عادات تحرص البليديات على ترسيخها

تحضير "المقطّفة" و"الشاربات" وخبز الكوشة

تحضير "المقطّفة" و"الشاربات" وخبز الكوشة
  • القراءات: 720
رشيدة بلال رشيدة بلال

تحرص العائلات البليدية في المناسبات الدينية، على استظهار عاداتها وتقاليدها، حرصا منها على توريثها الأجيال حتى لا تندثر بفعل التغيرات التي يعرفها المجتمع. ولأننا نعيش أجواء شهر رمضان الكريم، سلّطت "المساء" الضوء على عدد من العادات التي لاتزال أغلب العائلات العريقة بالبليدة، تحييها، لحمايتها من الزوال.

لعل أهم ما يميز المرأة البليدية خلال الشهر الفضيل، حسب ما رصدته "المساء" على لسان عدد من النساء بسوق "بلاصة العرب" بقلب مدينة الورود الذي يعتبر المكان المفضل   للتسوق، هو حرصها الشديد على تحضير ما يحتاج إليه المطبخ الرمضاني، بيديها. ولعل أول ما تحرص على تحضيره هو "المقطفة" التي تحضّرها بالعجين، حيث تجلس النسوة في المنازل لتحضير كمية معتبرة منها، الرقيقة والسميكة، أو ما يعرف بـ "مقرونة النعمة"، ومن ثمة يتم تجفيفها لتحضر شوربة رمضان التي تعرف بها المائدة الرمضانية بجل العائلات البليدية، وهي من العادات المتوارثة، التي تقول عنها السيدة بن يوسف سعيدة: "تحضير  المقطفة باليد من العادات القديمة لسكان البليدة، والتي تسير نحو الزوال لولا حرص بعض العائلات العريقة، على الإبقاء عليها، وتعليمها للأجيال حتى لا تندثر، على اعتبار أنها من الأطباق التقليدية التي طالما ميزت الأسر البليدية"، مشيرة إلى أن الباعة يحرصون في "سوق العرب"، على توفيرها خلال شهر شعبان للنسوة اللواتي لا يعرفن كيفية تحضيرها، حيث يتم توفيرها طيلة شهر رمضان، وهي من المهن التي تميل بعض النساء إلى امتهانها في رمضان لتلبية الطلب عليها خلال الشهر الكريم.

طحن التوابل وعجن الخبز وتحضير الجبن في المنزل

تؤمن المرأة البليدية بأن السر في بنّة الأطباق الرمضانية يتمثل في حسن اختيار التوابل التي لا يتم شراؤها جاهزة، وإنما يتم اقتناؤها كمادة خام وطحنها، على غرار الفلفل الحار والقرفة وغيرها من التوابل، باستعمال المهراس لطحنها وتحضيرها للحفاظ على عطرها. وحسب ما جاء على لسان مواطنة من مدينة الورود، فإن المرأة البليدية تحب أن تحضّر كل شيء بيدها، إذ تعدّ الجبن منزليا لتزيّن به أطباق السلطة، وهي من المهن التي احترفتها النسوة قديما خاصة بالأرياف، حيث تنتشر تربية الأبقار، إلى جانب عجن خبز الكوشة الذي يرافق أطباق الشوربة طيلة أيام رمضان، إذ تبادر بعض النسوة بعجن كميات منه بغرض بيعه.

"شوربة المقطّفة" و"الشوربة البيضاء" تقليد لا بد منه

إذا كانت المائدة الرمضانية ببعض ولايات الوطن تتميز بلونها الأحمر، فإن مائدة البليديّين في رمضان، تميزها "المرقة البيضا" الغالبة على مختلف الأطباق التي تحضرها ربة البيت، سواء تعلق الأمر بالشوربة البيضاء المزينة بالحشيش، أو باقي الأطباق، ممثلة في "السفيرية" و«بطاطا كوشة" و«بطاطا فليو"، والتي يشترط أن تكون حارة، وهي من التقاليد المتوارثة، والتي يجب أن تكون حاضرة على المائدة الرمضانية مرفقة بـ "الشاربات"، التي تعد، حسب السيدة "سعاد. ف«، من المهن التي تنتشر كثيرا بولاية البليدة خلال شهري شعبان ورمضان، بحكم أن المنطقة معروفة بإنتاج الحوامض. وحسبها، فإن الشاربات المحضرة من الليمون وماء الزهر لها نكهة خاصة، حيث تحرص العائلات على صنعها في المنزل، أو اقتنائها لفوائدها في إنعاش الصائم".

.. وعادات مرتبطة بتصويم الأطفال

من جملة العادات التي تحرص عليها ربة البيت البليدية في شهر رمضان، تلك المرتبطة بتصويم الأطفال لأول مرة، حيث يحظى الطفل بمعاملة خاصة، فإذا كانت بنتا يتم اقتناء قدر صغير لها، وإدخال البنت إلى المطبخ من أجل أن تحضّر شوربتها بنفسها، حتى لا تشعر  بالجوع بسبب الصيام. وعندما يحل موعد الإفطار يتم تلبيسها اللباس التقليدي، وإجلاسها  بين أفراد العائلة. أما بالنسبة للطفل، فيتم تلبيسه بدله أو لباسا تقليديا. وأول ما يفطر عليه هو الشاربات التي تحضّر في المنزل، حيث يوضع بداخل الإناء خاتم من ذهب أو "ويزة"،  ويكون العصير محلى ومنعشا، حتى يشعر الطفل الصائم بمجرد الإفطار، بالانتعاش، وتعود إليه حيويته، ومن ثمة يفطر على حبات من التمر والحليب.

وتقام على شرف الطفل الصائم لأول مرة، سهر رمضانية، أهم ما يميزها هو الحلويات المعسّلة  "كالصامصة" التي تحضّر في المنزل، و"المحنّشة" و"السيجار". ولا تحلو السهرات الرمضانية، حسب ما جاء على لسان عدد من النساء، إلا بالتجمع حول مائدة الشاي، وعقد البوقالات، التي لاتزال النساء الكبيرات في السن يردّدنها كنوع من الفأل، خاصة للبنات غير المتزوجات، وهي من التقاليد التي لاتزال تحرص العائلات على الإبقاء عليها حتى لا تزول.