"المسحراتي" لإيقاظ الناس و"زنبو" سيد المائدة

❊بلقاسم بوشريفي

يحرص سكان قصور ولاية أدرار على الحفاظ على العادات والتقاليد المتوارثة، التي تطبعها النفحات الإيمانية التي تزداد في هذا الشهر الفضيل، لاسيما المدارس القرآنية والزوايا، وكبار أهل القصر الذين يسهرون على تنظيم كل الأمور بأزقة القصور، ومن بين هذه العادات.. "المسحراتي" الذي يطلق البطالة ويوظّف نفسه طيلة شهر رمضان  لإيقاظ الناس للسحور، كما تحرص الحرائر على الحفاظ على الأطباق التقليدية.

حياة الأدراريين الاجتماعية لها نكهة خاصة في الشهر المعظم وتختلف حسب تنوع أقاليمها الأربعة، حيث تتميز كل منطقة بعاداتها وتقاليدها التي تطبع أيام هذا الشهر الفضيل وتقبل العائلات في عموم منطقة توات في هذه المناسبة الدينية على تحضير وإعداد أنواع متعددة من الأطباق التقليدية، وفي مقدمتها طبق ‘’الحساء’’ الذي يعتبر سلطان المائدة الرمضانية بأدرار، ويكتسي هذا الطبق أهميته من مادته الأساسية المتمثلة في القمح المنتج من المزارع المحلية، الذي يحمص بعد حصاده ثم يطحن مشكلا ما يعرف لدى السكان بـ’’زمبو’’ وهو سر المذاق الفريد والمتميز لهذا الطبق التقليدي.

جلسات الشاي والأنس

ومن بين المكونات التي تعطي نكهة مميزة للوجبات التقليدية، التوابل التي تحرص العائلات على تحضيرها وإعدادها خصيصا لهذا الشهر، والتي تعرف محليا بمادة ‘’الختيم’’ وهي عبارة عن خلطة لعدة توابل تخمّر وتوضع على شكل عجائن صغيرة مجففة ليتم فيما بعد استعمالها بشكل يومي في تحضير أكلة ‘’الحساء’’.

ومن العادات الاجتماعية الأخرى التي تبرز في هذا الشهر الفضيل بمنطقة توات، جلسات الشاي والأنس، خاصة بعد أداء صلاة التراويح، حيث يفضّل البعض تناوله في كنف العائلة طيلة ليالي الشهر العظيم، فيما يعمد البعض الآخر إلى احتسائه خارج المنزل برفقة الأصدقاء أو الأقارب في الساحات العمومية أو في الأماكن التي تستهوي الشباب كالكثبان الرملية خارج التجمعات السكانية لتحلو بذلك جلسات الأنس والسمر.

ولا زالت بعض المدن، والقرى بصفة خاصة، محافظة على بعض العادات القديمة التي دأب عليها السكان في مثل هذا الشهر المبارك منها تلك التي تمارس وقت السحور، حيث يأخذ أحد المتطوعين على عاتقه مهمة القيام بدور ‘’المسحراتي’’ الذي ينبه الناس بقرب وقت الإمساك من خلال تجواله قبل الفجر بكل أحياء المدينة وقرعه على طبل كبير يعرف لدى سكان المنطقة بـ’’تكركبة’’ أو "الدبيدبة"، مرددا بعض المدائح الدينية التي تحث جمهور الصائمين على القيام بسنة السحور، وتقدم له الهدايا والمساعدات  من طرف أهل القصر في نهاية الشهر الفضيل.

احتفال بالصائمين أول مرة

كما تعطي العائلات الأدرارية أهمية كبيرة في مثل هذه المناسبة الدينية العظيمة للصائمين الجدد من خلال الاحتفاء بهم ودعوتهم لتناول وجبة الفطور في منازل الأقارب والأحباب تشجيعا لهم على مواصلة هذه الشعيرة الدينية وتعريفا لمن لم يبلغوا بعد السن الذي يوجب عليهم الصوم بمدى قداسة هذا الشهر المعظم.

 وتحرص العائلات والشباب على الحفاظ على العادات والتقاليد وطبعها بسهرات رمضانية مميزة بالتراث الشعبي المحلي، إذ يطبع ليل أدرار النشاط  الكبير الذي ينسي المواطنين الحرارة العالية في النهار. كما عرفت أدرار هذه السنة انتشارا كبيرا لصور التضامن التي صنعت لوحات معبرة في تقديم المساعدات للعائلات المعوزة وعابري السبيل نشطها الشباب والجمعيات والطلبة والكشافة الإسلامية مما أدخل الفرحة على قلوب  المحتاجين، كما يسعى الخيرون أيضا لجمع كسوة العيد لتوزيعها على اليتامى والمعوزين قبل عيد الفطر المبارك. 

بلقاسم بوشريفي

قراءة 1252 مرات