الدراسي إلا فئة تقارب الـ300 متخرج، وهو في منحى تصاعدي، حيث تخرج العام الماضي  281 طالبا، بينما لم يتجاوز ذلك سنة 2002 الـ170 طالبا من أصل 400، كما أن نسبة العنصر النسوي الملتحق بالمدرسة ارتفعت إلى 17 بالمائة في 2017، بعدما كان لا يتجاوز 7 بالمائة قبل سنوات.

مستوى عال، تأطير نوعي وهياكل عصرية

يكفي، للتدليل على خصوصية هذا المرفق، أن الطلبة الذين يغادرون المدرسة قبل إنهاء الدراسة، ويتوجهون لكليات ومعاهد أخرى، أصبحوا يتصدرون قوائم المتفوقين، والسر في ذلك، حسب العميد سعال، جودة التعليم وصرامة النظام البيداغوجي المعتمد بالمدرسة، التي تقع تحت وصاية وزارتي الدفاع والتعليم العالي. ولعل السر في تخريج هذه الكوكبة بمواصفات تكوينية عالية، يكمن في كوكبة أخرى من الإطارات التي تشرف على تكوين الطلبة، حيث توظف المدرسة 227 أستاذا، من بينهم 6 أساتذة عسكريين متقاعدين، و110 أساتذة منتدبين و43 إطارا عسكريا.

عند تجولنا مع الفريق الإعلامي رفقة مسؤولي الدوائر التكوينية بالمدرسة التي تتربع على مساحة 22 هكتارا، لمسنا حجم العناية الكبيرة التي توليها القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، من خلال ما توفّره من إمكانات تسمح للطلبة بتلقي تكوين عصري في ظروف مريحة، ومنها جملة المخابر العلمية فيزيائية وكيميائية ومدرجات بيداغوجية وقاعات رياضية لمختلف الرياضات، مكنتها من حصد عدة كؤوس وجوائز رياضية في مسابقات وطنية، كما تتوفر المدرسة على عيادة داخلية خاصة بالطلبة، إلى جانب مراكز ترفيهية كالمسرح والسينما والكورال.

الوفود العسكرية والدبلوماسية

قال مدير المدرسة، إن العديد من الوفود العسكرية والدبلوماسية تزور هذا المرفق على مدار السنة، وتطلع على الهياكل، وتبدي إعجابها بكل الجوانب التكوينية والتنظيمية، في إطار اتفاقيات الجيش الوطني الشعبي مع الدول الشقيقة والصديقة، لتبادل الخبرات مع مدارس تكوينية مشابهة عبر عدة دول متطورة، منها ألمانيا، بلجيكا، فرنسا، وجنوب إفريقيا.

ظروف تكوينية مريحة

توفر المدرسة الوطنية التحضيرية لدراسات مهندس إقامة مريحة، تغني الطلبة عن التفكير في الأمور الاجتماعية، ومنها الإيواء، حيث يتقاسم كل طالبين غرفة مؤثثة ومجهزة بوسائل الراحة والمراجعة، منها شبكة الأنترنت وحاسوب محمول، يمكن للطلبة استعماله حتى في حديقة المدرسة.

تم أيضا تقريب كل المرافق الضرورية، كمكتب البريد، العيادة، فضلا عن المرافق التكوينية الأخرى، منها المكتبة العملاقة التي تحوي آلاف الكتب والوسائط التعليمية العلمية والثقافية، إلى جانب المرافق الرياضية والترفيهية، ومنها قاعة تقوية العضلات التي رزناها، حيث لاحظنا أنها تضم أحسن التجهيزات الرياضية، ويؤطرها أساتذة مختصون، يدربون الطلبة ويساعدونهم على بناء أجسام سليمة وقوية، وللطالب في هذه المدرسة كل الخيارات في المجال الرياضي، فمن ميدان ألعاب القوى، إلى الألعاب القتالية، وكذا الألعاب الجماعية، الطائرة واليد، وكرة القدم، في ميدان معشوشب اصطناعيا. كما تضم المدرسة مسبحا شبه أولمبي مشيد وفق المقاييس العالمية، يعد مفخرة هذه المؤسسة، ويمكن أن يكون ملائما لتنظيم دورات ومنافسات في هذا الصنف من الرياضة.

شروط  صارمة ولا  حظ إلا للنوابغ

للإشارة، فإن شروط الدخول إلى هذا الصرح العلمي والعسكري، يتمثل في حصول الطالب على شهادة البكالوريا للسنة التي تجري فيها المسابقة، وبدرجة لا تقل عن القريب من الجيد، ويتم امتحان الطلبة في عدة مواد علمية، كالرياضيات، الفيزياء، الكيمياء وعلوم إنسانية (فرنسية وإنجليزية).

فضلا عن اختبار في التربية البدنية والرياضية، اختبار بسيكوتقني، إضافة إلى فحص طبي.

حسب إطارات المؤسسة، فإن هذه الامتحانات تعد الغربال الحقيقي الذي يمكن من خلاله اختيار أحسن المتسابقين، الذين قد لا يلتحق بعضهم عند بداية السنة الدراسية، ليتم تعويضهم بالناجحين المسجلين في القائمة الإضافية.