زحمة الأسواق الشعبية في رمضان

هم المستهلك في بطنه

هم المستهلك في بطنه
  • القراءات: 1065
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

تعرف الأسواق منذ بداية الشهر الفضيل حركية كبيرة بلغت حد الوقوف في طوابير للدخول إليها أو الخروج منها، الأمر الذي جعلنا نطرح السؤال التالي هل يحتاج المستهلك للتبضع يوميا؟، رغم أن هذا التصرف لا يحدث في باقي الأشهر الأخرى، ما يجعلنا نطرح في كل مرة إشكالية الثقافة الاستهلاكية للمواطنين التي لا زالت ضعيفة وشعارها اللهفة.

العينة كانت من سوق عمرون للخضر والفواكه الكائن ببلدية بوزريعة، الذي يعتبر قبلة مفضلة لعدد كبير من سكان الأبيار وبني مسوس وباب الوادي، بالنظر إلى كون ما يباع في متناول المستهلكين مقارنة بأسواق أخرى، مما جعل المواطنين يختارونه كقبلة لاقتناء مستلزماتهم، غير أن الحشود الكبيرة التي يستقبلها السوق يوميا أحدثت زحمة كبيرة بلغت حد الوقوف في طوابير من أجل الولوج إليه، مما يتسبب يوميا ـ حسب شهادة بعض الباعة ـ في نشوب مشاجرات ونزاعات خاصة من التجار الفوضويين الذين يخلقون لأنفسهم أماكن للبيع في ممرات السوق، مثل باعة الديول والحشائش.

وفي دردشتنا مع عدد من الباعة، أكد البعض أن حالة الزحام مرجعها الاعتماد على الاقتناء اليومي لمستلزمات الشهر الفضيل، الأمر الذي يجعل من الأسواق مكانا مزدحما، في حين أرجعه البعض الآخر إلى اعتبار السوق بمثابة المكان الذي يمضي فيه بعض المواطنين وخاصة المتقاعدين جلّ وقتهم لعدم وجود مكان آخر يقصدونه، حيث تجدهم يقفون في الطابور من أجل الدخول إلى السوق وفي بعض الأحيان يقتنون رزمة من الديول أو حبة دلاع ويخرجون ليعيدوا الكرة في اليوم الموالي، مما يجعل الأسواق لا تعرف الراحة طيلة الشهر الفضيل.

احتكت المساء ببعض ربات البيوت، وعن عدد المرات التي يزرن فيها السوق كانت إجاباتهن تصب في وعاء واحد بالقول تقريبا يوميا، بحجة تأمين المواد الضرورية لتحضير المائدة الرمضانية، في حين عبرت أخريات عن رغبتهن في تمضية الفترة الصباحية في الأسواق للاطلاع على ما يتم عرضه من سلع جديدة، بينما أكدت أخريات أن المائدة الرمضانية تفرض عليهن التسوق يوميا تقريبا، وعلى حد قول مواطنة أن نقص الحشيش في بعض الأحيان يدفعها إلى التسوق لتجد نفسها تقتني بعض المستلزمات  التي لم تكن ضمن قائمتها.

وعن ظاهرة التسوق اليومي في شهر رمضان، يرى سمير القصوري ناشط في مجال حماية المستهلك، أنّ ارتباط الظاهرة بالشهر الفضيل راجع لعدة أسباب أهمها، أنّ أغلب المستهلكين يتسوقون في نفس الوقت، حيث نجدهم إما في الفترة الصباحية بكثرة بالنسبة لربات البيوت أو في الفترة المسائية بالنسبة للرجال، إلى جانب حتمية التسوق اليومي الذي يفرض نفسه على بعض العائلات لعدم قدرتها على التخزين، ناهيك عن فقدان المستهلك للثقة  عندما يتعلق الأمر بالتموين والأسعار.

من جملة الأسباب الأخرى، والتي عادة ما نربطها ـ حسب الناشط في مجال حماية المستهلك بالشهر الفضيل ـ يقول تتمثل في كون المستهلك عند اقتنائه لأغراضه واحتياجاته الغذائية يكون جائعا وعادة ما يكون ذلك بعد العصر، الأمر الذي يجعله يزيد إنفاقا على منتجات قد لا يستهلكها إلا بعينيه فقط، يعلق هذا فضلا عن أن كل أفراد العائلة قد يقتنون منتوجا واحدا متعددا لعدم التنسيق في ما بينهم وإلى اللهفة أيضا.

من جملة الأسباب الهامة التي تجعل من أسواقنا ـ حسب محدثنا ـ تتحول إلى مكان مزدحم بالشهر الفضيل، كثرة الإغراءات من السلع التي تعرض وتجعل المستهلك لا يفكر في جيبه بقدر ما يفكر في بطنه الذي يتحول إلى القائد الأول والمسؤول المباشر على جيبه، وبالمناسبة يقول أنصح المستهلكين بضرورة تغيير عاداتهم الاستهلاكية من خلال اقتناء ما يحتاجون إليه وليس ما يرغبون فيه، وأن يتسوقوا في الصباح قبل أن يطغى عليهم الجوع، ناهيك عن وجوب التنسيق الدائم مع المكلف بالطبخ بالاعتماد على قائمة مضبوطة حتى لا يخرج على اقتناء ما يلزم.

رشيدة بلال