عملهم يتطلب يقظة عالية
أعوان صيانة الطرق عرضة لمزاجية السواق وتقلبات الطقس

- 1599

يتعرض أعوان الصيانة العاملون على حافة الطرق والطرق السريعة، إلى مخاطر تهدد حياتهم أحيانا، بسبب الاستعمال المفرط للسرعة من طرف بعض السواق، كحال عون فقد حياته بعد أن دهسته سيارة أثناء عمله مؤخرا، ناهيك عن ظروف العمل التي يصفونها بالقاسية، لاسيما خلال الأيام الماطرة أو تحت أشعة الشمس اللافحة، مقابل أجر لا يتعدى في أحسن الأحوال 25 ألف دينار.. "المساء" تحدثت إلى عدد منهم على طرق ولاية بومرداس وعادت بالروبورتاج التالي.
على الطريق الوطني رقم 24 الرابط بين ولايتي بومرداس وتيزي وزو، الذي يسمى طريق الشريط الساحلي، وبالضبط على مستوى مخرج بومرداس باتجاه زموري، صادفت "المساء" عونين للصيانة تابعين لمديرية الأشغال العمومية، منهمكين في عملهما. بادرناهما بالسؤال عن ظروف عملهما، فاتفقا على القول، إنها تختلف بين الفصول والمواسم، ويكون العمل ضمن أفواج وفق برنامج مضبوط مسبقا، واتفقا على أن أعوان الصيانة دائما في مواجهة الأخطار، إما بسبب سرعة بعض السواق، مما يجعلهم في حيطة دائمة، أو بسبب عوامل المناخ، حيث أن العمل يكون بصفة يومية ويتراوح بين رفع الأتربة التي قد تنجر عن سوء الأحوال الجوية، كالأمطار والرياح، إلى إعادة دهن بعض المقاطع على الحاجز الإسمنتي الفاصل بين جهتي الطريق، أو حتى رفع بعض النفايات التي قد يرميها السائقون، لاسيما القارورات البلاستيكية أو بعض مخلفات الأكل المرمية هنا وهناك.
عمل مجهد.. وأجر زهيد
على نفس المقطع من (ط.و/24)، حدثنا رابح عن عمله اليومي أو "لاطاش"، كما يسميه، الذي يعيده بصفة يومية منذ 20 سنة. وقال إنه بعد طول هذه المدة، مازال في المستوى الأول، مما يجعله يتقاضى راتبا شهريا يقدر بـ25 ألف دينار، وهو رب أسرة وأب لـ3 أطفال، مناشدا في هذا السياق، الجهات الوصية النظر بعين الاعتبار لهذه الفئة من العمال، ومنه رفع الأجر الشهري الذي قال محدثنا بشأنه "وين تدريهم.. وين تردهم"، ويقصد بذلك أنه كثيرا ما يحتار كيف يصرف الأجرة بعد قبضها، هل لتخليص "الكريدي" عند البقال، أو شراء المستلزمات أو تغطية تكاليف العلاج والدواء.
نفس الشيء يقوله زميله في "لاطاش" حمزة، الذي أمضى 8 سنوات كعون صيانة، وأجره لا يتعدى 21 ألف دينار شهريا، وهي الصعوبة الوحيدة الممكن ذكرها في عمله، مؤكدا أن الأجرة تعرف شهريا تأخرا بأيام، حيث لفت إلى أن صب الأجرة ليس قارا في يوم محدد من الشهر، مما يزيدهم متاعب. وكشف عن أن عون الصيانة عمل شريف يقوم به على أكمل وجه، ويتراوح بين تنظيف الطريق وإزالة الأتربة، أو تسريح البالوعات، لاسيما في الأيام الماطرة بسبب تراكم المياه في بعض المواقع، حيث يشمل ذلك ساعات النهار والليل إن اقتضى الأمر.
أما عن صعوبات عمله، فيحصرها محدثنا في اللباس المهني الذي كثيرا ما يكون قياسه أكبر، سواء للبذلة أو الحذاء دون مراعاة القياس الخاص بالعامل الذي يؤخذ من قبل، ولا يتم احترامه. كما لفت رابح من جهته، إلى أن اللباس المهني واحد سواء في الشتاء أو الصيف، ولا يحق للعامل استبداله أو تغييره حتى وإن تعرض للتلف، حيث تسلم لهم بذلة واحدة في السنة، قد تتعرض للتلف بفعل عوامل الطقس والعمل اليومي على قارعة الطرق.
خطر دائم.. وفيات وأمراض مهنية
على الطريق الوطني رقم "5 .أ" وبالضبط بمنطقة "القارص"، تحدثنا لكل من عوني الصيانة أحمد ومحمد اللذين اتفقا على القول، إنهما يعملان في خطر دائم بسبب إفراط بعض مستعملي الطريق في السرعة، أو السياقة دون حذر، وهو ما أدى إلى وفاة زميلهما في المهنة أثناء تأدية عمله مؤخرا، على الطريق الوطني "5" الرابط بين ولايتي الجزائر والبويرة، على مستوى بلدية الثنية، حيث قال محمد؛ إن الزميل المتوفى (33 سنة) كان بصدد أداء عمله اليومي المتمثل في في إزالة الأتربة، لما صدمته سيارة مسرعة.
الأمر الذي جعل المتحدث يقول بأن عمله متعب ومرهق نفسيا، يعود إلى السرعة المفرطة لبعض السواق ممن يضيقون المساحة المخصصة لعمل العون، بسبب التصاقهم بحواف الطريق أثناء السرعة، رغم وضع الممهلات على الطريق التي تتعرض بعضها للتلف بسبب لامبالاة السواق. وهو ما جعل زميله أحمد يؤكد أنه كلما كان العون محتاطا فهو قليل.
أما عن تعامل المواطنين أو السواق، فاتفق محدثو "المساء" على مزاجية السائق الجزائري أو المواطن عموما، فأحيانا يغدق على أعوان الصيانة بالتحايا والإطراء في عملهم، خاصة إذا كانوا مرفقين بعناصر الدرك، ومرات يشتمون، كأن يقال لهم؛ إن الصيانة لا بد أن تكون ليلا، خاصة إذا اقتضى الأمر وضع ممهلات بلاستيكية على الطريق، وهو ما قد يسبب بطء الحركة، بالتالي الازدحام. كما ناشدوا الجهات المختصة تحسين أجور أعوان الصيانة، حيث تغيب منحة الخطر ومنحة الإطعام، إضافة إلى أن أغلبهم أصيبوا بأمراض مهنية، لاسيما الحساسية، بسبب الغبار المتطاير ودخان السيارات..