طباعة هذه الصفحة

سوء الوجبات المقدمة وافتقارها لشروط النظافة

الطلبة يستنجدون بمطاعم الرحمة وموائد عابري السبيل

الطلبة يستنجدون بمطاعم الرحمة وموائد عابري السبيل
  • القراءات: 682
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

دفع سوء الوجبات الغذائية المقدمة ببعض الإقامات الجامعية الطالبات والطلاب للاستنجاد بمطاعم الرحمة للحصول على إفطار محترم يسد جوعهم. ورغم أنّ أغلبية الطالبات يقمن بتحضير وجباتهن على مستوى الغرف، إلا أن تزامن الامتحانات والشهر الفضيل، أثر على المراجعة وزاد من المسؤوليات..عن جملة المتاعب التي يعيشها طلاب الإقامات الجامعية بالشهر الفضيل، عادت لكم المساء بهذا التقرير.

تعيش أغلب الجامعات الجزائرية هذه الأيام على وقع التحضير للامتحانات، ما جعل الطلبة يسارعون إلى تكثيف المراجعة لتجنب شبح اللجوء إلى الدورات الاستثناية أو إعادة السنة، غير أن تزامن الشهر الفضيل والاختبارات أثر على عدد كبير منهم خاصة الذين حتمت عليهم الظروف التواجد بالإقامات الجامعية، حيث يضطرون للتحضير الجيد لامتحاناتهم وتحمل مسؤولية تحضير وجباتهم للإفطار بالنظر إلى ما يقدم لهم من طعام لا يرقى إلى أذواقم سواء من حيث الكمية أو النوعية وهو ما يصنف بالسيء، على حد قول أغلب المستجوبين.

فهذه الطالبة سعاد.م تخصص أدب عربي بالمدرسة العليا للأساتذة تنزل بإقامة البنات أولاد فايت، أكدت في معرض حديثها أنّ أوّل ما يعاب على ما يقدم من وجبات، التوقيت إذ تقدم الشوربة عند الساعة الرابعة والنصف ـ توضح ـ ونكون  ملزمات بأخذ نصيبنا والاحتفاظ به في الغرف، ومن ثمة نقوم بتسخينه وتحضير باقي الأطباق الأخرى، لأن الطبق الرئيسي الممثل في الشوربة ورغم من أنه لا يؤكل ويحضر بطريقة عشوائية، غير أنه يظل أفضل من الطبق الثاني الذي لا يمكن مطلقا تذوقه إذ يغلب عليه الماء وتعوم فيه بعض حبات الزيتون أو الحمص أما التحلية فهي في أغلب الأحيان علبة فلان، بينما الخبز فحدث ولا حرج، مشيرة إلى أنّها تقوم رفقة زميلاتها بالغرفة بتحضير بعض الأطباق الأخرى كالسلطة والبوراك واللحم الحلو عندما يتوفر لهن بعض الوقت، وإن تعذّر عليهم بسبب صغر الفرن الكهربائي المستخدم للتسخين والانشغال المراجعة أيضا فيكتفين بطبق الشوربة وبعض السلطة.

وأوضحت محدثتنا في السياق أنّ سوء الوجبات المقدمة يدفعها رفقة بعض زميلاتها عند عدم الطبخ للاستنجاد بما تقدمه مطاعم الرحمة وتعلق عند اقتراب موعد الأذان نصطف أمام بيوت الرحمة للحصول على وجبات محترمة نسدّ بها جوعنا ونحاول أن نخلق جوا عائليا بالغرف حتى لا نشعر بالحزن لعدم وجودنا بين أهالينا، خاصة بهذا الشهر الفضيل الذي من أهم ميزاته اجتماع كل أفراد العائلة حول مائدة الإفطار.

انعدام النظافة وشجارات للرفع من الكمية

من جهتها، أكّدت الطالبة فاطمة الزهراء (تخصص تاريخ وجغرافيا) في معرض حديثها أنّ أغلب ما يقدم من وجبات بالإقامة الجامعية أولاد فايت مصيره القمامة. وتوضّح أنا شخصيا أشكّ في مصدر اللحم الذي يغلب عليه الشحم  و«يعوم في الماء وليس في الشوربة، بينما تقدّم السلطة بطريقة عشوائية ولا تنظف حتى، حيث تقدم بأتربتها، وما زاد الطين بلة ودفعنا للدخول في شجارات مع بعض العاملين بالمطعم، توزيع كميات قليلة لا تسد جوع الصائم، مشيرة إلى أن كل هذه المعطيات دفعتها رفقة أغلب المقيمات للاستنجاد بما يقدم بمطاعم الرحمة، خاصة وأنّ الوقت لا يسمح لهن بالطبخ، ما يحتم عليهن التحول إلى عابرات سبيل أو معوزات للحصول على وجبة، أما عن السحور فحدث ولا حرج حيث يقدم طبق الكسكسي بطريقة لا تشجّع الصائم على كسر نومه من أجل التسحر وبالتالي يفضّل الاستغناء عنها.

بينما توضح طالبة أخرى ـ تخصّص لغات ـ أنّها تضطر يوميا النهوض باكرا من أجل تحضير وجبتها المتمثلة في شوربة العدس المعروف أنّه يحضر بسرعة حتى لا تضطر للأكل بالإقامة الجامعية أولاد فايت التي تقدم وجبات لا تناسب حتى  الحيوانات، واصفة الوضع الذي يعيشه الطلبة عموما بالاقامات الجامعية بالمزيرية.

فما هو حال الطلبة 

يبدو أن التواجد الكبير لمطاعم الرحمة التي تشرف عليها البلديات أو الخواص أثلج صدور الطلبة الذين يغادرون الإقامات الجامعية جماعيا باتجاه مختلف مطاعم الرحمة للحصول على وجبة إفطار محترمة تسد جوعهم، وعلى حدّ قول  الطالب سعيد. ف« تخصص لغات، فإنّ سوء الوجبات التي تقدّم، دفعته للإفطار بمطاعم الرحمة.. وعلق بالقول أكثر ما دفعني للالتحاق بمطعم الرحمة كعابر سبيل أو معوز أن الوجبات تقدم باكرا وبحكم أني لا أملك فرنا للتسخين، كنت اضطر لأكل الشوربة باردة، ولأن دوام الحال من المحال، قررت التخلي عن وجبة الإقامة رغم بعد مسافة المطعم عن الإقامة الجامعية، إلا أنّني التحق بها يوميا للحصول على إفطاري وسحوري ومن تم أتفرغ للمراجعة بعد التسحر.

بينما أكد الطالب في تخصص دولة عثمانية، آدم محمد الأمين، أنّه رغم أنّ رابع ميزانية في الدولة توجّه لقطاع التعليم، غير أنّ الطالب الجامعي يعيش وضعا كارثيا على جميع الأصعدة المرتبطة بالخدمات الجامعية. ويضيف أزاح شهر رمضان الستار عن مختلف الممارسات اللاإنسانية التي يتم التعامل فيها مع الطلبة، من حيث الوجبات المقدمة التي يكون مصيرها القمامة مباشرة، بالنظر إلى غياب النظافة ورداءة الوجبات، سواء تعلق الأمر بالطبق الرئيسي أو السلطة أو حتى التحلية من النوع السيئ، الأمر الذي يدعونا للتساؤل أين تذهب ميزانية قطاع التعليم العالي؟ ولما تغيب الرقابة عندما يتعلق الأمر بالخدمات؟.

في السياق، أوضح محدثنا أنّ سوء الخدمات الجامعية حسب الشكاوى المقدمة على مستوى التنظيمات الطلابية، تتمركز خاصة بالإقامات الجامعية وسط وغرب، ومن ثمة فإنّ المطلوب ـ حسبه ـ قيام وزير التعليم العالي، بزيارات فجائية إلى بعض الإقامات للاطلاع على الوضع الكارثي الذي يعيشه الطالب بالشهر الفضيل خاصة بإقامة بني مسوس وطالب عبد الرحمان ببن عكنون وأولاد فايت، للوقوف على نوعية الوجبات التي دفعت بالطالب لأن يتحول إلى عابر سبيل أو معوز للحصول على وجبة محترمة.

غياب الأنشطة الثقافية يقتل روح الإبداع

رغم أنّ كل الإقامات الجامعية يفترض أنها تملك ميزانية خاصة لتنشيط الفعل الثقافي، خاصة في بعض المناسبات على غرار الشهر الفضيل لإحياء السهرات، غير أنّ زائر هذه الإقامات ليلا يقف على مدى تدني مستوى الفعل الثقافي الغائب تماما، حيث تأسف أغلب المستجوبين من الطلبة لغياب الأنشطة الترفيهية والثقافية بالحقل الجامعي بعد الإفطار، وأمام هذا، تحاول الطالبات من خلال دعوة زميلاتهن إلى خلق جو عائلي داخل الغرف ينسيهن الشعور بالعزلة والوحدة، بينما يمضى الطلبة أوقاتهم بعد الإفطار في المساجد لصلاة التراويح أو بالتسكع والاجتماع في المقاهي إلى وقت متأخر، ومن ثمة يعودون أدراجهم للإقامات للمراجعة. وحسب آدم محمد الأمي، فإنّ الإدارة المكلفة بالنشاط الثقافي بإقامة بني مسوس مغلقة على مدار السنة، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن ما جدوى تخصيص ميزانية لفعل ثقافي غائب؟.