نصوم ونعيش أجواءه الروحانية كغيرنا

❊رشيدة بلال

ينتظرونه بفارغ الصبر، يعدون له العدة الروحية ويلتزمون  بكل تعاليمه، ورغم التعب والإرهاق الذي يطالهم  جراء الصيام، غير أنّهم يصرّون على أداء هذه الفريضة، شأنهم شأن كلّ من يجب في حقه الصيام، نتحدث هنا عن فئة "التريزوميا"، هذه الشريحة التي يعتقد الكثيرون أنها ربما لا تصوم لأنها ليست كغيرها وإن كانت هذه العبارة لم يعد لها اليوم مكان، بعدما أثبتت هذه الفئة قابليتها للاندماج بسهولة في المجتمع.

ارتأت "المساء" التطفل على حياة هذه الشريحة ويومياتها في الشهر الفضيل، فكان لها لقاء مع رئيسة الجمعية الرياضية للإعاقة الذهنية، السيدة حميدة بوسكسو، أم عبد الرحمان المصاب بمتلازمة داون، والتي ما إن طرحنا عليها السؤال حول ما إذا كان طفلها يصوم؟، حتى ردت على جناح السرعة "هذه الفئة كغيرها ما إن تبلغ تصوم وتباشر كل العبادات، وربما أحسن بكثير من غيرها الأصحاء"، وراحت تشرح بالقول "حقيقة يقع على عاتقنا كأولياء عمل كبير، لأنّ هذه الفئة تحتاج إلى مرافقة ومتابعة منذ الميلاد، وإن جرت الأمور على أحسن وجه نكون قد مهدنا الطريق لتسهيل كل ما يأتي بعد ذلك سواء تعلق الأمر بالدراسة أو أداء العبادات"، وبالمناسبة تردف "ونحن نعيش أجواء الشهر الفضيل نقوم كأولياء قبل دخول الشهر بتحضير أبنائنا من خلال تذكيرهم بأننا نستعد لاستقبال هذا الضيف، ونذكرهم بجملة العبادات التي يجب الالتزام بها كالامتناع مثلا عن الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى المغرب والتسحر والإكثار من العبادات"، وتضيف أنّه بعد تحضيرهم يكون من السهل عليهم الصيام كغيرهم وأكثر من هذا، توضّح قائلة "نلاحظ أنّهم يحرصون حرصا شديدا على أداء هذه الفريضة ولعل أهم ما يميزهم أنهم يرتبطون كثيرا بالمصحف الشريف ويحرصون على أداء الصلاة بالمساجد، ويداومون على زيارة المدارس القرآنية، لذا يمكنني القول أنهم أكثر الناس حرصا على أداء فريضة الصيام على أكمل وجه".

من جهة أخرى، أشارت محدثتنا إلى أنّ الجمعية تأخذ على عاتقها توعية الأولياء من خلال لفت انتباههم  لأهمية توعية أبنائهم بأداء هذه الفريضة، مشيرة إلى أن طفل التريزوميا لا يصوم في حالة واحدة، ،وهي إن كان مريضا مثلا، شأنه شأن أي شخص عادي، وتعلق "طفل التريزوميا كغيره، يعيش أجواء رمضان الروحية ويحب لمّة العائلة على المائدة"، موضحة أنّه من الخطأ القول بأنّ المصابين بمتلازمة داون يحبون الأكل ولا يشبعون وإنّما حالة الخمول التي يتصفون بها تجعلهم يتأخرون في الشعور بالشبع، وإن كان هذا لا يعتبر أبدا حائلا يمنعهم من الصيام، بل  العكس يأكلون كغيرهم ويتسحرون ويصبرون على الجوع لوعيهم بأهمية هذه العبادة.

وإذا كان التحضير من واجب الأولياء، فماذا عن المعنيين بالصوم من المصابين بمتلازمة داون؟

دردشت"المساء" مع الطفل "عبد العاليبن خليل" البالغ من العمر 13 سنة، والذي قال في معرض حديثه "أحب شهر رمضان كثيرا لأنه شهر نصوم فيه ونكثر من العبادة وزيارة المساجد لصلاة التراويح"، وعن يومياته يكشف أنّه بعد السحور والصلاة يقول "أتوقف عن الأكل والشرب وأصبر على الجوع طيلة اليوم ولا أمارس الرياضة حتى لا أتعب، وأشغل وقتي بقراءة القرآن وبالذهاب إلى المسجد لصلاة الظهر والعصر، كما أساعد والدتي في تحضير المائدة"، وبعد الآذان يردف "أشرب الحليب مع التمر تنفيذا لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ثمة أتوجه إلى المسجد لصلاة المغرب، بعدها أعود رفقة والدي للإفطار وأكثر ما أحب على المائدة يعلق" طبق الشوربة مع البوراك والمرقاز وبعد الإفطار أتوجه مباشرة إلى صلاة التراويح"، مشيرا إلى أنه لا يشعر بالتعب ويحب الصيام ورفض في بعض الأحيان الإفطار حتى وإن شعر بالتعب.

رشيدة بلال

قراءة 932 مرات