(شاطئ القادوس بهراوة (شرق العاصمة

منتجع ساحر ومصطافون لا يقدّرون قيمة المكان

منتجع ساحر ومصطافون لا يقدّرون قيمة المكان
  • القراءات: 826
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

لايزال شاطئ القادوس ببلدية هراوة، شرق العاصمة، يستقطب آلاف المصطافين الذين يقصدونه للاستجمام وقضاء يوم مريح، بين أحضان الرمال مترامية الأطراف ومياه البحر وكذا الطبيعة الخلابة المحيطة بالمكان؛ كبحيرة الرغاية وغابة هراوة وجزيرة بونطاح المقابلة، وهي العوامل التي اجتمعت لتعطي هذا الشاطئ الممتد على أكثر من كيلومتر، سحرا وجاذبية لا يوجدان في غيره، لكن هل تصرفات المصطافين ترقى إلى مستوى هذا الجمال الطبيعي؟ تلك هي المشكلة..

ذاع صيت شاطئ القادوس منذ عدة سنوات رغم تلك النقائص التي كانت تنغص يوميات المصطافين، ليتم بعدها استدراكها؛ كنقص دورات المياه، ومنضحات المياه العذبة، والمسالك غير المهيأة، وتلوث المياه جراء ربط مياه محمية الرغاية بالبحر، وغيرها. وبعد تحسن هذه الظروف زاد إقبال المصطافين الذين يفضلون هذا المكان الذي يشد الأنظار ويريح الأبصار، ويمتع النفوس المتعبة من مشاق وروتين الحياة اليومية، وصخب المدينة وتلوث المحيط؛ لأن زائر الشاطئ قبل وصوله إليه، تصادفه في طريقه تلك البساتين الخضراء والهدوء الجميل، إلى أن يطل من تلة مرتفعة على الشاطئ، لينزل عبر مسلك مهيأ، ينتهي بحظيرة شاسعة لركن السيارات، ورمال على مد البصر، ومياه صافية نارية.

رغم شساعة المكان الاكتظاظُ سيد الموقف

عندما زرنا شاطئ القادوس وجدناه مكتظا منذ الصباح. وعندما يصل المصطاف عند منتصف النهار لن يجد مكانا له قرب الماء، حسبما لاحظنا؛ مما يضطر العائلات للترجل على طول الشاطئ للبحث عن مكان لائق. وما إن تطأ قدما الزائر الرمال يقابله مستأجرو الشمسيات ولواحقها كالكراسي والطاولات، يعرضون عليه خدماتهم، ويقترحون عليه أمكنة قد تكون جاهزة من قبل رغم أن القوانين لا تسمح بذلك؛ باعتبار أن العديد من المواطنين يحضرون شمسياتهم؛ فلا يجدون مكانا ينصبونها فيه، حسبما ذكر أحد المصطافين، الذي أخذ مكانا له بعيدا عن الشمسيات الأخرى. وحسبه، فإن البعد عن حافة الماء بعد أيضا عن الاحتكاك الحاصل، مما يشكل خطرا على الصحة، ويهدد بانتشار عدوى فيروس كورونا، والتي تفرض التباعد الجسدي بين المصطافين، مشيرا إلى أنه لم يتغير شيء في هذا الشاطئ؛ فلا تباعد بين العائلات، ولا أحد يفرض ذلك؛ فالحبل متروك على الغارب، كما يقال؛ فلا الحماية المدنية ولا الدرك يتدخلون من أجل ذلك خارج مهمتي الأمن والإنقاذ. 

سلوكات التلويث أكبر من جهود التنظيف

ما يلاحَظ بهذا الشاطئ الجميل أن سلوكات وتصرفات المصطافين تجاه المحيط لا ترقى إلى المستوى المطلوب؛ فالأكياس البلاسيكية وقارورات المشروبات ومخلفات الأكل مرمية هنا وهناك بالرمال رغم وجود حاويات القمامة على طول الشاطئ، وكذا جهود أعوان مؤسسة النظافة الحضرية وحماية البيئة لولاية الجزائر، الذين وجدناهم بالمكان. وفي هذا السياق ذكر لنا "عمي رابح" مسؤول فرقة النظافة بالمؤسسة المذكورة، أن الأعوان الموسميين الذين يتم توظيفهم لا يستطيعون التغلب على الوضعية رغم جهودهم الكبيرة؛ لأن أغلب المصطافين لا يحترمون قواعد النظافة، ولا يحافظون على المحيط، وهو ما لاحظناه بالفعل في الشاطئ؛ مما يدعو إلى التأسف. محدثنا أكد لنا أنه إضافة إلى تحليل مياه البحر الذي يقوم به تقنيو المؤسسة، فإن التكفل بالنظافة هو كذلك من المهام المنوطة بهذه الهيئة التي تعنى بتنظيف كل ما يلوث رمال الشواطئ أيضا، وبدون مساهمة المواطن في العملية فإن المرفق لن يظهر بالصورة اللائقة التي يرغب فيها الجميع.

الأمن مضمون والمسعفون حاضرون

ما يبعث على الطمأنينة، حسب الذين تحدثنا إليهم، توفر الأمن، الذي يعد أساس ارتياد هذا المكان؛ فأفراد الدرك الوطني الذين اتخذوا مركزا لهم بالقرب من المصطافين وكذا بالمدخل الغابي، يقومون بدوريات على طول الشاطئ، كما يتكفلون بتنظيم حركة المرور، ويراقبون تحركات المشتبه فيهم، الذين عادة ما يتخذون من مقاعد سياراتهم التي يركنونها تحت ظلال الأشجار في جنبات الحظيرة، مكانا لتعاطي الممنوعات، أو اصطحاب خليلات؛ يقول أحد مستأجري الشمسيات: "لولا وجود الدرك لما بقي للمكان حرمته وأمنه".

كما لاحظنا حضورا لأعوان الإنقاذ، الذين كانوا يراقبون جموع المصطافين داخل الماء؛ فلا تسمع بين الفينة والأخرى إلا صوت صفارات الإنذار، لتنبيه مَن يسبحون بتوخي الحذر وعدم السباحة بعيدا عن الحافة.

لا نقص في مرافق الإطعام ومستلزمات المصطافين

يتوفر شاطئ القادوس على محلات للإطعام وأخرى لبيع مستلزمات العوم ولعب الأطفال ووسائل التسلية، إلى جانب المرطبات وغيرها، فضلا عن العدد الكبير من باعة الحلويات التقليدية والأكل السريع والمشروبات الساخنة؛ حيث لا تمضي دقائق إلا ويمر بالقرب منك شاب يعرض سلعته. ويجد المصطافون متعتهم في تذوق ما طاب من حلويات "ليبينيي"  المشهورة، أو ارتشاف الشاي الساخن مع الفول السوداني وغيرها.

قبيل الغروب... فوج ثان يحلّ بالقادوس 

عندما مالت الشمس إلى الغروب وهممنا بالعودة، رأينا العديد من العائلات تحزم أمتعتها وتتهيأ للمغادرة بعد يوم من المتعة والاستجمام، لكن الملاحَظ وأنت تغادر عائلات أخرى تحل بالمكان، لتنال قسطها من الاسترخاء ومداعبة مياه البحر، إنهم عشاق الهدوء ونسمة البحر بعد انخفاض درجة الحرارة واختفاء أشعة الشمس.  وحسب بعض العارفين بالمكان، فإن الفوج المسائي من المصطافين يتمثل في السكان المجاورين، أو العائلات المحافظة التي تفضل السباحة في جنح الظلام، الذي تكسر عتمته مصابيح الكهرباء الكاشفة التي تحوّل الليل إلى نهار.