العائلات بين تحضير الحلويات وترشيد النفقات

العائلات بين تحضير الحلويات وترشيد النفقات
  • القراءات: 3429
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

مع بداية العد التنازلي لحلول عيد الفطر، تتسارع النسوة إلى محلات بيع مستلزمات تحضير الحلويات، في تقليد راسخ مرتبط بهذه المناسبة التي ينتظرها الكبير والصغير. «المساء» نزلت إلى السوق للاقتراب من الأسر والتماس مدى تشبثها بعادة تحضير الحلويات، وهل أثر ترشيد النفقات على ميزانيتها في اختيار الأنواع المحددة لتحضيرها.

تتزامن في هذه السنوات القليلة الأخيرة العديد من المناسبات، الأعياد والعطل المدرسية، تليها بعد ذلك عيد الأضحى المبارك، ثم الدخول المدرسي، مواسم تخطط لها الأسرة في كل مرة للخروج بتوليفة ميزانية جيدة، بعيدا عن الضغط المالي الذي قد يؤثر عليها، ومع مرور السنوات لا يزال المواطن يعيش نفس الاختناق المالي بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي دفعت المواطن إلى التقشف، هذا الأخير الذي بدأ يحسن التصرف أمام هذه الوضعية، بخلاف السنة الأولى من الأزمة المالية التي صعبت عليه عملية التأقلم، هذا ما جعل الفرد بمثابة «الحكيم» في تصريف ميزانيته والادخار منها.

يبدو أن الترشيد مس مختلف الجوانب المعيشية للفرد، ومنها التأثير الكبير على التحضيرات لعيد الفطر، هذه المناسبة التي كانت تشهد قبل سنوات عزم المرأة الدخول في نوع من «المنافسة» مع باقي النسوة المحيطات بها من العائلة، الأصدقاء أو الجيران، حيث كانت كل واحدة منهن تحاول تحضير أكبر عدد ممكن من أنواع الحلويات، دون إعطاء أي اعتبار لتكلفتها، لكن يبدو أن الذهنيات تغيرت بسبب عوامل مختلفة، منها الضيق المالي والأزمة الاقتصادية التي يعيشها كافة المجتمع في السنوات الأخيرة، مما جعل التفكير في المنافسة آخر اهتمامات الفرد، ليبقى تحضير ما تيسر من الحلويات وتسجيل الحضور بها في هذه المناسبة العظيمة.

نزولنا إلى السوق وضعنا أمام واقع جميل، حيث يبدو أن سنوات «التبذير» قد ولت، وأصبح لكل مادة قيمتها التي تفرض على مقتنيها الحفاظ عليها دون تبذيرها.

اقتربنا من بعض الزبونات في محلات بيع مستلزمات الحلويات، وأوضحن لنا أنهن سوف يعتمدن هذه السنة على البساطة في تحضير الحلويات، ويحاولن الابتعاد عن الحلويات الشرقية التي تتطلب الكثير من المكسرات من اللوز والجوز، والتي شهدت ارتفاعا محسوسا في أسعارها، لاسيما الفستق الذي وصل سعره إلى 3000 دينار، والجوز إلى 1000 دينار واللوز بين 1000 دينار و1500 دينار للكيلوغرام الواحد، زيادة على باقي المستلزمات الأخرى التي تتطلب ميزانية معتبرة.

وعلى صعيد آخر، أكدت بعض النساء اللواتي مسهن استطلاعنا، أن هذه السنة سوف تقوم الكثيرات بالتركيز على «الفال» فقط، حيث لن يقمن بتحضير أكثر من نوعين أو ثلاثة أنواع من الحلويات، على عكس السنوات الأخرى التي كان يصل تحضيرها إلى ما يزيد عن 10 أنواع، وكان مصير كمية كبيرة من تلك الحلويات التجميد الذي يفقدها مذاقها عند إعادة إخراجها من الثلاجة، ليبقى مصير كمية أخرى منها النفايات، وهذا تبذير لا فائدة منه وإنما يرهق ميزانية الأسرة، حيث أشارت غالبية من حدثتنا إلى أن الحلويات البسيطة القديمة هي أكثر ما سيتم التركيز عليه، كحلوى الطابع، المقروط، الغريبية، وحلوى الصابلي، القريوش وغيرها، إلا إن نسبة قليلة لن تتخلى عن عادة تحضير ولو نوع واحد من الحلويات الشرقية التي تحتوي على المكسرات، كالدزيريات، أو الحلوى بعجينة اللوز، أو البقلاوة..