عائلات تدفع بأبنائها إلى بيع «المطلوع» والحشائش

- 2384

لا تزال عمالة الأطفال تسيل الكثير من الحبر بسبب غياب إستراتيجية واضحة بهدف وضح حد لها، في انتظار أن تباشر المفوضية الوطنية لحقوق الطفل مهامها وتتكفل بصورة جديدة بملف عمالة الأطفال، لتبقى بعض المبادرات الناتجة عن حركات المجتمع المدني في سبيل محاولة التقليص من الظاهرة. ولأننا في الشهر الفضيل، يكشف لنا هذا الموعد الديني أن العدد الكبير من الأطفال الذين تدفعهم عائلاتهم إلى العمل للمساهمة في ميزانية المنزل، خاصة مع موجة الغلاء التي تشهدها مختلف السلع.
تحول عمل الأطفال بالنسبة لبعض الأسر الفقيرة إلى تقليد يفرض نفسه بمجرد حلول بعض المواسم، ولأننا في شهر رمضان، فإن المظهر العام لعمالة الأطفال أصبح معروفا ومألوفا، حيث يتم تزويدهم بما أصبح يطلق عليه باسم «التجارة الرابحة»، وهي «الديول» و«الحشيش» و«المطلوع» و«القطايف»....وغيرها من المواد الأخرى التي يتم تحضيرها في المنزل أو جلبها من الحقول، بالتعاون طبعا مع بعض التجار، كبيع القصبر والنعناع اللذان يكثر عليهما الطلب خلال هذا الشهر. والملاحظ أيضا أن الأسر التي تدفع بأبنائها إلى العمل لا فرق لديها بين الإناث والذكور ولا حتى فارق السن، المهم أن يكون الطفل قادرا على عدّ النقود وتصريف البضاعة، وهو ما وقفنا عليه أثناء جولتنا الاستطلاعية بكل من السوق الشعبي ببلدية باب الوادي وبوزريعة، حيث تفرق عدد من الأطفال حول مدخل السوق لبيع «المطلوع» و«الديول» و«الحشيش»، لأن الحصول على مكان مناسب داخل السوق شبه مستحيل نتيجة انتشار الباعة الفوضويين، وفي دردشتنا إلى بعضهم، أكدوا أن الدافع لذلك هو المساعدة في نفقات المنزل، وعلى حد تعبير منير الذي لا يتجاوز سنه العشر سنوات، فإن العمل بالنسبة له أصبح شيئا عاديا، وبعد انقضاء شهر رمضان يبدأ العمل على مستوى الشواطئ في بيع «المحاجب» وحلوى «البيني»، بحكم أن منزلهم يقع بالقرب من شاطئ الرميلة. وإلى جانب الأسواق، لاحظنا تواجد عدد من الأطفال بالقرب من المخابز على مستوى بلدية بوزريعة، وعلى الرغم من عدم رضا أصحاب المخابز لانتشار الباعة بالقرب من محلاتهم، إلا أنهم فضلوا ـ حسبما كشفه لنا عدد منهم ـ عدم الدخول في مناوشات مع الأطفال الذين عادة هنالك دائما من يحرسهم من بعيد، وحسب الطفلة التي كانت تبيع «المطلوع» على الأرض في ظروف لا تحترم مطلقا قواعد السلامة الصحية، فإن السبب في اختيار المخبزة هو جلب انتباه الزبائن إلى سلعتها، على اعتبار أن المخابز كالأسواق، من الأماكن التي يكثر تردد المواطنين عليها.
أكثر من 160 طلب مساعدة قبيل رمضان
أرجع عبد الرحمان عرعار رئيس شبكة «ندى»، الأسباب التي تدفع العائلات بأبنائها إلى سوق العمل، إلى الفقر بالدرجة الأولى، غير أننا يقول؛ «لاحظنا في الآونة الأخيرة أن كثرة الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال وتحديدا الجنسية منها، دفعت بعض العائلات إلى البحث عن سبل أخرى لتحسين أحوالها المعيشة من خلال التقرب من حركات المجتمع المدني، مشيرا إلى أن شبكة «ندى» في هذا الإطار تلقت في الآونة الأخيرة 160 مكالمة هاتفية تطلب المساعدة المادية، بعد أن تحول أبناؤهم إلى ضحايا، نتيجة العمل في الأسواق الموازية. ظهور بوادر الوعي عند بعض العائلات من خلال طلب المساعدة حتى لا يكون أطفالهم ضحايا دفعنا، يقول عرعار، إلى طرح مشروع جديد تم إطلاقه مؤخرا، خاص بالمرافقة والتربية الاجتماعية والمالية للأطفال، شرع في العمل به على مستوى ثلاث ولايات، على غرار بومرداس، من خلال الاطلاع على وضع العائلة الاجتماعي وإكسابه بعض قواعد التربية المالية، مشيرا إلى أن هذا المشروع يحتاج إلى مساعدة من طرف الجهات الرسمية ممثلة في وزارة العمل. وبالمناسبة يقول «نتمنى أن يتبنى مشروع قانون العمل الجديد إدراج الرقابة في الأسواق غير الموازية لمحاربة عمالة الأطفال».