المجاهد محمد لعروسي لـ"المساء":

الجزائر ذرة الروح، والشباب لابد أن يتشبّع بالروح الوطنية

الجزائر ذرة الروح، والشباب لابد أن يتشبّع بالروح الوطنية
  • القراءات: 1135
أحلام محي الدين أحلام محي الدين
لازال عمي محمد لعروسي، أمين قسمة المجاهدين للجزائر الوسطى، المجاهد الفذ وبطل الجزائر في الملاكمة يستحضر مختلف الأحداث التي عاشتها الجزائر خلال الثورة المظفرة بروح وطنية عالية ودموع تأبى أن تكفكف، فهي نابعة من قلب متيّم بعشق الوطن حد النخاع، "المساء" نزلت ضيفة لديه ونقلت لكم يوميات مجاهد دافع عن الألوان الوطنية بالسلاح والملاكمة وحصل على البطولة عدة مرات.
يقول المجاهد لعروسي: "إننا نعيش هذه الأيام المباركة أحداثا كثيرة تحمل في طياتها رفض هذا الشعب الأبيّ الاستعمار، فذكرى 17 أكتوبر إشارة إلى الثورة التي قامت بها الجزائر في بلاد المستعمر، والفاتح نوفمبر شهد  انطلاق كفاح الجزائريين الذين اختار كل واحد منهم طريقه للجهاد في سبيل الوطن، فقد عمل الرجال والنساء كل حسب قدراته لتحرير هذه الأرض المباركة من مخالب المستعمر الظالم الذي نهب الخيرات وزهق الأرواح بلا رحمة ولا شفقة، فهناك من حمل السلاح وقدم الروح فداء للوطن، وآخرون أنفقو أموالهم، وساهمت النسوة أيضا بطرق مختلفة في الدعم والجهاد بطرق مختلفة، وقد شاءت الإرادة الإلهية أن ينتفض الشعب الجزائري الذي رفض 130 سنة من الاستعمار، فتورثنا معجزة تشهد لها الشعوب، حيث كان الإيمان بالله وتحرير الوطن سلاحنا وغايتنا في ذات الوقت.
وحول يومياته إبان الثورة قال محدثنا: "الإرادة الفولاذية كانت سلاح رجالات الثورة من فدائيين ومسلحين ومسبلين، فقد كان كل واحد يسعى لتأمين سلاحه بنفسه، وقد ثم اختبارنا من خلال إحضار وتسليم الأمانة وكان عمري أنداك 19 سنة، حيث بدأت مسيرتي النضالية مع انطلاق الثورة سنة 1954، وعملت خلالها على تقديم ما أوكل إلي من أعمال وألقى علي القبض سنة 1957، لأمكث في السجن ثلاث سنوات طبعا بعد أيام من التعذيب، بين سركاجي والبرواڤية، وقد نفذت وصية الجبهة "لا أعرف أحدا، لم أفعل أي شيء". وقد ظللت على هذا الحال حتى استطاع المجاهدون الهروب، وأذكر أنه حين تم القبض عليّ، أحضروا والدي معي، وقد سأل محافظ الشرطة أحد الجنود: "لماذا أحضرت الشيخ معه فرد إنه والد الإرهابي"، فقال له والدي رحمه الله "لأنني ساعدتكم على النجاة من الألمان لهذا أنا هنا، طبعا أنت لم تكن قد ولدت وقتها". وهنا اعتذر له محافظ الشرطة وأطلق سراحه، ثم قال والدي رحمه الله: "الحمد لله الذي وهبني أسدا" خلال تلك الفترة عملت على تعلّم القراءة والكتابة لأنني في وقت سابق كنت مهتما بشؤون البيت إلى جانب والدي رحمه الله، وعندما خرجت من السجن وضعت تحت الرقابة بحيث كنت أدخل أسبوعيا لمحافظة الشرطة للإمضاء، وفي حال التغيب يتم إعادة التحري عنك".
وعن علاقته بالمجاهدين قال: "كنا إخوة، إنه جيل فريد من نوعه، كنا ننفذ ما نؤمر به في سبيل الوطن، ونحترم جهد وتعب ومعاناة إخواننا هنا وهناك، كنت أعرف جيدا الشهيد البطل علي لابوانت، الذي كان صديقي وكذلك ياسف سعدي، اللذين كانا يحضران لبيتنا وكانت الوالدة رحمها الله تحضّر لهما الطعام، وأذكر مرة كانا فيها نائمين في سطح البيت بينما كانت هي تحضّر المحاجب، وكنا نحرسهما من العدو حتى يأخذان قليلا من الراحة".
ويواصل محدثنا بصوت ملؤه الأنفة وروح الوطنية بدموع تباغت خده بين الفينة والأخرى: "بعد خروجي من السجن واصلت عملي مع جبهة التحرير حتى 1962، وكان إلى جانبي فريق من المجاهدين والفدائيين منهم من مات شهيدا منهم بن شريح الشهيد رحمه الله ولعجالي، وسلامة محمد، أطال الله في أعمارهم وهم من بين الأشخاص الذين اختفوا وراء ستار الرياضة، حيث كانت تسمح لنا بالتنقل بحرية أكثر، فكنا كل مرة نبيت في مكان ونمارس مسيرتنا الجهادية، علما أنه في سنة 1956 أوقفنا كل الرياضات من خلال إضراب كل الرياضيين حتى نظهر لفرنسا أننا نساند جبهة التحرير الوطني حتى 1959، ولنواصل الجهاد في الثورة عدنا إلى الرياضة. وكنا نسعى للفوز بكل حرارة، وقد كنا نستفيد من تدريب جزائريين غيورين على الوطن.   شخصيا كنت أحرص على التدريبات، وقبل كل مبارات أقدم علبة شكولاطة للوالدة ـ رحمها الله ـ والتي كانت تدعو لي بالخير والنجاح".
وحيال وصيته للشباب الجزائري وأمنيته قال المجاهد الغيور على الوطن: "لابد أن ينظر الشباب إلى وضع الجزائر بعد الاستقلال، فقد أمّنت العلم لأبنائها وهم الآن في مواقع رائعة، كما أنهم أصبحوا يستمتعون بالعلم ففي السابق كنا نتعلم خارج الوطن، لكن الحمد لله الآن، الجزائر هي تزخر بالإطارات التي تقود الطائرات والبواخر، وبأطباء وسياسيين وصحفيين ودرك وشرطة وجيش وسيادة كاملة فالحمد لله. أتمنى أن تكون الجزائر زاهرة، فهي الروح التي تسري فينا، وأن يحافظ عليها أبناؤها من المؤامرات، فهي أرض مباركة مسقية بدماء الشهداء، فعلى الشباب أن يتشبّع بالروح الوطنية، وأن يحافظ على الجزائر بكل ما أوتي من قوة وسيكونون حينها كما قال تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس".