البروفسور سامية جباري تضع الأصبع على الجرح وتقدم الحلول

- 2100

شرحت البروفسور سامية جباري، أستاذة بكلية العلوم الإسلامية بجامعة وهران، وباحثة ومستشارة أسرية، الأسباب التي أدت إلى تراجع تجسيد الهوية الإسلامية الصحيحة في المجتمع الجزائري، والتي أعازتها لغياب دور الآباء في تعزيز قيم الهوية الإسلامية في تربية الأبناء، وغياب الحوار بين أفراد العائلة وفرض القرارات بمبدأ الفوقية، إلى جانب استعمال العنف في توجيه الأبناء نحو العبادات والقيم، مثل الصلاة والمعاملات وغيرها، مما يفضي إلى برمجة سلبية تقود الأبناء إلى مسلك واحد ووحيد، وهو العنف والعدوانية والانطواء وكره الآخرين.
كما أكدت خلال المداخلة التي قدمتها خلال اليوم الدراسي المنظم من قبل جمعية «أرض الإرادة»، بدار الشباب معواد أحمد، مؤخرا، أن من أسباب تراجع التمسك بالقيم الإسلامية الصحيحة في المجتمع إلى تفضيل الأولياء بين أبنائهم، مما يسبب فجوة وهوة في تماسك العلاقة بينهم، وانتشار الدياثة وغياب الحشمة والحياء، مما أدى إلى التميع، فبعض الأولياء لا يأبهون قط لا بشكل ولا بملبس أبنائهم داخل البيت وخارجه، أي بما يسمى اللامبالاة، وفي الجهة العكسية هناك المراقبة المفرطة والمبالغ فيها، مما ينتج عنه الضغط الذي يولد الانفجار.
كما أرجعت الباحثة الأكاديمية السبب للتأثير السلبي لأصدقاء السوء على فاقدي الشخصية القوية والبطانة المتينة، فتجد بعض الأبناء نسخة في القول والفعل والمظهر عن أصدقاء لهم، إلى جانب غياب الانتماء في البرامج التعليمية في جميع الأطوار من الابتدائي إلى الجامعي، فحقيقة أن التلميذ أو الطالب اليوم، مرغم بأن يكون همه الوحيد حصد علامات مرتفعة تساعده على الانتقال إلى السنة الموالية فقط، دون الاهتمام بقيمة ما يدرسه، وكذا غياب دور الأساتذة والمعلمين في التوجيه والتوعية، فهناك شريحة لا تناقش إلا محتوى البرنامج الدراسي في صورة نمطية جافة لا تساير ما يعيشه طلبتهم واقعا، وكذا جفاف حصص التدريس اليومية من الأنشطة التربوية الهادفة التي تتخلل الجد بقليل من الترويح المغلف بالنصح والحكمة.
كما اعتبرت البروفيسور غياب الإرشاد النفسي وإهمال مراعاة الراحة النفسية للتلاميذ والطلبة والترويج الإعلامي لأفكار تغريبية بعيدة عن الهوية الإسلامية وتحبيبهم فيها، عبر ما تبثه الفضائيات من بعض المسلسلات وبرامج الموضة والجمال وتسويق مثالية زائفة عن الغرب ككل متكامل، مما يؤثر سلبا على تفكير الشباب الذي سيمقت وطنه أولا، وسيسعى إلى مغادرته ثانيا، دون أي تفكير مسبق، إلى جانب نشر صور سلبية خاطئة عن المجتمع الإسلامي وربطه بالعنف والتخلف والتطرف، وكثيرا ما نجدها في أغلب الفضائيات المعادية للمسلمين، والذين هدفهم المحوري توسيع رقعة فوبيا الإسلام، إلى جانب غياب برامج ومنابر إعلامية هادفة بشكل متتابع ويومي، تعالج قضايا الأمة الإسلامية بعمق بهدف تجذيرها وإيجاد حلول جادة لها، إلى جانب غياب الحملات الإعلامية والتحسيسية ميدانية تعالج هموم المجتمع الجزائري عن قرب، بعيدا عن الرسميات والاستيديوهات المغلقة، مع غياب دور المجتمع المدني والجمعيات والمنظمات في الدعوة إلى القيم والسعي إلى تثبيتها في المجتمع، فالكثير من هيئات المجتمع الجزائري اليوم لا تملك في خارطتها السنوية إلا نص القانون الأساسي ولا تحوز على خطة عملية للمساهمة في الحفاظ على الهوية الإسلامية للمجتمع. وغياب حملات مرافقة الأسرة في مراحلها المختلفة، فهذه الأخيرة تجد نفسها تقاوم وحدها دون مناعة اجتماعية أو سند متين يضمن لها انتقالا زمنيا سليما، وكذلك عدم الاحتكاك الفعلي بالمجتمع والانشغال بهمومه، من خلال تشخيص الداء ودراسة جميع أعراضه قبل إعطاء الحلول.
كما اعتبرت الأستاذة سامية جباري، غياب الدور التربوي في المسجد الذي يعد منبرا للنصح والتوعية والإرشاد، إلى جانب العبادة، والذي ساهم بدوره في عدم تمسك المجتمع الجزائري بالهوية الإسلامية الصحيحة وكذا عدم التنوع في الخطاب الديني، إذ نجد أن أغلب المواضيع تتكرر كل سنة ولا يتم استحداث مواضيع لأحداث يعيشها مثلا أبناء حي كل مسجد، كما أن اللغة المستعملة من طرف الأئمة لا تنزل إلى جميع شرائح المجتمع، خاصة في خطبة يوم الجمعة، فأغلبهم ـ حسب ذات المتحدثة ـ يستخدمون اللغة العربية الفصحى التي قد لا يفهمها الكثير، فلا تصل الرسالة بذلك على أتم وجه.