المخرج المغربي طارق الإدريسي لـ"المساء":

فيلمي دعوة إلى المصالحة وتضميد الجراح

فيلمي دعوة إلى المصالحة وتضميد الجراح
  • القراءات: 1158
حاورته: خ. نافع حاورته: خ. نافع
تطرّق المخرج المغربي، طارق الإدريسي بجرأة كبيرة إلى المسكوت عنه من القضايا في فيلمه الوثائقي "ريف 1958 /59"، على غرار الثورة التي عرفتها منطقة الريف في المغرب. وفي حوار "المساء" معه، كان الحديث عن هذا العمل وعن الظروف المحيطة به وردة فعل الجمهور المغربي حياله وكيف تلقاه.
❊ هل كان من السهل التطرّق لهذه القضية الشائكة والمؤلمة في نفس الوقت؟
— ❊ لم يكن ذلك سهلا، لأنّ هذا الموضوع يعتبر موضوعا حساسا لكثير من المغاربة، بمن فيهم "الريافة" أنفسهم، وباعتباري ابن منطقة الريف، فقد عانى أجدادي، ولما تحصّلت على دعم مؤسستي هيئة المصالحة والاتحاد الأوروبي، رغبت في إنجاز شيئ  لا أعطي فيه رأيي ولكن في المقابل أعرض آراء مختلفة لمجموعة من الأشخاص ممن عانوا وعايشوا تلك الثورة، تاركا للمتفرّج حرية أن يكون له استنتاجه الخاص وانطباعه الفردي حول هذه الحادثة التاريخية التي تحمل مآسي وآلاما لا تزال في قلب من عايشوها.
❊ كيف كانت ردة فعل الجمهور المغربي؟
— ❊ أكّد لي الكثيرون ممن شاهدوا الفيلم أنّهم وجدوا أنفسهم في هذا العمل الوثائقي الذي نقل شهادات عن فترة من تاريخ المملكة المغربية، بنسبة اقتربت من 90 في المائة من المشاهدين، والأهم في هذا كلّه أنّ الفيلم ترك لديهم انطباعا إيجابيا وتفهّموا ما تكبّده سكان الريف  من معاناة. ونعلم أنّه في المغرب العلاقة بين الريافة ومغاربة الداخل ليست جيدة دوما، وتلك القدرة على فهم ظروف الآخر ومعاناة الآخر هي الإيجابية، فقد كانت هناك ردود أفعال من الطرفين الريفيين المتطرفين والمغاربة الوطنيين.
❊ كيف كان موقف الحكومة والقصر الملكي من هذا العمل؟
— الفيلم لم يمنع عرضه لأنّ هناك مؤسّسات لها وزنها دعمته من قبيل هيئة الإنصاف والمصالحة ومجلس حقوق الإنسان بالمملكة، والقصر في الحقيقة دعم العمل من أجل طي صفحة الماضي وترسيخ فكرة المصالحة كونها مبدأ نبيلا، لكن ضمنيا تظلّ السياسة هي السياسة لا تتغيّر مواقفها تجاه قضية من القضايا، ولقد ظلّت هذه القضية من الطابوهات الكبرى، وانتظرنا شهرين ليرخّص لنا بعرض الفيلم دوليا من قبل القصر الملكي، وأعتقد أنّها المشكلة الوحيدة التي صادفتها نظرا لحساسية الموضوع.
❊ هل يمكن اعتبار هذا العمل اشتغالا على الذاكرة؟
❊ لا، الاشتغال على الذاكرة أمر صعب، وأنا لا أحبذه نظرا لأنّه قد يؤجّج الكثير من المشاعر في كياني كإنسان قبل أن أكون مخرجا سينمائيا، وخضت تجربة الاشتغال على الذاكرة في 2007، في شريط وثائقي حول استعمال الغازات السامة في منطقة الريف من قبل الاحتلال الإسباني.
❊ ما هي الإيجابية التي حقّقها هذا الفيلم الوثائقي؟
❊ ساهم هذا العمل في تضميد الجراح نوعا ما في نفوس الضحايا وهم يدلون بشهاداتهم.
❊ غالبا ما يتدخّل الاتّحاد الأوروبي حين يدعم بعض المخرجين، هل حدث ذلك معك؟
—❊ الدعم المالي لم يكن من قبل الاتحاد الأوروبي فقط، بل ساهم فيه مجلس حقوق الإنسان وهيئة المصالحة. ورغم صعوبة ظروف التصوير كون موضوع الفيلم يحمل قضية سياسية، إلاّ أنّني عملت بشكل عادي.
❊ شارك وانضم العديد من أبناء الريف إلى المجاهدين الجزائريين أثناء الثورة، هل من الممكن أن تنجز فيلما حول هذا النضال المشترك؟
— صحيح كثير من "الريافة" صعدوا للجبل خلال تلك الثورة التي حدثت بالمنطقة وكان معظمهم ضدّ استقلال المغرب حتى يستقل كلّ شمال إفريقيا، وأتمنى أن أنجز فيلما في هذا الإطار لم لا، فكثير من المغاربة ساندوا الثورة الجزائرية ولا تزال عائلات ريفية تقطن بالجزائر، نحن شعب واحد لن تفرّقنا السياسة، فالعلاقة بين بلدينا قديمة ضاربة بجذورها في القدم.
❊ هل هذا أوّل حضور لك بالجزائر وأول مشاركة لك في مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي ؟
— نعم هذه أوّل مرة أحضر فيها إلى وهران وإلى الجزائر ككلّ، وأوّل مشاركة لي في هذا المهرجان وأنا سعيد باختيار فيلمي الوثائقي، وأشعر أنّني بين أهلي، فوهران مدينة مضيافة وأحسّ أنّني بين أهلي وفي بلدي.
❊ ماهو انطباعك الأولي حول المهرجان؟
— مهرجان رائع، وإن قيل أنّ هناك سوء تنظيم فإنّ هذا ليس خاصية ملازمة لمهرجان وهران، فالإختلالات يمكن أن نجدها في كلّ المهرجانات بالعالم، أتمنى أن يتواصل هذا الزخم الإبداعي ليخلق مساحة تبادل بيننا ونتعرّف على توجّهات وإبداعات السينما العربية.
❊ هل من مشاريع في الأفق؟
— أحضر لإنجاز شريط وثائقي حول حقوق المرأة وأعكف على كتابة سيناريو فيلم روائي.