المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية فاديا كيوان لـ "المساء":

تشريعات مكافحة العنف الأسري على المحك بسبب كورونا

تشريعات مكافحة العنف الأسري على المحك بسبب كورونا
  • القراءات: 1425
حوار: حنان حيمر حوار: حنان حيمر

أكدت المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، الدكتورة فاديا كيوان، أن جائحة "كوفيد 19" أفرزت تداعيات سلبية على المرأة العربية، أهمها ارتفاع نسبة العنف الأسري الذي تتعرض له النساء والفتيات، إضافة إلى التداعيات الاجتماعية والاقتصادية التي أضرت بالمرأة المعيلة والمرأة العاملة، بسبب تراجع النشاط الاقتصادي. كما لفتت الانتباه في حوار خصت به "المساء"، إلى ضرورة الاهتمام بفئة النازحين واللاجئين في البلدان العربية، لكونها تشكل ما وصفته بـ"القنبلة الموقوتة". وكشفت في السياق أن المنظمة تعمل مع كافة الدول العربية في إطار خطتها السريعة للاستجابة للوباء العالمي، وتحضر إستراتيجية لمواجهة الكوارث الطبيعية والاجتماعية - بما فيها الأوبئة - مستقبلا، بالتركيز على التوعية من جانب وتطوير التشريعات وآليات نفاذها من جانب آخر.


المساء: عبرت منظمة المرأة العربية عن قلقها إزاء التأثيرات السلبية لوباء كورونا على النساء العربيات، لاسيما اللواتي ينتمين إلى الفئات الهشة، من النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية. ما هي أهم التداعيات التي يجرها تفشي الوباء على المرأة العربية؟

الدكتورة فاديا كيوان:  فعلا عبرت المنظمة عن قلقها من التداعيات الخاصة على النساء من جراء تفشي فيروس كورونا. وأول هذه التداعيات ارتفاع نسبة العنف الأسري، والذي يستهدف النساء والفتيات مباشرة، بالنظر إلى حال التوتر التي ترافق الحجر المنزلي على كل أفراد الأسرة، والذي اعتمدته كل الحكومات تباعا للحد من تفشي الوباء القاتل.

كما أن النساء يتعرضن عادة قبل الرجال لإجراءات خفض الرواتب والتسريح أو الفصل من الخدمة في المؤسسات الاقتصادية، والتي واجهت وتواجه صعوبات كبيرة في مواصلة عملها، وأغلبها وقع ويقع يوما بعد يوم في خسائر فادحة.

أضف إلى ذلك انهيار المؤسسات الصغيرة وعدم استقرار العمالة الموسمية وسائر الأعمال في القطاع الاقتصادي الهامشي، والذي تشكل النساء الشريحة الأكبر من العاملين فيه. كذلك لا يغفل على أحد أن خدمات الوقاية والرعاية والحماية الصحية غير متوفرة للنساء بشكل متساو مع الرجال في أغلبية الدول.

تحدثتم عن مشكلة المخاوف من تزايد حالات العنف المنزلي الذي تتعرض له نساء أو فتيات داخل البيت، باعتبارها من أهم تداعيات تفشي الوباء، في ظل فرض الحجر الصحي. ما هي الآليات التي ترونها مناسبة لمواجهة هذا المشكل ومساعدة النساء ضحايا العنف في هذه الفترة؟

لم تعد مخاوف بل وقائع ملموسة. وقد ارتفعت الأصوات في العالم أجمع تحذر من تصاعد العنف الأسري ضد النساء والفتيات. وقد رصدت بعض الدول ارتفاعا ملموسا في الاتصالات بالخط الأخضر، والذي يتلقى عادة الشكاوى ويمكن أن ينقلها إلى الجهات الرسمية ذات الصلاحية القانونية في تأمين الحماية للنساء.

هناك إجراءات ممكن اتخاذها بسرعة، وتبدأ باعتماد الخط الأخضر لتلقي الشكاوى ومتابعة الموضوع كما ذكرت. وهناك التوعية والتثقيف ضد الممارسات العنيفة ضد النساء. ولابد من اللجوء إلى القوانين التي تنص على الحماية وعلى معاقبة مرتكبي العنف. صراحة، كل الجهود التي بذلتها الحكومات والجمعيات النسائية لوضع تشريعات خاصة بحماية المرأة من العنف الأسري هي اليوم على المحك.

أعربت المنظمة عن انشغالها بخصوص الوضع في مخيمات النازحين واللاجئين،ما هو حجم الكارثة الذي يمكن أن يحدث في حال عدم التكفل بهذه الشرائح الاجتماعية في الدول العربية؟

بالفعل، أعربت المنظمة عن قلقها الكبير إزاء وضع النساء والفتيات في تجمعات النازحين قسرا واللاجئين بسبب الحروب والنزاعات المسلحة في الدول العربية، من جراء تفشي فيروس كورونا. ودعونا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته لتأمين وسائل الحماية الصحية والأمان لهذه الفئات التي هي معرضة للتأثر سلبا أكثر من سواها. فهي في الغالب لا تمتلك المياه وأدوات التنظيف والتعقيم وأدوات الحماية الشخصية. ثم هناك التوعية على مرض بهذه الخطورة وهو خطر غير مرئي، وقد لا تقدر الناس عواقب بعض السلوكيات التي تعرضهم وتعرض المجتمع الأوسع للخطر.إن الحماية من هذا الوباء هي جماعية وليست فردية. وتجمعات النزوح واللجوء هي قنابل موقوتة في حال تم إهمال حمايتها من قبلنا جميعا.

أطلقت المنظمة حملة إعلامية للتوعية بمخاطر وباء كورونا. كيف ترون الدور الذي يمكن للمنظمة لعبه في هذه الفترة؟ وهل تملكون الآليات التي تسمح لكم بالمساهمة الفعالة في مكافحة الوباء؟

الحملة الإعلامية هي جزء من خطة الاستجابة السريعة لهذه الكارثة العالمية الطارئة. وأهم شيء اليوم هو التوعية على وسائل الحماية الشخصية وكذلك حماية الأسرة وبخاصة الأطفال والناشئة. بالإضافة إلى ذلك، نحن نلفت نظر الحكومات إلى ظاهرة العنف وننصح باعتماد الخط الأخضر. ونحن على تواصل مع الوزارات المعنية بقضايا المرأة ومع الهيئات الوطنية الخاصة بالمرأة، لتبادل الرأي ونقل التجارب الناجحة والمساعدة في تعزيز الآليات الوطنية للحماية.

موضوع التدخل للحماية هو موضوع سيادي. نحن لا يجوز أن نتدخل. لكننا نتواصل مع شركائنا في الدول الأعضاء من أجل المساعدة التقنية ونقل الخبرات. كذلك بدأنا برصد ظاهرة العنف الأسري، حيث يتم الإفصاح عنها والتدابير المتخذة ونضع تقرير بكل ذلك يوثق الواقع والإجراءات ويبين الثغرات حيث تكون موجودة. ونضع التقرير في تصرف الدول الأعضاء لتقوم كل منها بتطوير آليات الاستجابة والحماية لديها.

هل هناك استراتيجيات ستضعونها مستقبلا لتوعية النساء بطريقة مواجهة الأزمات الطارئة؟

إزاء ضعف الاستجابة العامة لخطر تفشي فيروس الكورونا وتصاعد الخطر وكذلك الضغط على النساء في العالم العربي، أطلقت منظمة المرأة العربية ورشة إعداد إستراتيجية خاصة بالاستجابة للكوارث الطبيعية والاجتماعية- والوباء يعتبر كارثة طبيعية. تقوم هذه الإستراتيجية على أربع مفاصل: توعية النساء، تثقيف  النساء، تمكين النساء، تطوير التشريعات وآليات إنفاذها .وسيجري العمل فيها بالتعاون مع الآليات الوطنية والوزارات التي تهتم بشؤون المرأة في الدول العربية. وإن شاء الله ننتقل بسرعة من الإستراتيجية إلى خطة عمل إقليمية، نقوم خلالها بإعداد كوادر قيادية في الدول الأعضاء، تقوم بدورها بتنفيذ المهام الأربعة في بلدانهم.

ما هو النداء الذي توجهونه اليوم إلى كل الدول العربية، في ظل هذه الأزمة؟

نداء منظمة المرأة العربية إلى الحكومات العربية هو الالتفات إلى ظاهرة العنف الأسري، والتي تضع النساء والفتيات بين نارين: خطر الإصابة بهذا الوباء القاتل من جهة، وخطر العنف والترهيب والتنكيل أحيانا في الأسرة. هذا عيب وهذا حرام. وآليات الحماية موجودة وفي متناول يد الحكومات التي تستطيع ببساطة الإعلان عن الاستعداد لتلقي الشكاوى من النساء ضحايا العنف، وكذلك الإعلان عن التصميم على معاقبة مرتكبي العنف بصورة جدية.

نداء المنظمة موجه أيضا إلى شركائنا في الدول العربية لتفعيل شبكات التواصل لتلقي الشكاوى والإبلاغ عنها ومتابعة ما يتم اتخاذه من تدابير. سيأتي يوم قريب نقضي به على وباء الكورونا. في ذلك اليوم سنكون قد وثقنا كيفية التعامل مع النساء وكيفية وقايتهن وحمايتهن. ولكل حادث حديث.