الفنان حكيم دكار يفتح قلبه لـ "المساء"

نحاول تنقية الساحة من الطفيليّين وهناك مشكل إنتاج في الجزائر

نحاول تنقية الساحة من الطفيليّين وهناك مشكل إنتاج في الجزائر
الفنان حكيم دكار
  • القراءات: 2582
حاوره: زبير زهاني حاوره: زبير زهاني

تألق في العديد من الأعمال الفنية، وأدخل البسمة إلى قلوب الجزائريين في سنوات، أقل ما يقال عنها إنها سنوات الجمر. اشتهر بشخصية الشاب المتناقض في مسرحية "خباط كراعو"، كما كان ضيفا خفيف الظل على بيوت الجزائريين من خلال الشاشة الصغيرة وإطلالته بمسلسل "جحا"، هو الفنان حكيم دكار، الذي يترأس لجنة النشاط الثقافي لمدينة قسنطينة، وأشرف في الكواليس على فعاليات الربيع المسرحي لمدينة قسنطينة في طبعته التاسعة، التي جاءت تخليدا لروح الفنان سليم رابية.. حكيم دكار فتح قلبه لـ "المساء"، وتحدّث عن نشاطه كمسيّر. كما توقف عند أعماله الفنية المستقبلية، التي كشف فيها عودته القريبة سواء إلى التلفزيون أو إلى المسرح، فضلا عن صعوبات الأعمال الفنية، ومشاكل الإنتاج.   

- ننطلق من آخر تظاهرة أشرفتم عليها وهي الربيع المسرحي لمدينة قسنطينة، كيف وجد حكيم دكار نفسه في منصب المسؤولية؟ وهل سيؤثر هذا المنصب على مشواركم الفني؟

= أظن أن هذا الأمر لن يؤثر على مساري الفني سواء المسرحي أو التلفزيوني. منذ وقت وأنا في نشاطات من هذا النوع، فلا تنسوا أنني ابن الفضاء الفني والثقافي، وخريج الكشافة الإسلامية، والاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، والعديد من المنظمات الجزائرية وجمعيات المسرح الهاوي، هذه الأمور غير بعيدة عن نشاطي، وأردت أن أقدم تجربتي الخاصة في التسيير لمدينة قسنطينة. عندما أشرفت على هذه اللجنة التي لا تضم سوى الفنانين، أردنا من خلالها تغيير وجه قسنطينة إلى الأحسن، أو بالأحرى الوجه الفني المعتاد كمدينة رائدة في الفن، خاصة بعدما عرفت في الآونة الأخيرة، ركودا في هذا المجال، أثر على المشهد العام للمدينة، وهو ما حز في نفوسنا كفنانين وعلى أبنائها، وأخذتنا الغيرة على هذه المدينة ونحن نشاهد مدنا أقل منها حضورا وتاريخا وفنا، باتت تفرض نفسها، وأصبح لها وجود فني. قسنطينة كانت عاصمة 5 مرات عبر التاريخ، ولا تستحق ما وصلت إليه، ونحن من هذا المنطلق أردنا أن نكون في الصفوف الأولى للتغيير، وأن نكون في لجنة النشاط الثقافي للمدينة.

كان لدينا حلم آمنا به، وساندتنا في تجسيده السلطات المحلية، وأصبحت قسنطينة خلال مدة 10 أيام، تتنفس فنا، وتستنشق ثقافة، كما أصبحت طيلة 10 أيام من التظاهرة، محط أنظار العديد من الدول بفضل التغطيات الإعلامية التي ضمنتها مختلف القنوات الوطنية أو الأجنبية المعتمدة في الجزائر.

أردتُ تقديم تجربتي الخاصة في التسيير لمدينة قسنطينة

- كيف تقيّمون التظاهرة بعد 10 أيام من النشاط؟

= التقييم الحقيقي لن يكون إلا بعد مدة، سنلتقي كلجنة نشاط لمدينة قسنطينة، ونضع كل الأمور على طاولة النقاش بإيجابياتها وسلبياتها، وسنعد تقريرا في هذا الصدد؛ تحضيرا للطبعة المقبلة. أظن أن القطار انطلق، وسنبذل كل جهدنا لتحسين الطبعة المقبلة عن الحالية. نحن نسعى لإضفاء الجديد في كل طبعة، لتكون مميزة عن سابقتها، وأظن أن أحسن تقييم يكون من الجمهور.. حقيقة لم نكن نتوقع أن الإقبال سيكون بهذا الكم، كنا نقدّم مسرحيات بأبواب مغلقة، وكان مسرح قسنطينة الجهوي ممتلئا عن آخره إلى غاية الطابق الرابع، وهو الأمر الذي لم يشهده المسرح منذ مدة طويلة. نحن نرى أن الفن كالغذاء، خاصة في الوقت الحالي وبعد جائحة كورونا، حيث وقفنا على ظاهرة الإقبال الكبير على كل ما هو ثقافة وفن، وبات الناس متعطشين للأعمال الفنية في ظل ما خلّفته الجائحة من آثار نفسية على المواطن، وعليه كان ضروريا توفير هذه التوابل الفنية. وأظن أن تضافر الجهود من المثقفين والفنانين والإعلاميين، سيعود بالفائدة على المدينة. كنا نريد أن نبيع منتجا، ومن خلاله تسويق الصورة الجميلة لهذه المدينة، وأظن أننا نجحنا في ذلك إلى أبعد حد.

نجاح تظاهرة ربيع قسنطينة المسرحي أعطى صورة حسنة عن المدينة

- إذن ترون أنكم رفعتم التحدي؟

= حقيقة، التحضيرات لهذه التظاهرة كانت في أقل من شهر ونصف شهر، وقررنا كلجنة نشاط لمدينة قسنطينة، إنجاح هذه التظاهرة، ووضع كل منا خبرته في الميدان، فكان ما شاهدتموه طيلة 10 أيام من العروض الفنية والنقاشات الثقافية والفنية والخرجات السياحية التي أردنا من خلالها تسويق صورة المدينة العتيقة ونفض الغبار عنها. وأظن أن الفضل في نجاح التظاهرة يرجع للجميع، انطلاقا من المسؤولين، الذين آمنوا في قدراتنا، وفتحوا لنا الأبواب، وإلى جمهور قسنطينة وكذا القائمين على المسرح الجهوي، وكل من كانت له نية طيبة في خدمة هذه المدينة.

- لو نعود إلى تركيبة لجنة النشاط لمدينة قسنطينة، نلاحظ أنها تتكون معظمها من أبناء الفن؛ هل كان ذلك مقصودا؟ ولماذا؟

= مؤكد أننا استنجدنا بأبناء مدينة قسنطينة من المحيط الثقافي والفني، وكان من بين معايير اختيار أعضاء هذه اللجنة، ضم عدد من الفنانين ومن النشطاء في الثقافة، مع الاستعانة بفنانين آخرين خلال النشاطات؛ سواء في التسيير أو في الاستقبال، وقد ساهم ذلك في إنجاح التظاهرات التي نظمناها، وآخرها الربيع المسرحي لمدينة قسنطينة، حيث لمسنا ارتياحا كبيرا من ضيوفنا عندما وجدوا أنفسهم في فضاء كله فن وثقافة بوجود وجوه من عالم الفن إلى جوارهم؛ سواء في المسرح في الفندق، أو خلال التجول بشوارع وأزقة قسنطينة، هذا الأمر سنعتمد عليه في تنظيم باقي النشاطات؛ سواء في السينما أو الموسيقى أو غيرها في إطار الاحتراف، من خلال منح المسؤولية لأهلها، وإغلاق الباب أمام المتطفلين.

- مؤخرا، تعرضتم كلجنة نشاط لمدينة قسنطينة، لحملة إساءة واسعة بعدما تم الترويج لأحد مقاطع الفيديو عبر وسائط اجتماعية، وتم اتهامكم باختيار فن رديء وساقط يسيء إلى طابع المجتمع الجزائري المحافظ؛ ما هو ردكم على منتقديكم؟

= أظن أن أحسن جواب للذين أرادوا ضرب لجنة النشاط لمدينة قسنطينة التي يترأسها حكيم دكار، هو نجاح تظاهرة الربيع المسرحي لمدينة قسنطينة. لقد سوّقنا صورة مدينة قسنطينة على أحسن وجه في العالم العربي وفي العالم أجمع؛ نجاح التظاهرة هو جواب لهؤلاء المشككين. كان هناك عمل مقصود من خلال نشر جزء فقط من فيديو، لو تم نشر كل الفيديو لفهم الناس مغزى العمل الفني الذي قدمه فنان استضافته قسنطينة بقصر الباي خلال الاحتفالات بيوم الفنان، من تنظيم لجنة النشاط للمدينة، كان هناك نية مبيَّتة لضرب اللجنة وحلها، حتى تكون الساحة شاغرة أمامهم للعودة إلى ممارساتهم البائدة، وحتى يكون هؤلاء الطفيليون في الواجهة لتسيير هذه اللجنة، هؤلاء لا يريدون الخير لمدينة قسنطينة. أظن أن هذه اللجنة الصغيرة ضايقت بعملها الدؤوب، بعض الأشخاص، وزاحمت حتى مؤسسات ضخمة. أظن أن مثل هذه النشاطات التي قامت بها لجنة النشاط لمدينة قسنطينة، لا يمكن أن يقوم بها هؤلاء الطفيليون، ولا يستطيع القيام بها إلا الأبناء الشرعيون للفن.

سأعود إلى المجال الفني بعد رمضان، وانتظروني في "خباط كراعو 2"

- ألن يؤثر نشاطكم على رأس هذه اللجنة، على مشواركم الفني في المسرح والتلفزيون؟

= لا أظن ذلك؛ أنا فنان مسرحي وسينمائي، اعتدت على ضبط الأمور وتنظيم أعمالي. قضية تسيير اللجنة في جهة، وأعمالي الفنية في جهة أخرى. وبالمناسبة، أكشف لكم أنني بصدد التحضير لعدد من الأعمال الفنية التي سأعود بها للجمهور، ربما استغرقت الأمور بعض الوقت، وكانت مدة انقطاعي عن الخشبة أو عن بلاطوهات التلفزيون طويلة نوعا ما، ولكن ذلك كان من باب اختيار النوعية؛ فالجمهور الذي يعرف حكيم دكار ينتظر منه تقديم أعمال نوعية؛ فمن غير المعقول أن أعود بأعمال سطحية بعيدة عن المستوى المعهود!

- إذن ننتظر عودة حكيم دكار خلال شهر رمضان؟

= ليس بالضرورة، سأكون ضيفا على حصة أو حصتين لأعمال طلبني فيها أصدقاء خلال شهر رمضان الفضيل، وهنا أغتنم الفرصة لتهنئة كافة الشعب الجزائري بهذا الضيف الكريم، لكن البداية ستكون خلال الصيف المقبل. تعلمون أن جائحة كورونا أثرت على كل المجالات بما فيها الفنية، بسبب الإغلاق وشروط الأمن والسلامة التي أوقفت العديد من الأعمال، وبعد تخفيف هذه الظروف وعودة الحياة إلى طبيعتها، أنا الآن أحضّر للعودة من خلال برنامج تلفزيوني مهم، ومسلسل قوي، وهو مسلسل تراثي؛ فأنا أعشق التراث.

لديّ عملان في التراث، يمكن تسويقهما بسهولة للعالم العربي، وأنتظر المستثمرين

- على ذكر المسلسلات، اشتهر حكيم دكار بأداء دور البطولة في مسلسل "جحا" الذي عرف نجاحا كبيرا وكان الجمهور الجزائري ينتظر الاستمرارية على هذا المنوال، لكن الأمور توقفت؛ ما سبب ذلك؟

= الاستمرارية لا تتعلق بحكيم دكار كفنان، لم أكن أملك الإمكانيات المالية من أجل المواصلة في هذه الأعمال. الصناعة الدرامية تحتاج إلى إمكانيات كبيرة، هناك أجزاء جاهزة من مسلسل "جحا"، ولكن لم يتقدم أي أحد لأخذ زمام المبادرة وتحمّل الإنتاج على عاتقه. أتمنى أن تحظى أعمالي المستقبلية خاصة التي تهتم بالتراث، باهتمام الشركاء الاقتصاديين، وأن يرافقوني في العمل. ومن هذا المنبر أوجه ندائي إلى رجال الأعمال للدخول والاستثمار في هذا المجال؛ حكيم دكار لديه عملان تراثيان يمكن تسويقهما للعالم العربي بكل سهولة، وأنا بصدد البحث عن شركاء في مجال الإنتاج.

- الجمهور الجزائري متشوق للجزء الثاني من مسرحية "خباط كراعو"؛ ماذا تقول عن هذا العمل؟ وهل من جديد؟

= حقيقة، المسرحية حققت نجاحا لم أكن أنتظره بشهادات أهل الفن. أظن أن نجاح هذا العمل الذي زار العديد من ولايات الوطن، يعود إلى اقترابه من اهتمامات ومشاكل المواطن البسيط التي تم تناولها في قالب هزلي. أحداث المونولوج التي تمتد على مدار أكثر من ساعة، تتناول يوميات شاب جزائري يحرس حائطا وهميا، ثم يحاول تدميره فيما بعد بالاستعانة بأطراف خارجية. كما يتطرق المونولوج لمشاكل الحياة اليومية، والقضايا الحساسة؛ كالعنف ضد المرأة، وخشونة بعض الرجال الجزائريين، وهو يهدف إلى إيصال العديد من الرسائل، يتقدمها إبراز الواقع المعيش للجمهور، من خلال العرض الساخر الذي تم تقديمه للجمهور أول مرة خلال سنة 1995، ويمكن من هذا المنبر أن أطلعكم على أمر مهم.

- تفضّل..

= سأعود بمسرحية "خباط كراعو 2"، وأظن أن ما شهدته الجزائر من أحداث خلال الفترة الأخيرة يحتاج إلى عمل فني. سأتناول هذه الأحداث في قالب كوميدي على لسان بطل مسرحية "خباط كراعو"، ليكون الجزء الثاني من المسرحية الأولى التي عُرضت منذ أكثر من ربع قرن.

- بم نختم؟..

- الحمد لله أن وفّقنا الله في إنجاح تظاهرة الربيع المسرحي لمدينة قسنطينة؛ ما نحن إلا جنود للثقافة والفن، نعمل على رد القليل من الجميل للمدينة التي منحتنا الكثير. سنبذل كل ما في وسعنا حتى يكتب التاريخ في يوم من الأيام أن حكيم دكار وقف وكان في الموعد عندما احتاجته المدينة ولم يخذل قسنطينة. وأتوجه بالشكر إلى كل من ساهم من بعيد أو قريب، في تحريك المشهد الفني والثقافي بعاصمة الشرق. وأوجه تحية إلى كل من يسأل ويبحث عن حكيم دكار من الجمهور الجزائري الذواق للفن الأصيل، وتحية إلى كل قراء جريدة "المساء".