سوق الساعات الثلاث بباب الوادي

قلب نابض بالحياة... ملتقى الأحبة ومحور الأحداث اليومية

قلب نابض بالحياة... ملتقى الأحبة ومحور الأحداث اليومية
  • القراءات: 1080
ع. د ع. د

يُعد سوق باب الوادي الذي تعود نشأته إلى الحقبة الاستعمارية، واحدا من المعالم التي ميزت هذه البلدية "الحي"، التي تتربع على واحد كيلومتر فقط، وبكثافة سكانية تُعد الأكبر على المستوى الوطني. ففيه يرصد الزائر نبض الحياة والحركة اليومية لسكانه، سواء الباقون فيه، أو ممن اضطرتهم ظروف العيش، للتنقل إلى أحياء وبلديات أخرى.. لكنهم يعودون، خصوصا أيام رمضان، لا لشيء سوى لاستنشاق "ريحة زمان". وبطبعة الحال، فإن الملتقى واللقاء "سوق الساعات الثلاث".

اضطرت السلطات المحلية خلال السنوات الماضية، لتهديم البناء القديم لهذا السوق، من أجل إعادة تشييده وفق معايير حديثة تستجيب لاحتياجات وتطلعات سكان بلدية باب الوادي وزارها، وهو الفضاء الذي تضرر كثيرا من فيضانات 2001. لكن رغم تحويل تجار هذا الفضاء إلى سوق علي ملاح الذي هو في الأصل حظيرة للسيارات، إلا أن التوافد على سوق باب الوادي الشعبي، مازال بنفس الوتيرة بالنظر إلى انتشار عدد معتبر من التجار، منهم الشرعيون وغير الشرعيين، عبر الأزقة المحاذية لمشروع إعادة بناء السوق، والذين يعرضون الخضر والفواكه ومختلف السلع التي تختلف باختلاف المناسبات، على طاولا اصطفت إلى درجة لم تترك مسافة حتى للمتسوقين، للتنقل من جهة إلى أخرى. ومع ذلك ورغم الزحمة الكبيرة يشهد الموقع إقبالا منقطع النظير منذ الساعات الأولى للنهار، حيث يقصده في ساعاته الأولى، كبار السن والنسوة، لاقتناء ما يحتاجونه لمائدة الإفطار، خصوصا أنه محاط بعدد معتبر من محلات بيع المواد الغذائية واللحوم بمختلف أنواعها، وكذا المخابز، التي عطّرت رائحة خبزها، الأرجاء.

وفي هذا الجو يكون سوق باب الوادي الشعبي، مقصد عدد كبير من الوافدين من أحياء وبلديات أخرى، خصوصا من الذين سبق لهم أن عاشوا في هذا الحي، واضطرتهم ظروف العيش للتنقل إلى مناطق أخرى، وغايتهم في ذلك استنشاق عبق الأيام الخوالي، أو لقاء "جيران زمان"، أو حتى اقتناء بعض الحاجيات في سياق تنويع مائدة رمضان. وهو سلوك تعوّدوا عليه، إذ لا يخلو المشهد من رؤية أحدهم إما حاملا علبة "قلب اللوز"، أو قارورة مشروب، أو شيئا من "الزلابية"، أو "البريوش"...

وفي خضم ذلك...لا يخلو الحي من حين لآخر، من مشاحنة أو مشادة بين اثنين، يقال إن "رمضان غلبهم"، في حين يتحول السوق الذي لا تبعد عنه "الدلالة" أو المكان الذي تباع فيه الأشياء القديمة، إلى المكان المفضل لعقد الصفقات، أو ربط المواعيد وسط ديكور وبنايات تحاكي الزمن، وتروي ذكريات يتداولها من مازال متشبثا بالبقاء في حي باب الوادي، الذي حمل منه فيضان ذات سنة، أجزاء منه، وهدد أساس بناياته، وأغرق العشرات من المواطنين، ومع ذلك مازالت يومياته تنهل سيرتها من حي شعبي عاش المآسي والأفراح... وديدن قاصديه في كل ذلك..."البحث عن ريحة رمضان في حومة زمان...".