طباعة هذه الصفحة

جميلة ندير ممثلة وزارة الصحة لـ"المساء":

إصرار المريض على الصوم يهدده بالإصابة بتسمم دوائي

إصرار المريض  على الصوم يهدده بالإصابة بتسمم دوائي
  • القراءات: 2574
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

نبهت الدكتورة جميلة ازيرو ندير، نائب مدير فرع الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحة عوامل الخطر لدى وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، المريض الذي يتعذر عليه الصيام واحترام الرخصة التي منحها الله له، مشيرة إلى أن تعصبه وتعنته قد يصيبه بتسمم دوائي  لاضطراره أخذ أدويته في ظرف زمني لا يتعدى 6 ساعات، نظرا للفاصل الزمني القصير بين أذان المغرب وآذان الفجر، وحول أخطار صيام المرضى المصابين بداء السكري وأمراض أخرى، حدثتنا السيدة جميلة ندير في هذا الحوار.

❊ استندتم إلى رأي الدين في النصائح التي قدمتها الوزارة في الدليل الصحي لرمضان، ما تعليقكم؟

❊❊— إن العلاقة التي تربط العبد بربه خلال شهر رمضان هي علاقة روحانية، ينتظر المسلم هذه المناسبة العظيمة للتقرب من الله عز وجل، لذا يعد من الصعب جدا إقناع الفرد بعدم الصيام، فذلك يعتبر بالنسبة له بعد عن الله، إلا أن هذا ليس حقيقي، بل بالعكس، ديننا دين يسر، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وشرع الله منوط بمصلحة الإنسان، وعلى أساس هذا المنطق ارتأينا الاستعانة بوزارة الشؤون الدينية لدعم الرأي الصحي بالديني، عبر دليل وطني أطلقته الوزارة بعنوان نصائح صحية.. رمضان والصحة، تحت شعار حوار مع السكري، هدفه إعطاء أحكام صيام المريض، تم الاستعانة فيه برأي الدين الذي أثبت أن التكليف الإلهي مرتبط بوسعه، فقد أجاز الشارع للمريض أن يفطر في شهر رمضان لقوله سبحانه وتعالى: "ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، فالصيام رغم المرض مضرة بالنفس ويكره أن يحمل نفسه الصيام، فليس من البر الصوم في هذه الحالة، وإنما يفرض عليه القضاء عند الشفاء.

❊ ما هي المخاطر التي تهدد صحة المريض في صيام شهر رمضان كاملا؟

❊❊— إن بعض المرضى كثيرا ما يضنون أنهم قادرون، رغم حالتهم، على الصيام دون مشكل، إلا أن ذلك خطأ، فحتى وإن لم تظهر الأعراض مباشرة خلال الصيام أو خلال الشهر الكامل، فهي قادرة على الظهور بعد ثلاثة أو أربعة أشهر، وهنا يحدث خلل في مستوى السكر طيلة تلك المدة، وهي المرحلة التي يتجمع فيها "فائض السكر" في أجزاء معينة من الجسم كالعين أو الكلى أو القدم، ويصبح بذلك تهديدا جد خطير، كالعمى والقصر الكلوي أو القدم السكري، هذا بالنسبة لمرضى السكري، في حين تتجلى أعراض أخرى لدى بقية المرضى المصابين سواء بارتفاع الضغط الدموي، أو المرأة الحامل، أو المرأة المرضعة وغيرها..

❊ ما هي الاستراتيجية التي يتخذها المريض خلال شهر رمضان للتوفيق بين صحته ورغبته في الصيام؟

❊❊— إن رأي الطبيب جد مهم، فعلى المصاب بتلك الأمراض المزمنة طلب نصيحة المختص حول مدى قدرته على الصيام، وفي هذه المرحلة لابد أن يكون لدى المريض وعي بخطورة مخالفة نصيحة عدم الصيام، أما إذا رخص له طبيبه فيمكنه الصوم لكن وفق إستراتيجية دوائية يحددها الطبيب وليس المريض بشكل عشوائي، فهو قادر على تحديد الفترة والجرعة بين آذان المغرب وآذان الفجر، حتى يكون صيامه صحي، لأنه إذا قام المريض بأخذ الدواء تلقائيا بجرعات متقاربة دون استشارة فإنه يعرض نفسه لتسمم دوائي، في حين يستلزم على المصاب بالضغط الدموي استشارة الطبيب لاستبدال دوائه بعلاج له فعالية طويلة تقيه من الإصابة بمضاعفات خلال الصيام.

❊ ما هي الأحكام الطبية للأشخاص المسنين فيما يتعلق بالصيام؟

❊❊— المسن غير المصاب بأحد الأمراض المزمنة يرى نفسه قادرا على الصيام، لأنه لا يشعر بعطش كبير أو بجوع يصعب التحكم فيه، وعلى هذا فالمسنون يرون أن الصيام فعل سهل، إلا أنه في الحقيقة يتعذر على بعضهم الصيام لأعراض غير ظاهرة تتجلى في مضاعفات متمثلة في الإصابة بجلطات دماغية، والسبب وراء ذلك الجفاف وتحجر الدم بسبب عدم قدرة الجسم على أداء مهامه بالشكل الصحيح، إذ تصبح الدورة الدموية جد بطيئة وهذا يؤدي إلى تخثر الدم، بالتالي سد الشرايين وحدوث جلطة دماغية، وهذا ما نسجله خلال كل شهر رمضان لحالات المسنين الاستعجالية من المصابين بالجلطات الدماغية الذين يصطحبون إلى المستشفيات.  

❊ كيف يمكن للطبيب إقناع المريض بعدم الصيام؟

❊❊— أصبحنا اليوم نفرق بين مصطلحين؛ النصيحة والتربية العلاجية، فلم تعد النصيحة تجدي نفعا إذ تبقى بالنسبة للبعض كلمات غير مقنعة، بقول مثلا لا تصوم فالصوم مضر بصحتك، في حين تتمثل التربية العلاجية في استراتيجية جديدة أدخلت على مختلف المراكز الصحية ودور العلاج، وهي حصص يقوم بها الأطباء مع المرضى حتى يوعيهم بمرضهم، وبمخاطر الصيام في بعض الحالات على صحتهم، وهذا يعني أن يتبنى أساليب كفيلة بإقناع المريض بعدم الصيام بطريقة علمية.

❊ وماذا عن الدراسات أو المشاريع التي تخطط لها الوزارة لوقاية أفضل بهذه الأمراض المزمنة، وحسن التكفل بها؟

❊❊ ستطلق وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات دراسة جديدة في أواخر السنة الحالية، بالتعاون مع مركز الدراسات، تتمثل في معرفة كل تصرفات المواطن الجزائرية، بهدف معرفة الأسباب الحقيقية وراء انتشار مختلف الأمراض المزمنة، لاسيما مرضي السكري وضغط الدم المنتشرين بشكل كبير في الجزائر وفي العالم ككل، حيث تحصي الجزائر 10 بالمائة من المصابين بالسكري، أي ما يعادل 1400 مصاب، 80 بالمائة منهم يتم التكفل بهم من طرف الدولة وصندوق الضمان الاجتماعي و26 بالمائة مصابين بداء الضغط الدموي، فالدراسة الوطنية التي سوف تدوم ستة أشهر وتمس 48 ولاية بمدنها وأريافها، ستمكننا من دراسة ثقل تلك الأمراض في مجتمعنا وخطورتها وانعكاساتها على التنمية، فيجب معرفة النمط المعيشي للمواطن وما يستهلكه؟ وإذا كان  يقوم بأنشطة رياضية وغيرها من التفاصيل، وبهذا ففي سنة 2017 ستكون للوزارة نظرة دقيقة عن النمط المعيشي للمواطن الجزائري وستساعد على وضع مخطط وقائي وعلاجي لانتشال مجتمعنا من هذه الأمراض.

❊ هل من كلمة أخيرة؟

❊❊— أطالب الصندوق الوطني بتزويد مرضى السكري بخمسة أجهزة بدل جهاز واحد في اليوم، من أجل مراقبة دقيقة لمستوى نسبة السكر في الدم عندهم يوميا، لمساعدة الراغبين في الصيام على القيام بذلك بشكل آمن.