متعاملون يثمّنون التوجه الاقتصادي الحالي ويؤكّدون:

”قادرون على المنافسة ورفع التحدي”

”قادرون على المنافسة ورفع التحدي”
  • القراءات: 565
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

يجمع المتعاملون الاقتصاديون على أنّ قرار الدولة بخصوص منع استيراد العديد من السلع من الخارج كان في الطريق الصائب رغم أنّه جاء متأخرا، حيث صار المنتجون المحليون يتفنّنون في تصنيع السلع والمنتجات، التي كانت تأتينا حكرا من وراء البحار، وأكّد العديد من المتعاملين الذين التقتهم المساء بمعرض الإنتاج الوطني الأخير، أنّ هذا القرار الشجاع كان نتيجة لإرادة المنتجين الجزائريين خاصة أولئك الذين أثبتوا جدارتهم في الساحة الاقتصادية، عندما أتيحت لهم الفرصة في ميدان التصنيع، سيما في المواد الغذائية، إذ انتشرت عبر الأسواق الوطنية مئات المنتجات المحلية والعلامات التجارية التي صارت تنافس مثيلاتها الأجنبية.

ذكر ممثلون عن شركات جزائرية لـ«المساء أنّ الدول التي تقدّمت صناعاتها انطلقت من تنظيم سوق السلع ولم تفتح أسواقها للسلع الأجنبية، إلاّ بعد ضبط اقتصادها المحلي، وطبّقت إستراتيجية فتحت فيها أبواب الاستثمار الصناعي على مصراعيه عن طريق شراكات لجلب الخبرة وتنويع المهارات، يقول ممثل شركة عمومية للصناعات الحديدية، وخير دليل على ذلك ـ حسبه ـ كبريات الدول الآسيوية مثل اليابان، الصين، الهند التي غزت علاماتها الأسواق العالمية، ثم تلتها دول أخرى كالهند وإيران وغيرها.

استيراد كلّ شيء.. لا يخدم الاقتصاد

وقال ممثل إحدى الشركات المتخصّصة في صناعة مواد التجميل الطبيعية الذي بدأ الإنتاج منذ 5 سنوات بالعاصمة، إنّ التوجّه العام لسياسة أيّ دولة ينطلق من ثقتها في المتعاملين الاقتصاديين بالبلد، وتغليب فلسفة الإنتاج على الاستهلاك، معتبرا ذلك مربط الفرس، وأنّ ذلك تتحكّم فيه عقلية القائمين على الاقتصاد الوطني، وراح محدّثنا يسرد كيف كانت الجزائر تستورد كلّ شيء، ولما فتحت أبواب الاستثمار أثبت المتعاملون المحليون جدارتهم ومنها ميدان صناعة مواد التجميل، لاسيما الطبيعية منها التي صار الجزائريون ينتجون منها سلعا تنافس تلك المستوردة.

قادرون على المنافسة

وأكّد ممثلو شركة عائلية اختصت في صناعة آلات التقطيع والنقش على المعادن والخشب والبلاستيك، أنّهم كإخوة ثلاثة استطاعوا بفضل مستواهم العلمي الجامعي (ميكانيك، إلكترونيك، الروبوتيك) أن ينشئوا شركة، تمكّنت من أن تتخصّص في صناعة آلات تستورد فقط من الخارج، وأشار أحدهم إلى أنّ القدَر ساقهم لأن تكون اختصاصاتهم المتكاملة قوةً كبيرة شجّعتهم على خوض غمار الاستثمار الصناعي والدخول من بابه الواسع، لمنافسة كبريات الشركات العالمية ـ حسب السيد محمد.ب ـ الأخ الأكبر في الشركة، الذي ذكر على هامش معرض الإنتاج الوطني الأخير، أنّ الكفاءات الجزائرية قادرة على منافسة الشركات الأجنبية قائلا لـ«المساء عندما وقفت بجناحه أمام آلة حديثة جلبها للمعرض ما تراه أمامك يكفي لأن تثق في قدراتنا وكفاءاتنا.

الاستيراد عطّل عجلة التنمية

يعترف صاحب شركة لصناعة الأثاث المنزلي أنّ سياسة استيراد كلّ شيء أثّرت سلبا على المنتوج المحلي، قائلا كمصنّعين بقينا كمنتجين صغار، رغم استثماراتنا الضخمة، ولو تمّ دعم المستثمرين في هذا المجال وغيره وفرض التوجّه الإنتاجي وتغليبه على الاستيراد، لكانت أهم نقطة في هذا المجال تشجيع المستوردين على تغيير نظرتهم نحو جلب وشراء حقوق التمثيل التجاري، والعمل على بناء مصانع محلية، توفّر اليد العاملة، وتجلب الثروة وتزيد في الجباية الوطنية خارج قطاع المحروقات. ويقرّ محدثنا أنّ الدولة رغم أنّها غفلت عن هذا المسعى لسنوات، إلاّ أنهّا تنبّهت لذلك ووجدت أنّ العديد من المستوردين كانوا يبحثون عمن يأخذ بأيديهم ويريهم المنافع والأرباح التي يجنونها عندما يقومون بالتصنيع محليا، خاصة وأنّ إزالة الإجراءات البيروقراطية حفّزت العديد منهم على ولوج عالم الإنتاج والتخلي تدريجيا عن فكرة الاستيراد. 

انتشار ثقافة استهلاك المنتوج الوطني

يؤكّد أحد ممثلي شركات صناعة الحلويات الجافة، الذي لاحظنا من خلال عرضه أنه صار يتفنّن في إنتاج حلويات مصنوعة من مواد تعزّز الجهاز الهضمي، كونها مصنوعة من القمح الصلب والقمح الكامل، وبها مضافات من الفواكه المجفّفة وخالية من كلّ المواد الاصطناعية، أنّ إغراق السوق الوطنية بمنتجات أجنبية يضرّ بالمنتوج المحلي والأخطر من ذلك أنّ بعض السلع المستوردة تحتوي على مواد مجهولة المصدر، أو مواد محرمة، وتتنافى ومبادئ الجزائريين، وعاداتهم الغذائية، وهذا الفكر الاحترازي بدأ يتعزز لدى المواطنين، بفعل وسائل الاتصال الحديثة، لاسيما عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، التي تعدّ منصات مفتوحة، وناقلة للمعلومات، وفضاء لمناقشة كلّ المواضيع. ويرى محدّثنا أنّ ظاهرة تفضيل المنتوج الوطني نقصت حدّتها منذ سنوات لما ظهرت منتجات محلية تنافسية في مختلف المجالات، الصناعية، الغذائية والصحية وغيرها، وأنّ هذا الأمر كما أوضح مشجّع ومحفّز للغاية لأنّه يكسر إحدى أكبر الطابوهات المتعلقة بهيمنة السلع الأجنبية، وتفضيل كلّ ما هو أجنبي على المنتوج المحلي، مضيفا أنّه لو تبقى الدولة على هذا المسار وهذه الرؤية فإن الأمور ستتحسن وستجد المنتجات الوطنية موطأ قدم في بلادنا، بل وتتعداه إلى دول أخرى، مثلما أثبته بعض المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين الذين أصبحت منتجاتهم مطلوبة في الخارج، لاسيما في الدول الإفريقية، حيث يطالبون بدورهم منذ أكثر من 10 سنوات باعتماد سياسة اقتصادية جديدة مبنية على حماية المنتوج المحلي من المنتجات غير الضرورية.