”المساء" تسأل أهل الاختصاص عن إشكالية ندرة الحليب

استيراد المسحوق هدر للأموال ودعم للفلاح الأجنبي

استيراد المسحوق هدر للأموال ودعم للفلاح الأجنبي
  • القراءات: 2521
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

المربون يشتكون قلة الاهتمام بشعبة تربية الأبقار

مقترحات وحلول عملية قد تغير خارطة التوزيع

الأمن الغذائي مرهون بما تنتجه مزارعنا

استيراد مسحوق الحليب عائق أمام تطوير الإنتاج الوطني

إمكانيات الجزائر كبيرة لكنها غير مستغلة

تطرح العديد من الأسئلة، كلما تذبذب توزيع الحليب، الذي يعد مادة أساسية لشريحة كبيرة من المجتمع، ومن أهم ما نتساءل حوله؛ "إلى متى نبقى عرضة لتبعية مسحوق الحليب؟، وهل هناك استراتيجية وطنية حقيقية لتخفيف فاتورة الاستيراد؟ وإذا كانت موجودة، فما هي الخطوات التي تم تجسيدها؟ وما العوائق التي تقف حجر عثرة في تحقيق هذا الجزء الهام من الأمن الغذائي المرتبط بما يعرف بـ"السيادة الاقتصادية"؟. هي أسئلة وأخرى طرحتها "المساء" على عدة أطراف لها صلة بالموضوع، قدمت لنا توضيحات ومقترحات يمكن أن تشكل خارطة طريق.

تعتبر مادة الحليب من المواد الغذائية الأساسية المدعمة في الجزائر، حيث تصل فاتورة استيراد مسحوق الحليب سنويا إلى أزيد من 700 مليون دولار، لكن رغم ذلك، فإن المواطن صار يفتقد كيس الحليب، وترهقه الطوابير في الحصول عليه، والأكثر من ذلك، أن نوعية حليب الأكياس لا تخضع لمعايير الجودة المطلوبة، وهو ما يجعل التفكير في تجسيد استراتيجية وطنية لتخفيف هذه الفاتورة، أمرا لا مناص منه، كمرحلة أولى، ليتسنى بعد ذلك التفكير الجدي في التخلص نهائيا من "تبعية الاستيراد"، بإنتاج هذه المادة الأساسية.

المهنيون يدقون ناقوس الخطر..

لعل ما يبقي على مشكل الندرة، وغياب الجودة؛ قلة الاهتمام بهذه الشعبة الاستراتيجية، كما يجب أن يكون، حسب أهل الاختصاص، الذين يرون أن شعبة الحليب صارت مهددة بالانقراض، بالنظر إلى عدة عوامل، منها الاعتماد شبه الكلي على استيراد بودرة الحليب، التي تنهك الخزينة الوطنية، ويرجع منتجون ومربو أبقار هذه الوضعية، إلى السياسات المنتهجة التي تتسم بالظرفية وغياب استراتيجية واضحة المعالم لتطوير الشعبة، مؤكدين أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي تدعم المنتجين الأجانب على حساب المربين والمنتجين الوطنيين. ذكر لنا ممثلون عن الغرف الفلاحية، أن الفلاحين المهتمين بإنتاج الحليب يواجهون صعوبات جمة، على رأسها نقص الأعلاف، التي تشكل عصب هذه المهنة النبيلة، مما يجعل المستثمرين الكبار في هذا المجال يعزفون عن ممارسة هذا النشاط، ليبقى مجمل النشطين في هذه الشعبة؛ الفلاحون الصغار الذين يملكون فقط عددا من الأبقار، بعضها يعد على رؤوس الأصابع، ولا يفي بالغرض المطلوب.

برلمانيون: هذه اقتراحاتنا لحل مشكل الحليب

اقترح النائب البرلماني قادة نجادي، دراسة، نشر جزء منها على صفحته بـ"الفايسبوك"، أبرز من خلالها إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من مسحوق الحليب، حيث ذكر لـ"المساء"، أن الدراسة سيعرضها على الحكومة، وتتضمن حلولا جذرية، تمكن الجزائر من تخطى هذا النقص الحاصل في مادة استراتيجية، تلجأ بلادنا إلى دعمها بالعملة الصعبة، على غرار القمح الموجه لصناعة الخبز، دعما للفئات العريضة من المجتمع، خصوصا المعوزة منها. قال النائب؛ إن الدراسة التي أعدها تتضمن خطة توجه دعم الدولة للمربي، عوض المنتج الأجنبي، مؤكدا أن أكبر مزرعة في العالم لا يتجاوز عدد أبقارها 100 ألف رأس، وأنه يمكن بواسطة 700 مليون دولار التي تنفقها الدولة لاستيراد هذه المادة الأساسية، اقتناء 466 ألف بقرة، حيث تعطي كل بقرة 28 لترا يوميا، مما يعني أن المنتوج اليومي يتجاوز 13 مليون لتر. يضيف النائب بأنه بحساب حوالي 7 ملايين عائلة تستفيد من حوالي ليترين في اليوم، فإن مشكلة الندرة لن يبقى لها أثر، فضلا على أننا سنستفيد من حليب طبيعي، ومن مشتقات الحليب ولحم الأبقار، من العجول التي ستولد والجلود.

ولد هدار رئيس شعبة الحليباستيراد المسحوق دعم للمربي الأجنبي وهذه هي الحلول..

لم ينف رئيس المجلس المهني لشعبة الحليب، رابح ولد هدار، أن مسحوق الحليب المستورد المدعم بأكثر من 70 بالمائة، يبقى عائقا لتطوير الإنتاج الوطني من هذه المادة الغذائية الأساسية، وإذا حذفنا هذا الدعم من سعر الحليب الحقيقي، فإنه سيقارب 80 دج، مما يعني أن دعم الدولة يذهب للمربي الأجنبي قبل أن يكون للمستهلك الجزائري. قال السيد ولد هدار، وهو رئيس الغرفة الفلاحية لولاية غرداية: "تصوروا لو تُوجه تدريجيا هذه المبالغ الضخمة المخصصة لدعم مسحوق الحليب للاستثمار في شعبة الحليب، بتوفير حظائر عصرية ومشاتل أبقار ومزارع أعلاف، فإننا خلال 4 سنوات، على أقصى تقدير، نحقق الاكتفاء ولا نحتاج إلى الاستيراد بعدها، وحينها تكون عامل جذب للاستثمار، من شأنه رفع رأس المال المحلي والأجنبي".

أرجع المصدر عزوف المستثمرين عن ممارسة هذا النشاط، إلى نقص المردودية، بسبب غياب العوامل المذكورة، التي تعد مفاتيح نجاح الشعبة. أكد السيد ولد هدار على ضرورة تعميم الاعتماد الصحي، وترقيم القطيع وتوفير حظائر عصرية، وتكوين العنصر البشري، والتحكم في الأعلاف عن طريق تطوير الاستثمار وتقليص التبعية في العلف إلى 30 بالمائة على الأكثر، لضمان توفير حليب ذي جودة والتخلص نهائيا من مشكل استيراد الحليب المجفف، الذي صار عبئا على خزينة الدولة. لضمان توفير الحليب كمّا ونوعا، يقول المصدر، لا بد من تحرير سوق الحليب وخلق التنافسية في الجودة والصناعة التحويلية المرتبطة بذلك، كإنشاء حضائر عصرية ومصانع مدمجة كبيرة في محيط المدن ذات الكثافة السكانية، ونقل الأعلاف خاصة الخضراء من الجنوب. وتخصيص 1 أو 2 دج عن كل لتر حليب مجمع، لتمويل صندوق يوجه للتكوين ومعاهد تحسين المستوى والمخابر البيطرية.