الطبيعة الاستهلاكية ساهمت في نجاحها وانتشارها

قنوات الطبخ على "النت" تحصد أعلى المشاهدات في رمضان

قنوات الطبخ على "النت" تحصد أعلى المشاهدات في رمضان
  • القراءات: 829
رشيدة بلال رشيدة بلال

اتجه العديد من أصحاب القنوات على منصة التواصل الاجتماعي "يوتوب"، إلى وضع برامج خاصة بأطباق رمضان، لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدات، ومنه تحقيق أرباح معتبرة؛ حيث شرع الكثيرون في عرض مختلف الوصفات التقليدية والعصرية المالحة والحلوة المحلية منها والعربية وحتى الأجنبية، لتزيين المائدة الرمضانية، بعضها تحت شعار "اُدخل واطّلع على الجديد"، وأخرى بعنوان: "هل تبحث عن تزيين المائدة بأشهى المأكولات؟ تفضّل واختر ما يناسبك"؛ مما جعل من مهمة تعلّم الطبخ للمبتدئات، أمرا سهلا، وأنهى، من جهة أخرى، معاناة ربة البيت في البحث عن وصفات جديدة.

لم يعد تعلُّم الطبخ أمرا صعبا بعدما أصبحت منصات التواصل الاجتماعي تفتح المجال واسعا لكل الراغبين في التعلم؛ من خلال الولوج إلى مختلف القنوات التي اختصت في الطبخ، والتي أصبحت لا تُعد ولا تحصى، بعدما اتجهت العديد من النساء الماكثات بالبيوت وحتى اللواتي تخصص في الطبخ، إلى فتح قنوات من أجل عرض ما يعرفن من وصفات على قنواتهن. ولم يقتصر الأمر على النساء فقط، بل حتى الرجال من المهتمين بعالم الطبخ، اختاروا، أيضا، دخول هذه التجربة خاصة أن مثل هذه القنوات تلقى إقبالا كبيرا عليها، وتحديا في المناسبات؛ مثل شهر رمضان المبارك؛ إذ ينصبّ اهتمام المرأة على مفاجأة أفراد عائلتها بأطباق مختلفة من حيث الذوق والشكل؛ الأمر الذي يجعلها تبحث في مختلف القنوات عن كل ما هو جديد ومتجدد في عالم الطبخ، لتجد نفسها متابعة وفية لأكثر من قناة؛ على اعتبار أن لكل قناة ما يميزها عن غيرها من محتوى.

اِنتهى عهد كتب الطبخ

دفع الإقبال الكبير على تعلم الطبخ من قنوات اليوتيوب بالفضاء الافتراضي، إلى التخلي شيئا فشيئا عما يُعرض على مختلف القنوات التلفزيونية الخاصة أو العمومية من حصص للطبخ. أما بالنسبة لكتب الطبخ، فغابت، هي الأخرى، عن محلات بيع الكبت بعدما أصبحت لا تلقي أي اهتمام من ربات البيوت.

وبشهادة بائع في محل لبيع الكتب المدرسية، فإن كتب الطبخ كان الطلب عليها قبيل حلول شهر رمضان، بلغ ذروته في شهر شعبان؛ إذ كان البحث عن بعض العناوين المتعلقة بأشهر الطباخين في الجزائر؛ مثل السيدة رزقي، ولكن في السنوات الأخيرة ومع الانتشار الكبير للحصص عبر القنوات التلفزيونية وكذا قنوات اليوتيوب بالعالم الافتراضي، تراجع الطلب كثيرا؛ يقول: "بل لم نعد نبيع مثل هذه الكتب، التي يبدو أنها، هي الأخرى، ستدخل الأرشيف".

وحسب ما جاء على لسان مواطنة، فإن الإنترنت لها فضل كبير في تقديم تسهيلات كثيرة، خاصة لربات البيوت اللواتي لا يتقنّ فن الطبخ. وقالت إن تنويع المائدة الرمضانية أو البحث عما يمكن طبخه لم يعد يطرح أي إشكال بالنسبة لها وللكثيرات من اللواتي تعرفهن؛ كون قنوات اليوتيوب فتحت لهن آفاق التعلم. وأكثر من هذا، يمكنهن تصفّح أكثر من  قناة واحدة، وتجربة العديد من الوصفات".

وعلّقت السيدة سارة موظفة بإدارة بالقول إنها، أخيرا، أصبحت تشعر بالراحة عند حلول شهر رمضان؛ لأنها لا تتقن الطبخ، وزوجها من النوع الذي يحب التنويع في مائدة رمضان؛ إذ يطلب منها تصفح بعض القنوات لتحضير الوصفات"، مضيفة: "الحمد لله على نعمة العلم. وبفضل التكنولوجيا لم أعد أوصَف بأني لا أجيد الطبخ؛ يكفي، فقط، تتبّع الخطوات للحصول على نفس النتيجة، وتقديم أطباق بطريقة الشيفان!".

الطبيعة الاستهلاكية للجزائري وراء بلوغ المشاهدات ذروتها

تصفُّح بعض  قنوات اليوتيوب خلال شهر رمضان، يكشف عن عدد المشاهدات التي تفوق ألف مشاهدة في اليوم الواحد، خاصة بالنسبة لبعض القنوات التي أخذت شهرة كبيرة في الجزائر.

وحسب العارفين بالمجال، فكلما ارتفع عدد المشاهدات زادت المداخيل؛ من أجل هذا يسارع أصحاب القنوات إلى التكثيف من البرامج عبر قنواتهم التي تخص وصفاتٍ بعضها معروف، والآخر مبتكَر؛ فقط لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدات.

وحسب دراسة تم عرضها مؤخرا حول أكثر القنوات من حيث معدل المتابعين في الجزائر، فقد تربعت قناة أم وليد على المرتبة الأولى؛ إذ لديها أكثر من 11 مليون مشترك. والسر في نجاحها هو اعتمادها على أسلوب بسيط في تقديم وصفاتها، بينما تأتي في المرتبة الثانية قناة مطبخ أم أسيل، التي روجت للأطباق التقليدية، وبلغ عدد المشاهدين أكثر من 2 مليون مشترك، يليها مطبخ "مريومة" التي لديها 2 مليون مشاهد، وتعرض، هي الأخرى، وصفات بسيطة، وبعض النصائح والتدابير.

ومن جهته، أرجع المختص في الإعلام الرقمي محمد لهوازي، السبب وراء ارتفاع معدل مشاهدات قنوات الطبخ على "اليوتوب"، إلى طبيعة المجتمع الجزائري الاستهلاكية خاصة في شهر رمضان؛ الأمر الذي يفسر سبب الإقبال على مشاهدة مثل هذا النوع من المحتوى، مشيرا إلى أن ربط شهر رمضان بالاستهلاك، واحد من العوامل التي شجعت المهتمين بهذا النوع من النشاطات، على الاستثمار فيه،  خاصة النساء الماكثات بالبيت، اللواتي دفعتهن الرغبة في الحصول على دخل من المنزل، إلى فتح مثل هذه القنوات؛ لكونها ناجحة، لا سيما أن بعض القنوات في الجزائر، حققت أعلى مستوى اشتراك؛ إذ بلغت أكثر من 11 مليون مشترك، أما المشاهدات فهي بالملايين. وحسبه، فرغم أن الأرباح المقدمة من وراء مثل هذه القنوات متباينة وغير ثابتة وذلك حسب المحتوى والمتابعين، إلا أن بعض المهتمين بهذه القنوات بحثوا عن سبل النجاح فيها، فاعتمدوا على وصفات سهلة وسريعة وبمقادير قليلة؛ الأمر الذي يتماشى والقدرة الشرائية للمستهلك؛ يقول: "وبالتالي، فرغم أن الأرباح ضعيفة مقارنة بدول عربية وأوربية ـ وهذا راجع إلى اقتصاد الدولة وأن تكلفة المشاهدة تختلف؛ حيث نجد، مثلا، في الجزائر، أن لكل ألف مشاهدة 0.15 إلى 0.90 دولارا، وهذا قليل مقارنة ببعض الدول المجاورة مثل مصر والسعودية حيث يتجاوز 3 دولارات، وفي قطر 7 دولارات، وفي الدول الأوربية لكل ألف مشاهدة 14 دولارا، وفي النرويج وفي فرنسا 7 دولارات ـ إلا أن ما يحكم أسعار المشاهدة هو المحتوى، وعدد مرات ظهور الإعلانات، ونسبة المشاهدة، وهي عوامل يراهن عليها أصحاب القنوات من الذين اختاروا التخصص في مجال الطبخ بكل أنواعه، خاصة أن مثل هذا النوع من النشاطات تحوّل إلى استثمار ناجح  لربات البيوت، وحتى المهنيين".