"المساء" تقف على ما يحدث بحمام ملوان

منطقة سياحية بامتياز تتحول إلى قرية خاوية على عروشها

منطقة سياحية بامتياز تتحول إلى قرية خاوية على عروشها
  • القراءات: 1027
 ربورتاج: أ.عاصم  ربورتاج: أ.عاصم

من كان يظن أن منطقة سياحية بحجم حمام ملوان تتحول بين عشية وضحاها إلى قرية شبه ميتة؟ على اعتبار أن البلدية تعتمد في مداخيلها بشكل كبير على الحركة السياحية التي تراجعت كثيرا في الآونة الأخيرة،  عقب القرار الذي أصدرته السلطات المحلية بمنع نصب الخيام على حافة الوادي، على خلفية وفاة طفلين خلال العام الماضي، الأول يبلغ 6 سنوات والثاني 9 سنوات. الأمر الذي أثر على يوميات السكان، خاصة الشباب الذين وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع البطالة.

"المساء" زارت المنطقة وتحدثت مع الشباب الذين وجهوا صرخة للمسؤولين من أجل مراجعة القرار القاضي بعدم نصب خيام للزبائن على حافة الوادي،  وفي المقابل تحدثت مع المسؤولين من أجل أخذ رأيهم في هذه القضية.

الشباب بصوت واحد "المير حقرنا..."

التقينا بالشاب (هشام)، صاحب 28 سنة، جالسا على طرف الوادي لوحده وعلامات اليأس بادية على وجهه كأنه شاعر واقف على أطلال قبيلته، استقبلنا بابتسامة مصطنعة ممزوجة بحزن عميق، حيث صرح لنا بأن القرار الصادر مؤخرا في حقهم تعسفي، مضيفا أن رئيس البلدية ظلم كل شباب المنطقة بهذه الخطوة، على اعتبار أن أغلبهم يسترزقون من هذا النشاط الموسمي. فحسبه، ما يكسبه الشباب في فصل الصيف يغطون به مصاريف بقية السنة. موضحا أن المدخول اليومي للشاب الواحد يصل إلى 10 آلاف دج، لينضم إلينا زميله (سمير) الذي كشف لنا هو الآخر عن أن رئيس البلدية تعسف في حقهم فلم يراع، حسبه، مصير الشباب البطال، فأغلبهم يعيلون أسر متكونة من عدة أفراد. وأعلن أن "المير" اتهمهم بالاعتداء على مياه وادي حمام ملوان، بالإضافة إلى اتهامهم بتحويل الخيام إلى أوكار للفسق والرذيلة، وهو ما جعله يحرر محضرا في حقهم مع محضر مديرية الري التي تسير الوادي ويقدم تقريرا أسودا لوالي البليدة الذي أعطى تعليمة بتوقيف نشاط كراء الخيام لمرتادي المنطقة.

تواجد الدرك الوطني باستمرار وملاحقة "الكلانديستان"

ما أثار انتباهنا عند دخولنا منطقة حمام ملوان؛ وجود وحدات الدرك الوطني بشكل ملفت، ففي كل 50 مترا تجد سيارة للدرك الوطني مركونة على حافة الرصيف، وعند استفسارنا عن السبب أخبرنا بعض سكان المنطقة أنهم يرصدون الشباب الذين ينشطون بطريقة غير قانونية مع مراقبة دائمة للمنطقة الموجودة تحت الجسر، كما أضاف محدثونا أن الأمر يتعلق أيضا بملاحقة الدرك الوطني للشباب الذين يشتغلون في نقل المواطنين بطريقة غير نظامية، أي "الكلانديستان" بواسطة مركبات ذات 7 مقاعد أو كما تسمى محليا بـ"هاربيل" أو "كابسولة".

أصحاب المطاعم يستغيثون والتين   الجبلي حاضر بقوة

التقينا بـ (رضا)، صاحب مطعم بوسط المدينة، وكشف لنا عن أن المطعم الذي يسيره تراجع مدخوله كثيرا عقب القرار الأخير القاضي بعدم نصب الخيام على حافتي الوادي، إذ كانت ـ حسبه - العائلات الزائرة للمنطقة تقتني من عنده ما لذ وطاب من الدجاج المحمر، أما حاليا فعمله أصبح كاسدا ولا يغطي حتى مصاريف المحل. من جهة أخرى، لاحظنا وجود بعض الشباب على الرصيف يعرضون صناديق التين بمختلف أنواعه، على غرار "عنق الحمام" و"الصفرا" و"بوخليفن"، وهي كلها أنواع تشتهر بها المناطق الجبلية لحمام ملوان، كما تباينت أسعارها بين 200 دج و250 دج، ورغم ذلك فالإقبال عليها كبير.

الحمام المعدني لرجل الأعمال محمد زعيم المستفيد الأكبر

ما لاحظناه أيضا في هذه الجولة؛ الإقبال الكبير للزوار على الحمام المعدني الذي يملكه رجل الأعمال محمد زعيم، فالكل تأثر بقرار رئيس البلدية، إلا هذا المرفق الذي تضاعف زواره، فحسب مسيره، يأتي إلى هذا المرفق السياحي حوالي 1800 شخص يوميا من مختلف المناطق ومن مختلف الفئات، وأغلب الزوار من فئة الكهول، حسب نفس المتحدث الذي أضاف أن الحمام المعدني يوفر خدمات متنوعة للزبائن، بدءا من الحمام الفردي الذي تبلغ تكلفته 400 دج، أما الحمام الجماعي فيصل إلى 500 دج، بالإضافة إلى عمليات التدليك وخدمات أخرى.

مشاريع جارية وحديث عن استيلاء رجال أعمال للمنطقة

ما رصدناه في الشارع أثناء تنقلنا ببلدية حمام ملوان؛ رواج إشاعة مفادها بيع منطقة حمام ملوان لرجال أعمال معروفين على شاكلة "زحاف" و"زعيم" وهو ما تمثل في انطلاق مشاريع سياحية عبر عدة مناطق، حيث صرح لنا أحد سكان المنطقة وصاحب محل لبيع المواد الغذائية، أنه مع مرور الوقت ستصبح المنطقة سياحية، خاصة أن الدخول إليها سيكون بدفع مقابل وبهذا ـ يضيف محدثنا- لن يكون لنا مكان هنا مستقبلا.

رئيس بلدية حمام ملوان يوضح

في آخر زيارتنا، توجهنا إلى مقر بلدية حمام ملوان، حيث استقبلنا رئيس البلدية إبراهيم عميش بمكتبه، ليكشف لنا عن السبب الحقيقي وراء القرار الذي أصدره مؤخرا، وهو وفاة الطفلين المذكورين السنة المنصرمة، مضيفا أن المنطقة أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الزوار بعد إقدام هؤلاء الشباب على الاعتداء على المساحة المخصصة لهم بوضع الطاولات والكراسي داخل مياه الوادي والسماح لبعض أصحاب السيارات بغسل مركباتهم بمياه الوادي والأدهى والأمر، حسب رئيس البلدية، قيامهم بحفر الوادي بالجرافات دون رخصة، مما جعل الأطفال الصغار يسقطون داخل تلك الحفر في غياب أوليائهم، مؤكدا في السياق أنه تم ترخيص منطقة صغيرة في أعلى الوادي يسيرها شابان بكراء الطاولات والكراسي والمظلات بمبلغ 500 دج للكل، شريطة عدم الإقتراب من مياه الوادي بالنسبة للشباب،  لكن يمكن للعائلات وضع الطاولات والكراسي داخل المياه من أجل الاستمتاع بها، حسب نفس المتحدث. وبخصوص المشاريع الجارية أوضح محدثنا أنها مشاريع قطاعية تشرف عليها وزارة السياحة وتتمثل في إنجاز مرافق ومركبات سياحية.