طباعة هذه الصفحة

الخبير الأمني أحمد كروش لـ "المساء":

بقايا الإرهاب يائسة ومعزولة.. وتضحيات الجيش أجهضت محاولات العودة

بقايا الإرهاب يائسة ومعزولة.. وتضحيات الجيش أجهضت محاولات العودة
الخبير الأمني، أحمد كروش
  • القراءات: 1751
حوار: شريفة عابد حوار: شريفة عابد

  • التقرير الأمريكي يعزز فرص التعاون مع الجزائر في مكافحة الإرهاب

  • نعمة السلم التي نعيشها اليوم هي نتاج تضافر جهود الجيش والشعب


أكد الخبير الأمني، أحمد كروش، في حوار مع "المساء"، أن التقرير الإيجابي الذي صدر عن كتابة الدولة الأمريكية حول مكافحة الإرهاب ووصفها لهذه الأخيرة بـ"البيئة العملياتية الوعرة على الجماعات الإرهابية"، مع ربط ذلك بنجاعة الاستراتيجية التي يتبعها الجيش الوطني الشعبي في هذا المجال، مبني على معطيات ميدانية تعكس بالفعل ما حققته العمليات المتعددة لأفراد الجيش والتي مكنت من تحييد أعداد معتبرة من الإرهابيين وتدمير المخابئ واسترجاع الأسلحة، مع إحباط جميع محاولات التسلسل عبر  الحدود.

وأشار الخبير إلى أن هذا التقييم من شأنه أن يعزز فرص التعاون الدولي الأمني مع الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب والأخذ برأيها في مساعي حلحلة النزاعات الإقليمية سواء بمنطقة الساحل أو بدول الجوار.

❊ المساء : اعترف التقرير السنوي لكتابة الدولة الأمريكية حول الإرهاب في العالم بالجهود الكبيرة التي يقوم بها الجيش الوطني الشعبي في مكافحة الإرهاب، ما هو تعليقكم على هذا  التقييم؟

 الخبير كروش: إشارة تقرير كتابة الدولة الأمريكية إلى عدم قدرة الجماعات الإرهابية النشاط في الجزائر، استند إلى مضامين التقارير الإعلامية والتحاليل التي تصدرها مكاتب الدراسات المتخصصة في الشؤون الأمنية المتابعة لنشاطات الجماعات الإرهابية خلال فترة طويلة من الزمن وكذا إلى التقارير التي تصدرها كتابة الدولة الأمريكية بشكل دوري، وهي تعتمد على معايير واضحة تستطيع بها تقييم الوضع في المنطقة التي تكون موضوع الدراسة. وسبق هذا التقرير تقرير آخر أصدره المعهد العالمي للاقتصاديات والسلم، والذي صنف الجزائر العام الماضي ضمن الدول الأقل  تأثرا بالإرهاب.

وجاءت بلادنا في مراتب أحسن من مراتب دول أوروبية كفرنسا وبريطانيا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، علما أن المعهد السالف الذكر، يعتمد كذلك على معايير ثابتة، تشمل تعداد العمليات الإرهابية في أي بلد عدد الضحايا، من قتلى وجرحى وكذا مدى التأثير النفسي والاقتصادي لهذه الآفة على سكان البلد.

وبالتالي، فإن هذا التقرير في نظري يستطيع المواطن البسيط أو أي متتبع للشأن الأمني في الجزائر أن يصل إلى نفس استنتاجاته، لأن نعمة السلم يعيشها كل الجزائريين والجزائريات اليوم، بعد أن اجتازوا العشرية السوداء، التي عاث فيها الإرهاب فسادا وكاد أن يقضي على مقومات الدولة.

والنتائج التي تنعم بها الجزائر اليوم في مجال الأمن والسلم، هي نتيجة لتضافر جهود الشعب مع جيشه، حيث أكسبت هذه الرابطة الجيش الوطني الشعبي قوة وصلابة وخبرة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، مما يرشح الجزائر اليوم لدور المستشار الدولي بخبرته بدليل أن كل الدول والأجهزة الأمنية تطلب ود الجزائر من أجل تعميم خبرتها وتعاونها في محاربة آفة الإرهاب.

❊ هل يمكن حصر ظاهرة الإرهاب اليوم بالمنطقة، في تحركات ما يعرف بـ"الذئاب المنفردة"، خاصة وأن تقرير كتابة الدولة الأمريكية ربط مستوى الأمن بنتائج عمليات التمشيط التي تقوم بها وحدات الجيش الوطني الشعبي؟

❊ كل ما نقرأه في بيانات وزارة الدفاع الوطني حول مكافحة الإرهاب، يدخل ضمن عمليات ملاحقة وحدات الجيش الوطني الشعبي للمجموعات الإرهابية المتبقية، والتي بقيت تنشط داخل التراب الوطني وهي محصورة في أعالي الجبال. وهذه الفلول أصبحت نتيجة للضربات الاستباقية للجيش الوطني الشعبي محصورة في مجموعات صغيرة أو تنشط كـ"ذئاب منفردة"، لا تستطيع تنفيذ أي عملية إجرامية، ولذلك نسمع في كل مرة عن تحييد إرهابيين.

كما أن هناك عناصر إرهابية تسلم نفسها، في ظل تفكك جماعات الدعم واكتشاف بعض المخابئ للأسلحة أو لصناعة القنابل التقليدية. لكن في اعتقادي فإن مثل هذه العناصر لا تشكل أبدا أي تهديد على أمن البلاد لأنها أصبحت مجموعات صغيرة متفرقة ومعزولة ملاحقة يوميا من طرف أجهزة الأمن ووحدات الجيش. وهذه العناصر تتواجد الآن في وضعية رد الفعل ولم تكن في وضعية الفاعل أو المبادر وهي لا تستطيع أن تجمع نفسها لتكون قوة ضاربة.

وعلينا أن نعترف بأن هذه النتائج لم تأت هكذا وإنما نتيجة عمل ومجهودات جبارة تقوم بها وحدات الجيش الوطني الشعبي وكل أجهزة الأمن، سواء عبر الولايات أو على طول الحدود التي يبلغ طولها ما يقارب 6 آلاف و500 كلم. ولا يزال الجيش الوطني الشعبي ملتزم بتأمين الحدود كون أغلب دول الجوار تعاني من هشاشة امنيه ونزاعات داخلية وتدخلات أجنبية.

❊ أشار ذات التقرير إلى الوضع في منطقة الساحل، هل يمكن أن نقول اليوم أن الجزائر مؤمّنة من أية اختراقات على مستوى الحدود، لاسيما مع تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا التي تعج بالأسلحة والمرتزقة؟

حقيقة توجد جماعات إرهابية تسعى جاهدة لأن يكون لها موطئ قدم في الجزائر لكن محاولاتها كانت ومازالت وستبقة إن شاء الله يائسة، فبيانات وزارة الدفاع الوطني، تعلن في كل مرة عن عمليات كشف مخابئ للأسلحة والذخيرة بالقرب من الحدود وإفشال عمليات تسلل لمجموعات من الإرهابيين، ما يؤكد بأنه، بالفعل جميع الحدود مؤمنة ومحروسة وهناك يقظة كبيرة لدى أفراد الجيش الوطني الشعبي زادت مع تأزم الوضع في ليبيا.

أعتقد أن هذه المجموعات الإرهابية هي الآن معزولة وهي تتواجد في شكل مجموعات صغيرة لا تستطيع تشكيل نفسها في مجموعات قتالية مؤثرة، في اغلب الأحوال تعيش كذئاب منفردة تريد إثبات نفسها بعمليات إرهابية، لكن فطنة أجهزة الأمن وقدرة تتبعها للعناصر الإرهابية توقع بهذه الأخيرة  في قبضة الأمن، بمجرد محاولة تنفيذ لأي عملية.

كما أن أغلب عناصر هذه الجماعات فقدت الأمل في أي عمل إرهابي، حيث شاهدنا في السنتين السابقتين وحتى هذه السنة موجة استسلام واسعة لأفراد كانوا ينشطون ضمن الجماعات الإرهابية واستسلام عائلات كانت تعيش في الجبال، فيما تراجع التجنيد في صفوف الإرهاب إلى أدنى مستوياته رغم استغلال المجموعات الإرهابية لمنصات التواصل الاجتماعي وإغراءات كثيرة. لذا أعتقد أن الإرهاب في الجزائر يلفظ أنفاسه الأخيرة بالرغم من محاولات إثبات وجوده حتى ولو إعلاميا فقط.

وحصيلة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة لسنة 2019، تشهد على اليقظة وكذا القبضة الحديدية التي فرضها الجيش في مكافحته للإرهاب، حيث تم القضاء على 15 إرهابي وتوقيف 25 آخر، فيما سلم 44 إرهابيا أنفسهم إلى جانب 12 فردا من عائلات إرهابيين، وتفكيك شبكات الدعم التي بلغ عدد أفرادها 245 فردا، مع استرجاع كميات من الأسلحة والذخيرة، منها 610 قطعات من مختلف أصناف الأسلحة، بما فيها صاروخ محمول المضاد للطيران.

❊ في تقديركم كيف يخدم تقرير كتابة الدولة الأمريكية، الذي يعتمد من قبل الخبراء الدوليين موقف وكلمة الجزائر في القضايا ذات البعد الأمني وفي مقدمتها الملف الليبي؟

مثل هذه التقارير العالمية المتخصصة في الشؤون الأمنية والمتابعة لنشاطات الجماعات الإرهابية وكذلك تصنيف قوة الجيوش، تعتبر كلها شاهدا على قدرة الجيش الجزائري واعترافا له بالقدرة القتالية والاحترافية، مع تقدير مكانة الدولة الجزائرية بصفتها دولة محورية وشريكا مهما في محاربة الإرهاب وضامنا للاستقرار المنطقة، يجعل منها دولة قادرة على لعب الأدوار الأولى في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين.

بطبيعة الحال، فإن هذا المركز التي تحتله الجزائر يعزز موقفها من أي قضية دولية، خاصة إذا كانت تخص أمن واستقرار المنطقة التي تتواجد بها.

وقد أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في خطابه الموجه للأمة يوم تنصيبه، أنه لا يمكن أن يكون هناك حلا سواء فيما يخص الملف الليبي أو بدول الساحل في غياب الجزائر، ولهذا نشاهد اليوم الدور البارز للجزائر في مسار تسوية الأزمة بين الفقراء في ليبيا بعيدا عن أية تدخلات أجنبية..

أعتقد أن هذه الشهادات الدولية يشهد عليها الشعب الجزائري قبل أي مركز دراسات أو تقارير دولية مختصة، فالجيش الوطني الشعبي الذي استطاع أن يجنب الجزائر نار ما سمي بـ"الربيع العربي"، يبقى اليوم الدرع الواقي للحدود الجزائرية لمنع أي تسلل للإرهابيين إلى الداخل. كما يقوم بملاحقة الفلول المتبقية في رؤوس الجبال وفي المغارات والشعاب والوديان، لتبقى الجزائر عصية على الإرهاب ومدرسة في مكافحته.