كثرة سؤال الصائم سعيا وراء الرخص منهيٌ عنه

- 2523

نهى عبد الكريم سعدودي، أستاذ سابق بمعهد القراءات، مختص في اللغة والقراءات القرآنية بالمركز الثقافي الإسلامي، الصائمين عن كثرة السؤال حول بعض المسائل المعلومة في الصيام، سعيا وراء الرخصة لأجل الإفطار والاكتفاء بتحري الحقيقة لإرضاء الله، من خلال أداء عبادتهم كاملة غير منقوصة. «المساء» التقته بالمركز الثقافي الإسلامي، وعن كثرة السؤال حول كل ما يخص فقه الصيام عدنا لكم بهذه الأسطر.
يستهل محدثنا حديثه بقول المولى عز وجل في كتابه العزيز» فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ»، وقوله «فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرا»، بالتالي السؤال مطلوب، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم» «ومن ثمة راح يسأل: هل كثرة السؤال في رمضان محمود أو مذموم؟ ويجيب؛ لابد أن نتحرى الغرض من سؤال السائل، فإن كان يقصد البحث عن الرخصة وخاصة في رمضان، هنا نجزم أن السؤال مذموم، لأن الغرض منه التحري ليحصل السائل على ما يريد، وهو الوصول إليه لا على ما يريد الله أن يكون، أما إذا كان الغرض من السؤال هو البحث عن الحقيقة وما يرضي الله سبحانه وتعالي، فهذا هو المطلوب، وهو ما جاء في قوله تعالى؛ «فاسألو أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، مشيرا إلى أن المقصود بأهل الذكر ليس بالضرورة أن يكون إماما، فكل شخص خبير في تخصصه، فالطبيب من أهل الذكر، مثلا؛ إذا قال الطبيب بأن الحقنة مفطرة، فهو من أهل الذكر ولابد للصائم أن يفطر.
وحول تهافت بعض الصائمين على طلب الفتوى في البعض المسائل التي يفترض أنها أصبحت معلومة لدى العام والخاص، أفاد محدثنا أن المقصود من الاستفهام أو السؤال في اللغة هو طلب العلم بشيء لم يكن معلوما من قبل، وهذا هو الغرض من السؤال في أصل الشيء، أما إذا كان لدى السائل العلم، فهذا يجعلنا أيضا نتوقف عند بعض المحطات للاستفسار حول المقاصد المرجوة من السؤال، ففي أغلب الأحيان نجد أن السائل يعرف الجواب، لكنه يرغب في الاستفسار للتذكير والتأكد، لأنه ليس على يقين فهذا سؤاله محمود، وقد يكون للمباهاة بأنه يعرف للتباهي، أو السؤال من أجل إعجاز السائل، فهذا سؤاله مذموم، وعلى العموم إن كان البحث عن تحري صحة الصيام لإرضاء المولى عز وجل فالسؤال مطلوب، بشرط عدم الإكثار لتحري وتتبع الرخص.
من المسائل الفقهية التي ارتأى الأستاذ عبد الكريم الوقوف عندها ولفت انتباه الصائمين إليها، السعي وراء البحث عن بعض الفتاوى لدى المشايخ المعروفين بالدول العربية المجاورة، ومرجع ذلك أنه عندما يتبادر إلى ذهن المسلم مسألة ما يجهل حكمها، يكون أول ما يبحث عنه: من يسأل؟ ومن هنا يمكن القول ـ حسب محدثنا ـ«بأن المفتي حتى يكون مفتيا لابد أن تتوفر فيه شروط، ومن بين هذه الشروط أن يكون عالما بكل أعراف وعادات مجتمعه، بالتالي فإن أصل الأشياء تقتضي أن كل سائل لابد له أن يختار أهل بلده، ليسألهم لأنهم أولى بالإجابة من غيرهم، ولكن هذا لا يعني أن فقد سؤال شيخ من بلد مسلم آخر غير جائز، على العكس من ذلك، إلا أن الأكيد أن هذا الشيخ لا يعرف أي شيء عن مجتمعه من حيث عاداته وأعرافه، بالتالي يشرح «القضية ليست قضية علم وإنما تحري الحقيقية يتطلب دائما التوجه إلى مشايخنا، لأنهم الأعرف بما يوجد في مجتمعنا، مشيرا إلى أن الرائج، حسب المثل الشعبي القائل: «مطربة الحي لا تطرب أهلها»، ومن ثمة نحن نفصل بالقول بأننا نبحث في الدين، والمسلم مطالب بالبحث عمن يأخذ منه دينه، والذي يفترض أن يكون أعرف بدينك ومجتمعك. وبالمناسبة أنصح ـ يقول ـ كل السائليين بأن يثقوا في علماء ومشايخ بلدهم، والحمد الله بلدنا فسيفساء من العلماء وكل من لديه سؤال سيجد بإذن الله جوابا له عند علمائه.