طباعة هذه الصفحة

سفير إثيوبيا بالجزائر سولومون أبيبي لـ"المساء":

هدفنا تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الجزائر وتغيير صورة إثيوبيا

هدفنا تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الجزائر وتغيير صورة إثيوبيا
  • القراءات: 13168
حوار: حنان حيمر/ تصوير: ياسين.أ حوار: حنان حيمر/ تصوير: ياسين.أ

أكد سفير إثيوبيا بالجزائر، سولومون أبيبي العمل على تعزيز أكثر للعلاقات الاقتصادية مع الجزائر لترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية الجيدة والمتميزة باستمرار الحوار السياسي بين البلدين، حيث تحدث عن زيارات مبرمجة خلال السنة الجارية. وكشف عن منح رخصة لمجمع "سيفيتال" للاستثمار بإثيوبيا، آملا أن تستثمر "سوناطراك" في مجالي البترول والغاز. وعن الوضع الداخلي ببلاده، اعتبر الدبلوماسي في حوار خص به "المساء" أن ما يحدث هو نتاج للتنمية المتسارعة التي تشهدها إثيوبيا والتي خلقت "مجتمعا مطالبا"، مشيرا إلى أن تعيين وزير أول جديد سيتم في القريب وأنه سيتم الترحيب به مهما كانت ديانته.

المساء: ماهي أهم الانجازات التي تحققت منذ فتح السفارة الإثيوبية بالجزائر في 2016؟

السفير الإثيوبي: أولا شكرا لإعطائي هذه الفرصة للحديث مع جريدة "المساء"، إنها فرصة كبيرة لي. وبالنسبة لسؤالك، فمنذ فتح السفارة في أفريل 2016، يعني تقريبا منذ عامين وهو وقت قصير، يمكن القول أننا أنجزنا الكثير من الأمور. فكما تعلمين العلاقات السياسية بين بلدنا والجزائر قوية جدا ونعمل مع بعض اليد في اليد ونتعاون بشكل جيد في المحافل الجهوية والعالمية، وعزز فتح السفارة هذه العلاقات، فالآن نوجد في الجزائر العاصمة بقرب وزارة الشؤون الخارجية ونعمل معا بشكل مستمر، لكن يجب القول أن العلاقات الاقتصادية ما زالت لم ترتق بعد إلى مستوى العلاقات السياسية، لذا فإن السفارة تركز على هدف توطيد العلاقات الاقتصادية بين بلدينا.

وفي هذا الاتجاه، نحن نبذل جهودا للعمل على تحسين صورة إثيوبيا بالجزائر لأنها ارتبطت لسنوات في ذهن الجزائريين بالمجاعة والفقر، حيث نريد توضيح مدى التطور الذي شهدته إثيوبيا مؤخرا سائرة نحو أن تكون دولة متطورة ومتقدمة.

في هذا الاطار، نظمنا خلال سنة 2017 ثمانية أيام إعلامية في ثماني ولايات هي وهران وتلمسان والجزائر العاصمة وبومرداس وسطيف وقسنطينة وعنابة وبسكرة، كان الهدف منها بناء صورة جديدة لإثيوبيا لدى الجزائريين من جهة، والجمع بين رجال أعمال البلدين من جهة أخرى، لبحث فرص العمل والشراكة والاستثمار. وتوّجت هذه اللقاءات بتوقيع مذكرة تعاون بين الغرفة الوطنية للتجارة والصناعة والغرفة الإثيوبية للتجارة والصناعة.

كما شهدت السنة الماضية تنظيم بعثة جزائرية شارك فيها 18 رجل أعمال إلى إثيوبيا، حيث أجروا لقاءات ثنائية مع نظرائهم هناك. كما وجهنا دعوات بمساعدة وزارة الثقافة والسياحة الإثيوبية لـ9 وكالات سياحة جزائرية لزيارة بلدنا في رحلة استكشافية للمناطق السياحية والتاريخية، وعادوا منبهرين من هناك بعد كل ما شاهدوه من تراث ثقافي وتاريخي ومناظر طبيعية. للعلم لدينا 3 أنواع من السياحة، تاريخية وتتمثل خصوصا في المباني القديمة مثل المساجد والكنائس العتيقة التي يمتد تاريخ بعضها إلى آلاف السنين ومنها مسجد النجاشي وأضرحة بعض صحابة الرسول (ص) والكثير منها مصنف ضمن التراث العالمي من طرف منظمة اليونسكو. كما تزدان بلادنا بمناظر خلابة للحياة البرية، فضلا عن السياحة البيئية.

وثقافيا، تميزت سنة 2017 بزيارة لفرقتي رقص شعبية وعصرية للجزائر، حيث قدمت عدة عروض وكانت مرفوقة بوزيرة الدولة للثقافة والسياحة.

وبفضل كل ما قمنا به من مجهودات اقتصاديا وسياحيا، يمكننا القول أن هناك مستقبل زاهر بيننا.

لكن هل هناك فرص شراكة أو استثمار تم تحديدها تتويجا لهذه اللقاءات؟

❊ يجب أن نعلم أن المرحلة الأولى في تعزيز العلاقات الاقتصادية هي تنظيم زيارات متبادلة بين البلدين، ثم تأتي المرحلة الثانية التي تتميز بإجراء لقاءات ثنائية بين المتعاملين الاقتصاديين، لنصل إلى المرحلة الثالثة التي تتمثل في تحديد شراكات أو استثمارات.

حاليا هناك شركة "سيفيتال" التي تحصلت على رخصة للاستثمار في إثيوبيا في مجال إنتاج الزيوت والسكر، كما سجلنا زيارة لمسؤولين بشركة سوناطراك، ونأمل أن تكون استثمارات أو شراكات أخرى مستقبلا.

هل تم تحديد أي شراكة مع سوناطراك؟

❊ في الحقيقة، يتعلق الأمر بزيارة لبحث فرص العمل والشراكة، وتمت مباحثات مع وزير الطاقة والمناجم الإثيوبي، ونأمل أن يكون هناك رد فعل إيجابي من جانب الشركة.

في أي مجال بالذات ترغب إثيوبيا العمل مع سوناطراك ؟

❊ نريد أن تستثمر سوناطراك في البترول والغاز على كل المستويات سواء الاستكشاف أو الاستغلال وكل مراحل الانتاج، والآن ننتظر قرار المسؤول الأول لسوناطراك.

بالعودة إلى العلاقات السياسية، كيف تقيمون الحوار السياسي بين البلدين؟

❊ العام الماضي انعقدت اللجنة المشتركة بين البلدين برئاسة وزيري الخارجية وتوجت بتوقيع عدة اتفاقيات، وكانت فرصة لزيارة وزير الخارجية السابق الذي يشغل حاليا منصب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، كما سجلنا زيارة وزيرة الدولة للثقافة والسياحة، مع التذكير أنه في 2015 زار الوزير الأول الإثيوبي الجزائر. أما في 2018 فهناك زيارات مبرمجة لكن لا أستطيع حاليا الحديث عنها لأنها في طور الإعداد.

ما هو الوضع اليوم في إثيوبيا بعد الاضطرابات التي عرفتها بعض مناطق البلاد ؟

❊ إثيوبيا اليوم تتطور اقتصاديا بشكل سريع، والكثير من المستثمرين الأجانب يعملون بها ولدينا حظائر صناعية كبيرة تم إنجازها، وتستقر بها شركات أوروبية وأمريكية كبرى. يمكن القول أن إثيوبيا اليوم من الدول الأكثر نموا في القارة الإفريقية، هي تتقدم بسرعة وذلك يتمخض عنه بعض المشاكل. وهو أمر عادي لأن تطور أي بلد يجر معه مطالب متكررة ومتزايدة للشعب وهو مايسرنا. أعطيك مثالا، ففي فترة حكم النظام العسكري بإثيوبيا، كان لدينا جامعتان فقط تخرجان 3500 طالب سنويا. اليوم نحصي 49 جامعة عمومية ونفس العدد من الجامعات الخاصة، أي حوالي 100 جامعة إجمالا تخرّج سنويا نصف مليون طالب، ولابد أن نخلق لهؤلاء فرص عمل...ولهذا أقول إن التقدم يخلق "مجتمعا مطالبا"، لأن الشعب إذا وفرنا له طريقا اليوم، سيطالب بشيء آخر غدا. وإننا سعداء جدا لأننا خلقنا مجتمعا يطالب بحقوقه، لكن المشكل هو أنه من الصعب الاستجابة لكل هذه المطالب في آن واحد. وهذا ما يفسر الاحتجاجات والمظاهرات التي عرفتها البلاد مؤخرا. فالمجتمع يطالب بالتطور المستمر وحكومتنا تحاول أن تتطور بدورها للاستجابة لتطلعات الشعب. إلا أنه يجب التوضيح أنه رغم صحة المظاهرات التي شهدتها إثيوبيا، فإن ما ينقل في شبكات التواصل الاجتماعي يتميز بـ«التضخيم"، لذا يمكنني القول أن ما حدث ليس أمرا جديدا.

لكن الأحداث دفعت الوزير الأول للاستقالة؟

❊ بالفعل وأنا اعتبرها ظاهرة جديدة في إفريقيا، فالوزير الأول استقال بمحض إرادته، وبهذا يكون قد اختار أن يكون جزء من الحل، لأنه أقر بأنه لا يستطيع الاستجابة لتطلعات المواطنين ولابد من أن يأتي شخص آخر قادر على ذلك، وهذا دليل على وجود ديمقراطية حقيقية بإثيوبيا.

لكن وسائل إعلام تحدثت عن مشاكل ذات طابع إثني وعرقي وراء هذه الاضطرابات، وأنه سيتم لأول مرة تعيين وزير أول مسلم. هل هذا صحيح؟

❊ لا ليس صحيحا، هذه شائعات، لأن الحزب الحاكم في إثيوبيا - حزب الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية - قوي، وكان هناك انتقال للحكم سلميا مرتين في الماضي. ونحن نثق في الحزب الحاكم الذي سيقوم بتعيين وزير أول جديد "قريبا جدا". وأؤكد أنه ليس لدينا مشاكل بين الديانات، هناك تعايش سلمي بين الجميع، وكل الحقوق يكفلها الدستور بدون أي تمييز، فيمكن اعتناق أي ديانة في إثيوبيا وممارسة طقوسها وبناء معابد مثل المساجد والكنائس. هناك تسامح وعيش مشترك في تناسق تام، ويمكنني القول أن أحسن مثال للتسامح الديني نجده في إثيوبيا.

وبالنسبة للوزير الأول ليس مهما أن يكون مسلما أو مسيحيا، فالدين لدينا لا يتدخل في السلطة، كما أن السلطة لاتتدخل في الدين، وهو مبدأ الحكومة في إثيوبيا، ومهما كانت ديانته سنرحب بالوزير الأول الجديد.

هل يؤثر هذا الوضع على العلاقات مع الدول المجاورة لاسيما مع مصر بسبب سد النهضة؟

❊ لا، لايوجد أي تأثير، لأن علاقاتنا الثنائية مع مصر جد وطيدة ونعمل معا، وقد أنشأنا لجنة ثلاثية تجمعنا بين مصر والسودان لطرح كل المشاكل والبحث عن حلول لها، ولدينا كذلك لجنة للخبراء تعمل في هذا الاتجاه، إضافة إلى ذلك، فإنه خلال القمة الإفريقية الأخيرة، إلتقى قادة الدول الثلاث أي الوزير الأول الإثيوبي والرئيس المصري والرئيس السوداني واتفقوا على الاجتماع كل عام لحل المشاكل عن طريق الحوار. حاليا الوضع جيد والسد تم إنجازه بنسبة 70 بالمائة، وعندما سننتهي من الأشغال، فإن الكل سيستفيد منه سواء إثيوبيا أو السودان أو مصر، وكذا دول إفريقية أخرى، فسنزود جيبوتي والسودان بالكهرباء، كما نعمل على توصيل الأسلاك الكهربائية لنيروبي لبيع 500 ميغاواط من الكهرباء، فنحن نريد تقاسم مواردنا مع جيراننا ونريد أن يفعلوا بالمثل لأن تعزيز قوتنا الاقتصادية سيؤدي بنا للعيش في سلام.

لكن مصر تقول إن السد سيخفض من مستوى المياه في النيل؟

❊ أذكر أن إنجاز هذا السد تم بعد تشاور مع السودان ومصر، السودان قبلت به ودعمته، لأنها عرفت أنها ستستفيد منه، فهو يستخدم لتوليد الطاقة ويسمح بحصولهم على مياه جارية بانتظام، ولن يكون هناك أي تغيير. وبالنسبة لمصر فأقول إن الشعب المصري شقيقنا ولانريد إلحاق أي ضرر به، فلدينا تاريخ مشترك منذ القدم، والحكومة المصرية تدرك ذلك، وستكون لنا فائدة مشتركة من السد.

تجب الإشارة إلى أن 85 بالمائة من النيل ينبعث من إثيوبيا، ونريد أن يكون لنا حق في هذا النهر "ليس بالتساوي ولكن بإنصاف". وأؤكد أن لاشيء سيضرهم من السد، والحكومة المصرية تنظر اليوم إليه بصفة إيجابية وهناك تفاهم بيننا.