الدكتور ماجد نعمة مدير مجلة “أفريك آزي” لـ”المساء”:‏

الصراعات تقودها اليوم الغرائز الاستعمارية

الصراعات تقودها اليوم الغرائز الاستعمارية
  • القراءات: 1211

يحاول الدكتور ماجد نعمة توضيح بعض معالم صراع القوى الكبرى على الساحة الدولية ومدى تأثيره على منطقتنا العربية.

كما يقف الدكتور نعمة عند التحديات التي ترفعها بعض الدول العربية للإفلات من الهيمنة قصد إفشال المخططات الغربية المشبوهة.

أحاديث أخرى عن الحرب الإعلامية وعن الربيع العربي وغيرها فتحتها معه “المساء” أثناء مشاركته، مؤخرا، في الملتقى الدولي “الجنوب أية بدائل؟” الذي احتضنته الجزائر مؤخرا.

 

كيف هو الصراع اليوم في عالم يتغير بسرعة سياسيا واقتصاديا؟

الصراع اليوم أصبحت تقوده الغرائز الاستعمارية  فحتى سنة 1990 كان هناك صراع بين قطبين اثنين هما الغرب بقيادة الولايات المتحدة والشرق بقيادة الاتحاد السوفياتي، بعدها غابت عن العالم منظومة الصراع وحلت محلها نظريات غريبة كنظرية نهاية التاريخ مثلا واصطدام الحضارات وغيرها، كما أنه ساد اعتقاد بأن الغرب هو من انتصر في هذا الصراع وقضى على المعسكر الشرقي.

هذا المعسكر الغربي الذي ظن أنه انتصر بدأ الآن يحس بأنه يمر بأزمة بنيوية في تاريخه وتفاقمت عنده الآفات كالبطالة والمديونية والحروب الفاشلة، استراتيجيا على الأقل، وخروجه هاربا من أفغانستان والعراق إلى درجة أن حزبا صغيرا كحزب الله في لبنان هزم بسهولة قوة هائلة هي صنيعة الغرب تدعى إسرائيل.

 

في خضم هذا الصراع هل ترون مخرجا يضمن عودة التوزانات بين القوى العالمية؟

هناك مخرج بالطبع، خاصة مع صعود روسيا التي ظن الغرب أنها دفنت، وهناك الصين التي أصبحت أكبر قوة اقتصادية لها مليارات في الإنفاق العسكري وهكذا لم تعد أمريكا القوة الأولى والمسيطرة رقم واحد رغم قوتها بعدما لم تحقق أهدافها وخضعت للشروط في مجلس الأمن أمام صمود الصين وروسيا، بل أصبحت مستعدة لإخضاع أسلحة إسرائيل للمراقبة الدولية، وتفاعلت مع مطلب رفع الحصار عن الجمهورية الإيرانية وهذا يعني باختصار أننا نعود إلى التوازن العالمي من جديد.

لقد تبين للعالم أن الأحادية الليبرالية المتوحشة لاتولد إلا الأزمات.

 

بالنسبة لسوريا كيف انعكس الصراع العالمي عليها؟

أريد لسوريا أن تتحول إلى دولة دينية وعملت أطراف أجنبية وإقليمية لتحقيق ذلك، لكن كل المخططات باءت بالفشل فمن ضمن 14 مقاطعة سورية لم تقع سوى الرقة وحتى هذه الأخيرة هناك صراع بين محتليها، علما أنها سقطت نتيجة الدعم المالي والعسكري الرهيب الذي قدمته بعض البلدان المجاورة.

لقد صمدت سوريا وصدت رياح الربيع العربي المشبوهة بفضل تماسك جيشها والتحامه مع قيادته وشعبه.

يبقى الهدف من حرب سوريا هو خلق حرب أهلية بها وزعزعة استقرارها كما حصل مع باقي دول الربع العربي قصد وضعها على الرف والتخلص من الخطر والصمود الذي يهدد إسرائيل.

بالنسبة للحرب الإعلامية فهي صراع آخر بين القوى، استهدافها لسوريا كان بالتضليل والتزييف، كما انتقل هذا الصراع الدولي واحتد في مجلس الامن بحرب دبلوماسية ليس لها مثيل استطاعت تضبيط الحلف الاطلسي ومنعته من التدخل في سوريا.

 

ماذا عن الجزائر في خضم هذا الصراع وهل استطاعت أن تنجو من مخالبه ؟

الجزائر تتبع سياسة واقعية في ظل التحولات الكبرى التي تتطلب الحذر، الجزائر عاشت انهيار النظام العربي في سوريا وتونس وغيرها وفهمت أنها مهددة من جميع حدودها، إن خصوصية الجزائر ترجمة لحكمة الرئيس بوتفليقة وكيفية تعامله مع الأزمة الدولية، فاتخذت فورا القرارات الحمائية قصد حماية الاقتصاد الوطني عكس ما فعلته تونس مثلا، فالاقتصاد المفتوح بشكل غير مدروس ومنظم أدى إلى تعجيل رحيل بن علي.

إذا سمحتم من خلال هذا اللقاء أن أرد على الذين يتهمون النظام الجزائري بأنه “اشترى السلم الاجتماعي بدولارات البترول”، وهو كلام فارغ، فلم لا يكون ذلك مشروعا لبناء أو لإعادة بناء البنى التحتية وتدعيم المشاريع الإجتماعية أكثر، وجعل الجزائر عبارة عن ورشات ومشاريع لاتتوقف؟ لقد عرفت الجزائر بفضل حكمة اختياراتها كيف تسترجع هيبتها المالية وتنتهي مديونيتها بل وأصبحت هي من تدين الصندوق الدولي نفسه، ناهيك عن احتياطها الذي هو صندوق  للأجيال.

بفضل هذه الإصلاحات، أيضا أصبح للجزائر صوت مسموع في الساحة الدولية وأصبحت الجزائر أيضا مثالا في نجاحها في حربها ضد الإرهاب، حيث حفظت أمنها وصمدت دولتها بفضل تلاحم وصمود مجتمعها المدني وجيشها.

ثم إن العالم الغربي والقوى العظمى ليس من مصلحتها اليوم زعزعة استقرار الجزائر وتحويلها إلى دولة فاشلة، والعبرة تأتي من العراق الذي دمرته الولايات المتحدة ولم تستفد من ذلك شيئا اللهم إلا بعض الأرباح المالية التي استفادت منها فقط الشركات الاقتصادية وبعض دول الجوار.

 مريم. ن