الفنان المسرحي هارون الكيلاني لـ"المساء”:

معا شباب وحكومة لنجدة المسرح الجزائري

معا شباب وحكومة لنجدة المسرح الجزائري
  • القراءات: 1416
حاورته: لطيفة داريب حاورته: لطيفة داريب
في جعبة هارون الكيلاني الممثل والكاتب والمخرج المسرحي من مدينة الأغواط، العديد من الأعمال المسرحية التي فاز في بعضها بجوائز محلية ودولية مثل مسرحية ”بخور عصري” التي نال بها في مهرجان صور اللبناني على جائزة العرض المتكامل وجائزة أحسن عرض مهداة من طرف الدكتور اياد كاظم عن معهد الفنون الجميلة بجامعة بابل بالعراق، ”المساء” اتصلت به وطرحت عليه عدّة أسئلة حول المشاورات الأخيرة التي أطلقتها وزيرة الثقافة السيدة نادية لعبيدي وكذا نصه الجديد إضافة إلى مشروع عالمي انضم إليه، فكان هذا الحوار.
التقيت بوزيرة الثقافة في إطار المشاورات التي نظّمتها مؤخرا مع الفنانين والمثقفين، ماذا كان فحوى هذا اللقاء؟
إصرارنا على الحضور في هذه اللقاءات نابع من تمسّكنا بغد أفضل للأجيال القادمة وأمل في أن يكون للمسرح في الجزائر اعتبار أحسن..صحيح أنّ المسرح عرف تطوّرات ولحظات مهمة عبر عهدة الوزيرة السابقة خليدة تومي، كما عرف بعض الإخفاق حيث كرّس البعض سياسة الرداءة لقتل كل ما هو إبداع وحمل شعار ”الحنين إلى الماضي” وكثيرا ما تكرّر سؤال ”لماذا تدهور حال المسرح عندنا، لماذا كان الجمهور يتوجه إلى المسرح واليوم المسرح يتيم؟”.
أنا أقول عكس ذلك فلكلّ زمانه ولماذا هؤلاء لا يفتحون جيدا عيونهم لاكتشاف ما تصنعه الأجيال الحالية ويصرّ الكثيرون على غض البصر عن تجارب قادرة على صناعة الوجه الجديد للمسرح الجزائري وأنا كلي إيمان بأنّ الجيل الجديد -وأنا منهم- نؤمن بمن تعلّمنا على أيديهم عبر أعمالهم التي ستبقى خالدة مثل مصطفى كاتب، كاتب ياسين، علولة، كاكي وبن قطاف، في أن نجدّد الروح في مسرحنا.
بالمقابل، تكلّمت في لقاءنا مع الوزيرة بلسان النخل والرمل، وقلت لها بأنّ الجنوب بحاجة إلى المسرح والمسرح بحاجة إلى الجنوب، فالجنوب بقدر ما هو منبع للإلهام والإبداع، يعيش عزلة عن القطعة التي هو منها وهي منه، ألاّ وهي الجزائر الكبيرة.
كما أنّ وزيرة الثقافة الجديدة تحتاج إلى دعم أهل الثقافة لها كي نصنع معا غد الجزائر ونحن نؤمن أنّ الحكومة تحمل مشروعا ثقافيا حدّدت معالمه، وكلّ ما تحتاجه هو دفع نفس آخر في جسد الثقافة عندنا كي تواصل مشوارها مؤمنة بكلّ ما حققته في العهدات السابقة.
رغم ذلك وجد الكثير من الفنانين الجرأة في تقديم مشاريعهم حالمين في تحقيقها على يد سيدة الثقافة التي حمل الجميع لها تفاؤلهم بها..نعم بكلّ أمل حضرنا وسنحضر مرارا وتكرارا لأجل الثقافة في وطننا الجزائر وما أدرانا ما الجزائر.
اخترت الانضمام إلى فريق العمل التطوعي الذي يعمل تحت شعار ”الاندماج والتعايش” للمهاجرين الجدد الذين انطلقوا منذ سنوات بموجات من الهجرة عبر البحر من الجنوب إلى الشمال، هل لك أن تحدثنا عن هذا المشروع؟
هو مشروع إنساني فني لمجموعة من المخرجين من مختلف الجنسيات، وأنا العربي الثاني بعد دلال مكاري باوش رئيسة المجموعة والجزائري الوحيد ضمن المجموعة التي تشمل أيضا مختصين نفسانيين وناشطين حقوقيين ومختصين أيضا في القانون الدولي.
هي رغبة من أهل المسرح في تنوير العقل البشري وإيجاد أدوات تواصل بين المجتمعات وفي هذا السياق، ستتنقل المجموعة عبر المعسكرات والمخيمات إلى كل من إيطاليا، فرنسا، ألمانيا وهولندا وبعض البلدان العربية أيضا كسوريا ولبنان لأجل لقاء المهاجرين ومساعدتهم لإسماع صوتهم للعالم عبر أعمال مسرحية يموّلها المحسنون أيضا من الذين يحلمون بعالم متوازن تعمه الإنسانية والسلام، وانطلق العمل منذ سنتين وحقّق نتائج رائعة خاصة على مستوى المعسكرات التي تجمع المهاجرين الذين اختاروا البحر كي يصلوا إلى عوالم قد يجدون فيها عادات وتقاليد وأفكار لا يمكن التعايش معها بسهولة.
أنت بصدد كتابة نص جديد بعنوان ”الشمس تركض لتتذكر”، حدّثنا عنه؟
أصبت بالدهشة ووقفت مشدودا إلى تلفزيون إحدى المحطات وهي تعلن خبر ظهور حفرة عميقة بشكل فجائي وغريب في سيبريا وبالتحديد في منطقة تسمى نهاية العالم، التفت بعدها إلى ظلي المستلقي على الأرض أسأله هل أنهي النص أم أتوقف، لأنّني حينها وصلت إلى مشهد حيث يتجمّع شخوص المسرحية لسحب رجل شرير أسميته ماجوج ليكشف لهم حقيقتهم بما أنهم أسرفوا في الشر وما عادوا قادرين على فهم دواخلهم وهم التائهون في هذا العالم ويركضون بحثا عن الحقيقة قبل أن تقترب الشمس أكثر من الأرض و تنطفئ حينها ستنزلق الأرض نحو العتمة وينتهي العالم.و«الشمس تركض لتتذكر” هو نصّ ما زال تحت وطأة قلمي أحاول أن أصرف نظري عن كثير من مشاغل الدنيا لعلني انهيه في أحسن الأحوال وقد التقيت بصديقي المخرج ومدير المسرح الجهوي لبجاية رفيق الدرب عمر فطموش ولعل ”كاب كربون” ستكون الحضن الجيد لهذا العمل.
ظفرت بجائزة العرض المتكامل بمهرجان صور اللبناني عن ”بخور عصري”، وكذا جوائز أخرى بهذه المناسبة، كيف كانت الأجواء؟
لا يمكن نسيان ما حقّقناه في لبنان، فعند وصولنا إلى لبنان رحنا نستشعر تلك الأطياف المتنوّعة لهذا الشعب الذي واجه بشجاعة أكثر من هزة، وبتعدّد أطيافه مازال لبنان واقفا بشموخ أشجار الأرز، ومازال الكرم وحلو الكلام والجمال سمات هذا البلد.
كان حظنا وفيرا في أن نكون أوّل من دشّن قاعة ”سينما حمراء” العريقة، بعد غياب العروض عن صور مدة 30 سنة، كما كانت المنافسة قوية وفرحتنا في الأخير برفع العلم الجزائري كانت أكثر من أي تصوّر.
لم نترك صور تنام طيلة تواجدنا هناك حيث دوّت ”1 2 3 فيفا ألجيري” في شوارع صور، نعم أحبنا الناس واستضافونا في منازلهم أيام المونديال ورافقت صور الجزائر رغم أنّ أغلبهم كانوا يشجّعون الألمان، وحتى الآن مازال يرفع علم الجزائر من طرف أصدقائنا في عزّ الأزمة الفلسطينية لأنّنا كنا نهتف باسم فلسطين في كلّ مرة.مهرجان صور مغامرة لمجموعة شباب لا يملكون إلاّ الإرادة لإعادة ترميم قاعتهم الفريدة ويستقبلون 12 فرقة من العالم ليقولوا أنّ لبنان مازال قبلة الأدباء والفنانين، كما أنّ فوزنا بالجائزة الكبرى تأكيد آخر بأنّ المسرح الجزائري موجود وبقوّة.
بالمقابل أرجو أن تمنحنا الوزارة فرصة تمثيل الجزائر في مهرجانات أخرى بالدعم المادي فكثير من الدعوات لم نستطع أن نلبيها نظرا لأنّ كلّ خرجاتنا كانت من جيوبنا، ثم انتهز الفرصة لتحية أصدقائي ممن وجدوا رغبة لدراسة أكاديمية لطريقتي في الإخراج والكتابة وهم مجموعة من الطلبة والأساتذة في كلّ من جامعة الإسكندرية والجامعة العراقية بالإضافة إلى مبادرة الجامعة الجزائرية وعلى رأسها الدكتور حسن تليلاني الذي في كل ّمرة يبرهن على حضوره القوي لدى الأسرة المسرحية الجزائرية، وأبلغ شكري إلى السيد يوسف شرفة وإلى ولاية الاغواط فهو الوحيد الذي يقف معنا.