‘’أميار” تيزي وزو ينتقدون ضعف ميزانية سنة 2020

1800 عملية تنموية لم تنطلق و400 مليار سنتيم في الخزينة

1800 عملية تنموية لم تنطلق و400 مليار سنتيم في الخزينة
  • القراءات: 1665
❊ س. زميحي ❊ س. زميحي

يشتكي رؤساء المجالس الشعبية البلدية لولاية تيزي وزو، من شح الميزانيات المخصصة لها ضمن البرنامج البلدي للتنمية لسنة 2020، حيث تتراوح بين 1.5 مليار سنتيم إلى ملياري سنتيم لكل بلدية، واعتبروا هذه الميزانية قليلة وضعيفة لا يمكنها الاستجابة لمطالب سكان القرى، خاصة بالنظر إلى امتداد بعد البلديات التي تحتاج قرية واحدة منها إلى ميزانية تعادل ميزانية البرنامج البلدي للتنمية، لإنجاز مشاريع محلية، لكن في المقابل، تحصي الولاية وجود 1800 عملية تنموية لم تنطلق بعد، ومبلغ 400 مليار سنتيم لا زالت نائمة في الخزينة، دون استغلال.

اعتبر رؤساء بلديات ولاية تيزي وزو، الأغلفة المالية المخصصة للبرنامج البلدي للتنمية بي سي دي لعام 2020، غير كافية، ولم تراع عملية توزيع الميزانيات الكثافة السكانية ولا المشاريع التي تحتاجها البلديات، وكذا الميزانية التي تتطلبها للتكفل بتنمية القرى، دون نسيان التأخر التنموي الكبير، الذي يعمل المنتخبون على استدراكه، أمام جملة من الصعوبات، لاسيما ما تعلق بالبيروقراطية التي يفرضها المراقب المالي، وحالة الانسداد التي تواجه بعض المجالس البلدية، إضافة إلى أن بلديات الولاية مقصاة، حسب تصريحاتهم، من ميزانية التجهيز للصندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية أف سي سي ال، فضلا عن إشكالية التجميد التي طالت عدة مشاريع، والتباطؤ والتأخر بسبب الإجراءات الإدارية وغيرها من المشاكل.

لم يتقبل الأميار هذه الوضعية، حيث احتجوا مؤخرا بمقر الولاية، بعدما وجدوا أنفسهم أمام هذا العجز المالي والاستجابة لبطاقات تقنية سبق إعدادها وبرمجة إنجازها، ضمن البرنامج البلدي للتنمية لسنة 2020، التي تفاءل بقدومها الكثير منهم، بعد أن وعدوا مواطنيهم بإنجاز مشاريع هامة بالنسبة للقرى، هذه السنة، ليتفاجأوا بميزانيات زهيدة، مقارنة بما كان منتظرا. متسائلين عن كيفية مواجهة احتياجات السكان والالتزام بوعودهم، علما أن العديد من العمليات التنموية لا زالت معلقة ولم تنجز بعد، لاسيما أن هذا الأمر يحدث مع قرب انتهاء العهدة الانتخابية، واحتمال ترشح البعض لعهدة جديدة، حيث أصبح تدارك الأوضاع مرهونا بتجسيد المشاريع بأية طريقة، حتى لا يصاب المواطنون بخيبة أمل.

خفض الميزانية بين 30 و50 بالمائة

عبر رؤساء بلديات ولاية تيزي وزو عن استيائهم من الميزانيات الشحيحة التي خصصت لهم هذه السنة، حيث اعتبروا أن نسبة انخفاضها تتراوح بين 30 و50 بالمائة، وسيكون لها تأثير كبير على تجسيد وتلبية احتياجات السكان في شتى المجالات، لاسيما أن الكثير منهم اعتمدوا على ميزانية هذه السنة لإنجاز عدة عمليات تنموية.

تأسف الأميار الذين تحدثت إليهم المساء، خلال الوقفة الاحتجاجية  التي نظموها أمام مقر ديوان الوالي، الأسبوع الماضي، لانعدام الشفافية في عملية توزيع الميزانيات على البلديات على المستوى الوطني، معبرين عن خوفهم وقلقهم مما قد ينجر عن ذلك من تأثير سلبي على مسار التنمية المحلية، على اعتبار أن الميزانية المخصصة لكل بلدية لهذه السنة تقدر بين 1.5 مليار سنتيم وملياري سنتيم، معبرين عن رفضهم لتخفيض الميزانية، لأن الحصة الممنوحة ستحرم القرى من عدة مشاريع، وأن الأميار سيجدون صعوبة في توزيعها، خاصة أن هناك بلديات كبيرة تضم مجموعة من القرى، بعضها بحاجة إلى ميزانية 1.5 مليار سنتيم للتكفل بحاجياتها.

ذكر الأميار في هذا السياق، أن ثمة بلديات صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 10 آلاف نسمة، وأخرى كبيرة يزيد عدد سكانها عن 30 ألف نسمة، ويطلق أميارها في كل مرة صفارات إنذار، لأنهم يجدون أنفسهم عاجزين عن إنجاز المشاريع الكبرى ويكتفون بإنجاز الصغيرة منها، التي تبقى قليلة مقارنة بمطالب السكان، قائلين أيعقل أن تكون هناك بلدية تحظى بميزانية قيمتها 50 مليار سنتيم، وأخرى يخصص لها 1.5 مليار سنتيم؟ وهو ما يعتبر في نظرهم ظلما، مفيدين بأن هناك بلديات على المستوى الوطني حظيت العام الماضي، بميزانية بي سي دي بقيمة تتراوح بين 7 و20 مليار سنيتم لكل بلدية، بينما في ولاية تيزي وزو، قدرت ميزانية البرنامج البلدي للتنمية 2019، بمعدل متوسط يقدر بـ3 ملايير سنتيم لكل بلدية، في المقابل، لم تحظ البلديات بأي دعم من صندوق أف سي سي ال، مؤكدين أن الأمر الذي استاءوا له أكثر، هو أن المسألة لا تخص الجانب المالي فحسب، بل صلاحية الأميار والمنتخبين، وهو ما يتصل بالديمقراطية التشاركية التي نصت عليها القوانين.

80 بالمائة من البلديات عاجزة وفقيرة

تشير المعطيات المسجلة، إلى أن من مجموع 67 بلدية التي تضمها ولاية تيزي وزو، تعاني مما يزيد عن 80 بالمائة من البلديات العجز ومصنفة ضمن البلديات الفقيرة، كونها تفتقر لموارد مالية أخرى، بسبب افتقارها لمصانع أو مؤسسات تكون مصدر ثروة للبلدية، وتبقى بذلك تعتمد على دعم الدولة فقط، من خلال الميزانيات المخصصة ضمن البرنامج البلدي للتنمية، إلى جانب برامج قطاعية ومركزية لضمان التكفل بانشغالات ومطالب السكان.

أمام عجز البلديات في التكفل بمشاريع تنموية، يترتب عن ذلك تدني الإطار المعيشي للسكان، الذين ينتظرون برمجة مشاريع تلبي احتياجاتهم، حيث يلحون باستمرار على ضرورة تدعيم مناطقهم بمشاريع، منها تعبيد الطرق، إنجاز شبكات الصرف الصحي، توفير الإنارة العمومية، إنجاز مرافق رياضية وشبانية، تهيئة المدارس الابتدائية وغيرها من الضروريات.

قال نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لفريحة، محند واعمر بن مختار، إن خفض ميزانية برنامج بي سي دي سيؤثر على مسار التنمية بالبلدية، موضحا أن فريحة استفادت العام الماضي من 3.5 ملايير سنتيم، لكن هذا العام تقلص المبلغ إلى ملياري سنتيم، وسيشكل هذا الفارق عائقا كبيرا لتحقيق التنمية المنتظرة من طرف السكان، إذ بدل أن تنجز البلدية 11 عملية تنموية، ستكتفي بإنجاز 4 أو 5 عمليات فقط، علما أن هناك عمليات استعجالية متعلقة بالصرف والطرق، اضطرت البلدية إلى وقفها، بعد تسجيل أزمة في مواد التزفيت، وهو ما كان وراء ترك 18 عملية تهيئة طرق بلا تجسيد.

تأسف رئيس لجنة النظافة والصحة بالبلدية، صالح محند السعيد، من حالة الانسداد التي ضربت هذه البلدية منذ سبتمبر الماضي، حيث لم تستطع البلدية إنجاز سوى بعض العمليات التنموية، معتبرا الوضعية كارثية هذه السنة، أمام الخلافات السائدة بين منتخبي الأفافاس والأرسيدي بالمجلس، الذين رفضوا التصويت على القرارات، مما أثر سلبا على السكان والمسار التنموي، بعد عجز البلدية عن الاستجابة لانشغالات السكان، وعدم تمكن المراقب المالي من تحرير الميزانيات، موضحا أن رفع حالة الانسداد من صلاحيات الوالي، لإنهاء هذه الوضعية، التي تسببت في بقاء نحو 12 عملية تنموية معلقة.

ذكر مير عين الحمام، حميد اقروتاسين، أنه تم تقليص 50 بالمائة من الميزانية التي تمنح عادة للبلدية في إطار البرنامج البلدي للتنمية، حيث لم تستفد هذه السنة إلا من ملياري سنتيم، في حين كانت ميزانية العام الماضي تقدر بأزيد من 4 ملايير سنتيم، بعدما حظيت بميزانية إضافية كمكافأة لها بعد تقديمها حصيلة إيجابية نهاية 2018.

أكد المتحدث أن البلدية حريصة على استهلاك حصتها لإنجاز عمليات تنموية لفائدة القرى، وتنتظر أن تحظى أيضا هذه السنة بحصة إضافية، مشيرا إلى أن المجلس يعمل بالتنسيق مع لجان القرى في عملية توزيع الميزانية، التي توجه حصتها للمشروع الذي تراه مهما واستعجاليا.

أجمع أغلب الأميار على أنهم كانوا يعانون خلال السنوات الماضية من قلة الميزانيات، حيث كانوا حينها يضطرون إلى إنجاز بعض المشاريع الصغيرة بغرض خلق توازن، على اعتبار أن إنجاز مشاريع صغيرة هي استجابة ولو قليلا، لبعض انشغالات سكان القرى، لكن هذه السنة، يضيف، المشكلة لم تعد متوقفة على حجم المشروع، إنما حول كيفية توزيع هذا المال حتى تحظى كل القرى بحصتها، وهو ما يدعو إلى التخوف من حرمان قرى من حقها في التنمية، كون الميزانية غير كافية.

تطالب تنسيقية الأميار في الولاية، بمراجعة الميزانية الممنوحة للبلديات سنة 2020، في إطار البرنامج البلدي للتنمية، والتي اعتبروها غير كافية بالنظر إلى عدد القرى ومطالب السكان والتأخر الكبير في المجال التنموي، الذي تعاني منه الولاية ككل، مؤكدين أن مطالبهم لن تتوقف على الاحتجاج محليا فحسب، لكن سيعملون على محاولة خلق تنسيقية وطنية تناضل من أجل حقوق الأميار، بغية ضمان تسهيل عملهم وتمنح لهم صلاحيات تخولها قوانين الجمهورية.

المواطنون بين مدعمين لـ«الأميار ومشتكين منهم

اختلفت آراء المواطنين بشأن قرار تقليص الميزانيات الممنوحة للبلديات هذه السنة، حيث يؤكد بعضهم دعمهم لـ«الأميار، لأنهم ينشطون ولا يدخرون مجهوداتهم في سبيل الاستجابة لمطالب السكان، ويناضلون من أجل تجاوز الصعوبات مع المراقب المالي، وانتزاع ميزانيات إضافية لإنجاز مشاريع تنموية مختلفة، مما اعتبروه أمرا مشجعا، ودفعهم إلى التصويت على المير لعهدة ثانية وثالثة، بعدما أثبتوا جدارتهم في تحمل المسؤولية والالتزام بالوعود التي قطعوها.

كما يذهب البعض الآخر من المواطنين، في المقابل، إلى التنديد وانتقاد أداء رؤساء بعض البلديات الذين وصفوهم بـ«عديمي المستوى، والدليل  حسبهم، الوضعية التي آلت إليها الأوساط الحضرية لبلدياتهم من انتشار مقلق للنفايات، تدهور البيئة، تهيئة حضرية غائبة، عشوائية في التسيير، حالة انسداد ومشاكل أخرى لا تحصى، معتبرين قرار تقليص الميزانية نتيجة لكونهم لا يقدمون حصيلة إيجابية، ثم أن الحصة التي تمنح لا تستغل أصلا، وهو ما تؤكده أرقام الولاية التي أحصت وجود ملايير الأموال نائمة في الخزينة، موضحين أنه عوض التحرك مثل كل الأميار، فإنهم يكتفون بلوم المراقب المالي، والتحجج بالمعارضة، انعدام المصانع والموارد وغيرهما، حيث أجمعوا على أن العزيمة يمكنها التغلب على كل الصعاب.

نسبة استهلاك ميزانية بي سي دي لا تتجاوز 20 بالمائة

من جهته، أكد الأمين العام لولاية تيزي وزو، عز الدين تيبورتين، أن نسبة استهلاك ميزانية البرنامج البلدي للتنمية الموجه لولاية تيزي وزو، من طرف الأميار في 2019 جد ضعيف، موضحا أنه تم تسجيل استهلاك بين 15 و20 بالمائة من الميزانية على مستوى الولاية، حيث يأتي هذا الأمر ردا على موقف رؤساء البلديات الذين احتجوا أمام مقر الولاية، بعد تقليص الميزانية المخصصة لكل بلدية ضمن البرنامج لسنة 2020.

أوضح الأمين العام، على هامش إحياء الولاية لليوم الوطني للبلدية، أن الكثير من المال لم يستغل عبر إقليم الولاية، حيث تترجمه عدد المشاريع المسجلة في إطار البرنامج البلدي للتنمية، التي لم تنطلق بعد عملية إنجازها، والمقدرة بما لا يقل عن 1800 عملية تنموية عبر 67 بلدية.

وأعقب أنه تم إحصاء 4.7 ملايير دينار ميزانية مالية كلية، من مجموع الميزانيات الموجهة للبلديات ضمن البرامج البلدية للتنمية، غير مستهلكة وتنام في الخزينة منذ 2010 إلى غاية 31 ديسمبر الماضي، داعيا الأميار المنددين بتقليص الميزانية، إلى العمل على استهلاك الميزانيات المخصصة لهم، وإنجاز المشاريع التنموية المسجلة لفائدة بلدياتهم، بغية تمكينهم من الاستفادة من ميزانيات جديدة، موضحا أنه لا يمكن منح ميزانية إضافية لبلديات هي في الأصل لم تستهلك الميزانية الممنوحة لها كلية، مما يتوجب بذلك، استهلاك المال النائم بالخزينة أولا، من خلال إنجاز العمليات التنموية المسجلة لفائدتهم، ليتم بعدها تزويدها بأموال إضافية تلبية لاحتياجات السكان.