طباعة هذه الصفحة

رئيس جبهة الجزائر الجديدة يُشرّحُ الأزمة ويدعو إلى:

طريق ثالث تؤجل فيه «الخلافات» بين المعارضة والسلطة

طريق ثالث تؤجل فيه «الخلافات» بين المعارضة والسلطة
  • القراءات: 41798
أجرى الحوار : محمد بوسلان أجرى الحوار : محمد بوسلان

❊شرط ٤٪ لن يشكل عائقا إذا احترم اختيار الشعب

يرى رئيس جبهة الجزائر الجديدة جمال بن عبد السلام، أن نسبة 4 بالمائة المشترطة على الأحزاب للدخول في الانتخابات، إجراء يثبط العزيمة لدى الأحزاب السياسية، ولكنه ليس عائقا فعليا في حال تم تنظيم إنتخابات نزيهة تحترم فيها الإرادة السياسية للشعب، مبديا تفاؤله بخصوص المستقبل السياسي لحزبه وإمكانية حصاده لأعداد معتبرة من الأصوات، على مستوى عدد من الولايات.

إذ أشار نفس المسؤول السياسي في هذا الحوار الذي خص به «المساء»، إلى أن حزبه لا يعاني من ظاهرة التجوال السياسي، بخلاف الأحزاب الأخرى ومنها الأحزاب الكبيرة على وجه الخصوص، اعتبر حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي جهازين تابعين للسلطة وليسا حزبين سياسيين. كما يقدر محدثنا بأن الإرادة السياسية القوية لدى السلطات العمومية هي وحدها الكفيلة بضمان نزاهة ومصداقية الانتخابات القادمة، مرجعا في سياق آخر أسباب فشل مبادرتي الموالاة والمعارضة إلى التنافر الحاصل بين الطرفين وعدم التوافق بين مبادرتيهما، داعيا إلى إجماع وطني حول مبادرة ثالثة تجمع الإيجابي في المبادرتين وتلتقي حولها كل الفعاليات الوطنية.

في هذا الإطار، يدعو بن عبد السلام إلى بناء جبهة وطنية داخلية لمجابهة التحديات، ويعتبر ذلك أولى من التنافس السياسي، مشيرا إلى أن الأولى للجزائر هو التقاء جميع الأطراف حول مشروع وطني قوي متوافق، لا يهم فيه من يحكم. فيما انتقد محدثنا سياسات الحكومة التي يرى بأنها تحتاج إلى استشراف ودراسة معمقة لاستباق التداعيات غير المحمودة، ويعتبر خطر تعديل قانون التقاعد، في تداعياته وليس في مسألة السن، مجددا بالمناسبة رفضه للإصلاحات التي تقودها وزيرة التربية الوطنية لأن في اعتقاده، هذه الإصلاحات تكرس التراجع عن المكتسبات المحققة في المنظومة التربوية الوطنية.

❊ كيف تقيّمون مسيرة حزبكم؟ 

❊❊ حزبنا تأثر على غرار باقي الأحزاب بالبيئة السياسية التي تطغى على الساحة الوطنية. جبهة الجزائر الجديدة هي حزب نشأ في مناخ سياسي واجتماعي وإعلامي وطني تغلب عليه مظاهر كثيرة. أولها عدم الاستقرار في المسار السياسي للساحة الوطنية بصفة عامة، ثم ظهور التعفن في هذه من خلال تغول المال السياسي وظاهرة التجوال السياسي وموضوع تزوير الانتخابات الذي عرفته الاستحقاقات السابقة، أضف إليها استقالة المواطن الجزائري من الشأن العام بصفة عامة ومن العمل السياسي والحزبي بصفة خاصة. كل هذه العوامل كانت مؤثرة في مسيرة الحزب وفي انطلاقته، غير أنه وبالرغم من كل هذه العقبات والعوائق والأعباء الإضافية إلا أننا حزب بارز إعلاميا وحاضر سياسيا ومنتشر على مستوى جغرافية الوطن بصفة عامة. 

الأحزاب الناشئة اصطدمت بضعف الإمكانيات

ما يؤثر سلبيا على نشاطاتنا هو جانب الإمكانيات التي تفتقر لها كل الأحزاب الناشئة. كما تعلمون بعد دستور 1989 كانت تساهم الدولة في دعم الأحزاب على الأقل بمقر وطني ودعم مالي، لكن بعد إعادة فتح الساحة السياسية في عام 2012، تم منح الاعتماد للأحزاب من دون دعمها، على خلاف الأحزاب السابقة التي تملك مقرات وإمكانيات من عقارات وممتلكات الدولة، بينما نناضل نحن على عدة جبهات..

هناك فوارق في التعامل مع الأحزاب السياسية فيما يتعلق بالجانب المادي، حيث نلاحظ سياسية الكيل بمكيالين في منح الوسائل. هو ما يؤثر علينا، حيث لا نملك حتى مقرا ثابتا. ونعمل مثل البدو الرحل وذلك يطرح إشكالية لنا حتى مع المراسلات التي تصلنا من رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية.

وزيادة على كل هذه المشاكل جاؤونا بقانون انتخابات يحدد نسبة 4 ٪ مطلوبة للمشاركة في الانتخابات. بمعنى أن هناك تزوير لدعم أحزاب سياسية دون غيرها، مع الإشارة هنا إلى أن حزبنا حصل على أكثر من 6 بالمائة في بعض الولايات خلال الانتخابات الماضية، ولكن حرمنا منها وللأسف، يضعون لنا شروطا بناء على باطل.

هذه كلها معوقات ومثبطات للعمل السياسي، إلا أننا مناضلون لدينا تجربة ومراس وخبرة لن نستسلم وسنواصل وننتصر بإذن الله.

المناضلون أحرار في تنقلاتهم 

❊ يعاب عليكم عدم الاستقرار وأنكم تعانون من ظاهرة التجوال السياسي؟

❊❊ أرباب التجوال السياسي هم أحزاب السلطة، أما نحن في موقعنا ثابتون، ولم نتجول سياسيا..

لا أريد أن أتكلم عن كل الأحزاب، لكن الواقع يثبت وجود هذه الظاهرة لدى الكثير من الأحزاب، غير أن حزبنا بمنأى عنها، ويبقى أن الناس أحرار في التنقل من حزب إلى آخر.

❊ لكن ألا ترون أن هذا يضرب مصداقية الأحزاب السياسية والعمل السياسي عامة؟

❊❊ أكيد فهذه من المناخ غير الملائم للممارسة السياسية. نحن نجتهد في حزبنا أن تكون تشكيلتنا ممثلة بمناضلين حقيقيين وحاملين لقناعات وبرامج ورؤى الحزب بعيدا عن ظاهرة القفز من هنا إلى هناك. لكن الظاهرة تعرفها الأحزاب الكبيرة مثل ما هو حاصل في الأحزاب الكبيرة، حيث يترشح بعض المناضلين لأحزاب صغيرة للظفر بمناصب، ثم العودة إلى الأفلان.

❊ كيف ترون الضمانات المقدمة من أجل ضمان نزاهة الانتخابات؟

❊❊ لابد من تجسيد الوعود التي تتحدث عن الضمانات الانتخابية بشكل فعلي وملموس ومؤكد، وأنا عشت كل المراحل الانتخابية التي عرفتها البلاد ويمكن أن أؤكد لكم أن التزوير لم يأت من جهاز الاستخبارات وحده، كما يشاع، وإنما هناك عدة أساليب للتزوير، ومنها اليوم أيضا تقنيات الإعلام والاتصال، لذلك فإن المشكل الحقيقي يكمن في الإرادة السياسية الحقيقية، لأنه في غيابها، تكون الانتخابات مشبوهة حتى بوجود اللجنة الوطنية العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، بل وحتى لو نظمتها أنا شخصيا.. 

لا نستعجل النتائج

❊كيف ترون حظوظكم في الانتخابات القادمة؟

❊❊ في ظل كل الظروف التي ذكرناها، نحن نعمل بتفاؤل ولسنا مستعجلين على النتائج، وأؤكد لكم أنه إذا احترمت النتائج ستكون لنا حصتنا في وسط هذه الانتخابات، على الأقل في بعض الولايات، لكن إذا «طاف عليهم طائف من ربك وهم نائمون»، عندئذ لا ينفع تنبؤ ولا تقدير للأمور.. وللأسف اعتدنا في بلادنا أن يطوف عليهم طائف من ربك وهم مستيقظون.. ورغم كل هذه المؤثرات يبقى أن حزبنا متواجد وعندنا تفاؤل كبير بأننا سنكون رقما أساسيا في الساحة الوطنية في السنوات القليلة القادمة.    

❊ ما موقفكم من المبادرات التي أطلقتها كل من أحزاب الموالاة وأحزاب المعارضة؟

❊❊ موقفنا أن مبادرة المعارضة المتمثلة في تنسيقية الانتقال الديمقراطي اصطدمت بعائقين، يتمثل العائق الأول فيها في رفض السلطة لها، والعائق الثاني عدم قدرتها على تحقيق الالتفاف الشعبي الذي يدعمها ويجعلها وسيلة للضغط.

أما مبادرة الجدار الوطني التي طرحتها أحزاب الموالاة، فلا يمكنها أيضا أن تجمع الأطراف حولها لأن لديها اشتراطات، ومنها الدعم اللامشروط لبرنامج رئيس الجمهورية. وكما تعلمون هناك أحزاب وشخصيات ترشحت للرئاسيات تختلف مع هذا البرنامج، بالتالي من غير المعقول أن ننتظر منها دعم برنامج رئيس الجمهورية، والموافقة ببساطة على مقترح الموالاة، لذلك افتقدت هذه المبادرة أيضا لشروط النجاح.

أخذ الإيجابيات من مبادرة المعارضة.. والسلطة

انطلاقا من هذه المعطيات، نحن الآن بصدد التفكير في خيار ثالث، ملخصه أن الجزائر بحاجة إلى مبادرة تجمع الإيجابي في مبادرة المعارضة والإيجابي في مبادرة الجدار الوطني وغيرها من المبادرات، ليتم بناء مسعى طموح يحمل الأمل للشعب الجزائري ويكون محل تلاقي الأطراف المختلفة، سلطة وموالاة ومعارضة، وتحتاج هذه المبادرة أيضا إلى التفاف شعبي كبير حتى يمكن أن نجسدها وهو ما نشتغل عليه الآن.. 

❊ طرحكم يقترب من مقترح جبهة التغيير التي تدعو إلى الجمع بين المبادرات؟

❊❊ ليس بالضرورة الجمع بين المبادرات، فقد تطرح أفكار ورؤى أخرى ولكن في إطارها العام، كما ينبغي على السلطة أن تدعم المبادرة المتفق عليها، لأنه في رأينا أية مبادرة مهما كانت إيجابية إذا لم تدعم من السلطة، يكون مآلها الفشل لأن السلطة هي صاحبة القرار .

❊ ما موقفكم من مسألة الدخول في الاستحقاقات في تحالف انتخابي؟ 

❊❊ التحالفات أمر ممكن بين الأحزاب السياسية، لكننا نحن إلى حد الآن نشتغل لوحدنا مع مناضلينا، ونبقى رغم ذلك متفتحين على كل المقترحات.. هناك أحزاب اتصلت بنا ونحن مستعدون للتحاور معها، لكن إلى حد الآن ليس هناك جديد في هذا المجال.

❊ هل ترون أن نسبة 4 ٪ المشترطة في قانون الانتخابات تعرقل النشاط السياسي؟

❊❊ القضية لا تغلق المنفذ نهائيا، لكنها تصعب الأمور بالنسبة للأحزاب، خاصة في موضوع التحالفات. إن تحدثت عن حزبي فجبهة الجزائر الجديدة، ونحن لدينا تعبئة لا بأس بها في مجموعة من الولايات، خاصة تلك التي حصلنا فيها على أكثر من 4 بالمائة في تشريعيات 2012، كما حصدنا في عدد من الولايات أكثر من 10 منتخبين محليين، وهذا يؤهلنا لعدم جمع التوقيعات.. أما الولايات التي لا نملك فيها هذه النسبة فسنعمل على جمع التوقيعات، ونرفع التحدي.. وإن تمكنا من جمعها، اللهم بارك، أما إذا لم نقدر على ذلك نتحمل مسؤوليتنا لأن هذا قانون ينبغي أن نحترمه.

❊ لكن رغم هذا أنتم ضد القانون؟

❊❊ نحن نرى أن أهم شيء، هو تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، تكون نتائجها حقيقية، إذا توصلنا إلى هذا المستوى، فلنطبق حتى 10 أو 15 بالمائة إذا أراد المقررون، لكن أن تنظم انتخابات تميل إلى جهة واحدة، وبعدها تطبق علينا مثل هذه المعايير، ففي ذلك إجحاف وانحراف..

في تركيا مثلا، يشترط الحصول على 10 بالمائة للحصول على مقعد في البرلمان، لكن هناك تراعى معايير العدل والنزاهة. وإذا توصلنا نحن في الجزائر إلى تنظيم انتخابات تحترم فيها إرادة الشعب، عندئذ الذي يفوز مبروك عليه، ومن لا يفوز يذهب ليعمل ويحاسب نفسه ويراجع سياسته، نحن نرفض استمرار الممارسات التي تحرمنا من حقنا المشروع فقط، وهنا أذكر بما حصل لنا العام الماضي في برج بوعريريج، حيث أخذنا 7000 صوت ولكنهم وضعوا لنا 4,99 ٪ لإقصائنا فقط، أما حزب آخر وهو «الأفافاس» فأخذ 2200 صوت ومنحوه مقعدين..

المعارضة لا يمكنها أن تكون بديلا..

❊ كيف تقيمون الأوضاع العامة في البلاد؟

❊❊ يمكن أن نقول بأنه إلى حد الآن الجزائر مقارنة بغيرها من الدول تنعم باستقرار والحمد لله، خاصة مقارنة بأشقائنا العرب، لكننا أمام تحديات خطيرة جدا على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية وكذا على المستوى الاقتصادي، لأن المنطقة كلها تعيش وضعا مضطربا، وهنا أؤكد بأن المطلوب منا جميعا كنخب وطنية مراجعة أنفسنا لنحافظ  حالة النأي عن المخاطر ونعمل مجتمعين للخروج من دائرة التحديات، وقد ثبت عمليا أن السلطة وحدها لن تستطيع مواجهة الإشكالات المطروحة، كما أنني متيقن بأن المعارضة لا يمكنها أن تشكل البديل لهذه السلطة.

لذلك أدعو الجميع الآن، إلى بناء هذه الجبهة الوطنية الداخلية المتينة، التي تجمع المعارضة والسلطة وكذا الجيش ومختلف الفئات التركيبات المدنية للخروج من هذه الحالة، وعلى إثرها نقوم بالتأسيس لقواعد دولة قوية، ثم بعدها نتنافس سياسيا.. 

علينا جميعا تقديم تنازلات

❊ هي نفس الدعوة التي وجهها مؤخرا رئيس الجمهورية للأحزاب؟

❊❊ نعم، وهي أيضا الفكرة التي قلتها في المؤتمر التأسيسي لجبهة الجزائر الجديدة في عام 2012، وكتبت حولها كتابا بعنوان «الإصلاح السياسي في الجزائر: التحديات والرهانات».

الآن ليس لدينا خيار، نحن بالفعل في وضع أحسن من وضع الكثير من البلدان، لكننا في عين الإعصار، ولكي نخرج من هذا الموقع الخطير. لابد أن ننتقل إلى الجدية المطلوبة.

هنا نشيد بعمل الجيش الوطني الشعبي الذي أعلن تعبئة عامة للدفاع على حدودنا والمحافظة على أمننا واستقرارنا. ولكننا لا ينبغي أن نكتفي بالإشادة، بل علينا أن ندعم هذا العمل سياسيا واقتصاديا وثقافيا. وحتى فيما يتعلق بالحفاظ على المرجعية والثوابت الوطنية، لأننا اليوم مستهدفون في مرجعيتنا وثوابتنا وفي تماسكنا الاجتماعي، ومطلوب منا أن نتحد في هذه اللحظة وننسى حتى فكرة المعارضة والسلطة، لأنه في رأيي هذا ليس وقتها، وإنما متطلبات المرحلة تفرض علينا التعامل مع الأحداث كجزائريين وطنيين بغض النظر عن إيديولوجياتنا وموقعنا، العمل على جعل مفترق الطرق الذي نحن فيه ملتقى نجتمع في إطاره.

❊ كيف تقيمون الإصلاحات التي تقودها وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط؟ 

❊❊ أنا من الناس الذين انتقدوا الوزيرة بن غبريط بشدة، لأنني أرى أن ما تقوم به هو تراجع عما حققته الجزائر من إصلاحات في ميدان المنظومة التربوية. هي ضربات متتالية لكل ما تم إنجازه تحت عنوان الإصلاح، وهذا أمر خطير. لهذا أدعو رئيس الجمهورية أن يوقف ما يسمى بالإصلاحات التي تنفذها الوزيرة بن غبريط والتي هي طبعة ثانية من إصلاحات لجنة بن زاغو التي كانت الوزيرة عضوا فيها. كما أدعو إلى إعادة تأسيس لجنة وطنية لإصلاح المنظومة التربوية تحمل صفة الوطنية والخبرة والاختصاص والمعرفة الدقيقة للمنظومة التربوية وتستطيع أن تؤسس لمنظومة تحقق الأهداف الإستراتيجية للدولة الجزائرية. 

من أخطر الأمور الناتجة عن سياسة وزارة التربية الوطنية، هذا الرحيل الكبير لـ100 ألف أو أكثر من الأساتذة والمربين، في ظل تداعيات قرار إلغاء التقاعد النسبي الذي سيضرب قطاع التربية في الصميم، لأن القطاع سيغادره أناس متخصصون، لن يعوضهم الآتون لأنهم سيكونون مؤهلين بالشهادات، ويفتقدون للعوامل الأخرى التي تصنع المربي الحقيقي، كالخبرة والتكوين البيداغوجي والتحكم في مبادئ علم نفس الطفل ومعرفة المناهج. ولو كان هناك تغيير بالتدريج لكان الأمر عاديا، لكن التغيير الكلي هذا سيضر بالمدرسة، مثلما ستتأثر أيضا المنظومة الوطنية للصحة لنفس الأسباب.

❊ نفهم من كلامكم أنكم ضد مراجعة قانون التقاعد؟

❊❊ أنا لا أتناول قانون التقاعد من زاوية سنوات العمل، وإنما من تداعياته، بمعنى غياب التدرج في التعويض مع رغبة الجميع في الذهاب قبل تغيير القانون.

لابد من مرافقة العواقب المترتبة عن هذا التعديل بشكل مدروس، وعلى الحكومة أن تتخلى عن التسيير بالمنطق الصوري لأرسطو، بمعنى معالجة إشكالية التقاعد بتأخير سن الذهاب وتقليص الموارد، مثلما تفعله في مواجهة أزمة تراجع الموارد، بفرض التقشف ورفع الرسوم والضرائب فهذا في اعتقادي «تفكير لإنسان لا يفكر..»

نحن مطالبين بدراسة القضية من جميع الجوانب بالبحث عن الحل الجذري، حول كيف يمكننا إخراج اقتصادنا من التبعية للمحروقات إلى اقتصاد منتج للثروة والقيمة المضافة ومتنوع في منتجاته.

❊ لكن هذا ما تقوم به الحكومة من خلال سياسية تنويع الاقتصاد؟

❊❊ هذا ما يتم الإعلان عنه، لكنهم لم يتقدموا في سياستهم. الآن البلاد تسير بقرارات إدارية لا أرى فيها للأسف الشديد، الرؤية الاقتصادية التي يجب أن تعتمد. فالاقتصاد يبحث عن مخارج لتنويع الثروة وعن تمويل ميزانية الدولة من مصادر أخرى منتجة، أما أننا في كل مرة نعود للمواطن ونفرض عليه ضرائب جديدة فهذا ليس حلا.

وقد رأينا مؤخرا في بسكرة الاحتجاجات التي خاضها المواطنون بسبب فواتير الكهرباء، حتى أنهم هددوا أعوان سونلغاز. ومع ما رأينا في أقبو من عدالة الشعب، نحن ملزمين بالحذر واليقظة وتقويم السياسات. فالمسؤول السياسي لابد أن يقرأ المؤشرات ويأخذ الحلول الوقائية الاستباقية قبل أن تقع المشاكل، مع الحرص على التواصل الدائم مع المواطن.

❊ بالنسبة لمشروع قانون المالية كيف ترونه؟

❊❊ نفس الشيء هو حلقة من سلسلة، حيث جاء بإجراءات في إطار غير مدروس، والشعب لم تتم تهيئته، حيث يفترض البداية بالعربون الذي قد يتمثل في ترشيد النفقات على المستويات العليا للدولة.

❊ ما تعليقكم عن رحيل سعداني من على رأس حزب جبهة التحرير الوطني؟

❊❊أولا، قناعتي أن الأفلان والأرندى ليسا حزبان سياسيان، وإنما هما من أجهزة السلطة، حيث يوحي وضعها القانوني بأنهما تشكيلتان سياسيتان، لكن واقعيا وعمليا هما جاهزان في السلطة، بالتالي فما يحدث فيهما تابع للتفاعلات ولكل ما يحدث في السلطة ولا رأي لمناضلي الحزبين فيه.