تحررت من أميتها لتقرأ القرآن

الحاجة خداوج تعيد كتابة المصحف في مجلد خاص

الحاجة خداوج تعيد كتابة المصحف في مجلد خاص
  • القراءات: 597
رشيدة بلال رشيدة بلال

يقبل الصائمون خلال الشهر الفضيل على الإكثار من مختلف العبادات كالصدقات والاستغفار والصلاة في المساجد، غير أن أكثر العبادات التي تحوز على حصة الأسد من اهتمامهم هي الحرص على ختم كتاب الله.. ولا يقتصر الأمر على فئة معينة من أفراد المجتمع، بل نجد الأغلبية تسارع إلى قراءته وترتيله والتطلع لختمه قبل حلول ليلة القدر، بما في ذلك كبار السن من الدارسين بفصول محو الأمية، «المساء احتكت بواحدة من اللواتي أصرّين على محو أميتهن فقط من أجل قراءة وفهم ما جاء في المصحف الشريف.

جاءت الحاجة خداوج مرماط من ولاية بومرداس، التقتها المساء مؤخرا بجامعة الجزائر ”2” بمناسبة الاحتفال بيوم العلم، حيث تم تكريمها بمناسبة محو أميتها وتمكنها من إعادة كتابة كل آيات المصحف الشريف في مجلد خاص.

تقول في بداية حديثها إنها سيدة متزوجة ولديها أعشرة أبناء، كبروا جميعا وكل واحد منهم تفرغ لإدارة حياته الشخصية وجاء التفكير في ولوج أقسام محو الأمية، بعد أن بلغها نبأ فتح مدارس خاصة بمحو الأمية بالقرية التي تسكن فيها، حيث سارعت للتسجيل بها، خاصة وأنّ التعلّم كان حلما يراودها، ومن ثمة بدأت سنتها الأولى في تعلم الحروف  لتنتقل إلى السنة الثانية، حيث تعلمت الكتابة وفهم الكلمات والجمل وقراءة الكتب.. وبحكم أنها تسكن في الريف، تعذر عليها الاستمرار فضلا عن أن المعلمين أشاروا إليها بالاكتفاء بهذا القدر مما تعلموه هي وزميلاتها في أقسام محو الأمية، بحجة أنهم قد تمكنوا من محو أميتهم.

لم تتمكن الحاجة خداوج، بعد أن ذاقت حلاوة التعلم وفهم ما هو مكتوب حولها خاصة ما تعلق منه بالقرآن الكريم أن تكتفي بما قدم لها من دروس، بل انتقلت إلى بلدية تيجلابين لمواصلة الدراسة، فتمكنت خلال سنتين من إحراز تقدم ملحوظ، سواء من حيث القراءة أو الكتابة، وحسبها فإنّ التفكير في إعادة كتابة آيات المصحف الشريف كانت بتوجيه من معلمتها في فصول محو الأمية السيدة زهية خضراوي، التي وجهت خطابا مفاده اختيار واحدة منهن لإعادة كتابة آيات المصحف الشريف في مجلد خاص، فما كان منها إلا أن رشحت نفسها لهذه المهمة.

إعادة كتابة كل آيات المصحف الشريف لم يكن سهلا على السيدة خداوج، وأوجست في نفسها خيفة ولكن أوضحت أن حبها للتعلم الذي كان الغاية منه محو أميتها وتمكنها من قراءة القرآن الكريم مكنها في ظرف عشرة أشهر من إعادة كتابته كاملا. وتشرح كنت إنهي أشغالي المنزلية سريعا ومن ثمة أتفرغ للكتابة بعد التمعّن في آياته التي لم أكن أصدق أنه أصبح في إمكاني قراءتها بعدما كنت لا أفرق بين الحروف، ومن ثمة قدمته إلى إمام بمسجد ولاية بومرداس، الذي أشرف على تصحيحه والثناء على العمل الذي قمت به والذي يعتبر بمثابة تحد بالنسبة لسيدة تحررت مؤخرا من أميتها.

وجهت الحاجة خداوج، بعد أن تمكنت من محو أميتها نداءها إلى كل الأميين بضرورة الالتحاق بفصول محو الأمية، واصفة الذين لا يزالون عاجزين عن القراءة والكتابة رغم كل التسهيلات المقدمة من طرف الدولة بأنهم يعيشون في غفلة ويكفي حسبها الإيمان بأن العلم نور والجهل ظلام ليفهموا حلاوة التعلم خاصة وأنه السبيل الوحيد لقراءة القرآن الذي تزداد حلاوته بالشهر الفضيل.