"تجار الموت”.. ربّي وكيلكم

  • 1689
بلسان: جمال لعـلامي بلسان: جمال لعـلامي

فعلا، إن لم تستح فافعل ما شئت، وإن لم تخف الله ستكون مجرما بالفطرة، وهذا ما كشفته جائحة كورونا في العالم عموما وفي الجزائر أيضا، فقد ظهر مجدّدا ”تجار المحن والإحن”، و"سماسرة الموت”، و"بزناسية الأزمات” ممّن لا يخافون ربّ العالمين، ويكفرون بالأخلاق، وقد دفنوا ضمائرهم الميّتة في مقابر الطمع والجشع.

الحمد لله، أن هناك هبّات تضامنية و"ثورات” للتضامن والتعاون من طرف فئات واسعة من الجزائريين، وهي دون شكّ الأغلبية الساحقة والمطلقة في كلّ مناطق الوطن، وعلى مستوى مختلف الفئات، في وقت يلتزم ”الرجال الواقفون” من ”جيش أبيض” و"جيش أخضر” ومؤسسات الدولة بكلّ مكوّناتها والجمعيات الخيرية والمجتمع المدني، ومواطنون بسطاء، هبّوا هبّة الرجل الواحد للتكاتف ومواجهة عدو كورونا والانتصار عليه بعون الله تعالى ومشيئته، وبأقلّ الأضرار والتكاليف والخسائر.

للأسف، ”مجرمون” مع سبق الإصرار والترصّد يصطادون في المياه العكرة، ويسبحون في المستنقعات القذرة، و"خفافيش” أصبحت تظهر في النّهار كما بالليل، تستغل النكبات والمآسي تارة لسرقة الضحايا، وتارة لابتزازهم في قوتهم ورزقهم وطمأنينتهم، وها هي الجائحة تفضح أنانيتهم ولا إنسانيتهم، وقد تحوّلوا في عزّ الأزمة الصحية إلى ”دمويين” يتاجرون في صحة وحياة إخوانهم، ويُضاربون في الأوكسجين والدواء مثلما ضاربوا عند بداية الوباء في الفرينة والسميد والزيت!

إنها المصيبة عندما تتحوّل الصحة العمومية عند هذا النوع من البشر، إلى ”بزنس”، كلّ شيء فيه قابل للبيع والشراء، وهو ما يستدعي الضرب بيد من حديد، ومشاركة الجميع في هذه الحرب النظيفة والمشروعة ضد هؤلاء ”القتلة”، أو أولئك الذين يشرعون في القتل، من خلال ممارسات لا تتصّل بأي شكل من الأشكال للإنسان.

لن تدوم بإذن الله، المحنة، وإنّ بعد العسر يسرا إن شاء الله، ولا يتسع الأمر إلاّ إذا ذاق، وستلاحق لعنة الضحايا و"دعاوي الشرّ”هؤلاء المجرمين الذين استباحوا ”حياة” إخوانهم في لحظة أنانية وشرور سكنت أنفسهم الأمّارة بالسوء وكل المساوئ والإساءات.

مصيبة المصائب أن كائنات طائرة وزاحفة غابية وبحرية، تنهش لحم الضحايا، فصدّقوا أو لا تصدّقوا، عندما يصل مثلا سعر الليمون إلى عتبة الألف دينار، تحت مبرّر أن ”الطلب فاق العرض”، ولذلك وجب إشعال النّار في سعره، ولا يهمّ معاناة المصابين بكورونا و"المخلوعين” بآثارها، وحتى أن ”زوالية” تداولوا أخبارا ”مؤلمة” و"مضحكة” في نفس الوقت، تفيد بأن بائعي ”القماش الأبيض” رفعوا كذلك الأسعار في ظل ارتفاع عدد الوفيات بالوباء خلال الآونة الأخيرة.. لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم، فعلا: ”مصائب قوم عند قوم فوائد”.. لكن!

سينتصر دون شكّ الخير بمشيئة الله وعونه، وستخيب ”قوى الشرّ”، وتعود إلى أوكارها وغيرانها وهي تجرّ ذيل الهزيمة.. سينتصر المتضامنون والمتعاونون من الجزائريين الوطنيين والمخلصين الذين أثبتوا مرّة أخرى، أنهم على قلب رجل واحد، كأسنان المشط، كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى.

سينتهي في يوم من الأيام، بقدرة القادر الرحمان الرحيم، هذا ”الكورونا”، مثلما انتهت قبله عديد الأوبئة و"الحروب” بعد مقاومة وتضحية و"خسائر”، لكن سيكتب التاريخ بأحرف من ذهب، عن وقفة الرجال والنساء مع بلدهم وشعبهم، مثلما سيكتب نفس التاريخ بمداد الذمّ والمذمّة والتوبيخ ضد أفراد وجماعات ضعفاء انسلخوا عن دينهم وإنسانيتهم، وأعماهم ”الدينار” فتحوّلوا إلى شياطين ووحوش كاسرة، ولسان حال الجميع يردّد بُكرة وأصيلا: عيب عليكم، الله لا تربحكم، وربي وكيلكم.