الممثلة المسرحية نوال بن عيسى في حوار لـ "المساء":
الكتابات المسرحية الحالية لا تعير الاهتمام لتطلّعات المتفرج

- 2722

قدّمت الممثلة المسرحية نوال بن عيسى في حوارها مع "المساء"، جوانب من عملها الفني كممثلة محترفة بمسرح سيدي بلعباس ومسارح أخرى. هذه المهنة التي أحبتها، ودرستها، وتستعد لإنهاء شهادة الدكتوراه في موضوع تكوين الممثل في الجزائر بجامعة تلمسان. وهي ترى بحكم بحثها الأكاديمي، أن خَللا يشوب مجال التكوين في الجزائر، وأن معهدا متخصصا وحيدا في البلاد لا يكفي لتكوين كل المواهب الموجودة، مرجحة فكرة إنشاء معاهد في كل ولاية. وكانت عودة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، فرصة للكشف عن مشروع عام وسابق في الجزائر، يتعلق بتأسيس مدرسة خاصة موجهة للأطفال تهتم بالفنون، وبالدرجة الأولى المسرح.
❊ تحضّرين لأطروحة دكتوراه في موضوع حساس، يتعلق بتكوين الممثل في الجزائر، لماذا هذا الاختيار؟
❊❊ عند تحضيري أطروحة الدكتوراه اخترت موضوع تكوين الممثل في المسرح الجزائري؛ لكوني ممثلة مسرحية، وأعشق فن التمثيل منذ صغري حتى وأنا في سن الخامسة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى أردت أن أتوسع أكثر في هذا الموضوع، خاصة أنني اشتغلت عليه في الماستر؛ بحيث وُلد لدي الكثير من الإشكاليات التي أردت أن أتطرق لها في أطروحة الدكتوراه للتوسع أكثر، وخاصة ما نلاحظه من نقص كبير في تكوين الممثل في الجزائر. وسأقدم الأطروحة شهر ماي المقبل بجامعة تلمسان.
التكوين في التمثيل بالجزائر شبه منعدم!
❊ ما رأيك في مستوى التكوين المسرحي في الجزائر؟
❊❊ تكوين الممثل في الجزائر مشكل كبير، يتحدثون عنه كثيرا ولكن إلى حد الآن لم توجد حلول فعالة لحل هذا المشكل؛ بحيث لا يكفي معهد واحد في بلد كبير مثل الجزائر، ألا وهو المعهد العالي لمهن العرض والسمعي البصري. ولا أعتقد أنه يكفي لتكوين كل الممثلين في الجزائر. وأغلب الممثلين المشاركين في المهرجان، تَخرجوا من جمعيات أو تعاونيات مسرحية، أو تكوينهم كان ميدانيا وليس في المعهد.
كل مسرح وطريقته في تسيير العمل الفني؛ فإذا كان المسرح يجهز ويأتي بأحسن فريق فني؛ من مخرج ومساعد مخرج وكوريغراف وسينوغرافي وكاتب، سنخلق، بذلك، جوا مناسبا للممثل وسط هذا الفريق المحترف، لتكون فرصته في التكوين ميدانيا، غير أن هذا الأمر يبقى ناقصا، ولا يكفي للرقي بالمسرح إذا لم يكن هناك معهد في كل مدينة. وأعتقد أن حتى الخواص حري بهم أن يفكروا في فتح استثماراتهم في التكوين الفني؛ فمثلا في فرنسا يوجد معهد خاص يتكون فيه الممثل بماله الخاص. ونستطيع القول إن التكوين شبه منعدم بالجزائر!
معهد فنون العرض غير كاف لتكوين كل الممثلين
❊ حدثينا عن تجربتك في التمثيل.
❊❊ تجربتي مع التمثيل المسرحي كانت منذ صغري؛ فقد اعتاد أبي أن يأخذني معه إلى المسرح، إلى درجة أنني عشقت التمثيل، وأصبحت مولعة بهذا الفن. كنت أمثل في المدرسة والمتوسطة وحتى الثانوية إلى أن دخلت الجامعة والتحقت بفرقة المسرح الجامعي، التي كان يشرف عليها غالم بوعجاج. وأول مسرحية جامعية قدمتها على خشبة المسرح هي مسرحية الوصفة بسيدي بلعباس، التي شاهدها مدير المسرح بسيدي بلعباس أحسن عسوس، فاقترح عليّ دور "عتيقة" في مسرحية "غبرة الفهامة" لكاتب ياسين وإخراج أحسن عسوس. وشاركنا بها في المهرجان الوطني للمسرح المحترف. وكنت مرشحة لأحسن أداء نسوي وواعد في 2007، وبعدها مسرحية "فالصو" للمخرج عز الدين عبار في 2008، ومسرحية "اللقاء الأخير" في 2009، ومسرحية "شظايا" لأحسن عسوس في 2010، ومسرحية "زمان جديد" ليحيى بن عمار في 2011، ومسرحية "راشمون" ليحيى بن عمار في 2012، ومسرحية "الخط الأصفر" للمخرج المصري انتصار عبد الفتاح في 2015، وبعدها انشغلت بأطروحة الدكتوراه، وها أنا الآن أشارك في مسرحية "الجدار الخامس" لعز الدين عبار لحساب الدورة 14 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف.
❊ ألم تراودك فكرة دخول مجال التمثيل في السينما؟
❊❊ كثيرا ما راودتني فكرة دخول مجال التمثيل السينمائي، لكن انشغالي بالدراسة كان من أولوياتي بالرغم من حبي للمسرح والتمثيل.
النصوص المسرحية تنتقص من القيم الفنية والجمالية
❊ تتميز الكتابة الدرامية في الجزائر بالضعف، في رأيك لماذا؟
❊❊ مشكل الكتابة المسرحية في الجزائر لا يعني أنه لا يوجد كتّاب جزائريون، بل يوجد كتّاب شباب بمحاولاتهم، لكن تبقى القيمة الفنية والجمالية للنص المسرحي الجزائري في علاقتها مع المتلقي، محتشمة. وهنا أتساءل هل المسرحيات التي تُكتب تأخذ بعين الاعتبار ذوق المتفرج واهتماماته وتطلعات الشعب الجزائري، وتطور المجتمع الجزائري؟ هل المتفرج الجزائري في الستينات هو نفس المتفرج في 2021 أو وقتنا الحالي؟
فالكُتّاب الجزائريون، حسب رأيي، يجب أن يكونوا مثل أسلافنا، على غرار عبد القادر علولة، عندما كان يتحدث عن الطبقة البروليتارية؛ لأنه كان في ذاك الوقت نضال كبير من العمال الجزائريين، والمسرح كان يتماشى مع تطلعات المجتمع الجزائري، ومثال كاتب ياسين، الذي كان يتكلم عن القضية الأمازيغية؛ لأنه كان يتماشى مع طلب المجتمع الجزائري، وبناء عليه أعتقد أن الكاتب المسرحي يكتب للمسرح من أجل المسرح.
أعد بإنشاء مدرسة للأطفال خاصة بالمسرح
❊ كانت لك تجربة سابقة فيه؛ لماذا تركتِ التلفزيون؟
❊❊ تركت التلفزيون، كما صرحت لك سابقا، لانشغالي بالدراسة؛ كنت أدرس العلوم التجارية والمالية، وفي الوقت نفسه أدرس النقد المسرحي. ومع مرور الزمن اكتشفت أنني أفضّل التمثيل على خشبة المسرح أمام الجمهور، الذي يتلقى أحاسيسي مباشرة، وهو أمر لا أجده لما أمثل أمام الكاميرا.
سأشرف على ورشة مسرح خيال الظل بسيدي بلعباس
❊ بعد نهاية الدراسة، ما هي مشاريعك التي تستعدين للاشتغال عليها؟
❊❊ أن أستوفي عملي بخصوص البحث الأكاديمي في تكوين الممثل، وفي الوقت نفسه أشتغل على مشروع مونودراما. وفي جعبتي فكرة أخرى تخص مشروع تأسيس مدرسة للفنون خاصة موجهة للأطفال من 5 إلى 14سنة، تضم ألوانا فنية عديدة؛ مثل الموسيقى، والرسم والمسرح، ستكون له حصة الأسد. وستكون الأولى من نوعها في الجزائر؛ بتوفير مختصين في المسرح والرقص. وسوف أنطلق في المشروع هذا العام إذا كانت كل الإجراءات مستكفية، وهذا وعد مني. وسأكون مؤطرة لورشة تكوينية في الفترة الممتدة من 27 حتى 31 مارس الجاري، خاصة بمسرح خيال الظل بسيدي بلعباس، بحكم تجارب سابقة؛ فلي تجربة في مسرح خيال الظل بطنجة في المغرب. وفي عام 2019 قدّمت بديوان رياض الفتح أو مركز الفنون بالعاصمة، ورشة لصالح مجموعة من الأطفال ولمدة أسبوع، تعلّموا فيها كيفية صناعة دمى خيال الظل.