الشاعر العراقي مضر الألوسي لـ"المساء":

ما يحدث في الوطن العربي يستحق الصراخ والبكاء

ما يحدث في الوطن العربي يستحق الصراخ والبكاء
  • القراءات: 1342
حاوره: زبير.ز حاوره: زبير.ز
يعدّ الشاعر العراقي، مضر الألوسي قامة من قامات الشعر العربي، مارس الأدب والإعلام وغاص في الثقافة من باب محاولة تحريك المشهد في بلاد الرافدين بعد الركود الذي شهدته العراق، نتيجة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في السنوات الفارطة. والشاعر من عائلة متدينة، نشأ وترعرع على ترتيل القرآن وحفظ الأحاديث، وتلقى أوّل حروف اللغة العربية على يد والده الشيخ عبد المجيد الألوسي، أحد أبرز رجال الدين بمنطقة الوس، تأثّر بأسلوب القرآن، أشعاره تستوحي عباراتها من الآيات، حمّلها هموم وطنه وأمته.. إلتقته "المساء" على هامش افتتاح الأسبوع الثقافي العراقي بقسنطينة وكان هذا الحديث.
- كيف كانت مشاركتكم في فعاليات "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية"؟
— فخر لنا هذه المشاركة في التظاهرة الثقافية العربية التي اختارت مدينة قسنطينة كحضن لها خلال هذه السنة.. ويحملنا الشوق، الثقافة والشعر والأخوة وكلّ المشاعر الطيبة نحو الجزائر ونحن نقطع كل هذه المسافة لنبارك ونهنئ للجزائر ولقسنطينة اختيارها عاصمة الثقافة العربية، وهذه المشاركة ليست غريبة عن البلدين، فقد شاركت الجزائر معنا يوم اختيرت بغداد كعاصمة للثقافة العربية سنة 2013، جئنا إلى قسنطينة بدعوة كريمة من وزارة الثقافة الجزائرية وبوفد أشرف على اختياره رئيس البرلمان العراقي شخصيا، الدكتور سليم الجبوري، وكان دور كبير للسفارة العراقية في الجزائر لتنقلنا، وحتى تمكّننا من المشاركة في فعاليات الأيام الثقافية العراقية بتظاهرة عاصمة الثقافة العربية التي نباركها من صميم قلوبنا.
- تحملون كشعراء عبئا ثقيلا لإيصال معاناة الأمة العربية، فكيف ترون ذلك ؟
— ربما المهمة لا يحملها الشعراء فقط، هو همّ وطن وهو حزن شعب كبير، فالشعب العراقي يعيش المعاناة وقد أعادته إلى ذاكرة احتلال الوطن والجروح القديمة التي عاشتها الشعوب العربية من الجزائر إلى بلدنا، ولا يزال الهمّ الأكبر الذي تعيشه الأمة العربية وهو القدس، ربما ليس هم الشعراء فقط ولكن الشعراء هم الذين يجسّدون ويرسمون هذه المعاناة والجرح الواحد الذي يعيشه الشعب العربي كله.
- من خلال الأبيات الشعرية التي ألقيتموها خلال سهرة افتتاح الأسبوع الثقافي العراقي رفقة ثلة من أهم شعراء بلاد الرافدين، لمسنا نوعا من الألم والتشاؤم في شعركم، ما تعليقكم؟
— ربما هذا ليس تشاؤما ولكنّه الواقع الذي تعيشه الأمة العربية، ما يحدث في الوطن العربي يستحق أن نصرخ وأن نبكي عليه، ونحن نحتاج إلى ثورة عربية أخرى، ليست بالضرورة ثورة بالسلاح وإنّما ثورة داخل النفوس لتصحيح ما يمكن تصحيحه، وزرع المحبة لحماية هذه الأوطان وهذه الشعوب التي لم تندمل جروحها القديمة تماما لتعود تفتح جروحا أخرى في سوريا، العراق، اليمن، ليبيا ومصر وفي كلّ الدول العربية التي نتمنى أن يعود إليها الأمان وتعيش شعوبها بسلام بعيدا عن الأفكار السلبية والهدامة التي باتت تنخر المجتمعات العربية.. أريد أن أقول نحن أمة واحدة وأسرة واحدة سواء كان ذلك داخل الوطن العربي أو خارجه وله الحق في أن يعيش بأمان وهي أبسط هذه الحقوق وله الحق أن يعيش بحرية تعدّ من الحقوق التي لا يفرط فيها الإنسان العربي ولا يطلب حقا هو ليس له.
- بالحديث عن الأفكار، هل تظنون أنّ المثقف العربي ينتظره دور كبير في لملمة جراح هذا الوطن ورسم مستقبل أجمل وبعث النهضة من جديد؟
— حتما، أرى أنّ السياسة هي التي جلبت لنا كلّ هذه المشاكل، ولكن علينا أن نقرأ في التاريخ ونعي تماما أنّ المثقفين كان لهم دور أساسي في تحرير أوطانهم، فالذين أسّسوا جمعيات سرية كالجمعية العربية للفتاة أو الذين حرّروا بلدانهم وهم من القيادات الميدانية في الدول العربية منها الجزائر، المغرب أو العراق على غرار عبد القادر الجزائري، عبد الكريم الخطابي وعمر المختار، وغيرهم ممن حملوا مشعل الثقافة في كفاحهم، ساهموا بشكل فعّال في إيقاظ الضمائر، وعلى المثقفين العرب أن يعودوا إلى أنفسهم حتى يكون لهم الدور الأساسي في إيقاظ ضوء الأمل في هذه الظلمة التي نتمنى أن نخرج منها وإحياء الضمائر من جديد.
- بالعودة إلى الشعر، كيف تقيّمون واقع الشعر العراقي في ظلّ ما تعيشه البلد من مآس ودمار؟
— أنا شاعر من العراق وإن قدّمت شهادة عن هذا الموضوع، فحتما ستكون شهادتي مجروحة، ولكن سأستشهد بما قاله محمود درويش رحمه الله، عن شعر العراق، حيث قال "كن عراقيا لتصبح شاعرا يا صاحبي".
- ماذا تقولون للقسنطينيين وللجزائريين وأنتم القادمون من بلاد الرافدين؟
— لا شك أنّه بلدنا الأوّل ونحن لم نحس بالغربة رغم اختلاف اللهجة وصعوبة فهم كلام الناس معنا أحيانا، نحن نشعر بأنّنا في وطننا بين أخوتنا وأحبتنا وأهلنا في الجزائر، أقول ربما أبيات من بين الأبيات التي قرأتها على المنصة في افتتاح سهرة الأسبوع الثقافي العراقي والتي أقول فيها:
"يغيب سنة وجهي ووجهك حاضر وتؤمن بي عيني وحسنك كافر، فكم في اختصار الوقت من ألف ليلة في ليلتنا الأولى كأنك ساحر،
وأن بساط الريح من سحر ما أرى فسيح وكل الكون حولي طائر".
إلى أن أقول: "رأيتك والأحلام تغزل ثوبها، عروسا على أهدابها سأل شاعر، فقلت لهم قولا، فقالو فقل لها، فقلت ومن هذه، فقالوا الجزائر".