رئيس بلدية الحراش مراد مزيود لـ"المساء":
نطالب بإعادة النظر في معايير توزيع السكن الاجتماعي

- 1130

تبقى الحراش من بين أكثر بلديات العاصمة التي تضررت من التقسيم الإداري الذي وقع في السابق، وانتزع منها ما يفوق الخمسين بالمائة أو أكثر من مساحتها الترابية، التي شهدت إنشاء بلديات جديدة، وهي المحمدية، وادي السمار وبوروبة، حيث بقيت هذه الجماعة المحلية منذ ذلك التقسيم، محدودة التطور في الكثير من مجالات الحياة، وهو ما يفسر الصعوبات التي واجهت المنتخبين الذين تعاقبوا على تسيير المجلس الشعبي البلدي، في محاولاتهم لإنشاء نسيج عمراني جديد، حيث أبدى رئيس بلدية الحراش، السيد مراد مزيود، في لقاء خص به "المساء"، بمقر البلدية، تحسرا كبيرا على ما فات البلدية من تطور في شتى المجالات.
ضعف الوعاء العقاري
يبقى توفير السكن الاجتماعي للمواطنين المحتاجين، حسب محدثنا، من أصعب المشاكل التي تواجه البلدية، التي وقفت مصالحها المكلفة بهذا الملف، على وضعيات عويصة الواحدة تشبه الأخرى، ولا يمكن التفريق بينها عند الحديث عن معاناة قاطني السكنات الهشة والضيقة والمهترئة، ناهيك -كمال قال مراد مزيود- عن العائلات التي تسكن في الأسطح والأقبية والبيوت القصديرية. هذه الوضعيات هي نتيجة التأخر المسجل في مجال تشييد السكنات الاجتماعية في الحراش، وكانت في بعض الأحيان قاسية على المواطنين أثناء العملية الأخيرة، لتوزيع 172 سكن اجتماعي تحصلت عليها البلدية من الكوطة التي منحتها لها ولاية الجزائر.
قال المسؤول في هذا السياق: "حاولنا قدر الإمكان، تحقيق العدل بين أصحاب ملفات السكن الاجتماعي، من خلال الاحتكام إلى المعايير التي تحدد أحقية الاستفادة من السكن الاجتماعي، لكن في نظري، حتى الذين خاب ظنهم في تلك العملية، يستحقون الحصول على سكن، بالنظر إلى الظروف القاسية التي يعيشونها في هذا الجانب...". كما أن محدودية عدد السكنات المتوفرة منعتهم من هذا الحق. لذا، يتعين على الولاية -حسب المتحدث- إعادة النظر في كيفية تحديد معايير الاستفادة من السكنات الاجتماعية. أكد بقوله في نفس السياق: "إلى حد الآن، أحصينا ما لا يقل عن 600 عائلة تبيت في الأسطح والأقبية والبيوت القصديرية، لكن للأسف الشديد، لم يحن بعد إدراجها في البرامج السكنية".
ذكر "المير" أن هذه العائلات موجودة على مستوى حوش برواقي والحوش المسمى "خبز خمير" والأقبية "2" والمقرانية وبومعطي، حيث "يتم برمجة إسكانها عندما يحين استفادة بلديتنا من حصتها في السكن التي تأتي من الولاية"، يوضح المتحدث،. مؤكدا أن أكثر ما يعيق البلدية في توفير السكن لمواطنيها، هو تراجع امتلاك البلدية للوعاء العقاري، بعد التقسيم الإداري الذي تم خلال العشريات الماضية، لكن رغم هذا التضييق في الوعاء العقاري، فقد استفادت البلدية من 200 وحدة سكنية، في إطار النظام السكني "أل بي يا"، حيث توجد هذه السكنات في طور الإنجاز، بالإضافة أيضا إلى استفادة البلدية من 1000 وحدة سكنية "عدل"، حسبما أوضحه مراد مزيود.
تعويض التجار والشركات في إطار مشروع وادي الحراش
ذكر رئيس بلدية الحراش، في سياق آخر، أن جماعته المحلية ليست طرفا في تهيئة وادي الحراش، الذي تتكفل بإنجازه المصالح المختصة للمديرية العامة للري. غير أن البلدية وجدت نفسها مضطرة لمرافقة تحقيق هذا المشروع على مستوى إقليمها، بعدما أحدث المشروع وضعيات معقدة، يتعين تسويتها بسرعة، لاسيما ما يتعلق بالأضرار التي لحقت بالتجار الذين تتواجد محلاتهم التجارية بمحاذاة الوادي، بما في ذلك الشركات الخاصة التي تزاول نشاطها على ضفاف الوادي، حيث اضطرت بلدية الحراش إلى إزالة كل ما يتعين تهديمه، وتعويض كل هذه الأطراف، كونها مصدر رزق عائلات عديدة، فضلا عن تسهيل مهمة مصالح الري لتهيئة محيط الوادي.
قال رئيس المجلس الشعبي البلدي في هذا الموضوع: "ندرك اليوم أن تهيئة وادي الحراش سيعود بفائدة كبيرة على مدينتنا وسكانها، وتأتي في مقدمتها إزالة الروائح الكريهة التي تنبعث من هذا الوادي، لطالما لوثت البيئة وعانى منها السكان منذ عقود، فضلا عن فرص العمل، لذا نحن نسارع قدر المستطاع إلى تعويض الشركات والتجار المتضررين، من أجل تسهيل انتهاء هذه العملية التي ستساهم في تحسين محيط المدينة...".
تم التوصل إلى حد الآن، حسب نفس المسؤول، إلى تسوية الكثير من الوضعيات، في انتظار تسويات أخرى مشابهة لها، تنتظر تدخلنا فقط. مؤكدا أن البلدية لا تدخر أي جهد في واجبها تجاه هؤلاء التجار أو الشركات لاسترداد حقوقهم في أسرع وقت ممكن، لاسيما أن الوقت الذي يستغرق في تعويض هذه الأطراف، تسبب في تعطيل جانب من هذا المشروع الضخم، مشيرا إلى أنه تعذر على مصالح الري تحويل قنوات الغاز الطبيعي التي تمر عبر الوادي. فيما تفكر البلدية، حسبه، بجد في إنجاز جسر جديد مجاور للجسر القديم الأبيض المعروف باسم شارع الشهيد كوريفة، تفاديا لازدحام المارة.
مشروع ضخم في إطار مخطط تنمية ولاية الجزائر
تشكل تهيئة هذا الوادي بالنسبة للحراشيين، عملية هامة وكبيرة، كونها ستغير بنسبة كبيرة الواجهة الجنوبية-الشرقية لمدينتهم، والتي تعتبر منذ القدم المدخل الرئيسي للحراش عبر "شارع الجزائر" الذي يترجله المارة، وتعبره السيارات بصفته طريق يؤدي إلى المدخل الرئيسي لمحطة القطار، وإلى وسط المدينة.
سيتحول هذا الشارع العريض والطويل، عند انتهاء عملية تهيئة الوادي، إلى نقطة جذب تجارية، من خلال افتتاح محلات متعددة الخدمات. كما يمكن الالتحاق بهذا الشارع عبر الجسر الجديد الموجود في طور الإنجاز، والذي يعبر منتصف الوادي، حيث يسمح للمارة بالدخول إلى المدينة أو الخروج منها دون عائق كبير، فضلا عن أنه يخفف الضغط على المدخل الثاني للمدينة والموجود في نهاية هذا الشارع. أوضح رئيس بلدية الحراش، من جهة أخرى، أن المدينة ستستفيد أيضا من مشروع ضخم في إطار مخطط التنمية لولاية الجزائر، حيث تم اختيار منطقة كوريفة التي تتربع أراضيها على 80 هكتارا، وجهة سياحية تنجز فيها مشاريع عديدة كالفنادق، ومرافق تجارية، وغيرها من الإنجازات التي تحول منطقة الحراش من الطابع التجاري إلى الطابع السياحي، وسيكون تسهيل الوصول إلى هذه المنطقة السياحية عبر تشييد محطة كبيرة للسكك الحديدية تربط بين غرب وشرق الوطن، وإنشاء خطوط جديدة للنقل البري، فضلا عن الطرقات الكبرى التي ستحيط بهذه المنطقة.
من أجل توسيع النمط السياحي في الحراش، ومنحه طابعا مربحا، قامت البلدية باتخاذ إجراءات تسهيل للراغبين في الاستثمار في بعض المجالات، منها الفندقة والمراكز التجارية، حيث قامت مؤخرا، بتوفير وعاء عقاري للمستثمر ”حمزة”، الذي سيشيد في منطقة بومعطي مركزا تجاريا مشابها لذلك الذي يسيره في باش جراح، بالإضافة إلى تشييد فندق بنفس المكان. وسيأخذ هذا النوع من الاستثمار بالنسبة للسيد مراد مزيود، مكان النسيج العمراني القديم الذي طالما شوه وجه المدينة، وأعطى لهذه الأخيرة صورة قاتمة لم يعد من الممكن رؤيتها في المستقبل. حيث تدخل كل هذه البناءات الجديدة، في إطار مخطط التنمية العمرانية بالجزائر العاصمة.
تهيئة المؤسسات التربوية المتضررة
لم ينس رئيس بلدية الحراش في حديثه، التنويه بالمجهودات الكبيرة التي تبذلها البلدية للتكفل بالمؤسسات التربوية، حيث سجلت في برنامجها السنوي الجاري، تهيئة 12 مدرسة، وتزويدها بالتدفئة المركزية، 4 منها انتهت فيها عمليات التهيئة وهي؛ "عيسات إيدير" و"طاهر قادم"، و"زغلول محمد"، و"عتبة عبد القادر". ولا زالت الأشغال متواصلة على مستوى المدارس الأخرى، مثل مدرستي "الأمير عبد القادر" و"محمد هجرس". وإعادة تهيئة هذه الأخيرة يستغرق وقتا طويلا، حيث تم تحويل تلاميذها بصفة مؤقتة إلى مدرسة "عبد الرحمان زعنون"، لمزاولة دروسهم، ريثما تتم تهيئة مدرستهم الأصلية. استفادت مؤسسات تربوية أخرى، من تركيب التدفئة المركزية، مثل مدارس "عبد القادر مطاط" و"زعنون" و"عتبة"، وكانت التدفئة في المدارس موصولة بالغاز الطبيعي، لكن تم تسجيل خطر هذا الأخير على أمن الأطفال، وكل الطاقم التعليمي في حال وقوع تسربات هذا السائل، فتم الإسراع لاستبداله بوسائل التدفئة المركزية التي لا تشكل أي خطر، وتزود بها مدارس "عبد القادر مطاط" و"زعنون" و"عتبة "، في انتظار تزويد مدارس أخرى بنفس التجهيزات.
كما تم الإسراع في إطلاق تهيئة الكثير من الإدارات العمومية، مثل مقر المراقب المالي الذي يتكفل بتسوية وضعيات كثير من المصالح، والملحق الإداري المحاذي لمؤسسة إعادة التربية. ولم يتوقف تدخل البلدية لتصحيح بعض الوضعيات عند هذا الحد، حيث أنجزت عدة عمليات في مجال تهيئة الأرصفة بوسط المدينة، وتهيئة الطرقات بأحياء الأقبية "3"، إلى جانب الانتهاء قريبا من وضعية مماثلة بحي زميرلي. في حين مس برنامج التهيئة العامة في البلدية أيضا، عدة ملحقات لمصالح البلدية، مع إنجاز ملحقة إدارية جديدة بقرب السجن المركزي، وسيقلل فتح هذه الملحقة من متاعب مواطني هذه المنطقة الذين كانوا يتنقلون إلى غاية البلدية بوسط المدينة لاستخراج الوثائق.
كباقي البلديات العاصمية، تم تحصيص مساحات لممارسة الرياضية في الهواء الطلق، من خلال تهيئة ملاعب جوارية خاصة بممارسة كرة القدم والكرة الحديدية في منطقة بومعطي بشكل خاص، وهي متنفس حقيقي للأطفال والشباب المتعطشين لممارسة الرياضة بالقرب من الأحياء التي يقطنون فيها. ومن جهة أخرى، تحاول البلدية تدعيم القطاع الصحي في الحراش، بعدما استرجعت قاعتين للعلاج بحي "راديوز" ملك للدولة، والعمل جار لتهيئتهما حتى يستفيد المواطنون من خدماتها في إطار الصحة العمومية، بالإضافة إلى تهيئة دار للحضانة خاصة بالأطفال تقع بمحاذاة مسجد "الشافعي" وسط المدينة، حسبما أوضح رئيس البلدية.
تراجع النشاط الثقافي بسبب فيروس "كورونا"
لم يخف رئيس بلدية الحراش، تأثره العميق لعدم تمكن مصالحه من تسطير برنامج ثقافي ثري في الهيئات العمومية والخاصة المتواجدة بالحراش، والمعروفة بنشاطها الواسع والثري، في إعداد الاحتفالات والمهرجانات الثقافية، حيث قال محدثنا في هذا الموضوع: "عادة، بلدية الحراش تسهر على تنظيم عدة مهرجانات ثقافية عديدة، لاسيما في مناسبات الأعياد الوطنية والدينية، غير أن الطارئ الجديد المتمثل في فيروس ‘كوفيد 19’، شل الحياة الثقافية في مدينة الحراش، مثلما هو الحال في المدن المجاورة. وحالت الإجراءات الصحية الوقائية دون تنظيم أي نشاط ثقافي، ونتأسف كثيرا لهذا الوضع، ونتمنى أن تعم الحياة العادية من جديد في وطننا".
بخصوص النادي الأول لكرة القدم في البلدية، اتحاد الحراش، تأسف مراد مزيود لما آل إليه الوضع في هذا النادي، موضحا أن البلدية لا يمكنها تقديم له أية مساعدة، كونه يمثل شركة رياضية احترافية مستقلة، وأضاف موضحا: "طبعا، بصفتنا مسيرين لبلدية الحراش، نتألم لما يحصل لهذا الفريق، لاسيما أنه كان في وقت غير بعيد، من بين أبرز الأندية في البطولة الوطنية، لكن نحرص دائما على الوقوف مع مسيريه في مسعاهم للاستفادة من التمويل، سواء عبر الاتصالات مع المؤسسات الممولة، أو التفاوض مباشرة مع هذه الأخيرة".
كما أن البلدية ملتزمة من الناحية القانونية مع النادي الهاوي لاتحاد الحراش، ويستفيد من الميزانية السنوية التي تقدمها له البلدية. غير أن هذا النادي لم يستفد هذه المرة من أية ميزانية، بسبب التأخر في الإعلان عن الرئيس الجديد للنادي الهاوي، موضحا بقوله: "ننتظر قرار مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر، التي ستفصل في النزاع القانوني الحاصل بعد التحفظات التي قدمها أحد المترشحين للجمعية العامة الانتخابية".