عبد الرحمان خليلي
نموذج ناجح في زرع الزعفران

- 960
استطاع عبد الرحمان بنوح خليلي، الشاب اليافع، من خوض تجربة ناجعة لغراسة الزعفران بولاية الجلفة، في بادرة تعد الأولى من نوعها، مشكلا بذلك إرهاصا أوليا وتحد كبير لإنجاح هذه الشعبة، تأتي هذه المراهنة لغراسة الزعفران أو ما يتعارف عليه بـ«الذهب الأحمر”، لعملته النادرة وغلاء إنتاجيته التي تعتبر سبيلا اقتصاديا رائدا في كثير من الدول، وهوما يؤكده جموع المختصين والعارفين بخبايا هذه الأنواع من الغراسات الزراعية ذات القيمة المضافة في القطاع الفلاحي.
في حوار مع ”وأج”، كشف خليلي عن أن اليوم الإعلامي الذي نظمته مديرية المصالح الفلاحية، شهر أوت الفارط، حول ”غراسة الزعفران”، شكل بالنسبة له، الحافز الأول لدخول غمار هذه التجربة، وأضاف قائلا ”بدأت من يومها أتوسع في مطالعتي، وأجمع كل المعلومات التي تصب في معارف وخبرات هذه الشعبة”.
إلى حين ذلك، لم تثن العزيمة والتحدي خوض هذه التجربة - يضيف الشاب الذي ينحدر من ولاية غرداية -، رغم التكاليف الباهظة للبذور وقيمة المشروع الممول ذاتيا ككل، بقيمة ناهزت 5 ملايين دينار، وأشار إلى أن جني المحصول الذي تم الشروع فيه مطلع هذا الشهر، حيث مكن ذلك في الأسبوع الأول، من تحصيل كمية محتشمة من المادة الخام، يشكل ”ثمار النجاح المنتظر”، وأضاف أن ”اليد العاملة التي تم تشغيلها في هذا المشروع النموذجي، كانت بالأمر الهين وسايرته منذ بدايته، وهو ما كان حافزا، على عكس العديد من المشاريع الاستثمارية التي يكون فيها أمر البحث عن يد عاملة مؤهلة ضرب من الخيال”.
أشار المتحدث إلى أن تأجير الأرض بالمخرج الجنوبي لمدينة الجلفة، في بداية المشروع، كان أمرا لابد منه، والطموح إلى الاستفادة من مساحة أوسع، هو ذلك الحلم الذي يسعى إلى تحقيقه صاحب المشروع، الذي ثمن مساعدة ومرافقة المصالح الفلاحية، على أمل تحقيق ما يصبوا إليه، لتوسيع مشروعه الخاص وخوض تجارب أخرى، كغراسة الفطر وغيرها.
مواكبة الطرق الحديثة بمقاييس الجودة العالمية
في سبيل إنجاح هذه التجربة المتعلقة بغراسة الزعفران الأحمر، ساير الشاب الطموح في مشروعه، طرقا حديثة في السقي الفلاحي، للمساحة التي تتربع على هكتار واحد بكثافتها العالية من حيث الغراسة.
اعتمد طريقة بذر منتظمة تشتهر بها هذه الغراسة، التي لها تقنيتها الخاصة من حيث تباعد البصيلات بحوالي 15 سم، وعمق لا يتجاوز نفس المسافة، وبتربة خصبة يتم تنقيتها من الحجارة، وكل الشوائب التي قد تلحق ضررا بنمو الزعفران الذي تبدأ غراسته فعليا في شهر سبتمبر، وتبدأ أزهاره في التفتح ابتداء من شهر ديسمبر، ليتم الشروع في قطفها في أوقات متباينة، وعند قطف الزهرات، يتم نزع الشعيرات قرميدية اللون (أحمر متفتح)، وتجفيفها في منشفات ورقية، ومن ثمة تجميعها، وهي النتيجة النهائية لمحصول غالي الثمن في الأسواق، صنف كأغلى بهار في العالم من حيث قيمته الغذائية والطبية العلاجية، وتتراوح أثمانه بالعملة الصعبة ما يقابله بالدينار بين 6 و8 ملايين دينار للكيلوغرام الواحد.
من أجل معرفة مدى جودة المنتوج، سارع المستثمر الفلاحي كغيره من أولئك الذين يخوضون تجارب غراسة الزعفران في الجزائر، إلى مخبر أجنبي لتحليل مادة الزعفران من حيث جودتها، وبقياس ISO 3632 < الذي يفتقر له محليا في المخابر الوطني، مما يستدعي نقل العينة إلى الخارج وانتظار نتائج التحليل التي يتم إرسالها إلكترونيا، ”منتوج الجلفة من مادة الزعفران تحصل على شهادة الاعتراف بجودته، لأن غراسته تلائم طبيعة المنطقة، بعلوها عن مستوى البحر بأزيد من 1.100 متر، وهو ”أمر كان منتظرا ومبشرا بالخير”، يقول السيد خليلي.
المصالح الفلاحية تسعى إلى تعميم التجارب الناجحة
أكد لـ«وأج”، المهندس الفلاحي سعيد السعيد، مسؤول مكتب الإرشاد بمديرية المصالح الفلاحية، أن ”نجاح المستثمر خليلي في غراسة الزعفران وتثبيت آليات نجاعته بالمنطقة -المؤهلة بخصوصيتها لأن تكون مستقبلا قطبا فلاحيا في مثل هذه الغراسات النمودجية - لم يتأت بمحض الصدفة، بقدر ما ساهمت الأيام التكوينية التي نظمت في وقت سابق، واستهدفت مثل هذه الشعب الفلاحية ويراهن عليها في جذب مستثمرين جادين.
يقول نفس الإطار ”لم نكتف بالأيام التكوينية بقدر ما اتجهنا نحو مرافقة هذه المشاريع الناجحة، حيث تُقدم الإرشادات التقنية وتُتبع كل المراحل التي تمر بها هذه الغراسة ذات النجاعة الاقتصادية والربحية المضمونة”، وأشار إلى أن الوصاية اختارت الجلفة من بين عدد من الولايات لتنفيذ أرضية الإرشاد والدعم الاستشاري، لترقية العديد من الشعب الفلاحية وجعل هذه الولاية قطبا فلاحيا بامتياز.
عن نجاعة خوض تجربة غراسة الزعفران، أكد ذات المهندس ”أن مردها أولا لقوة روح المبادرة والعزيمة التي تحلى بها المستثمر خليلي، وثانيا، تلك الشروط الملائمة والمحفزة من حيث خصوصية المنطقة التي تتوفر على عوامل النجاح”.
«نسعى إلى تعميم مثل هذه التجارب الناجحة، لتستقطبها جل بلديات الولاية، من أجل استثمارات واعدة ترافقها المصالح الفلاحية من حيث الوسائل والإرشادات التقنية، وما تضمنه من سبل التشجيع على تقوية مثل هذه الشعب الفلاحية.