احتفالا باليوم العالمي للحماية المدنية، لهبيري لـ "المساء":

تدخلاتنا في الخارج فرضتها احترافية "الحماية الجزائرية"

تدخلاتنا في الخارج فرضتها احترافية "الحماية الجزائرية"
  • القراءات: 3636
أجرت الحوار:  نوال جاوت أجرت الحوار: نوال جاوت

تحيي الحماية المدنية الجزائرية اليوم يومها العالمي على غرار نظيراتها عبر العالم، في وقت أصبحت فيه الأخطار تحيط بالإنسان والإنسانية، سواء الطبيعية منها أو تلك الناتجة عن التطور الصناعي والنووي على وجه الخصوص.وبهذه المناسبة يتحدّث المدير العام للحماية المدنية السيد مصطفى لهبيري لـ"المساء" عن الأشواط التي قطعتها هيئته لاكتساب سمعة عالمية جعلتها شريكا كامل الحظوظ يُطلب للتدخل عبر بقاع العالم للمساهمة في الإسعاف والإنقاذ في الكوارث على اختلاف أنواعها ومنها العمل الإنساني.

* لقد تعدّت تدخلاتكم المجال الوطني لتشارك في مختلف ربوع العالم، آخرها النيبال، هل هي مبادرات تمليها طبيعة المهمة أم تتم بطلبات من الخارج؟

إن تعرض الجزائر للكوارث الطبيعية جعلها تتأثر بما تتسبب فيه الآفات المختلفة التي تحدث هنا وهناك في شتى أنحاء العالم، وهذا ما شجعها لتبنّي سلوك تضامني، وبكل تأكيد، فالخبرة التي تمكنت فرقها للإنقاذ من اكتسابها في تسيير ومعالجة الحالات الاستعجالية، أهلتها لتكون مشاركة فرقها المختصة في الإسعاف والإنقاذ تارة مرغوب فيها أو مطلوبة من طرف الهيئات الأممية إثر التماس الإغاثة من قبل البلدان المتضررة من آثار الكوارث وتارة أخرى بدافع الاعتبارات الإنسانية البحتة، وفي كلتا الحالتين لامتلاك فرقها لكل المؤهلات والمهارات التي تسمح لها بأداء المهام المنوطة بها على أكمل وجه وهذا ما أكسبها سمعة عالمية. 

* إلى أيّ مستوى يمكن تقييم الاحترافية للحماية المدنية الجزائرية مقارنة بالمستوى العالمي والعربي والإفريقي؟

بالرغم من صعوبة تقييم مستوى الاحترافية التي تتمتع به فرقنا للتدخل فبإمكاننا القول بأن طلب المنظمات الأممية المختصة لضم فرقنا إلى الفرق الدولية المكلفة بتسيير حالات الكوارث في العديد من المرات دليل على الثقة التي تضعها في عناصرنا، وفي القدرات والمؤهلات التي تمتلكها، وما سعي المنظمة الدولية للحماية المدنية لطلب موافقة الجزائر على احتضان الدورات التكوينية في مختلف الاختصاصات المتصلة بالمهنة لفائدة البلدان الإفريقية والعربية إلا دليلا آخر على المستوى العالي للكفاءة المهنية التي يتمتع بها التعداد البشري التابع للقطاع.

* اخترتم الاحتفال بيومكم العالمي هذه السنة تحت شعار "الحماية المدنية والتكنولوجيات الحديثة للاتصالات"، ما هي دواعي وأهداف هذا الشعار؟

أولا وقبل كل شيء، يتم اختيار الشعار الخاص بالاحتفال باليوم العالمي للحماية المدنية من قبل المنظمة الدولية للحماية المدنية كما جرت عليه العادة في الفاتح من شهر مارس لكل سنة.

* ما هي الإضافة التي قدّمتها تكنولوجيات الإعلام والاتصال لعمل الحماية المدنية وفعاليتها في التدخلات وفي تخفيض فاتورة الأعباء؟

4- لا يخفى على أحد أن تكنولوجيات الاتصالات الحديثة قد أثبتت جدواها وأكثر من ذلك، أصبحت تلعب دورا هاما إن لم نقل حيويا في مجال الاتصال لاسيما بالنسبة لقطاع الحماية المدنية الذي تقع على عاتقه مهمة الحفاظ على الأرواح والممتلكات والذي تمكن من خلال اللجوء إلى استخدامها من التحديد الدقيق لمواقع الكوارث ومن الاستغلال السريع لتدفق المعلومات وكذا من تقليص زمن التدخل وبالتالي من التكفل الأنجع بالحالات الاستعجالية كما تمكن على صعيد آخر، من تعميم حملات التحسيس المستمرة عبر الشبكات الاجتماعية وبالتالي غرس ثقافة الوقاية عند أكبر عدد ممكن من المواطنين.

* ما تقييمكم للتجهيزات والإمكانيات المتوفّرة لدى مديريتكم؟

لقد عرفت الحماية المدنية تطورا كبيرا، تجسد من خلال تطبيق البرامج التنموية التي بادرت بها السلطات العمومية وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة والتي مكنتها من سد العجز الذي كانت تعاني منه في أكثر من مجال. 

لا حظنا أنّ مديريتكم تسير بشكل كبير نحو التشبيب، هل تندرج ضمن استراتيجية أم فرضها الواقع؟

إن سياسة التشبيب التي تعتمدها المديرية العامة للحماية المدنية تمليها متطلبات المهنة والاحترافية، علما بأن السن الملائم للأداء الكامل وغير المنقوص لمهام التدخل يتراوح ما بين 20 و40 سنة، فهو يخص شريحة تتوفر فيها أساسا اللياقة البدنية الحسنة وردود الفعل الجيدة وكذا القدرة على التحمل، وهذا نظرا لصعوبة وتعقيد المهام المنوطة بالسلك بالإضافة إلى العامل المتمثل في الإحالات على التقاعد.

* نحن على أبواب إحياء اليوم العالمي للمرأة في الثامن مارس، كيف تقيّمون تواجد المرأة في صفوف الحماية المدنية والدور الذي تؤديه إلى جانب أخيها الرجل؟

بالرغم من أن مهنة عون الحماية المدنية تخص الرجال بالدرجة الأولى لما فيها من متاعب وأخطار إلا أن إدماج العنصر النسوي أصبح ضروريا لكونه يضفي أكثر إنسانية على عمليات الإغاثة والإسعاف التي تقوم بها فرق التدخل وهذا ما تم تحقيقه ميدانيا من خلال فسح المجال أمام الفتيات الحاملات لشهادات الطب والهندسة في عام 1997 بالخصوص قبل أن يشرع في توظيفهن ولأول مرة كأعوان، حيث تخرجت أول دفعة أعوان من العنصر النسوي سنة 2004. 

ولا يفوتني هنا أن أنوّه بالدور الهام الذي أصبحت تلعبه المرأة ضمن سلك الحماية المدنية والمتمثل في إسهامها في تطور الإسعاف الطبي وفي إنجاز وحدات التدخل مما سمح لها بتقلد أعلى الرتب، بالإضافة إلى رفعها التحدي بمجابهتها للأخطار شأنها شأن الرجل أثناء عمليات التدخل المختلفة ناهيك عن قيادتها لطائرة الهليكوبتر. 

* وماذا عن أوّل دفعة لضابطات الحماية المدنية؟

 لم يكن إدماج العنصر النسوي من الحاملات للشهادات العليا بالأعداد التي تمكن من تنظيم دفعات ضابطات واستفادتهن من رتبة ضابطات تتم بصفة تلقائية. 

* ماذا عن برامج التكوين، هل هناك شراكات مع الجامعات من أجل التخصّص، داخليا وخارجيا؟

فيما يخص التكوين، هناك فعلا شراكات مع جامعات ومعاهد عليا من أجل التخصص، كما تدل على ذلك الدورات التكوينية العديدة (مستوى ما بعد التدرج) التي تم تنظيمها حول الأخطار الصناعية على مستوى جامعة باتنة وحول الكيمياء والهندسة المدنية بجامعة باب الزوار وبشأن اللغات بجامعة الجزائر، وفيما يتعلق بتسيير الأزمات (درجة ماجستير) على مستوى جامعة المدية وفي مجال تسيير الموارد البشرية والمالية بالمدرسة الوطنية للإدارة وحول البنايات المقاومة للزلازل بالمدرسة العليا متعددة التقنيات. وفيما يخص الصفقات العمومية والمنازعات بالمعهد العالي للتسيير والتخطيط وبشأن مواضع كثيرة أخرى لها علاقة وثيقة باختصاصات المهنة تم تنظيمها على مستوى المعاهد والمدارس العليا التابعة للجيش الوطني الشعبي دون ذكر تلك التي استفاد منها الضباط خارج الوطن، في إطار علاقات التعاون الجزائرية الفرنسية (أف.أس.بي) والبرامج التكوينية المسطرة من لدن المنظمة الدولية للحماية المدنية.

* السيد لهبيري مجاهد كرّس حياته لاستقلال الجزائر، ومدّ اللّه في عمره ليواكب مرحلة البناء والتأسيس للدولة التي حدّد بيان نوفمبر معالمها، وما زال على رأس أهم هيئة رفع شأنها في المحافل الدولية، كيف تقيّمون هذه المسيرة الممتدة من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر؟. 

 إن تعييني على رأس قطاع الحماية المدنية من قبل فخامة رئيس الجمهورية مثّل بالنسبة لي تحديا كان لزاما عليّ رفعه وقد باشرت مهامي معتمدا على برنامج محكم يرتكز على تدعيم وتثمين الموارد البشرية من خلال التكوين في مختلف المجالات والاختصاصات وعقلنة تسيير تلك الموارد وعلى دفع مشاريع بناء المنشآت والهياكل الضرورية قصد تحقيق تغطية عملية شاملة واقتناء العتاد والتجهيزات اللازمة التي تتطلبها الفعالية والنجاعة لضمان سلامة الأشخاص والممتلكات، آملا أن أكون في مستوى الثقة التي وضعت في شخصي من طرف السلطات العليا للبلاد.