ثلاثة ملايين مسن بالجزائر

الاعتناء بفئة المسنين يسهم في تحقيق التنمية المستدامة

الاعتناء بفئة المسنين يسهم في تحقيق التنمية المستدامة
  • القراءات: 1934
حنان. س حنان. س
تحصي الجزائر ثلاثة ملايين مُسن، وهي على غرار مثيلاتها من بلدان جنوب المتوسط تواجه عدة تحديات جديدة تتعلق أساسا بالمرافقة والتكفل الاقتصادي والاجتماعي بالأشخاص المسنين، وأشار المتدخلون خلال يوم دراسي نظم مؤخرا بمناسبة إحياء اليوم العالمي للأشخاص المسنين، إلى أن الأخلاق والواجبات الاجتماعية تجبر العائلات الجزائرية على التكفل بالمسنين، بحيث لا تزال فكرة وضع الأب أو الأم بدار المسنين تعتبر تخلياعنهما.
في هذا السياق، تشير السيدة كريمة مقطف محالي، مديرة حماية الأشخاص المسنين في حديثها إلى "المساء" إلى أن مصالح وزارة التضامن تحصي اليوم 2028 مسن، أغلبهم من دون سند عائلي، يقيمون في المراكز التابعة للقطاع ويصل عددها إلى 37 مركزا وطنيا منها 32 في حالة نشاط والباقي في حالة تهيئة، توفر هذه المراكز ما مجموعه 3878 سرير، وتوضح المتحدثة أن "التحدي الكبير الذي نواجهه هو التكفل بالمسنين المشردين بدون مأوى ومن غير سند عائلي، وهنا نحاول تحسين التكفل بهم عن طريق عدة تراتيب تعمل الوزارة على تجسيدها".
ومن بين الآليات التي تسعى وزارة التضامن إلى تجسديها، تحسين الاستقبال النهاري على مستوى المؤسسات المختصة وهياكل استقبال المسنين لتمكينهم من الاستفادة من رحلات استجمامية وبرامج ترفيهية وثقافية واجتماعية لاجتناب العزلة وتوطيد ملامح إدماجهم الاجتماعي، حسبما جاء في نص المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 113.12 المؤرخ في مارس من عام 2012.
وتشير المتحدثة في نفس السياق، إلى أنه من بين المهام التي تقوم بها مؤسسات التكفل بالمسن "ضمان تكفل نفسي واجتماعي ملائم، والسعي إلى القيام بجميع النشاطات التي تشجع على الإدماج العائلي للأشخاص المسنين المتخلى عنهم وضمان مرافقتهم"، ولفتت إلى أن جهود وزارة التضامن لمساعدة ومرافقة الأشخاص لا تكفي، إلا إذا تضافرت مع جهود الجمعيات الناشطة على المستوى المحلي، وأوضحت أن "المُسّن دون سند بالجزائر كظاهرة تحتاج إلى بحث سوسيولوجي واقترابات متخصصة في علوم النفس والاجتماع للوقوف على هذه الظاهرة في مجتمعنا المحافظ".
من جهتها، قدمت الدكتورة في علم الاجتماع فتيحة معتوق، مداخلة ضمنتها تعريفات لمفهوم الشيخوخة، واعتبرت هذا المصطلح مهما جدا بالنسبة للجزائر وللدراسات الجامعية  لأن الأسرة الجزائرية تحافظ على النسيج الاجتماعي رغم كل الظروف، "والجزائر عندها التزامات دولية بعد مصادقتها على مواثيق أممية عديدة".
واعتبرت المختصة أن الاعتناء بفئة المسنين يفيد الجزائر في تحقيق التنمية المستدامة ومنها التنمية البشرية لكل فئات المجتمع بشكل عام ومتساو. مشيرة إلى أن مفهوم الشيخوخة يطرح كإشكالية من ناحية صعوبة تحديد ماهيته، لأن بعض الباحثين يركزون على العمر الزمني سواء 60 سنة أو 65 سنة، فيما يرى آخرون أن الشيخوخة تبدأ مع عمر السبعين سنة، بينما تركز فئة أخرى من الباحثين على تحديد الشيخوخة بالتركيز على العمر الاجتماعي، ومعناه الحفاظ التدريجي للشخص على قدرة التكيف وهو ما ينعكس على القدرات السوسيولوجية والأدوار الاجتماعية له. فيما تقيس فئة أخرى من الباحثين الشيخوخة بالعمر النفسي للشخص، ومعنى هذا ـ حسب المختصة - قياس الخصائص النفسية عند الفرد، وحاجاته وسلوكه النفسي والدوافع لحاجاته تلك، بينما هناك تعريف آخر يعنى بتحديد مفهوم الشيخوخة بقياس الجانب الوظيفي، فيقال عن الفرد إنه مسن إذا تراجع مروده المهني وضعف.
وكنتيجة لاختلاف هذه التعريفات الكثيرة لمصطلح الشيخوخة، ظهرت عدة كلمات أخرى مقابلها ومن ذلك؛ أفراد مسنون، متقاعدون، العقد الثالث، كما يتداول اليوم مصطلح العقد الرابع في الدراسات الأكاديمية الحالية، وتشير المختصة إلى وجود فرق بين المفهومين الأخيرين ويظهر الفرق -حسبها- حسب القناعات والمؤشرات. وتعتقد المختصة في العلوم الاجتماعية أن ظاهرة الشيخوخة أصبحت اليوم "عادية لأن الفرد تغير بتغير الظروف التاريخية، ومنها الثورة الصناعية التي خلقت الطبقة العاملة وظهرت معها مصطلحات كثيرة أعطت مصالح كثيرة للمجتمع ومنها: نظام العمل وأنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي وتطور الطب، وتطور سياسات التضامن الاجتماعي".
غير أن المختصة ترى أن الشيخوخة في تطورها أصبحت مشكل مجتمع، لأنها أصبحت تطرح رهانات عديدة على مستوى؛ الهوية الاجتماعية والتصورات الاجتماعية والاندماج الاجتماعي وعلى مستوى السياسات العامة أيضا، أي السياق القانوني للتقاعد والحقوق الاجتماعية للمسن.
وفي الأخير، تستنج المختصة أن "الشيخوخة ليست حالة وإنما صيرورة"، بمعنى ليست مجرد حالة تعبر عن مرحلة جديدة تتأسس تدريجيا وتتأثر بالانتماء الطبقي والروابط الاجتماعية وأساليب التضامن.