جويرية بنت الحارث رضي الله عنها..المرأة المباركة على قومها

جويرية بنت الحارث رضي الله عنها..المرأة المباركة على قومها
  • القراءات: 24268
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

يقول الأستاذ بشير إبراهيم، الباحث في الشريعة والقانون بجامعة أبي بكر بلقايد بتلمسان، عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: "كانت في سبي المسلمين في غزوة بني المصطلق، وجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطلب منه أن يعينها في مكاتبتها لعتق رقبتها، فعرض عليها قضاء كتابتها وزواجه بها، فقبلت، فتزوجها النبي، وجعل عتقها صداقها، فلما علم الناس بذلك أعتقوا من بأيديهم من الأسرى؛ إكراما لأصهار الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى أعتق منهم أهل مائة بيت، فما كانت امرأة أعظم على قومها بركة منها".

السيدة جويرية، رضي الله عنها، هي "برة" بنت الحارث بن ضرار من بني المصطلق، سماها رسول الله جويرية بعد زواجه منها. وكان أبوها سيد قومه.

تزوجت من ابن عمها صفوان، والذي كان من ألد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كانت غزوة بني المصطلق قتل زوجها فيها، وكانت من ضمن السبي الذي أخذ في تلك الغزوة. وكانت رضي الله عنها في قسم ثابت بن قيس، فكاتبته على تسع أواق، وطلبت من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعينها، فعرض صلى الله عليه وسلم عليها الزواج، وأن يدفع ذلك عنها، فقبلت. واختارت الإسلام.

وفور سماع المسلمين بخبر إسلامها وأنها زوجة المصطفى، أعتقوا ما كان بين أيديهم من السبي؛ إكراما للنبي.

وعن هذا قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "لقد أعتق بهذا الزواج مائة من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها".

فلما رأى بنو المصطلق إحسان النبي وأصحابه لهم، دخلوا في دين الإسلام، وتركوا عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فكانت امرأة مباركة على قومها.

وقد كان في هذا الزواج المبارك لسيد الخلق، توثيق للرابطة بين الإسلام وبعض القبائل، والذي كان وراء إسلام قبيلتها كاملة.

وقد رأت السيدة جويرية، رضي الله عنها، قبل مجيئ النبي بثلاثة أيام، القمر يمشي نحوها، ونزل عندها.

ومن ميزات السيدة جويرية رضي الله عنها، أنها مثال للمرأة الصالحة التي ترعى بيتها وزوجها. وعرفت بالاجتهاد في العبادات، وكثرة الذكر، فقد روي عنها أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خرج من عندها وقت صلاة الفجر وهي في مسجدها، وبعدما عاد وجدها مازالت كما هي جالسة، تسبح، فقال لها: "مازالت على الحال التي فارقتك عليها"، فقالت "نعم"، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وُزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: "سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته".

وتوفيت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين في إمارة معاوية. وصلى عليها مروان بن الحكم، وهو يومئذ والي المدينة. ودُفنت في البقيع مع باقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا.

من القدوة الطيبة لزوجات النبي عليه أزكى الصلوات والتسليم أمهات المؤمنين، سننقلكم إلى صانعات الحرية المجاهدات والشهيدات، اللواتي ضحين بالغالي والنفيس في سبيل الوطن... سنكون على موعد يومي معهن طيلة أيام رمضان مع المؤرخ محمد غرتيل، الذي يقدم تفاصيل تضعك وجها لوجه مع التضحية والشجاعة في سبيل الوطن مع صانعات الحرية.