سوق المدينة الجديدة بوهران

اجتمعت فيه التناقضات..والنادر فيه موجود

اجتمعت فيه التناقضات..والنادر فيه موجود
  • القراءات: 2052
 ق.رضوان ق.رضوان

يعرف سوق المدينة الجديدة خلال هذه الأيام خصوصا في فترة الصيف التي تزامنت مع شهر رمضان المنقضي، إقبالا كبيرا من الزبائن القادمين من مختلف ربوع الوطن لاقتناء حاجياتهم من ألبسة وأواني ومختلف المستلزمات الأخرى، وكل ما تتطلبه العائلات في مشهد لازال يصارع الزمن والتطور رغم انتشار عشرات المراكز التجارية التي لم تغن زبائن المدينة الجديدة عن دخول السوق ومزاحمة المواطنين في مشهد يرفض فيه السوق الزوال.

هو سوق المدينة الجديدة الذي لا يزال يصارع من أجل البقاء رغم التطور الذي عرفه السوق خلال السنوات الأخيرة والذي أدى إلى تقلص حجم مساحة عروضه بسبب انتشار المحلات الجديدة والأسواق التجارية بالماركات العالمية ومحلات بيع الملابس، حيث يلفت انتباه كل زائر للسوق عدد السيارات والمركبات المركونة بكل أرجاء السوق والتي تمتد في طوابير طويلة من حي دار الحياة إلى غاية مدخل حي سيدي السنوسي، ومن شارع جيش التحرير الوطني إلى غاية ساحة "الطحطاحة" بترقيمات من ولايات عديدة أغلبها ولايات غرب الوطن كمستغانم، سيدي بلعباس، معسكر، غليزان، تيارت وتلمسان كما يمكن للزائر مشاهدة سيارات قادمة من ولايات العاصمة، بومرداس، بشار والشلف غير أن المشكل الذي لايزال مطروحا هو انعدام مواقف للسيارات أو حظائر للتوقف، الأمر الذي يبقي الفوضى سيدة الموقف بأغلب الشوارع والأحياء المحيطة بسوق المدينة الجديدة.

يذكر أن السلطات الولائية كانت قد أعلنت عن إنجاز حظيرة للسيارات بطوابق بالمقر السابق لشركة الرياض، وهو المشروع الذي أنجز بالفعل غير أنه لم يدخل حيز الخدمة إلى اليوم.

 سوق "سيدي عقبة" القبلة المفضلة للنساء

وما يلفت انتباهنا ونحن نتقدم صوب سوق المدينة الجديدة، هو سوق سيدي عقبة الذي تحول في 15 سنة الماضية إلى أهم سوق لبيع ملابس النساء على مستوى غرب الجزائر، حيث تستقبلك المحلات بأزياء من مختلف بقاع العالم من البدعية الجزائرية إلى الجلابة المغربية والجبة التونسية، وحتى اللباس الهندي والياباني، فيما تغزو السوق حاليا الألبسة المستوردة من الصين وتركيا باعتبارهما الأكثر طلبا بسبب أسعارهما التنافسية التي تبقى في المتناول.

وعن السوق يقول التاجر (سمير.ق): "أنا ابن السوق، ووالدي علمني هذه الحرفة وأنا لم أتجاوز 11 سنة من العمر، فسوق سيدي عقبة لم يكن شيئا خلال سنوات التسعينات فيما عدا بعض محلات بيع القماش أو ما يعرف بـ«الكتان". الجلابة والخياطين لم يكن الزبائن يدخلون السوق". وأضاف: "غير أنه وبفعل الاستيراد من الصين وتركيا تحول السوق إلى مقصد ووجهة لآلاف الزبائن القادمين من مختلف ربوع الوطن وحتى من خارجه خاصة خلال فصل الصيف، حيث يمكننا التعرف على منطقة إقامة كل من يقصدنا من خلال اللهجات التي تعلمناها طيلة السنوات من تعاملنا مع الزبائن من الشرق إلى أقصى جنوب البلاد".

 طريق الفلاح ... لكل من أراد أن يشتري عباءة أوسجادة

وغير بعيد عن سوق سيدي عقبة، يقع سوق طريق الفلاح، وهو في الأصل شارع محاذي لمسجد الفلاح العريق، الذي تحول هذا الشارع والممتد من ساحة الطحطاحة إلى مقصد للشباب، خاصة أمام ما يوفره السوق من أنواع متعددة للعباءات المستورة من المملكة العربية السعودية والصين وكذا الجبادور المغربي الذي غزا كل المحلات بطريق غريبة وذلك منذ 3 سنوات خلت، حيث لا يكاد أي محل يخلو من الجبادور على اختلاف أنواعه وألوانه المزركشة.

كما تعد محلات سوق الفلاح مقصدا لكل زبون أراد أن يقتني لباس الختان الأطفال، حيث تستقبلك المحلات بأنواع من الألبسة المعروضة بأثمان قد تصل إلى نحو 12 ألف دج، وهو لباس متكامل وغالبا ما يكون مستوردا من الهند، حسبما ذكره أحد الباعة بالسوق.

 كما تتعالى بالسوق مكبرات صوت الأجهزة الرقمية التي تعرض أقراصا مضغوطة للقرآن الكريم بمختلف أصوات الشيوخ المعروفين، إلى جانب أقراص الدعاة والأناشيد والكتب الدينية التي تعرف هي الأخرى إقبالا كبيرا فيما تشتم رائحة البخور وعود "القماري" ما أن تدخل هذه المحلات، فيما يشكل سجاد الصلاة مزيجا آخر صنع لنفسه ديكوا بسبب تنوع الألوان من أحمر وأزرق وبني، حيث يمكن للزبون إيجاد ما يريده من السجاد بما فيه السجاد الخاص بالأطفال.

كما تنتشر بالشارع طاولات بيع الساعات والنظارات الشمسية والطبية، حيث يصعب عليك إيجاد منفذ للطريق بسبب كثرة عدد الطاولات المرصوفة فوق الرصيف، فيما يقابلك الشارع الذي فضل تجاره عرض الأحذية والأثاث في مشهد متقاطع يحولك من فضاء إلى آخر.

سوق الفراشة وأصحاب "الباش"

كما يتوسط سوقي الفلاح وسيدي عقبة، سوق الفراشة، وهو سوق فوضوي بامتياز، كونه يحتل طريقا عموميا هاما بالمدينة، ورغم حركة الكر والفر بين الباعة والشرطة ومصالح البلدية، يبقى هذا السوق كأهم المواقع التجارية بالمدينة، التي تلقى إقبالا من الزبائن بسبب عرض منتجات في أغلبها منتجات محلية الصنع وتقليدية، إلى جانب المنتجات الصينية، وهو السوق الذي يمكننا من شراء أي لباس تريده كما يمكن أي مواطن بسيط من كساء أبنائه منه وبأسعار مغرية.

ويعرف السوق بسوق أصحاب "الباش" أي أن كل المعروضات من الألبسة والأحذية وما إلى ذلك تعرض فوق قطع من البلاستيك السميك والمعروف بمدينة وهران بـ "الباش"، و التي حولها الباعة إلى شبه طاولات. ويمتد السوق على طول يقارب 600 متر ويتفرع عبر الأزقة والشوارع المتاخمة للشارع الرئيسي، وفي هذا الخصوص يقول (مراد.ب) أحد الباعة: "إنه لا يمكن لأي زبون أن يدخل السوق دون أن يشتري منه لأن أسعار المنتجات المعروضة مغرية، كما أنها تقليدية وبعضها خاص بمدينة وهران"، مضيفا بأن السلطات سمحت لهم بمزاولة نشاطهم وهم في انتظار استفادتهم من محلات جديدة بعد أن تم إحصاءهم منذ سنوات".

 خضر.. فواكه، لحوم وكل لذ وطاب

وأنت تتجول بكل الأسواق الذي ذكرناها، لا يمكنك أن تغادر المنطقة دون ولوج سوق المدينة الجديدة الرئيسي والمخصص لبيع الخضر والفواكه واللحوم بما في ذلك السمك والتوابل.

فسوق الخضر والفواكه يعد من أقدم الأسواق بمنطقة الغرب الجزائري، والذي تم تشييده خلال ثلاثينيات القرن الماضي، حيث تستقبلك أبوابه السبعة المحيطة به إضافة إلى سور قديم، وهي الأبواب المتفرغة عن أكبر شوارع المنطقة. ورغم التطور الحاصل بالمكان، إلا أن بعض الأبواب القديمة لاتزال موجودة، فيما تم وضع بوابات جديدة منذ قرابة السنتين بعد استفاد السوق من عملية ترميم والتي طالت كذلك سوق السمك الذي تعرض فيه مختلف أنواع الأسماك والتي يتصدرها سمك السردين، كما تعرف باقي المحلات بعرضها للحوم الحمراء والبيضاء، حيث يعرف كل جزار باسمه، كما أن معظم سكان المدنية يتعاملون مع أحد الجزارين منذ سنوات وذلك بسبب اكتساب الجزار لثقة الزبون.

كما تعرض أمام إحدى بوابات السوق خلال شهر رمضان أنواع مختلفة من الخبز المصنوع بالمنازل والمعروف بالمطلوع، إلى جانب خبز السميد وخبز الزرع وخبز النخالة وذلك مع عرض أنواع أخرى من المنتجات التقليدية كـ«البغرير" و "المسمن" خلال الأيام العادية، وهي المأكولات التي تباع عادة حسب طلب الزبون، فيما يعد منتج "الديول" و "الرقاق" أهم منتج وذلك للإقبال الكبير عليه، خاصة خلال مناسبة ليلة السابع والعشرين من رمضان، حيث تستعمله العائلات الوهرانية كأكول بالحمص ولحم الخروف وصلصة معدة خصيصا لذلك.

وداخل السوق، تستقبلك طاولات بيع التوابل المتنوعة والتي غالبا ما تستورد من المغرب والصين، فيما تصنع طاولات الخضر والفواكه مشهدا لا يمكنك مقاومة إغراءاته والخروج منه بدون شراء أنواع الخضر والفواكه المعروضة.