طباعة هذه الصفحة

عبد المجيد عطار، الرئيس المدير العام الأسبق لسوناطراك:

انهيار الأسعار في الولايات المتحدة لا يؤثر على النفط الجزائري

انهيار الأسعار في الولايات المتحدة لا يؤثر على النفط الجزائري
عبد المجيد عطار، الرئيس المدير العام الأسبق لسوناطراك
  • القراءات: 1467
ق. و ق. و

اعتبر المستشار والرئيس المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك، عبد المجيد عطار، في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية، أن الانهيار التاريخي الذي شهدته مؤخرا أسعار النفط بنيويورك يعتبر انخفاضا ظرفيا لحصص محددة خاصة بالسوق الأمريكية وهو انخفاض لن يؤثر على سعر النفط الجزائري.

سؤال: ما هو تقييمكم لتطور سوق النفط على خلفية اتفاق أوبك  المتعلق بخفض الإنتاج ؟

عبد المجيد عطار: إعلان خفض الإنتاج بـ7ر9 مليون برميل يوميا، مثل بالفعل قرارا تاريخيا بالنسبة لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها، لكنه يبقى أقل بكثير من المستوى الذي بلغه الطلب العالمي الذي قدر بحوالي 80 مليون برميل يوميا دون احتساب الاستهلاك الفعلي الذي تراجع بأكثر من 20 برميل يوميا، فمستوياتها ترتفع بنفط ثمنه بخس ولنفس هذا السبب حاولت مجموعة الـ20 تعزيز الخفض المقرر من قبل أوبيك لإنتاجها لكن دون تحديد مستوى التخفيض الإضافي من قبل كافة المنتجين وذلك غداة اجتماع المنظمة.

رغم هذه المؤشرات وتغريدات الرئيس الأمريكي للإعلان عن تخفيضات جديدة في الإنتاج نحو 20 برميل يوميا على الأقل، تواصل تراجع سعر برميل النفط ببساطة لأن قرار خفض الإنتاج، الذي تمت المصادقة عليه لا يدخل حيز التطبيق إلا في الفاتح ماي 2020، في الوقت الذي لا زال فيه الاستهلاك العالمي في تراجع ،كما أن المخزونات العالمية قد بلغت مستوى 90 بالمائة.

وقد عجز المضاربون في تخزينه في الوقت الذي عمت فيه الفوضى الأسواق وهو ما جعل خام غرب تكساس الوسيط يبلغ أدنى مستوياته منذ يومين، حيث بلغ 37 دولارا في السوق الأمريكي. لكن ينبغي التوضيح بأن هذا التراجع التاريخي يبقى ظرفيا و يخص حصصا محدودة خاصة بالسوق الأمريكية و لا يمكنه أن يؤثر على النفط الجزائري على سبيل المثال.

خلاصة القول إن التأثيرات الاقتصادية غير المسبوقة والاستثنائية للجائحة، ستتواصل حدتها خلال الثلاثي الثاني من سنة 2020 بتراجع عالمي بنسبة 3 بالمائة تم الإعلان عنه. وهناك انخفاض هام فقط في الإنتاج العالمي للنفط بأزيد من 20 مليون برميل يوميا، يمكنه المساهمة في استقرار برميل البرنت في حوالي 25 دولارا خلال الثلاثي الثاني من سنة 2020.

سؤال: هل تعتقدون أنه على منظمة الأوبك اتخاذ إجراءات إضافية من أجل مواجهة انهيار الأسعار؟

عبد المجيد عطار: هناك شيء أكيد حاليا وهو أن  كل المنتجين بمن فيهم الولايات المتحدة يتقبلون أن الإنتاج العالمي حاليا الذي بدأ ينخفض نحو 90 مليون برميل يوميا ودون احتساب الانخفاض بـ7ر9 مليون برميل يوميا والذي لن يبدا في تطبيقه إلا ابتداء من الفاتح ماي، هو حاليا أعلى بوضوح من الطلب وأكثر أيضا مقارنة بالاستهلاك الحقيقي الذي هو أدني من 80 مليون برميل يوميا.

وقدرات التخزين في العالم ستمتلئ قريبا بنسبة 100 بالمائة. وهذا الوضع سيصحب بسعر يتراوح بين 20 و25 دولار لبرميل البرنت، كما سينخفض الإنتاج العالمي ربما إلى حوالي 80 مليون برميل يوميا ابتداء من شهر ماي الداخل.

إن هذا الوضع سيستمر إلى غاية شهر جويلية على الأقل مع سعر ضعيف من شانه أن يخفض إنتاج الولايات المتحدة وكندا بشكل كبير خاصة (النفط الصخري والنفط الثقيل) والمتبقي سيكون مرتبطا فبوضعية التحكم في الجائحة وتأثيراتها الاقتصادية.

بعد كل التحليلات التي تمكنت من الاطلاع عليها، فإنه حتى وإن كان هناك عودة للنشاط الاقتصادي خلال السداسي الثاني من سنة 2020، فانه يجب الأخذ بعين الاعتبار بفكرة أن العالم بصدد مواجهة أزمة تاريخية، ما سينجم عنها تراجع قد يبلغ من 6 إلى 7 بالمائة خلال السداسي الثاني من سنة 2020. مع احتمال أن يكون هناك استئناف تدريجي للاستهلاك خلال السداسي الثاني ولكن بصفة بطيئة بسبب الحجر الصحي الذي لا نعرف بعد حدته وشكله.

لا يجب أن ننسى نماذج الحجر وآثارها التي أعلنت عنها معظم الدول، حيث فرضت قيودا على الحركة التي تستهلك 60 بالمائة من الإنتاج العالمي للنفط وكذا تراجع النشاط السياحي بـ80 بالمئة خلال سنة 2020 وهو ما أسفر عن تباطؤ النشاط الاقتصادي لسنة 2020 بأكمله. ففي هذه الحالة وباستثناء انتصار غير منتظر على كوفيد 19 لا يمكننا أن نأمل إلا بمتوسط سعر يقدر بـ30 دولارا لبرميل البرنت خلال السداسي الثاني من عام 2020.

سؤال: ما هي التدابير الواجب اتخاذها فورا لمواجهة هذه الحالة برايكم؟

عبد المجيد عطار: حسب المؤشرات المذكورة آنفا لا يمكن التوقع بأن تتأتى حلول تداعيات الأزمة من إنتاج المحروقات أو تصديرها، سواء على مستوى الحجم أو الأسعار التي ستبقى متدنية وغير متحكم فيها طوال سنة 2020. كما يجب الإشارة إلى أن الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي قد تأثر هو كذلك بشكل طفيف بتراجع بنسبة 4 بالمائة تقريبا من حيث الحجم حتى وإن كان ذلك اقل ضررا من البترول، لأن استهلاك الكهرباء لا يمكن ان ينهار أكثر من ذلك.

ولمجابهة هذا الوضع توجد بعض الحلول الاستعجالية على المدى القصير (2020) وأخرى متوسطة المدى. وذلك باغتنام هذه الفرصة لتحضير ومباشرة إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية عميقة.

إنه السبب الذي جعل الحكومة تتخذ إجراءات تخفيض وترشيد النفقات بشكل معتبر. ومن المؤكد إنه سيتم اللجوء إلى احتياطات الصرف التي تبلغ 60 مليار دولار، على الأقل لتغطية الواردات اللازمة للحفاظ على نشاطات الإنتاج والتموين بالمنتوجات القاعدية (الأولوية للصحة والتغذية والماء والطاقة). ويجب تكييف هذه التدابير حسب تطور الجائحة وآثارها على المستويين الداخلي والدولي.

إلا أن الأمر الأكثر أهمية يتمثل في إعداد السيناريوهات والإجراءات المتعلقة بتطبيق هذه التدابير المقررة. لا يجب أن ننسى أنه لمواجهة الحالات المستعجلة التي نجهل تطورها على المدى القصير، يجب توفر كل الوسائل للتحرك والتمكن من اتخاذ قرارات مستعجلة بصفة تدريجية. لقد أعطتنا هذه الجائحة بمختلف تداعياتها السياسية والاقتصادية والتنظيمية والاجتماعية والثقافية دروسا في غاية الأهمية سينجر عنها على المدى المتوسط إصلاحات وتغيير جذري.