"المساء" تسلط الضوء على ظاهرة تستفحل كل رمضان

التجارة الموازية... مصدر رزق لـ"الزوالي" اختبأ وراءها الشرعيون

التجارة الموازية... مصدر رزق لـ"الزوالي" اختبأ وراءها الشرعيون
  • القراءات: 856
هدى. ن هدى. ن

تعود ظاهرة انتشار التجارة الفوضوية، ويكثر المتطفلون على القطاع، كلما حل شهر رمضان، في مشهد يعم الشوارع والأحياء الشعبية على وجه الخصوص، ويغزو الأسواق الأكثر استقطابا للباحثين عن بنة رمضان، وبين هذا وذاك، تبرز ظاهرة موازية يختبئ وراءها التجار النظاميون أو الشرعيون، الذين لا يتحرجون في مزاحمة غير الشرعيين في عرض سلعهم خارج المحلات، بحجة قلة الإقبال عليهم. وفي هذا السياق، حاولت المساء تسليط الضوء على هذه الظاهرة، التي ما فتئت تعود، وبدأت بوادر عودتها هذه الأيام، رغم الحملات التي تشنها مصالح الأمن والرقابة.

يعمد عدد كبير من التجار الفوضويين، وحتى النظاميين منهم، إلى تحويل بعض الأرصفة إلى فضاءات لعرض مختلف المواد الاستهلاكية المصنعة، وتلك المحضرة في المنازل. وتتفاقم هذه الظاهرة، مع حلول شهر رمضان الكريم، حيث يغزو أصحابها شوارع العاصمة، خاصة الشعبية منها، إذ يتم في هذا الشأن، اختيار المواقع التي تشهد اكتظاظا بالمارة، وبقدر ما تغيب الرقابة عن التجارة الفوضوية، فإن نشاط مصالح يرتكز خلال هذه الفترة، على حماية المستهلك، ومحاربة ظاهرة عرض المواد الغذائية خارج المحلات التجارية ،وعلى الأرصفة. تشهد مختلف شوارع العاصمة هذه الأيام، تموقع عدد كبير من التجار الفوضويين لمزاولة نشاطهم التجاري الموسمي الاعتيادي، وعرض السلع التي يكثر الطلب عليها خلال شهر رمضان الكريم.

ظاهرة تفرض نفسها

فالمتجول عبر الأحياء والشوارع التي تشهد إقبالا كبيرا للمتسوقين القادمين من مختلف البلديات، على غرار سوق القصبة بساحة الشهداء، وسوق حي "8 ماي 45" بباب الزوار، وكذا الأسواق الجوارية لبلدية باب الوادي، يلاحظ مثلما وقفت عليه "المساء"، تمركز التجار الفوضويين  بمختلف النقاط التي تشهد حركة كثيفة للمواطنين، حيث يعرض عدد منهم مختلف السلع الغذائية على اختلاف أنواعها، بما فيها الأجبان والبيض والخبز والحلويات التقليدية، التي تميز مائدة شهر رمضان، وكذا الزلابية وقلب اللوز، بالإضافة إلى المشروبات الغازية والعصائر المصنعة، وتلك المحضرة من قبل ربات البيوت.    

كما يتخذ عدد من هؤلاء الشباب، مثلما لاحظناه، عربات نقل البضائع لعرض وبيع الحلويات التقليدية في ظروف أقل ما يقال عنها "كارثية"، ورغم ظروف العرض التي لا يتصورها العقل، تشهد هذه العربات إقبالا من قبل الزبائن الذين لا يجدون مانعا في اقتناء ما يعرض على متنها. وحسب ما أكده لنا أحد الشبان، فإن الظاهرة محل الطرح، باتت تفرض نفسها فرضا، وتحولت ـ حسبه ـ إلى تقليد يميز شهر الرحمة، وهي تضيف نكهة مميزة وخاصة. يضيف المتحدث، أن الجو السائد يفرض تلقائيا لأسباب مرتبطة بالشغل، حيث يسترزق عدد كبير من البطالين من هذه التجارة غير الرسمية، ويسدون بها احتياجات الأسرة طوال السنة، وشهر رمضان بالذات يكون بالنسبة للكثيرين فرصة للكسب الوفير.

تجار نظاميون يزاحمون الفوضويين

أكد عدد من الشبان الذين تحدثت إليهم "المساء"، أن الحاجة هي التي تدفع بهم إلى ولوج عالم التجارة الفوضوية. وإذا كان لهؤلاء ما قد يبرر عملهم، فإن الذي يطرح في جانب آخر من الموضوع، ولا يمكن إعطاءه أي مبرر مقنع، هو لجوء عدد من التجار النظاميين من أصحاب المحلات، إلى ممارسة نشاط التجارة الفوضوية، وهو أمر يتعارض مع القوانين الخاصة بممارسة الأنشطة التجارية، وتلك المرتبطة بحماية المستهلك.

وحسب تأكيد أحدهم، فإن معظم المواد الغذائية المعروضة على الأرصفة، منها الخضر والفواكه والمواد الغذائية العامة، وحتى الأواني ومواد التنظيف، تكون لأصحاب المحلات التجارية الناشطين على مستوى الأسواق البلدية، حيث يعمد الكثيرون منهم إلى هذه الممارسة، بسبب عدم إقبال المستهلكين على المحلات والأسواق الرسمية، في ظل انتشار طاولات للتجار الفوضويين، لأن المستهلك يعتقد أن الأسعار خارج السوق الرسمية، تكون أقل بكثير من تلك المعتمدة داخلها، ويرى آخرون أن هذه الممارسات تكون وسيلة لجني الأرباح خارج الإطار المقنن، لأن هذا الأخير يكبد التاجر، حسبهم، أعباء ضريبية. بلغت درجة تمادي هؤلاء التجار في هذه التصرفات، إلى قيام البعض منهم بتوسيع محلاتهم على حساب الأرصفة دون وجه حق، من خلال بناء "لواحق إسمنتية"، وقد أدى هذا التصرف إلى لجوء مصالح البلديات إلى هدم هذه اللواحق، على غرار ما تم تسجيله ببلدية باب الزوار. وحسب ما أكده لنا البعض من الفئة العاملة، بدون رخصة، فإن الأمر يتحول في الكثير من الأحيان، إلى مد وجزر بين تجار نظاميين وآخرين فوضويين، وبات يمنع على الباعة القادمين من خارج الحي، وضع سلعهم على الرصيف، بحجة أن المكان محجوز.

معاينات لكشف المخالفات في الميدان

لا يمكن لأحد معرفة مدى صلاحية مختلف المواد الغذائية المعروضة للبيع على الأرصفة، ومدى مطابقتها للمقاييس والسبب بطبيعة الحال، يرجع إلى كون هذه السلع تعرض في إطار نشاط غير مقنن، بالتالي فإن التعامل مع أصحابها يعني الاعتراف بهم وبنشاطهم، وهو ما يطرح مسألة وقوع المسؤولية على عاتق المستهلك في الجانب المرتبط به، بطبيعة الحال. في المقابل، وفي الجانب المرتبط بالنشاط التجاري النظامي، تؤكد مصالح التجارة أن القانون الصادر في فيفري 2009، الخاص بحماية المستهلك وقمع الغش، يخول لأعوان الرقابة إجراء الاختبارات والتحاليل في الميدان، باستخدام أدوات القياس، من خلال الملاحظات المباشرة عن طريق الفحص البصري، أو عن طريق أجهزة القياس، ويتم استكمالها عند الضرورة، عن طريق أخذ عينات لإجراء التحاليل على مستوى المخابر التابعة لها.

وبهدف تحديث أداة الرقابة من قبل المديرية العامة للرقابة الاقتصادية وقمع الغش، تم في هذا الإطار، حسب نفس المصدر، توزيع حقائب تحتوي على أدوات المعينة والتحليل الميداني، على مفتشي المديريات الجهوية للتجارة وترقية الصادرات، للوقوف عن قرب على مختلف المخالفات المرتبطة بالممارسات التجارية، التي تمس بصحة المستهلك، ومنها عرض المواد الغذائية خارج المحلات التجارية وعلى الأرصفة. تتمثل أدوات القياس، التي تعرف ارتفاعا في الاستعمال، خاصة في فترة الصيف من السنة، وخلال شهر رمضان الفضيل، في مقياس درجة الحرارة، الذي يتم استعماله عند معاينة المنتوجات الغذائية التي تتطلب درجة حرارة معينة للحفظ، منها منتجات الحليب واللحوم والحلويات والبيض، بالإضافة إلى مقياس فاحص لزيت القلي، الذي يكثر استعماله على مستوى المطاعم، وفي تحضير الحلويات التقليدية التي يكثر عليها الطلب والإقبال خلال شهر رمضان.

 

حرب على عرض المواد الغذائية خارج المحلات

 

تؤكد مصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات، أنه من ضمن نشاطها الرقابي المرتبط بحماية المستهلك، محاربة ظاهرة وعرض المواد الغذائية خارج المحلات التجارية والبيع على الأرصفة. هذه الممارسة التي تتوسع رقعتها خلال شهر رمضان الكريم.

حسب البيانات الإحصائية المرتبطة بعرض المواد الغذائية خارج المحلات،  أسفرت عمليات الرقابة خلال شهر جانفي من هذه السنة لوحدها، عن تسجيل أكثر من 300 مخالفة، تم خلالها إحالة 246 ملف على القضاء، واقتراح غلق 27 محلا تجاريا، كما تم حجز أكثر من 13 ألف كلغ من المواد الغذائية، وأكثر من 2000 لتر من المشروبات، وغيرها من المواد الاستهلاكية. 

تم في إطار مراقبة ومنع ظاهرة البيع على الأرصفة، خلال الفترة المذكورة،  تنظيم خرجات ميدانية، ضمت مصالح وزارة التجارة وكل من مصالح الأمن والدرك الوطنيين، بالإضافة إلى الجماعات المحلية، و

تم خلالها تسجيل أكثر من 100 مخالفة، أُحيل منها 95 ملفا على العدالة.