طباعة هذه الصفحة

513 منطقة ظل بولاية تلمسان

19,2 مليار دينار لإنجاز مشاريع تنموية

19,2 مليار دينار لإنجاز مشاريع تنموية
  • القراءات: 932
 ل. عبد الحليم ل. عبد الحليم

يعلق سكان قرى ومداشر ولاية تلمسان، آمالا كثيرة على برنامج رئيس الجمهورية لتنمية مناطق الظل وإلحاقها بركب التنمية، حيث لا زالت العديد منها تعيش مشاكل عـديدة، ولم تر النور منذ فجر الاستقلال، من شمال الولاية إلى جنوبها، ومن أقصى الغرب إلى أقصى مشرقه، هي حقائق يعجز اللسان عن التعبير عنها، ومن المشاهد ما تدمى لها القلوب، لن تصمد أمام مشاهد عدة عائلات تحملت قساوة الطبيعة لعقود زمنية طويلة، بالكاد لتعيش وتنجب أجيالا، رغم كل مظاهر التقدم في المدن، فلا يقاس عليها حال مناطقهم التي تغيب عنها أبسط ضروريات العيش الكريم، اختصرت فيها كل أنواع المعاناة، وهي عبارة عن مجموعة من الأحياء، أنشئ بعضها منذ أزيد من 50 سنة، سكناتها بسيطة مغطاة بأسقف من القرميد، ومنذ أن تم بناؤها لم تحظ بأي نوع من أنواع التهيئة، رغم توالي أجيال من ”الأميار”.

«المساء” زارت قرى العثامنة، أولاد مبارك، تبود، أولاد بحيري، البرانسية، أولاد صالح، سيدي أمبارك، دوار شرقاوي العيد، المرازقة، أولاد ملوك، أولاد برمضان وغـيرها، موزعة على بلديات ولاية تلمسان، وارتأت تسليط الضوء على هذه المناطق التي صنفت ضمن مناطق الظل، لتصور الواقع الذي تدب فيه الحياة البشرية بغير حال المناطق الحضرية، فمن السكان هناك من لم يترك أراضيه ولم يفضلوا الهجرة ولا الزحف نحو المدن، رغم سنوات الجمر التي مرت بها الجزائر في التسعينات، بل وظلوا يتحتكمون بمنطق العيش في أرض الأجداد، رغم ما يحاكيه الواقع المرير.

حياة بدائية لم تتغير منذ عقود

مناطق يعـيش العشرات من قاطنيها جملة من المشاكل التنموية، جعلتهم يعانون من أبسط ضروريات الحياة الكريمة منذ فجر الاستقلال، قابلها جفاء السلطات المحلية التي جعلتهم في دائرة النسيان والتهميش، دفنت فيها كل المشاكل التي تعاني منها، من أزمة سكن وبطالة وتكاثر العشوائيات وانعدام الهياكل العامة، كالمنشآت المدرسية والمرافق الصحية والترفيهية والرياضية، وكذا النقص الفادح في وسائل النقل وانعدام التهيئة بشتى أنواعها، انطلاقا من الطرقات والأرصفة والصرف الصحي وانتشار النفايات، حيث جدد سكانها مطالبهم بالتفاتة جادة من المسؤولين، لتزويد المداشر والقرى المعزولة بهذه المادة الحيوية، باعتبارها ذات طابع فلاحي، فرغم أن العائلات القاطنة بها تمتهن الفلاحة والرعي بامتياز، إلا أنها لم تدرج ضمن برامج الكهرباء منذ سنوات، مما جعلها في عزلة تامة، خاصة فلاحوها الذين يراهنون على دعم الدولة في توسيع نشاطهم الزراعي، في ظل خصوبة أراضي المنطقة وجودة منتجاتها، لاسيما مساعدة الشباب في مواصلة رفع التحدي في الفلاحة ودخول الاستثمار في هذا المجال الذي أصبح يستقطب العديد من شباب المنطقة.

دون الحديث عن معاناة نقص مياه الشرب، حيث يقطع السكان كيلومترات عديدة يوميا مشيا على الأقدام، أو باستعمال الحمير والسيارات للظفر بقطرة ماء من أقرب بئر أو نقطة بالمناطق المجاورة، وقاعات علاج ونقاط توزيع غاز البوتان، إلى جانب مياه الصرف الصحي التي أصبحت هاجسا يؤرق حياتهم ويمغص عيشهم، إذ أن العديد منهم أصيب أطفالهم بالحساسية بسبب التلوث الناتج عنها، الأمر الذي يستدعي تدخل السلطات المحلية على جناح السرعة لإنهاء المعاناة، فضلا عن تحقيق مطلب فتح المسالك الفلاحية لنقل منتوجاتهم الفلاحية، حيث أشار الفلاحون في تصريحهم لـ«المساء”، إلى أن هذه المسالك تصبح شبه مغلقة في فصل الشتاء، بسبب الوديان المتدفقة، كونها عبارة عن منحدرات وشعاب، مما أضحى يشكل خطورة كبيرة تهدد سكان هذه المناطق، مضيفين أن العديد من الفلاحين بادروا بإمكانياتهم الخاصة والبسيطة إلى تهيئة هذه المسالك، التي تساعدهم على التنقل ولو بنسب ضئيلة، لقضاء حوائجهم الضرورية، لكن سرعان ما تعود إلى حالتها ككل فصل شتاء، بعد أن تجرفها الأمطار.

من جهة أخرى، شكـل ملف السكن الريفي أحد الأولويات التي يتطلع إليها المواطنون، خاصة القاطنون في القرى والمداشر النائية، حيث اشتكت الكثير من العائلات القاطنة بسكنات هشة، حرمانها من السكن الريفي، أو الدعم المالي المخصص للترميم، أو إنجاز سكنات ريفية جديدة، مع العلم أنها، حسب تصريحاتها لـ«المساء”، استوفت كل الشروط والإجراءات المعمول بها في هذا المجال.

أوضح ممثل عن هذه العائلات في السياق، أن الوضعية المعيشية والاجتماعية، دفعتهم إلى الاستعانة بإمكانياتهم المالية المحدودة، لترميم أجزاء بسيطة من بيوتهم، على الأقل، خوفا من انهيارها، خاصة في الفترة التي تتزامن وتساقط الأمطار، لكن ـ حسبهم ـ الأمر لا يفي بالغرض المطلوب، باعـتبار أن أغلب العائلات من الطبقات الكادحة وتعتمد في مصدر رزقها على الفلاحة والرعي وتربية المواشي، حيث تساءلوا عن نصيبهم من المشاريع التنموية التي توفرها الدولة لمثل هذه المناطق، من أجل تشجيع سكانها أكثر على الرجوع والاستقرار في قراهم الأصلية، ويأمل محدثونا في أن تتحرك السلطات المعنية لرفع الغبن عـنهم.

تسجيل1237 مشروع تنموي

في هذا السياق، أعلن والي ولاية تلمسان، أمومن مرموري، خلال نزوله ضيفا على إذاعة تلمسان الجهوية، عن تسخير 19,2 مليار دينار، لإنجاز مشاريع تنموية تخص مناطق الظل خلال السنة الجارية، كما تعهد بالسهر الدائم على تغطية كافة النقائص المتعلقة بالتنمية والتهيئة الحضرية، بكافة مناطق الظل الـ513 في 51 بلدية بولاية تلمسان، تم إحصاؤها من طرف لجنة خاصة مشكلة من كل القطاعات المعنية، حيث تم تسجيل كل النقائص في مجالات التزود بالمياه الصالحة للشرب، التزويد بالكهرباء والغاز الطبيعي، الربط بشبكة الصرف الصحي، وكل ما يتعلق بقطاع التعليم، من إطعام مدرسي ونقل مدرسي، والصحة والطرقات، النقل العمومي، الإنارة العمومية والملاعب الجوارية، وكذا الأخطار الطبيعية، التي تتعلق بحماية المناطق من الفيضانات، وغـيرها.

في هذا الصدد، سجلت اللجنة 1237 مشروعا تنمويا موجـها لسكان هذه المناطق ضمن مختلف البرامج، منها القطاعي، إلى جانب برامج متعلقة بالمخطط البلدي للتنمية، وصندوق الضمان والتضامن للجماعات المحلية، حيث انطلقت من أصل 269 عملية مسجلة؛ 157 عملية بغلاف مالي قدره 1,71 مليار دينار عبر 83 منطقة ظل موزعة على 25 بلدية، منها حوالي 70 مشروعا منتهية بها الأشغال، والباقية تختلف بها نسب الأشغال، ومن المنتظر الانتهاء منها قبيل نهاية السنة الجارية.

كما توجد 58 عملية بغلاف مالي قدره 820 مليون دينار، توجد في طور الإجراءات الإدارية، انتهت بها عملية اختيار المقاولات المكلفة بالإنجاز، وتدخل في إطار صندوق الضمان والتضامن للجماعات المحلية، و4 عمليات أخرى مسجلة في إطار صندوق الهضاب العليا، بمبلغ مالي قدره 228 مليون دينار، بالإضافة إلى عملية واحدة مسجلة في ميزانية البلدية، بغلاف مالي قدره 16,5 مليون دينار، وعملية واحدة تدخل ضمن البرامج الممركزة الموفد تسييرها للمركزي، بغلاف مالي بلغ 8 ملايين دينار، أما بخصوص عدد العمليات التي لم يتم بعد تسجيلها، فهناك 900 عملية، وهي حاليا تسجل حسب توفر الاعتمادات المالية.

8,5 ملايير دينار لبرنامج المياه الاستعجالي

يشكـل قطاع الري الهاجس الأكبر للسلطات المحلية والمواطنين، خاصة بعد غلق محطة تحلية مياه البحر ببلدية سوق الثلاثاء، بدائرة باب العسة، مما أثر على تمويل مناطق الرواق الغربي، وفي هذا الصدد، أكد الوالي على اتخاذ إجراءات استعجالية لتعويض هذا النقص، مضيفا أنه مباشرة بعد منح الاعتمادات سنة 2020، والخاصة بالمخطط البلدي للتنمية والبواقي الموجودة في صندوق الضمان والتضامن للجماعات المحلية، سجلت عمليات استعجالية تشمل كل هذا الرواق الذي به نقائص، انطلاقا من بلدية الزوية ببني بوسعيد الحدودية، إلى غاية مرسى بن مهيدي، مرورا بندرومة والغزوات، وغيرها من البلديات الـ14 التي لها إشكالية التزود بالمياه، أشرفت عليها لجنة تتكون من خبراء في مجال الري والسلطات المحلية، حيث قدموا اقتراحات تخص العمليات المستعجلة، بإمكانها تحسين الوضعية، باعتبار أن قدرة المحطة 200 ألف متر مكعب، وليس بإمكانها أن تكون من الحلول الاستعجالية، لكن فقط للتخفيف من حدة الوضع بتسجيل برنامج استعجالي، مس كل هذه البلديات المعنية، بالتنسيق مع مديرية الموارد المائية والشركة المسيرة لـ«الجزائرية للمياه”، عملية اقتناء تجهيزات وتغيير مضخات، وعمليات تسجيل أنقاب، وعمليات خاصة بالربط، وعمليات أخرى لإعادة الاعتبار لبعض المحطات الصغيرة التي كانت موجودة، والتي تم التنازل عليها عقب دخول محطة تحلية مياه البحر حيز الخدمة.

يبقى الهدف من هذه العمليات، الوصول على الأقل إلى 12 ألف متر مكعب، إضافة إلى ما هو موجود حاليا، ويفوق 20 ألف متر مكعب، ليصبح ما يقارب الـ30 ألف متر مكعب، وحاليا توجد عمليات اكتملت وأخرى على وشك الانتهاء، ليتم التخفيف من حدة أزمة المياه وتوزيع المياه بصفة منتظمة في هذه البلديات بمعدل 1/4 أو 1/5، فضلا عن عملية أخرى قطاعية بغلاف مالي قدره 8,5 ملايير دينار، اتخذت كل الإجراءات اللازمة بشأنها، حيث تم الإعلان عن المناقصة وتعيين المقاولة المكلفة بالمشروع، وهو برنامج مستعجل به 10 أمتار جديدة، وإعادة الاعتبار لـ16 نقب للمياه الصالحة للشرب، موزعة على مختلف البلديات المعنية، مؤكدا في نفس السياق، تقديم طلب ترخيص من الوزير الأول فيما يخص إعادة ربط المحطتين هنين وسوق الثلاثاء، حتى يمكن استغلال بعضهما في حالة تعطل إحداهما، وقد كان الرد إيجابيا لاستعمال شركات وطنية والانطلاق في هذه العملية على امتداد 30 كلم، يتم تقسيمها على شركتين عموميتين بمعدل 15 كلم لكل واحدة، حتى يتسنى ربطهما مع مطلع السنة المقبلة، كما أن هناك إجراءات ومساع على المستوى المركزي، لإعادة إصلاح المحطة والانتهاء من هذا المشكل.

بخصوص الأنقاب التي تم تأهيلها عبر العديد من البلديات، أكد المسؤول الأول على الولاية، أنه بعد عودة المحطات إلى العمل، سيتم استغلالها في الفلاحة، وفي حالة حدوث إشكال بهاتين المحطتين، يتم العودة إليهما مجددا واستغلال هذه الأنقاب في تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب.

92 مشروعا للربط بالكهرباء والغاز

تسجل السلطات الولائية بتلمسان ارتياحا في مجال نسبة الربط بالطاقة الكهربائية، التي بلغت إلى حد الآن 98 بالمائة، حسب ما أكد الوالي، لكن تبقى بعض المناطق بحاجة إلى هذه الطاقة، لتوسع بعض القرى والمدن بالولاية، حيث سجلت اللجنة المكلفة بإحصاء احتياجات مناطق الظل، 92 مشروعا خاصا بالكهرباء أو الغاز، انطلق البعض منها، وأخرى في طور الإنجاز، فضلا عن برنامج كبير بصدد الإنجاز للمديرية العامة لـ«سونلغاز”.

اعتبر المسؤول أن هناك أولويات في المشاريع للنهوض بمناطق الظل، وفي مقدمتها التزود بالمياه الصالحة للشرب، الكهرباء والغاز والتطهير، الطرقات، بالإضافة إلى قطاعات أخرى وجب توفيرها بهذه المناطق، وفي مقدمتها الصحة والتعليم، حيث تم تسجيل نقائص في قاعات العلاج التي رممت، وهي الآن مستغلة، في حين يبقى البعض منها بحاجة إلى سيارات إسعاف، إلى جانب مرافق خاصة بالتربية، سواء تعلق الأمر بتوسيع قاعات الدراسة أو إنجازات جديدة، إضافة إلى النقل المدرسي، حيث استلمت الولاية هذه السنة إلى حد الآن، 70 حافلة ستوجه لهذه المناطق.

5 آلاف ملف لتسوية مشكل السكن الريفي

بخصوص السكن الريفي، أكد المسؤول أن المشكل مطروح في أغلب البلديات، باستثناء الجنوبية منها، فمعظم البلديات بها أراض مصنفة غابية أو فلاحية، وتخضع لإجراءات مركزية، بعد أن كانت في السنوات السابقة تتم على المستوى المحلي، فهناك حوالي 5 آلاف قطعة أرض تواجه هذه الإشكالية، حيث تم إرسال جميع الملفات إلى المصالح المركزية، حتى يتسنى للجنة القيام بمهامها ومعاينتها ميدانيا، ويتم إخضاعها للإجراءات اللازمة.

في المقابل، تتوقع الولاية مع نهاية السنة الجارية، استلام عدد من المرافق الرياضية لشباب مناطق الظل، منها 4 مسابح جديدة وعدد كبير من الملاعب الجوارية بمناطق الظل. من جهتها، تقوم حاليا ”اتصالات الجزائر” ببرنامج كبير في مجال ربط كل البلديات بالألياف البصرية، إذ من المنتظر أن تنتهي العملية مع نهاية السنة الجارية.