أسعار الخبز ترتفع بدون سابق إنذار.. و"النوعية" حجج الخبازين

احتجاج المستهلك يتصدر قائمة الشكاوى

احتجاج المستهلك يتصدر قائمة الشكاوى
  • القراءات: 4045
 هدى . ن هدى . ن

تشهد أسعار الخبز في العاصمة وفي عدد من ولايات الوطن، ارتفاعا بلغ حدود الضعف في بعض المخابز، وإلى أكثر من ذلك في المساحات  التجارية الكبرى؛ حيث وصل إلى حدود 50 دينارا، وانتقل بذلك الخبازون من مبدأ المطالبة رسميا بالرفع من سعر هذه المادة الأساسية،  إلى فرض الأمر الواقع، واعتماد الرفع من الأسعار بطريقة ارتجالية؛ من خلال ابتداع طرق وأساليب تجعلهم يصلون إلى هدفهم، الذي طالما طرحوه للنقاش مع الجهة الوصية، والمتمثل في رفع الأسعار، وهو أمر يصفه رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك مصطفى زبدي،  بالاحتيال الذي له مبرراته، ويؤكد أنه بات يتصدر الشكاوى التي تصل الجمعية من قبل المستهلك من مختلف ولايات الوطن.

أسال موضوع سعر الخبز في بلادنا، الكثير من الحبر، وتحوّل إلى موضوع تجاذب وأخذ ورد بين الخبازيين وممثليهم من جهة، والجهة الوصية المتمثلة في وزارة التجارة من جهة أخرى. ويطرح مهنيو القطاع في هذا الإطار، جملة من الانشغالات والانتقادات، هي في الأصل موضوعية، لكن حلها كان ولايزال إلى حد الساعة بعيد المنال بالنظر إلى حساسية الانشغال والتوجه الذي تعتمده الدولة الى يومنا هذا في ما يخص دعم المواد الأساسية الموجهة للمواطن في إطار السياسة الاجتماعية المعتمدة في بلادنا منذ الاستقلال، والتي هي الآن محل مراجعة لصالح الفئات الهشة معدومة الدخل وضعيفة المدخول. وتتلخص هذه الانشغالات المطروحة من قبل ممثلي الخبازين، في إلغاء مبدأ تقنين سعر الخبز، وهو ما يسمح لهم - مثلما عبّروا عنه في كل مناسبة - بتحقيق أرباح تغطي تكاليف تجارتهم، منها ارتفاع أسعار المواد غير المدعمة التي تدخل في صناعة الخبز، والمتمثلة في المحسنات، والخميرة، والملح، فضلا عن الأعباء الأخرى التي تقع على كاهلهم، والمتمثلة، حسبهم، في تكاليف الكراء، وفواتير الكهرباء والغاز، والماء.

ويضيف مجموع الخبازين إلى جملة انشغالاتهم، مسألة ندرة مادة الفرينة، وعدم توفرها في بعض الأحيان رغم تأكيد المصالح المختصة على أن هذا المشكل لا عاقة له بالندرة، وإنما راجع إلى أسباب موضوعية وأخرى غير موضوعية، منها تعطّل عدد من المطاحن عن الإنتاج لأسباب تقنية، بالإضافة إلى المضاربة، التي يسعى أصحابها إلى الإخلال بالسوق؛ بهدف المساس بقوت المواطن.

أسعار الخبز ترتفع وتُفرض على المواطن فرضا

تشهد أسعار الخبز في الجزائر، ارتفاعا ملحوظا ومحسوسا منذ ما يفوق السنة، بلغ حدود الضعف. فبعد أن كانت هذه الظاهرة تقتصر عند ظهورها على بعض الخبازين الذين كانوا يلجأون إلى عرض الخبز العادي المصنوع من مادة الفرينة إلى جانب أنواع أخرى مختلفة، توسعت رقعة هذا المبدأ المبتدع إلى عدد كبير من المخابز، ثم تحوّل الأمر إلى التعميم، وانتقل من المقترح إلى المفروض، وباتت المخابز تفرض السعر المتفق عليه فيما بين أصحابها، والذي بات يتراوح ما بين 15 و20 و50 دينارا في المساحات التجارية الكبرى، بدون أن يتجرأ المواطن على الرفض أو التذمر أو حتى التساؤل؛ لأن الأمر مرتبط بقوّته الأساسية، فالحيلة التي ابتدعها عدد كبير من الخبازين ودفعوا بها المواطن لتقبّلها تدريجيا، أوصلتهم، على ما يبدو، إلى مبتغاهم الرئيس، خاصة أن المخابز التي   يعرض أصحابها الخبز المصنوع من مادة الفرينة بسعر 10 دنانير، باتت لا تُعد على الأصابع.

ويؤكد عدد من المواطنين من ذوي الدخل المحدود، خاصة المقيمين بالأحياء الشعبية على غرار بلدية باب الوادي، والكاليتوس، وباب الزوار، والقبة، يؤكدون أنهم يعجزون عن تلبية حاجيات أسرهم الأساسية. وأرهق أمر فرض السعر الجديد للخبز، كاهل الأسر، وهم، بذلك، يبحثون عن المخابز التي لاتزال تبيع الخبز المصنوع من مادة الفرينة، والتي تعتمد سعر 10 دنانير للوحدة. وفي رأي إحدى السيدات، فإن الأمر يظل غير مقبول، وهو مساس بقُوت المواطن، مضيفة أن المواطن لا يمكنه فعل شيء؛ لأن الظاهرة باتت عامة ولاتقتصر على محل دون آخر، وليس لأحد منا رأي في ذلك. ويؤكد أحد المواطنين من بلدية باب الوادي، أنه "لا وجود لما يصفونه بالخبز عالي الجودة؛ لأننا لا نلمس تغيرا في النوعية، وبالتالي فإن مبرر الجودة لا أساس له من الصحة". والأكثر من ذلك -يضيف محدثنا - أن "البعض يتلاعبون بالوزن المتعارف عليه، والمحدد بـ 250 غ للرغيف، وهو ما يؤدي بنا إلى شراء رغيف أو أكثر عن العدد المعتاد". وحسب مواطنة من بلدية الكاليتوس، "فإن الأمر فُرض علينا جميعا، ونجد أنفسنا أمام أمر واقع؛ لأن مقاطعة الخبز صعب حدوثها، وننتظر أن يتغير الوضع رغم أن تحقيقه صعب المنال بعد تحوله إلى أمر عادي".

جمعية حماية المستهلك تنتقد الأمر وتبرّره

أكد رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك مصطفى زبدي في تصريح لـ المساء، أن جمعيته تقدر وضع الخبازين الذين يظل هامش ربحهم ضئيلا بالنظر إلى التكاليف التي يتحملونها، وهو ما دفع بهم إلى ما وصفه بـ الاحتيال، واعتماد طرق ملتوية للرفع من أسعار الخبز، منها عرض أنواع  مختلفة للخبز، وعدم توفير الخبز العادي المصنوع من مادة الفرينة. وفي رأي محدثنا، فإن الأمر راجع إلى تراكمات عديدة. والمرسوم التنفيذي الخاص بهذا الجانب، يعود إلى 25 سنة خلت، ولم يتم تعديله ومراجعة سعر الخبز العادي المحدد في إطاره.

وحسب السيد زبدي، فإن الشكاوى المرتبطة بارتفاع أسعار الخبز، تتصدر قائمة الشكاوى التي تتلقاها الجمعية من قبل المستهلك من مختلف مناطق الوطن، من حيث الطرح والتظلم. ويتم في ذلك، إبلاغ الجهات المعنية، لكن مسؤولي بعض الولايات لا يحركون ساكنا، وهو ما يستدعي إيجاد حل شامل لهذه الوضعية التي ترهق جيب المواطن. للإشارة، فإن المرسوم التنفيذي رقم 96 -132 المؤرخ في 13 أفريل 1996، يحدد أسعار الدقيق والخبز العادي في مختلف مراحل التوزيع. ويصل سعر الخبز من وزن 250 غ، إلى 7.50 دنانير. ويُسمح بالتفاوت في أنواع الخبز العادي بمقدار أقصاه 20 غ في خبزة 250 غرام. ويحدد المرسوم سعر الخبز المحسن من وزن 250 غرام، بـ 8.50 دنانير للوحدة.