طباعة هذه الصفحة

محمد حميدات أمين عام نقابة أساتذة الابتدائي لـ«المساء»:

«إطارنا» يحمينا ولن نكون وقودا للاحتجاجات

«إطارنا» يحمينا ولن نكون وقودا للاحتجاجات
  • القراءات: 5974
حوار: رشيد كعبوب حوار: رشيد كعبوب

يتحدث الأمين العام للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الابتدائي، محمد حميدات، في هذا الحوار الذي أجرته معه «المساء»، عن جملة الاختلالات الموجودة في منظومة «التقييم الحقيقي» لهذا الإطار الذي يشكل بداية المسار التعليمي والتربوي ومنه الاجتماعي، ويشرح الدوافع التي عجّلت بإنشاء نقابة خاصة بـ»المعلم» الذي غابت حقوقه وسط زحمة النقابات غير الفئوية، لم تحقق له المطلوب رغم الوقفات والمساندات، داعيا إياه إلى الالتفاف حول النقابة. كما يطرح المتحدث إشكالية تسيير هذا القطاع الذي يجعل الحظوظ بين التلاميذ والأسرة التربوية غير متكافئة، ويدعو وزيرة القطاع إلى الاهتمام أكثر بأستاذ الابتدائي الذي لا يمكن بغيره تحقيق الجودة المنشودة.

كيف نشأت النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الابتدائي؟

❊❊ تأسست النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الابتدائي (SNAPEP) في 24 أكتوبر 2013، وتم اعتمادها رسميا في 2014، لننطلق بعدها في العمل وتعبئة هذه الفئة التي تعد الأساس والبداية في العملية التربوية والتعليمية.

كيف جاءتكم فكرة تشكيل نقابة خاصة بأساتذة الابتدائي؟

❊❊ أستطيع القول بأن الفكرة جاءت بعد أن لاحظ المعلم أن التعليم الابتدائي ظل مهمشا لسنوات، وحقوقه ضائعة، ويمثل الطبقة الكبيرة من المؤطرين التربويين، ومطالبه لا تذكر في مرافعات النقابات الأخرى، إشعاراتها، محاضرها واهتماماتهما، هذا الدافع الذي جعلنا نعجّل بإنشاء نقابة خاصة بنا.

يعني أن نقابات التربية الموجودة في الساحة الأخرى لم تهتم بخصوصيات المعلم؟

❊❊ بالضبط، كنا نرى أنفسنا مكتوفي الأيدي، وفي ذيل الترتيب بالنسبة للنقابات الأخرى، بل كانوا يعتبروننا مجرد وقود للإضرابات والاحتجاجات، دون أن تتحقق أية نتيجة بالنسبة لأستاذ الابتدائي، ودون أن نحصل في الميدان على أية حقوق، رغم أن مشاكل هذه الفئة ازدادت من يوم إلى آخر، وهو ما جعلنا نقتنع بإنشاء نقابة خاصة بالمعلم، والدليل على ذلك أنه لا يوجد ضمن نقابات القطاع أي عضو يمثل أساتذة التعليم الابتدائي.

كيف التقت الثلة الأولى المؤسسة للنقابة، وجسدت المشروع؟

❊❊ فكرة إنشاء إطار قانوني يحمي المعلم موجودة من قبل، وبواسطة وسائل التواصل الاجتماعي استطاعت النواة الأولى للنقابة بعد اقتناعها بضرورة إيجاد هذا الغطاء القانوني، أن تلتقي وتعمل على القيام بكل الإجراءات القانونية، حيث كان المؤتمر التأسيسي بولاية الجلفة في 2011، لأن المعلم في هذه الولاية الداخلية بالخصوص يعاني أكثر من غيره من الولايات وبخاصة في المناطق الحضرية.

أول الخطوات التي قمتم بها بعد اعتمادكم؟

❊❊ تواصلنا مع القاعدة، وبدأنا نطالب بحقوقنا، وتزامنت بداية عملنا مع مجيء الوزيرة نورية بن غبريط في 2014، التي أطلعناها على خصوصية أستاذ الطور الابتدائي، ومنذ ذلك الحين فهمت الوزيرة رسالتنا وبدأت تتواصل معنا وتشركنا في التكفل بمؤطري هذا القطاع، وما له من ظروف ومشاكل خاصة في مجال التسيير الذي تتقاسمه الوزارة والجماعات المحلية. 

يعني أن الوزيرة فهمت رسالة وانشغال وخصوصية المعلم من البداية؟

❊❊ نعم، الوزيرة فهمت ذلك من جانبين، أولا من خلال النقابة، وأيضا من خلال خرجاتها، وتدشينها للمدارس والتقائها بالمعلمين، إذ لمست في الميدان ما رفعناه إليها من انشغالات ومشاكل.

ماهي الأشياء التي حققتموها عن طريق النقابة؟

❊❊ أولا تواصلنا عن طريق هذه النقابة مع أستاذ الابتدائي، وبلغناه بأن مظلة قانونية تحميه وترافع من أجل حقوقه، والوصاية أدركت فعلا مشاكل الابتدائي وخصوصياته، وإعلاميا أوصلنا الرسالة حتى إلى أولياء التلاميذ والمحيط الاجتماعي، بأن هناك نقابة تتواصل مع أستاذ الابتدائي.

نقابتكم تخص الطور الابتدائي الذي يضم أكثر من نصف عدد التلاميذ، ومنه الأساتذة؟

❊❊ بالضبط، نحن نمثل الجزء الأكبر من الأسرة التربوية، لكن ذلك لا يقابله اهتمام أكبر وتكفل حسب حجمه، خاصة أن الابتدائي هو القاعدة لبقية الأطوار، وإذا لم نبنِ التلميذ في الطور الابتدائي، ونتكفل بانشغالات الأستاذ، وركزنا اهتمامنا على الأطوار الأخرى، فإن المردود التربوي لن يكون بالشكل المنشود، ولا يخدم الإستراتيجية التي ترسمها الوصاية، والمتعلقة بإيجاد مدرسة ذات جودة.

كيف تقيمون درجة التفاف الأساتذة حول هذه النقابة؟ 

❊❊النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الابتدائي، ظهرت في وقت التقى  جيلان من المعلمين؛ جيل من القدامى يتهيأ للخروج على المعاش، وجيل جديد من الأساتذة الجامعيين حاملي ليسانس الداخلين للقطاع، وهو منعطف هام، حيث أن جيل القدامى ذهب وسيذهب بقيته، وهم يتحسرون لكون المعلم لم يحظَ بالاهتمام منذ الاستقلال وخرج بدون حقوق كاملة.

ماذا لمستم من فئة القدامى؟

❊❊ لا أظن أن أستاذا يتهيأ لمغادرة القطاع، ستكون له نفس القوة ونفس درجة الاهتمام للدفاع عن حقوقه، يرى أن قد لا يحتاج إلى غطاء في مثل هذه المرحلة.

وبالنسبة للوافدين الجدد؟

❊❊ هؤلاء يرون أن شهادة الليسانس هي التي تدافع عنهم ويرفعونها كلواء قصد نيل حقوقهم، وإنصافهم مثل أساتذة المتوسط والثانوي الذين لهم امتيازات إدارية ولوجسيتية ومتنفس في الوقت، فالأستاذ الذي يأتي من الجامعة، وهو مشحون بالهمة والعزيمة للعمل، لكنه يصطدم بمشاكل هذه الفئة التي لم تحل منذ البداية.

تحدثتم في نقابتكم في عدة مناسبات، عن أن للأستاذ الابتدائي خصوصياته ومتاعبه التي تتعدى أستاذ المتوسط والثانوي، لكن ذلك لا يقابله تعوض مالي؟

❊❊ في المرحلة الابتدائية يأتي الطفل للمدرسة صفحة بيضاء، ويحتاج إلى شيئين؛ التربية والتعليم والرعاية والمرافقة داخل المدرسة،  الأستاذ معلم ومربّ، يعلمه أولى الحروف والكلمات وأبجديات القراءة والكتابة، يكمل شخصية التلميذ، ويساعد العائلة على استكمال تربية الطفل، كما يهيئه المعلم للمراحل التعليمية الأخرى، فيعطيه الطرق السليمة لذلك، على عكس الأستاذ في المرحلتين الأخريين، وإذا لم نوفر للأستاذ كل الظروف المادية والنفسية، فإنه دون شك لا يستطيع أن يقوم برسالته على أكمل وجه.

كيف ترى وضعية المعلم الجزائري، مقارنة بأمثاله في الدول العربية والغربية؟

❊❊ أولا، يجب التأكيد بأنه لا مجال للمقارنة بالدول الغربية التي تعطي عناية بالغة للمعلم، وتعتبره أساس بناء المجتمع ككل، أما في الدول العربية، فهناك مَن هي رائدة، وأحسن منا بكثير، وأقربها تونس، فبيننا وبينهم فارق واضح، سواء من حيث الجانب المادي للأستاذ أو التجهيزات التربوية، ومناهج التعليم، وحتى من حيث إنشاء النقابات للطور الابتدائي، فنحن متأخرون عن غيرنا.

كيف ترى النقابة التسيير المزدوج للمدارس الابتدائية (وزارة- بلدية)؟

❊❊ نمط التسيير الذي يختلف من بلدية إلى أخرى ومن ولاية إلى أخرى، له تأثيره المباشر على تسيير المدارس وعلى المحيط ككل، فالمستوى التعليمي للمنتخب وثقافته، له علاقة مباشرة بذلك، ولنتصور رئيس بلدية مطرود من المدرسة، وله مشكل ذهني ونفسي مع المدرسة، هل يخدم المدرسة ويمكنها من التدرج نحو الأعلى؟ أضف إلى ذلك عدم تكافؤ الفرص بين تلاميذ المناطق الحضرية التي تتوفر بها المدارس على الإمكانيات، والأخرى بالمناطق النائية البعدية عن الأعين، خاصة إذا كانت ببلدية فقيرة، وحظوظ التلميذ غير متكافئة، فيشعر الأستاذ أنه مظلوم، ونحن في ظل هذه الوضعية نتخبط فعلا، حيث صرنا نبحث عن الحل في البلدية بدل الوزارة الوصاية، والأغرب في ذلك أن الطرفين يرمي كل واحد منها الكرة إلى شباك الآخر، ليبقى أستاذ الابتدائي مجبرا على توظيف طاقاته وإمكانياته في البحث عن حلول لمشاكله الاجتماعية والمادية، عوض الاهتمام بالجانب البيداغوجي للتلميذ.

وماذا عن مشروع تعديل القانون الأساسي للأستاذ، وهل ستدرجون في ـ كنقابة- نقاط ومطالب تنصف إطارات الابتدائي؟

❊❊ القانون الخاص للأستاذ 08 /315 والمتمم له 12 /240، ترك عدة ثغرات واختلالات ولم يسوِّ بين الموظفين، وضيّع حقوق عدد هائل من عمال القطاع، ومنها ظهور الفئات الآيلة للزوال، التي وجدت نفسها مهضومة الحقوق، حيث تكفلت الوزيرة بمعالجة هذا الملف وتم إعطاء أصحابه حقوقهم فيما بعد، لكن هذا القانون لا يزال لم يوف «المعلّم» حقوقه، خاصة أن الأستاذ في مختلف الأطوار اليوم يملك نفس الشهادة، لكن الحقوق تختلفن وهذا ما يعاب على القطاع، لذلك لابد من تدارك هذا الخلل، من خلال مشروع تعديل هذا القانون الذي تناقشه النقابات هذه الأيام مع الوزارة الوصية.

وماذا عن تطبيق المرسوم الرئاسي 14 /266 الخاصة بالرتبة القاعدية لأستاذ الابتدائي؟

❊❊ هذا من بين النقاط التي سنناقشها ونرافع من أجل تطبيقها، لأن أستاذ الابتدائي المرتَّب في الرتبة 12 حسب شهادة الليسانس التي يحملها، نجده اليوم لا يزال في الرتبة 11، ونحن نتساءل كيف تتصرف الوزارة مع هذا الملف الذي تزداد أعباؤه المالية من سنة إلى أخرى، وماذا تقول للمعلم الذي حرمته من حقه في نيل هذه الرتبة والتدرج في وظيفته، الأكيد أنه يحس بالإجحاف، وهذه النقطة طرحناها على الوزيرة منذ مجيئها، ونتمنى أن القانون الأساسي بعد إنهائه والمصادقة عليه، سيعيد ترتيب وتنظيم القطاع، ودفعه نحو الأحسن. 

وفي مجال تعاونكم مع النقابات الأخرى؟

❊❊ نحن نلتقي مع باقي النقابات في الأمور العامة للقطاع، ولا تستطيع النقابات والأسلاك الأخرى التكفل بانشغالات التعليم الابتدائي الذي له خصوصياته، ونقابتنا منذ نشأتها ظلت تواجه عبئا كبيرا من المشاكل، لأن الأمر يتعلق بالطور الابتدائي الذي يمثل ينتسب له أكبر عدد من التلاميذ والأساتذة، ونقابتنا فتية مقارنة بتواجد النقابات الأخرى في الساحة، وقد لمست الوزيرة من خلال تحليل المعلومات التي حصلت عليها من الاستبيان الذي وزعته في مارس الماضي، على إطارات التربية، مجمل المطالب، ومنها مطالب أساتذة التعليم الابتدائي المتمثلة في تثمين الجهود والتكوين وغيرها.

ما هي الرسالة التي توجهها لأستاذ الابتدائي؟

❊❊ أدعو الأساتذة -وأنا واحد منهم- وضع الثقة في هذه النقابة والالتفاف حول، ووضع أيديهم في أيدي قادتها، ومدها بوقفاتهم وحسهم المهني، للعمل على افتكاك الحقوق الضائعة منذ سنوات وتحسين الوضعية، لأن النقابة بلا أساتذة لا تحقق شيئا، والأستاذ بدون غطاء لا يمكنه فعل شيء.

ما هي الرسالة التي توجهها للوزيرة؟

❊❊ يا معالي الوزيرة.. إذا أردتِ بناء مدرسة ذات جودة، وفق نظرتكم وإستراتجيتكم، فالتفتي أكثر للطور الابتدائي، لأنه الأساس واللبنة الأولى لأي بناء آخر.