السياحة الجبلية بتيزي وزو

«تامدة لمنار»... جمال طبيعي يحيطه النسيان

«تامدة لمنار»... جمال طبيعي يحيطه النسيان
  • القراءات: 2281
س. زميحي س. زميحي

تواجه عدة مواقع طبيعية سياحية تتوزع على السلسلة الجبلية لولاية تيزي وزو النسيان والإهمال، حيث ظلت ولا تزال تقاوم من أجل استقطاب السياح وعشّاق الطبيعة، وهو ما من شأنه إحداث حركة ودينامكية لتتخطى هذه المواقع الجبلية الإهمال الذي خيّم عليها، وتكون قبلة الباحثين عن الراحة والهواء المنعش لقضاء أوقات ممتعة بين أحضان الطبيعة بعيدا عن ضجيج المدن.

المتجول بجبال تيزي وزو سيتفاجأ بالمواقع الجميلة الخلابة التي اجتمعت فيها كل صور الجمال الطبيعي،  لتشكل لوحة يعجز اللسان عن وصفها؛ اخضرار، سكينة، نظافة وسحر، غير أنها تبقى مجرد مواقع بدون روح، في ظل بقائها دون اهتمام من طرف السلطات المحلية من جهة، والمتنزهين والعائلات من جهة أخرى، مثلما هو الحال بالنسبة للموقع الجبلي الطبيعي «تامدا لمنار»، وأمثلة عديدة عن مواقع طبيعية ساحرة تنتظر تثمينها وتطويرها لتكون مصدر ثروة، عبر جلب أنظار عشّاق الجمال والطبيعة العذراء إليها. 

السياحة الجبلية... اسم يلوح بين مواقع ساحرة لكنها مجهولة

عدد كبير من الأماكن الطبيعية الموزعة على مستوى جبال وغابات تيزي وزو، تنتظر أن يفتح الطريق إليها لتكون قبلة عشّاق الطبيعة على مدار السنة، مثل ما هو الأمر بالنسبة لموقع «تامدا لمنار» ببني عيسي الذي يتواجد بين تغزرت وآث مصباح، ويعتبر تراثا طبيعيا بامتياز، حيث يحوي الموقع كتلة من الصخور الكبيرة ملساء اللمس، تشكل حلقة تتوسطها بركة مائية تصب فيها شلالات.

ولعل ما أضفى المكان جمالا؛ الطبيعة الخضراء الخلابة التي تحيط بهذا الموقع، حيث نجد أنواعا من الأشجار والنباتات والطيور التي زادت المكان بهاء، بصوتها الجميل الذي يبعث الراحة والطمأنينة، والفراشات التي تنتقل من زهرة لأخرى بألوانها وأحجامها المختلفة، دون نسيان خرير المياه، وغيرها من الأصوات المختلفة التي تجتمع معا للتعبير عن جمال الطبيعة، خاصة المكان وهدوءه، هذه العناصر مجتمعة تساهم في جذب السياح إلى هذه البقعة الخلابة على اعتبارها من المواقع المثالية  للاستجمام، فقط يبقى التحفيز وتشجيع السياحة الجبلية مطلوبا للتعريف بمثل هذه الأماكن.

الزائر لهذا الموقع ولشريعة ببلدية آث زيكي، إلى جانب مواقع طبيعية عديدة أخرى جميلة، تندرج ضمن السياحة الجبلية، يذهل من جمال هذه الأماكن التي ـ للأسف ـ لا تزال كصخرة جامدة في مكانها لا تصدر صوتا ولا حركة، حيث أنه في الوقت الذي توجد هناك مناطق معروفة لدى الجميع ومحددة بالنسبة للزوار، هناك مواقع مجهولة، في حال تم استغلالها يمكن أن تعزز أكثر السياحة الجبلية.

تامدا لمنار… من موقع يعج بالعشاق إلى بقعة خالية

يقول أحد سكان بلدية بني عيسي لـ»المساء»، بأن هذا الموقع الجميل كان في وقت سابق قبلة عشاق الطبيعة والصيادين الذين يجتمعون لتقسيم الغنائم والراحة بعد مشقة الصيد والطريق، حيث كانوا يتوافدون إلى هذه المنطقة الطبيعية الجميلة، لاسيما فئة الشباب الذين يختارون هذا المكان للسباحة، على اعتبار أنّ مياهها دافئة وعذبة خلال الصيف، في حين تتميّز في فصل الربيع بهواء منعش يحمل مع رائحة الطبيعة النقية، عبق الأزهار التي تفوح بروائح مختلفة، تجعل كلّ من يجلس في المكان يسبح في عالم الخيال الجميل.

للأسف، ذهب ذلك الزمن الجميل ليهجره السكان أولا، ثم السياح، وتبقى هذه البركة، خاصة بعد تدهور الأوضاع الأمنية بقعة خالية، حيث مرت سنوات ولم يطأ قدم سائح ومتنزه المكان، رغم محاولة جمعيات المتنزهين تنظيم خرجات إليها، لكن لم يحفّز ذلك العائلات، ولعل الحل الوحيد يقف على متسلقي الجبال من أجل تنظيم زيارات للمكان، على أن يتم التعريف به من جديد، بغية تشجيع العائلات على الذهاب إليه وتصفية الأفكار من الخوف،  خاصة بعد استتباب الأمن.

كما يقف على عاتق الجمعيات السياحية التعريف به لاستغلاله، وهو ما من شأنه تطوير السياحة الجبلية، والعمل بالتنسيق مع مديرية السياحة والبلدية على استغلال جوار المكان لإنجاز منتجع صيفي للعائلات، من خلال تشييد منازل تقليدية، باعتماد أحجار وأغصان تحافظ على الطبيعة، محاطة بأشجار بمختلف الأنواع والأصناف والنباتات المزهرة.

بات ضروريا الاهتمام بالسياحة الجبلية على اعتبارها أحد الركائز التي تساهم في بناء الاقتصاد المحلي عليها، من خلال تهيئة مواقع طبيعية خلابة وجلب السياح من عشاق الطبيعة وكذا تطوير مختلف الرياضات، كالقفز بالمظلات والتسلق وغيرهما، إلى جانب التنزه عبر قضاء يوم أو يومين بين أحضان الطبيعة. كما سيجد الدارسون للبيئة والطبيعة مواقع لتطوير بحوثهم والتعريف بها،  وتحقيق هذا الأمر يتطلب عزم قطاع السياحة وتوجيه تركيزها على هذا الجانب «المنسي» والعمل على إنعاشه.