المنسق الوطني للأنوسيدا بالجزائر لـ”المساء”:‏

الجزائر حققت تقدما ملحوظا، والإشكال في ركود الجمعيات بسبب نقص التمويل

الجزائر حققت تقدما ملحوظا، والإشكال في ركود الجمعيات بسبب نقص التمويل
  • القراءات: 1089
حاورته: حنان. س حاورته: حنان. س

يتحدث الدكتور عادل زدّام المنسق الوطني للأنوسيدا بالجزائر في هذا الحوار، عن الإستراتيجية الوطنية لمكافحة السيدا، سواء المتعلقة بتحقيق صفر عدوى من الأم إلى الطفل المعلن عن بدء تطبيقها مؤخرا، أو حماية المجتمع من هذا الداء من خلال تغيير الذهنيات. كما يتحدث عن دور المجتمع المدني في سلسلة مكافحة السيدا، مشيرا إلى سعي وزارة الصحة خلال 2014 إلى إشراك مختلف الفاعلين في مجال المكافحة، دعما لمساعيها لصد انتشار السيدا.

 بدأ مؤخرا تطبيق البرنامج الوطني لمكافحة السيدا، لاسيما الشق المتعلق بهدف صفر عدوى من الأم إلى الطفل، حدثونا عن البرنامج أكثر.

البرنامج يدخل ضمن استراتيجية برنامج الأمم المتحدة لمكافحة السيدا الرامي إلى تحقيق نسبة صفر عدوى الإصابة بالسيدا من الأم المصابة إلى الجنين، وفي إطار الإعلان السياسي للأمم المتحدة لـ2011 الذي التزمت به كل الدول، ومنها الجزائر، قصد تحقيق الأهداف العشرة المسطرة لهذا الإعلان، والذي ينص الهدف الثالث منه على القضاء نهائيا على انتقال العدوى من الأم للجنين، وعملت الجزائر بالشراكة مع الأنوسيدا واليونيسيف على إعداد استراتيجية وطنية قصد الوصول إلى صفر إصابة جديدة من الأم إلى الجنين. كما أعدت وزارة الصحة إستراتيجية وطنية في هذا السياق، وهي اليوم تقوم على تنفيذها للوصول إلى هذا الهدف سنة 2015، عن طريق إدماج التشخيص المبكر والفوري في كل مصالح الأمومة والطفولة ومراكز الولادة عبر الوطن، بهدف تشخيص 900 ألف حامل، وهو العدد السنوي المحصى للحوامل. هذا العمل يتحقق أساسا بتدريب الطواقم الطبية وشبه الطبية على إجراء الكشف عن طريق توفير الاختبار الفوري للسيدا بكل تلك المراكز. وهذا ما لمسناه اليوم خلال هذه الورشة عن طريق التزام وزارة الصحة بتوفير الوسائل الطبية اللازمة لإنجاح هذا البرنامج. كما أن وزارة الصحة تضمن الربط بين مصالح الكشف المبكر هذه ومراكز مكافحة داء السيدا، لأن المرأة الحامل المصابة بالفيروس إذا تم التشخيص المبكر والتدخل الفوري لمتابعتها، فإن العدوى لن تنتقل إلى جنينها، وهذا هو المنشود.

 هل يعني هذا أن البرنامج الوطني يهتم فقط بفئة الحوامل المصابات دون غيرها من الفئات؟

لا، بل يرتكز على الحوامل لضمان هدف صفر عدوى جديدة من الأم إلى الطفل الذي من حقه التمتع الكامل بالصحة، لكن فعاليات الحملة تهدف إلى تعديل السلوك الخطير المرتبط بانتقال عدوى الأيدز في مرحلتها الأولى، وتستهدف توعية جميع أفراد المجتمع بغرض المشاركة بغية الوصول إلى مرحلة “صفر أيدز” من خلال بث رسائل توعوية للحد من انتشار الداء على كافة الأصعدة وعلى مدار السنة. فالإعلام بكافة وسائل شريك رئيسي في تنفيذ هذه الحملة الوطنية بالغة الأهمية بالنسبة لكافة شرائح المجتمع، كما أن هذا البرنامج يساهم في توعية أفراد المجتمع بشكل عام، والمقصود بذلك الأفراد غير المصابين بالفيروس، عن طريق إرشادهم إلى أساليب الوقاية العلمية الصحيحة التي يجب اتباعها لتجنب الإصابة بالفيروس، وفي نفس الوقت توعية المصابين بالأيدز بكيفية التعايش مع إصابتهم ومع المجتمع بشكل أفضل، بما يضمن تقبلهم دون وصم أو تمييز.

وهل ترون هنا أن تحقيق هدف صفر وصم وصفر تمييز ممكن في مجتمعنا المتحفظ؟

 تحضير المجتمع وحثه على فهم وسائل تعديل السلوك الخطير، مع كيفية الوقاية منه يقوم أولا على دراسة وفهم مسار السيدا داخل المجتمع نفسه، وهو ما يُمكّن من التخطيط لتنفيذ حملة متعددة المراحل تستهدف تعديل السلوك الخطير المتعلق بالعدوى، الذي يجعل الفرد أكثر عرضة وقابلية للإصابة بالفيروس. ونحن نعمل على مرافقة المجتمع المدني على تمرير هذه الرسالة ليس فقط للفرد المصاب وتحفيز المصابين به على عدم نقل العدوى إلى الآخرين من خلال طرق الانتقال المعروفة وحفظ حق المجتمع في حماية الأفراد، لكن نقوم كذلك بتوعية العاملين في المجال الصحي بشكل متواصل على عدم إهمال احتمالية الإصابة بهذا الفيروس لأي من الحالات المرضية التي قد تراجع الطبيب، مع تحفيز مختلف فئات العاملين في المجال الصحي على العمل على استخدام وسائل مكافحة العدوى الحديثة للوخز الملوث سواء من المريض إلى أي من الطاقم الطبي أو العكس.

 المجتمع المدني له كلمته هنا، فهل يقوم بالدور المنوط به؟

أولا، لا بد أن أشير إلى أن الجمعيات المهتمة بمجال السيدا في الجزائر ـ مع الأسف ـ قليلة، عددها 5 أو 6 جمعيات فقط، أغلبها تنشط في العاصمة وضواحيها، وهذا قليل بالنظر لحجم انتشار الداء في المجتمع، حيث أخذ في الارتفاع، وهي نفس الملاحظة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن ما ينبغي التأكيد عليه أن الإشكال الحقيقي المطروح بالنسبة للمجتمع المدني هو غياب الموارد المالية، وهو ما يؤثر كثيرا على أعماله، نحن نمثل الأنوسيدا التي تعمل منذ ما يزيد عن 20 سنة في الجزائر مع الجمعيات، وقد لمسنا حقيقة مشكل عدم تمكن هذه الجمعيات من الوصول إلى مصادر الدعم والتمويل لمشاريعها التوعوية والتحسيسية وغيرها، نحن هنا نكذب، إذا ادعينا بأن المجتمع المدني في الجزائر غير فعال، بل العكس تماما له الفضل في كسر الطابوهات، تحديدا في مجال السيدا، نحن قبل عقدين لم نكن لنسمع بحملات تتحدث عن السيدا، إذ كان أي حديث عنه يعتبر إخلالا بالأخلاق، اليوم نسبة الوعي في ارتفاع وهذا بفضل تدخلات المجتمع المدني، يبقى فقط التأكيد على أن السيدا مرض مزمن ومكافحته ليست مسؤولية وزارة الصحة والجمعيات فقط، إنما كل القطاعات، وعلى هذا الأساس، فإن اجتماعا آخر مرتقب خلال 2014 بين وزارة الصحة ومختلف القطاعات بهدف إدماجها ضمن استراتيجية مكافحة الأيدز.

 في رأيكم، لماذا يبقى السيدا يثير الخوف لدى المجتمع؟

المشكل يتعلق بالذهنيات وتغييرها يحتاج إلى وقت طويل، نحن نعترف بأن مجتمعنا حقق خطوات كبيرة قبل سنوات في مجال تغيير الذهنيات، لكن للأسف تراجع الأمر، ولا نتحدث هنا عن التعريف بالداء أو إعطاء أرقام عن انتشاره، إنما نتحدث عن أهمية إيصال رسائل إيجابية عن الداء لدى المصاب به أولا حتى يتعايش معه، وكذا إلى عائلته ومحيطه لأن السيدا مرض مزمن تماما مثل السكري أو الضغط الدموي يمكن للمصاب به تلقي العلاج طيلة حياته ولا تظهر عليه أية علامة تشير إلى أنه مصاب.

 لماذا هذا الركود إذن دكتور؟

صحيح، بعض القطاعات سجلت ركودا، خاصة الجمعيات، ومثلما قلنا فالإشكال يطرح بسبب غياب مصادر التمويل، وقفنا منذ سنوات على جمعيات قامت بأكثر من 20 تدخلا في السنة الواحدة بفضل التمويل الجيد، لكن بغياب التمويل لا ننتظر الشيء الكثير منها، من جهة أخرى وصلنا اليوم إلى مفترق طرق، واليوم بإمكان الجزائر الوصول إلى أهداف الاستراتيجية العالمية لمكافحة السيدا، فنحن مطالبون بتحقيق نتائج والتركيز على إجراء دراسات أكثر، مع تكثيف العمل الجواري الوقائي، كالوصول إلى علاج أكبر عدد ممكن من المصابين بالعدوى في الوطن، وهنا أؤكد على أن الجزائر تمكنت منذ بدء تطبيق التزامها أمام الهيئة الأممية لمكافحة الأيدز منذ 2010 برفع عدد علاج المصابين به بـ 50%، وهي نتيجة إيجابية جدا لأن العلاج مفتاح الوقاية. إلا أننا نشير إلى أن الإشكال الحقيقي يتمثل في خفض انتقال الفيروس خلال العلاقات الجنسية غير المحمية، وهنا نؤكد على أهمية التوعية والتحسيس وسط النشطاء جنسيا مع كسر الطابوهات كلية للوصول إلى حماية المجتمع.