طباعة هذه الصفحة

الدكتور أحمد شريفي نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني لـ "المساء”:

سنة 2020 بداية تمويل الخزينة العمومية من جيوب الأثرياء الجدد

سنة 2020 بداية تمويل الخزينة العمومية من جيوب الأثرياء الجدد
  • القراءات: 4268
حاورتـه: شريفـة عابــد حاورتـه: شريفـة عابــد

أوضح الدكتور أحمد شريفي (نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني) المتخصص في الاقتصاد، في حوار مع ”المساء”، أن فرض الضريبة على الثروة لأول مرة في الجزائر بداية من جانفي 2020، سيمكن الخزينة العمومية من رفع إيراداتها الجبائية من الأثرياء الجدد ممن كونوا ثروة بالحصول على امتيازات خارج القانون. كما ربط نجاعة المديونية الخارجية التي ستقبل عليها الجزائر بفعالية المشاريع الاستثمارية، داعيا إلى رفع القيود من أمام المواطنين للحصول على العملة الصعبة وعن امتلاكها لاقتناء سيارات أقل من 3 سنوات من الخارج، في المرسوم التنفيذي الذي سيصدر قريبا. كما ثمّن المتحدث التدابير الاجتماعية أو الداعمة التي شملت عدة فئات خاصة تلك المتعلقة بتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن بعث التأمين التكافلي والصيرفة الإسلامية لاستقطاب الأموال من السوق الموازية التي قدرها بنك الجزائر بحوالي 47 مليار دولار.


 

● المساء: يدخل مشروع قانون المالية 2020 بعد أيام حيز التطبيق، وقد تضمن لأول مرة ضريبة على الثروة، كيف يمكن تطبيق هذا ميدانيا في غياب إحصاء رسمي للأثرياء بالجزائر؟

○ الدكتور أحمد شريفي: صحيح أنه لا توجد قائمة كاملة للأثرياء في الجزائر، لكن تطبيق هذه الضريبة يخضع للإرادة السياسية بالدرجة الأولى، والتي اعتقد أنها متوفرة في الوقت الراهن وإلا لما كانت الحكومة قد مررت الإجراء أصلا في قانون المالية 2020، حيث تختلف الظروف الآن عما كانت عليه في السابق، والدليل أنه بإيعاز من أطراف معينة في وقت الرئيس السابق، تم إسقاط هذه المادة في قانون المالية 2019.

كما يمكن تطبيق هذه المادة لعدة اعتبارات، أولها أن وزارة المالية في سنة 2019 أعلنت جاهزيتها لتطبيقها، بالإضافة إلى أن الدولة تمتلك من الأدوات والآليات ما يجعلها قادرة على تفعيلها ميدانيا، من خلال العودة إلى السجلات والملفات التي تمتلكها المصالح المختلفة، كمديريات أملاك الدولة ومصالح الضرائب والجمارك والخزينة العمومية وغيرها من المديرات التي لديها المعطيات الكاملة حول الأثرياء وبصفة خاصة الأثرياء الجدد، فضلا عن مظاهر الثراء التي لا يمكن لأي كان أن يخفيها. وهذه الضريبة في النهاية هي تضامنية يدفعها الأثرياء لصالح المجتمع عما أتاحه لهم من فرص الاستثمار وتحصيل الثروة، وقد سبقتنا عدة دول أوروبية في تطبيقها.

● حدد قانون المالية 2020 سقف 10 ملايير سنتيم كعتبة لفرض الضريبة على الثروة، فماذا تشمل في تقديركم؟

صحيح أن عتبة الثروة الخاضعة للضريبة تحتسب ابتداء من 10 ملايير سنتيم، وهي تتعلق بالأملاك الإضافية، وتقتطع منها نسبة 1 في الألف، فمن يمتلك فيلا مثلا قيمتها 100 مليار سنتيم وهو يشغلها لا تشمله الضريبة وإنما تشمل الأملاك الإضافية وهي العقارات والأملاك المنقولة كالسيارات والدرجات النارية الفاخرة، فضلا عن اليخوت والطائرات والسفن والخيول واللوحات الفنية والقطع الأثرية والذهب والألماس ومختلف المجوهرات الثمينة من أحجار كريمة وتحف مختلفة.

● البورجوازية الجديدة أثرت على حساب خزينة الدولة، هل تعتقدون أن فرض هذه الضريبة في هذا التوقيت بالذات هو إجراء من إجراءات مكافحة الفساد بشكل غير مباشر؟

نعم أعتقد ذلك، بدليل أن الجزائر كانت تنتهج النمط الاشتراكي في السابق، وعدد الأثرياء في الجزائر كانوا معروفين ومحصورين، حيث امتلكوا ثروات بناء على ميراث أو ما شبه ذلك، والأغلبية الثرية اليوم أو البورجوازية الجديدة، هي تلك الطبقة التي كونت ثروتها على حساب الخزينة العمومية واستفادت من المال العام بطرق ملتوية وأغلبها خارج القانون، وبالتالي فأنا أعتقد أن فرض الضريبة على الثروة له خلفية سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى ثقافية وهو أمر مهم وأساسي. ونجد اليوم أثرياء في قطاعات الإعلام والعقار الصناعي مثلا كونوا ثروة طائلة بطرق ملتوية وغير معقولة.

 

أولى انعكاسات قانون المالية الجديد هو ترسيم عمال ما قبل التشغيل

 

● هل يمكن أن يكون تطبيق هذه المادة ظرفيا؟

ممكن طبعا قياسا بما شهدته بعض العواصم الغربية التي اعتمدت عليها ثم تخلت عنها لتعود إليها من جديد مثلما هو حال إسبانيا، لكن إلغاءها في دول أوروبية كانت له خلفيات استثمارية يعني خوفا من فرار المستثمرين وليس العكس، أما الأمر بالنسبة لنا فيتعلق بمن كونوا ثروات على حساب الخزينة العمومية.

● كنتم من بين المدافعين عن فرض الضريبة لماذا؟

○ نعم كنت من بين المدافعين عن الضريبة، بل أذهب إلى أبعد من ذلك وهو المطالبة بالحجر على الممتلكات التي كونت من نهب المال العام ومقدرات البلاد، ومتابعة كل من استفادوا وكونوا ثروات خارج القانون عن طريق الامتيازات وبدعم من النظام السياسي السابق، ولهذا يجب أن تعود أموال الدولة بشكل أو بآخر.

● في تقديركم، كم ستقدر إيرادات الخزينة العمومية من هذه الضريبة؟

 أتوقع أن تكون إيرادات الخزينة العمومية من هذه الضريبة في حدود 20 مليار دج، ويمكن أن ترتفع حسب جاهزية وفعالية الأجهزة المختلفة للدولة في إحصاء الأثرياء، ولا سيما من كونوا ثروات بطرق ملتوية.

ما هي أهم التحديات التي تواجهها الخزينة العمومية في قانون المالية لسنة 2020؟

 أهم التحديات التي تواجه قانون مالية 2020، هي مصادر التمويل التي تبقى هشة، وما يترتب عنها من انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني، وفي مقدمتها استمرار الاعتماد على عائدات المحروقات في تمويل الخزينة العمومية، عدم التخلي على الإصدار النقدي، أي التمويل غير التقليدي بشكل نهائي لأن يمتد لفترة 5 سنوات (2018 – 2022) وبالتالي يمكن للحكومة اللجوء إليه في أي وقت مما يزيد في حجم الدين العمومي، بالإضافة إلى انعكاساته الخطيرة على التضخم والقدرة الشرائية، وأخيرا المديونية الخارجية التي ستقبل عليها الجزائر، والتي يجب أن تضخ في المشاريع الاستثمارية المنتجة للثروة والموفرة لمناصب الشغل.

 

آليات استيراد السيارات القديمة يحددها المرسوم التنفيذي

 

● ماهي الانعكاسات الإيجابيات لقانون المالية 2020 على المواطن بداية من جانفي القادم؟

 إن من أهم الانعكاسات الإيجابيات على المواطن هي أولا ترسيم عمال عقود ما قبل التشغيل، والمنحة الخاصة بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، واستمرار الدعم الاجتماعي، فضلا عن فتح المجال لاستيراد سيارات أقل من 3 سنوات لكسر الاحتكار الذي فرضه بارونات تركيب السيارات، فلا الخزينة العمومية استفادت ولا المواطن حصل على عربات بأسعار معقولة، بالإضافة إلى اعتماد الصريفة الإسلامية والتأمين التكافلي الإسلامي.

● ما هي الإضافة التي سيقدمها التأمين التكافلي الإسلامي؟

○ يمكّن التأمين التكافلي الإسلامي الوارد في مالية 2020، المؤمن من استرداد أمواله كلها أو جزء هام منها بعد سنة من التأمين على ممتلكاته أو أمواله المنقولة كالسيارات مثلا، من وكالة التأمين في حال ما إذا لم يتعرض لأي حادث يسبب له خسائر معينة، وهذا النوع من التأمين يتيح للطرفين الاستفادة من خدماته، حيث تستثمر الوكالة الأموال المودعة لديها ويستعيد المؤمن أمواله أو جزء منها حسب نوعية العقد في حالة عدم تعرضه للخسارة. ومن المنتظر أن يصدر المرسوم التنفيذي لهذا النشاط حتى يتم العمل به بداية من سنة 2020.

● بالنسبة لاستيراد السيارات التي يقل عمرها عن 3 سنوات لا يزال المواطن يتساءل عن صيغ نقل العملة الصعبة لاقتنائها، هل من توضيحات في هذا الشأن؟

 هذه الصيغ سيحدد آلياتها المرسوم التنفيذي كما يضبط عملية استيراد هذه السيارات، ولكن بعد أن يرفع القيود المتعلقة بالحصول على العملة الصعبة وامتلاكها لتمكين المواطن من الاستفادة من هذا الإجراء، ويتم هذا إما عبر البنوك أو بشرائها مباشرة، أو عن طريق تمكين المغتربين من إدخالها للسوق الوطنية.

● هل تعتقدون أن إنفاق المديونية الخارجية سيتم في نفس الأوجه السابقة؟

 بالنسبة للمديونية الخارجية التي نص عليها القانون، تتعلق نجاعتها مباشرة بفعالية الجهاز التنفيذي، ومن المهم أن تنفق عوائدها في مشاريع منتجة وإلا كانت عديمة الجدوى، مثلما كان عليه الأمر في السابق، حيث كانت تعاد جدولتها كديون لاحقا.

● هل يمكن القول إن سنة 2020 ستكون الصيرفة الإسلامية ضمن التعاملات المالية الهامة، وما هو حجم الأموال التي يمكن أن تستقطبها من السوق الموازية؟

 الصيرفة الإسلامية تضمنها قانون مالية لسنة 2018، ولكن تأخر اعتمادها لعدم جاهزية المؤسسات المالية العمومية، فعمد البنك المركزي إلى تعليق العمل بها لغياب الإطار القانوني، لكن هذه السنة تم استكمال المراسيم الخاصة بها وستظهر بقوة في التعاملات المالية لسنة 2020. أما حجم الأموال التي يمكن أن تستقطبها من السوق الموازية، فهي في حدود 50 بالمائة مما هو متداول حاليا خارج البنوك، ولعل التقرير الصادر عن بنك الجزائر سنة 2017 دليل على ذلك، حيث أشار إلى وجود 47 مليار دولار بالسوق الموازية. كما أن هذه الصيغة مهمة لأنها تحد من التمويل غير التقليدي وآثاره السلبية المتمثلة في التضخم وارتفاع الأسعار، كما أنها توفر السيولة في السوق المالية.