الوزير السابق رؤوف سليم برناوي في حوار لـ "المساء":

الجزائر قادرة على احتضان ألعاب وهران قبل 25 جوان

الجزائر قادرة على احتضان ألعاب وهران قبل 25 جوان
وزير الشباب والرياضة السابق، رؤوف سليم برناوي
  • القراءات: 4548

وصف وزير الشباب والرياضة السابق، رؤوف سليم برناوي، بيان اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط الأخير، بكونه "لا محل له من الإعراب"، أمام الحرص الشخصي لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على إنجاح دورة وهران، والتقدم الذي بلغه إنجاز منشآت رياضية جديدة، وكذا تأهيل الهياكل القائمة بما يضمن استكمال الأشغال في الآجال المحددة، وسير منافسات هذا الحدث الرياضي ذي البعد الدولي، في أحسن الظروف الممكنة، متأسفا، في الوقت نفسه، لغياب رد فعل ممثل الجزائر في الهيئة  ، قال برناوي عند نزوله ضيفا علـى "المساء".

كيف هي يوميات الوزير السابق رؤوف سليم برناوي؟

❊❊ في الحقيقة هي يوميات عادية جدا؛ كمواطن جزائري، أقضي أوقاتي في العمل. وبما أني أتواجد في عطلة خاصة، خصصت حجما ساعيا معتبرا للمجال التطوعي والتوجه الرياضي؛ حيث أشرف، حاليا، على تدريب تشكيلة من الرياضيين في فرع المبارزة. وخلال عملي التأطيري أحاول نقل خبرتي لهؤلاء المبارزين المقبلين على المشاركة في المنافسات الدولية، في مقدمتها ألعاب البحر الأبيض المتوسط، بالنسبة للعناصر التي تنشط في المنتخب الوطني الأول، وعليه فعملي كمدرب، منحني فرصة مواكبة التطورات السريعة التي يشهدها قطاع الرياضة، الذي أضحى، حاليا، عالما قائما بذاته.

  أدخلتم على يومياتكم التي وصفتموها بالعادية، عامل التجديد، بالمشاركة في العملية الانتخابية الأخيرة الخاصة بالمحليات؟

❊❊ فعلا، رؤوف سليم برناوي معنيٌّ، كعادته، بكل ما يجري من أحداث في الجزائر، آخرها محطة الانتخابات المحلية التي جرت يوم 27 نوفمبر الماضي، التي تابعتها شخصيا عن قرب؛ بتأدية واجبي الانتخابي بكل أمانة وصدق؛ نظرا لأهميتها، كما تَفضّل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والتي أعتبرها أهم محطة لبناء مؤسسات الدولة الجزائرية. وأتمنى أن تنجح الجزائر في مساعيها، المتمثلة في بناء دولة حديثة قوية في مستوى تطلعات الشعب الجزائري، لا سيما في الوقت الراهن.

ماذا تقولون عن استمرارية تواجدكم في فرع المبارزة؛ سواء كمدرب متطوع، أو ممثل الجزائر في الكنفدرالية الإفريقية لذات الفرع؟

❊❊  بغضّ النظر عن الموقع الذي أكون فيه، المهم أنني أنتمي إلى عائلة المبارزة؛ أساعد الاتحادية، قدر المستطاع، في شتى المجالات، سواء تعلق الأمر بالتسيير، أو التجربة والخبرة أو التدريب؛ بهدف توظيف أجندتي المحلية والخارجية خدمة للشبان الجزائريين. وعرفانا بهذا التطوع، ارتأت الاتحادية الحالية تعييني كرئيس شرفي لذات الهيئة الفيدرالية.

ما الجديد بخصوص انتخابكم كنائب أول للكنفدرالية الإفريقية للمبارزة؟

❊❊ هذا التصويت الذي كان بالأغلبية الساحقة والمترجَم في 28 صوتا من بين 30 عضوا ممن لهم الحق في الانتخاب خلال الجمعية العامة الانتخابية للهيئة القارية التي جرت يوم 28 سبتمبر الفارط بمدينة مبور السنغالية، يُعد مكسبا حقيقيا لرياضة المبارزة الجزائرية على الصعيد الخارجي قبل الداخلي؛ تحسبا لأهم الرهانات، وفي مقدمتها كؤوس العالم، والأكاديمية الدولية الموجودة بالجزائر، والدورات الإعدادية؛ قصد الاحتكاك بالمستوى العالي، الذي يرجع، بالإيجاب، على الفرع.

"تهميش الكوادر ذوي الخبرة وراء النتائج السلبية دوليا"

 

على ذكر الرهانات، ما واقع الرياضة الجزائرية قبل ستة أشهر عن انطلاق ألعاب وهران المتوسطية؟

❊❊  عندما نتكلم عن الرياضة، يجب أن نشير، أولا، إلى أن المجتمع الجزائري يمارس النشاط الرياضي بانتظام، وعلى نطاق واسع لكلا الجنسين (ذكورا وإناثا). وهذه النقطة إيجابية جدا، تضمن لنا رياضة النخبة، ولكن، للأسف، مستواها تراجع بشكل رهيب ومخيف. والدليل على ذلك صفرية النتائج في ألعاب طوكيو الأخيرة، ومن هنا ندق ناقوس الخطر إذا استمر الوضع على هذا المنوال.

بحكم تربّعكم على كرسي مبنى 1 ماي، ما الأسباب الحقيقية وراء هذا الركود؟

❊❊ بعد عملية الاطلاع على الوضع العام لكل الرياضات، استخلصت أن هناك ثلاث نقاط جوهرية وراء كارثية المستوى وغياب النتائج في المحافل الدولية؛ بدءا بضعف الحجم الساعي للتدريب لدى الرياضي الجزائري؛ حيث يستفيد هذا الأخير من معدل 10 أو 12 ساعة في الأسبوع، بينما المستوى العالي حُددت فترته الزمنية ما بين 30 و35 ساعة في الأسبوع لبلوغ 1000 ساعة في السنة، مرورا إلى تهميش الكوادر التي تتمتع بالتجربة والخبرة الكافيتين، لإعادة أمجاد الجزائر دوليا، لا سيما في الرياضات التي دأبت على السيطرة عليها؛ كالملاكمة، وألعاب القوى، على شاكلة المدرب محمد زروقي (القفز العالي)، وعمار بوراس (السباقات الطويلة ونصف الطويلة)، وماهور باشا وكذا إبراهيم البجاوي (الملاكمة)، وصولا إلى عدم استغلال مراكز تحضير النخبة الوطنية الموجودة على مستوى التراب الوطني؛ كمركز السويدانية (العاصمة)، والباز بسطيف، ومركز الشلف، وسيدي بلعباس لتفضيل الاتحاديات الرياضية تبذير الأموال في حجز أماكن لعناصرها الوطنية في فنادق محلية كانت أم خارجية، ولفترة زمنية.

ألا تظنون أن صرف النظر عن هذه المراكز راجع إلى رداءة الخدمات؟

❊❊ هذه المراكز كانت مطلب رياضيي النخبة في وقت كانت النتائج هي سيدة المشاركات. وعندما غابت هذه التألقات أصبح هذا المطلب غير مرغوب فيه، مع العلم أن الوزارة الوصية وفرت كل الإمكانيات اللازمة والضرورية لضمان تدريب نوعي وذي مستوى عال، مع استعمال وسائل الاسترجاع الحديثة؛ على غرار تقنية الحمام البارد والساخن بالتناوب، وأسلوب التدليك وتمارين التمديد، إلى جانب عملية ارتداء جوارب الضغط؛ وهي جوارب طويلة، تساعد على ارتفاع الدم في الساق، واستخدام تقنية التحفيز الكهربائي للعضلات.

 

"بلماضي أنقذ المنتخب الوطني وحتى الاتحادية،  من كمين مدبَّر"

 

رغم الإرادة السياسية هناك أصوات عالية تحتج في كل مناسبة، عن الأجواء التحضيرية؛ على سبيل المثال مركز السويدانية!

❊❊ في الحقيقة، شخصيا، لا أجد حجة مقنعة لتفسير سلوكات المحتجين؛ أحيانا أقول إنها ممارسات مقصودة لتصفية الحسابات رغم أن المشكل سببه الرئيس التقنيون، الذين يعرفون كل كبيرة وصغيرة عن احتياجات الرياضي قبل شروعه في التربصات. وفي حال غياب هذه الخدمات وفي مقدمتها وسائل الاسترجاع والبيئة الإعدادية وقت المطالبة بها، فإن تعالي أصوات الاحتجاج مشروعة، يقابلها الاستعجال بتقديم الحلول؛ لضمان تجهيز كاف، يسمح لرياضيّ النخبة بدخول المنافسات؛ محلية كانت أو دولية، في أحسن رواق، وهذا ما عملناه مع المنتخب الوطني لكرة القدم، عندما كنت على رأس القطاع؛ بجلب جمال بلماضي على رأس "الخضر"؛ إذ وضعنا الثقة في شخصه، والحمد لله، كانت المفاجأة من عيار ثقيل؛ بالتتويج بكأس أمم إفريقيا في مصر 2019، وهذا دليل واضح على أن جمال بلماضي الذي أحترمه كثيرا، رجل من طينة الكبار؛ أظهر جودته كتقني من خمس نجوم، لا سيما أنه أنقذ المنتخب الوطني الجزائري وحتى الاتحادية، من كمين مدبَّر، وعليه أتمنى أن يوجد في كل اتحادية شبيه بلماضي ولو بخصلة واحدة من خصاله النبيلة؛ لضمان انطلاقة حقيقية للحركة الرياضية الجزائرية.

تقولون إن "أشباه بلماضي" موجودون؛ لماذا لم تدعوهم لإخراج الرياضة الجزائرية من غرفة الانعاش؟

❊❊ هناك كوادر وطنية تتمتع بتجربة رفيعة المستوى شبيهة بخبرة بلماضي، ذكرت أسماءهم سابقا، لكن، للأسف، تم تهميشهم؛ لأنهم لا يقبلون الرداءة، ويضعون الجزائر فوق كل اعتبار، وخير مثال على ذلك عمار بن يخلف صاحب فضية أولمبياد بيكين 2008، الذي اتخذت الاتحادية الجزائرية للجيدو، قرار إنهاء مهامه كمدرب للمنتخب الوطني أكابر ـ رجال، أياما قليلة بعد عودته من المشاركة في "أولمبياد" طوكيو، وهذه نتيجة كانت متوقَّعة بعد مساندته قرار المصارع فتحي نورين، الذي رفض مواجهة خصم صهيوني من جهة، وكذا الاتهامات شديدة اللهجة التي وجّهها لمسؤولي الاتحادية نفسها، والقائمين على اللجنة الأولمبية الجزائرية، ومسؤولي الرياضة في الجزائر، من جهة أخرى. 

هل صحيح أن عمار بن يخلف تلقّى ضمانات في عهدتكم، بحصوله على منصب مستشار لدى وزارة الشباب والرياضية؟

❊❊ بالفعل، كنت سأضع في شخصه الثقة، لا سيما بالنظر إلى مستواه التعليمي العالي، وسجله الحافل بالألقاب، إضافة إلى الكاريزما التي يتمتع بها، وهي ميزة مفقودة جدا في وقتنا الحالي، لكن، للأسف، المشروع لم ير النور، وبالتالي تعالت صرخة بن يخلف؛ لكونه لا يتقاضى أجره كمدرب وطني منذ عدة أشهر، حيث توقفت التدريبات لمدة طويلة بالموازاة مع جائحة كورونا وإغلاق القاعات الرياضية، زد على ذلك إقصاءه من المعهد العالي للعلوم وتكنولوجيات الرياضة، الذي كان يزاول فيه منصب مدرس، وهو المنصب الذي كان بصفة مؤقتة، ليجد الرجل نفسه بدون دخل ما عدا ذلك المتعلق بمنصبه الوظيفي في وزارة الشباب والرياضية، والذي يتقاضى، بفضله، أجرا جزاء لقب نائب بطل العالم في الأولمبياد.

"حرص رئيس الجمهورية أعطى دفعة معنوية للتحضير الجيد لدورة وهران"

  وإذا عدنا للحديث عن الألعاب المتوسطية، بصريح العبارة، هل الجزائر قادرة على رفع التحدي في طبعة وهران؟

❊❊ من منبركم الموقر، أجدد التأكيد على أن الجزائر قادرة على احتضان ألعاب وهران المتوسطية اليوم قبل 25 جوان 2022، بالمنشآت المتواجدة والمتوفرة حاليا. وأنا من الأشخاص الذين يؤمنون بقدرات الجزائر ومكاسبها، وعليه أقول إن البيان الأخير الذي راسلته "السيجيام" مؤخرا، لا محل له من الإعراب، أمام الحرص الشخصي للسيد رئيس الجمهورية، حتى تنجح الجزائر في تنظيم هذه الألعاب؛ من خلال التوصيات التي خرج بها اجتماع مجلس الوزراء، والذي كان بمثابة دفعة معنوية ولوجستيكية للمضي قدما نحو ضبط جميع الأمور قبل موعدها المحدد، مع توفير كل الإمكانات للرياضيين الجزائريين، لتحضيرهم، وتحسين مستواهم؛ قصد تصدّر المراتب الأولى في حصد الميداليات؛ تشريفا لألوان العلم الوطني.

هل نفهم من كلامكم أن كل الأمور مضبوطة؟

❊❊ يكفينا فقط الإيمان بقدراتنا. والنجاح يكون نتيجة حتمية لهذه الذهنية. وكما تعلمون، فالسلطات العليا للبلاد تولي أهمية كبيرة لهذه الألعاب إلى درجة أن رئيس الجمهورية يعقد اجتماعا مع مجلس الوزراء دوريا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مساعيه السامية لرد الاعتبار للشبيبة عبر هذه الألعاب، التي ستكون بداية عهد جديد للرياضة الجزائرية، التي ستستفيد كثيرا، من خلال تنظيم الألعاب المتوسطية، من مرافق ذات معايير ومستوى عالمي، كما سيصب كل هذا في مصلحة رياضيّي النخبة. وحرص رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون شخصيا، على تسخير جميع الإمكانيات للرياضيين، الذين سيمثلون الراية الوطنية في هذا الاستحقاق المتوسطي، وهو أمر لم نعهده سابقا؛ فالاتحاديات الرياضية، اليوم، أمام فرصة ذهبية، يتوجب استغلالها.

"خسارة عدادي كرسي "السيجيام " بسبب "كولسة" محلية"

 

كيف تعلّقون على خسارة عدادي رئاسة "السيجيام"؟

❊❊ أتحسر كثيرا على هذا الوضع الذي آلت إليه الجزائر؛ فالخسارة ليست على عدادي فقط، وإنما على لبلد الذي فقد تواجده على رأس أكبر هيئة رياضية إقليمية! وللأسف، هذه الخسارة كانت بكولسة حيكت من أيدي محلية، أرادت تصفية حساباتها مع الشخص ذاته! وخير دليل على ذلك مخرجات اجتماع طوكيو، حيث تم التوافق على إسناد رئاسة المكتب التنفيذي لممثل إيطاليا دافيد تيزانو، ونائب الرئيس الأول لتونس، ونائب الرئيس الثاني لفرنسا، في حين تم تجاهل حصة الجزائر من هذه "الكعكعة" رغم أن ممثلها كان هو الرئيس لأكثر من 20 عاما، واكتفى بتواجد اللوبي الجزائري في اللجنة التنفيذية، وهو، في الحقيقة، تواجد رمزي، ليس بمنصب مؤثر ومهم!

عقّبتم، في بداية الحوار، على عدم وجود أي رد فعل من اللوبي الجزائري في "السيجيام"، عن نشر الهيئة بيانا شديد اللهجة، للمكلّفين بتنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران؟

❊❊ فعلا، اللوبي الجزائري والمتمثل في الرئيس الحالي لـ "الكوا" حماد عبد الرحمان، لم يُعر أي اهتمام قيمةَ الجزائر أمام نظرائها في الهيئة ولو بمنع نشر البيان، أو تقديم استقالة كأضعف الإيمان تجاه البلد الحبيب. للأسف، الأمر هنا لا يعني شخصه، وإنما قيمة الجزائر ومكانتها بين جيرانها في الحوض المتوسطي رغم أن الرجل الأول في "الكوا"، لديه دراية كاملة وشاملة بحجم الإمكانات المسخّرة لاستضافة طبعة وهران "الخرافية" بالنظر إلى مستوى المنشآت المنجزة، وتلك المتواجدة في الروتوشات الأخيرة من عملية التهيئة، علاوة على ذلك، وهي نقطة مهمة، متمثلة في حرص السيد الرئيس الجمهورية، شخصيا، على إعطاء "النجاح بامتياز" عنوان دورة وهران 2022، وعليه أكرر أسفي في كل مرة؛ لأن "لا حياة لمن تنادي!".

بم تختمون هذا الحوار؟

❊❊ شخصيا، أؤكد أن وهران ستكون جاهزة للموعد المتوسطي (25 جوان- 5 جويلية 2022)؛ حيث ستكون المناسبة فرصة جديدة لتأكيد قدرات البلاد على تنظيم أكبر التظاهرات الدولية، سيما في الوقت الراهن، ولم يشهده العالم من أحداث وتطورات، انعكست سلبا على كل القطاعات الحيوية، في مقدمتها الاقتصادية.